الكاتب : يسرى بلالي

صحفية، صانعة محتوى، باحثة دكتوراه في الفلسفة الاجتماعية.

كانت الساعة تشير الى الثالثة بعد الظهر من يوم الجمعة 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1987، تدخل الغالية عبد الله محمد دجيمي إلى مكان عملها بالمديرية الإقليمية للفلاحة بمدينة العيون. تدخل حالمة بهذا اليوم الذي انتظرته الجمهورية الصحراوية العربية الديمقراطية بفارغ الصبر لقدوم البعثة التقنية للأمم المتحدة والوحدة الإفريقية من أجل إعداد مشروع السلام الذي سينصر هذا الشعب المحتلّ، قبل أن تحلّ بالصحراء عاصفة رملية جارفة تحول دون قدوم الطائرة وتقلب مصير هذا الشعب رأسا على عقب.

تدخل غالية على مهل حتى لا تفسد الرايات والرسالتين المثبّتتين على رجليها تحت المظهر الخارجي للسروال الباكستاني. “يجب أن لا تخرج الرايات للنور قبل وصول البعثة” هكذا كانت تردّد في قلبها. الساعة الآن تشير الى الثالثة والنصف، رنّ جرس الهاتف، إنّه المدير يطلب الغالية للحضور عنده. تمتثل الغالية، وما أن تفتح باب المكتب حتى تصطدم برَجُلين ملثّمين بالزيّ العسكري يضعان نظّارات سوداء اللّون.

الكاتب : يسرى بلالي

صحفية، صانعة محتوى، باحثة دكتوراه في الفلسفة الاجتماعية.

كانت الساعة تشير الى الثالثة بعد الظهر من يوم الجمعة 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1987، تدخل الغالية عبد الله محمد دجيمي إلى مكان عملها بالمديرية الإقليمية للفلاحة بمدينة العيون. تدخل حالمة بهذا اليوم الذي انتظرته الجمهورية الصحراوية العربية الديمقراطية بفارغ الصبر لقدوم البعثة التقنية للأمم المتحدة والوحدة الإفريقية من أجل إعداد مشروع السلام الذي سينصر هذا الشعب المحتلّ، قبل أن تحلّ بالصحراء عاصفة رملية جارفة تحول دون قدوم الطائرة وتقلب مصير هذا الشعب رأسا على عقب.

تدخل غالية على مهل حتى لا تفسد الرايات والرسالتين المثبّتتين على رجليها تحت المظهر الخارجي للسروال الباكستاني. “يجب أن لا تخرج الرايات للنور قبل وصول البعثة” هكذا كانت تردّد في قلبها. الساعة الآن تشير الى الثالثة والنصف، رنّ جرس الهاتف، إنّه المدير يطلب الغالية للحضور عنده. تمتثل الغالية، وما أن تفتح باب المكتب حتى تصطدم برَجُلين ملثّمين بالزيّ العسكري يضعان نظّارات سوداء اللّون.

أخبراني أنّهما رجلا أمن وأنّهما يرغبان في الحديث اليّ لدقيقتين أمام المديرية، طلبتُ منهما امهالي حتّى العودة إلى مكتبي وأخذ حقيبتي على أمل أن أتخلّص ممّا أخفيه تحت سروالي لكنّهما رفضا طلبي بدعوى أنّ الأمر لن يدوم أكثر من دقيقتين.

كانت سيارة اللاّند روفر تنتظرها أمام البناية، كانت تنتظر اول معتقلة لذلك اليوم، وما أن صعدت الغالية حتى زجّ رجال الشرطة برأسها بين رجليها واضعين كيسا على رأسها حتّى لا تدرك ما سيحدث لها بعد ذلك.

لحظتها فقط عرفت أنّني مختطفة وعادت ذاكرتي إلى والدتي التي اختطفت في 04 أفريل 1984 ولم تعد أبدا.

تعود هذه القصّة وقصص أخرى مماثلة إلى 31 أكتوبر 1975، حيث قامت المملكة المغربية باجتياح عسكري لإقليم الصحراء والذي كان مستعمرا من قبل الدولة الإسبانية منذ سنة 1884، ورغم تسجيل قضية الصحراء الغربية لدى اللجنة الرابعة للأمم المتحدة بصفة “قضية تصفية استعمار” منذ سنة 1963 إلاّ أنّ نصف قرن كان كفيلا بتحطيم هذا الشعب وتدميره من قبل الاستعمار المغربي.

تاريخية القضية الصحراوية

كانت الصحراء الغربية مستعمرة من قبل المملكة الإسبانية وكانت ضمن تقسيم القوى الاستعمارية للعالم العربي في اتفاقية برلين لسنة 1884. وظلّت مستعمرة إلى غاية انسحاب إسبانيا نهائيا من الصحراء في 26 فيفري/ فبراير 1976.

قبل ذلك كانت المقاومة الصحراوية في صراع مع الاستعمار البرتغالي والبريطاني، ما أسّس للحركة الطليعية لتحرير الصحراء سنة 1968 من طرف زعيمها محمد سيد ابراهيم بصيري والتي تمّ تصفيتها في 17 جوان/ يونيو 1970 مع أحداث انتفاضة الزملة أين تم اعتقاله و تصفية أغلب القيادات وهذا ما دفع إلى تأسيس جبهة البوليساريو (الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب) في 10 ماي 1973.

في الأثناء قامت المملكة المغربية بالاجتياح العسكري منذ 31 أكتوبر/تشرين الأول 1975 بعد أن تمّ الإعلان في اتفاقية مدريد عن تقسيم البلد الصحراوي بين المملكة المغربية والجمهورية الاسلامية الموريتانية في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 1975 أي بعد أيّام قليلة من المسيرة الخضراء.

تمثّل المسيرة الخضراء التي امتدّت من 6 إلى 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 1975 والتي شارك فيها 350 ألف مغربي/ة بالنسبة الى الشعب المغربي الملحمة الكبرى التي لبّى فيها الشعب نداء النظام عائدا بالنصر ضدّ الاحتلال الإسباني، لكنّها في الحقيقة كانت وباء على المجتمع الصحراوي، حيث تمّت ابادته وتشريده وردمه.

“علينا أن نقوم بمسيرة خضراء من شمال المغرب إلى جنوبه ومن شرق المغرب إلى غربه. علينا، شعبي العزيز، أن نقوم كرجل واحد بنظام وانتظام، لنلتحق بالصحراء ونصل الرحم مع إخواننا في الصحراء”، هكذا صنع الحسن الثاني آنذاك مع نظيره الموريتاني المختار ولد داداه حدثا بخطاب حماسيّ رسخ كمجد في أذهان المغاربة إلى اليوم.

في 27 فيفري/ فبراير 1976، أي بعد يوم واحد من انسحاب إسبانيا، قرّر الشعب الصحراوي الإعلان عن قيام الدولة الصحراوية تحت اسم رسمي وهو “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”. وبعد ذلك الإعلان بثلاث سنوات وقّعت الجمهورية الإسلامية الموريتانية اتفاقية سلام مع جبهة البوليساريو انسحبت بموجبها من الإقليم لتصبح المغرب وحيدة في الصراع.

الغالية.. قصّة صحراوية
في معتقلات النظام المغربي

نشأت الغالية على حكايات الأقارب المليئة بقصص الإبادة والتشرّد، ورغم أنّها من مواليد مدينة أكادير المغربية إلاّ أنّها كانت تعتبر نفسها لاجئة تنتظر بحرقة الالتحاق ببلدها الأصلي وهو الصحراء الغربية.

التحقت الغالية بالتنظيم السياسي لجبهة البوليساريو في أواخر سنة 1983، وهي من النساء اللاتي تمّ استهدافهن وخطفهن سنة 1987 لإسكات كلّ نفس صحراوي ينوي المطالبة بالاستقلال أمام بعثة الأمم المتحّدة وفق قولها.

“كانت حساباتنا خاطئة واعتبرنا أنّ المملكة المغربية لن تقدم على ما أقدمت عليه سابقا في غياب الصحافة والمنظمات الحقوقية، فالإقليم كان تحت حصار عسكري أمني إعلامي ولا يوجد فيه شيء سوى القمع وإرهاب الدولة. وكانت البعثة قادمة يوم 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 1987. لكن ما لم يكن في الحسبان أن يبدأ النظام المغربي في الاختطاف والتنكيل بداية من يوم 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 1987 ليطلق سراحهم في وضع كارثي. وكانت هذه الرسالة قوية منه لأهالي المعتقلين، ورغم ذلك لم نصدّق الوعيد وتهيّأنا يوم قدوم البعثة لكن الحظّ لعب لصالح المخزن.”

لا تختلف قصّة الغالية عن قصص المختطفين/ات الذين لحقوها، فهي كانت أول مختطفة لذلك اليوم وكانت سيّارة اللاند روفر تقف بعد كل مسافة لحمل الممرضين/ات ومجموعة من الكوادر الطبية الذين كانوا ضمن القائمة السوداء.

زُجّ بالمعتقلين في الثكنة التي ستقضي فيها الغالية 3 سنوات و7 أشهر، وهي ثكنة “البيسي سيمي”، التي كانت حظيرة للخنازير في عهد الاستعمار الإسباني، وأصبحت بداية من 1976 وفق تقارير حقوقية، مخبأ للاختطاف القسري. وهناك انقلبت حياة الغالية رأسا على عقب وانتقلت من موظّفة مُترفة إلى معتقلة معصوبة العينين طيلة السنوات الثلاثة.

كانت قاعة ذبح خنازير الاسبان في ثكنة “البيسي سيمي” هي ذاتها قاعة تعذيب الصحراويين مع النظام المغربي، هناك قُيّدت قدَمَا ويدَا الغالية بحبل منفرد وربطت على طاولة خشب ذات أربع أرجل حديدية:

كنتُ معصوبة العينين ووضعوا على وجهي خرقة مبلّلة نتنة، تذوّقت من الخرقة طعم الكبريت، البول، مولد تنظيف، جافال وملوحة كثيرة.. كانوا يسكبون الخليط على الخرقة فيدخل في عيني وفمي وأنفي وما إن اختنق حتى يصفعني الرجل ويضع المسدس على رأسي وصدري ويهددني بالقتل.

جنرالات المخابرات المغربية

يوم اعتقال الغالية كان جنرالات المخابرات المغربية يرتعون في المكان ويحاصرونه من كل جانب. حيث تمّ اقتيادها لفيلا صالح زمراك، وهو كما ذكرت الغالية، مصمّم الاختطافات التي حصلت في أواخر 1975 ابتداء من مدينة طانطان التابعة لجهة كلميم واد نون جنوب المغرب وصولا إلى مدينة العيون، لمقابلة “عامل العمّال” حفيظ بن هاشم اليد اليمنى لوزير الداخلية آنذاك إبراهيم البصري.

كانت المقابلة على الساعة العاشرة ليلا من يوم الاختطاف، طُلب فيها من الغالية التعاون مع المخابرات المغربية في مقابل إطلاق سراحها وسراح والدتها التي اختطفت في 04 أفريل/ أبريل 1984.

عادت الغالية مثقلة بمهام لا يمكن إتمامها. وما إن دخلت حتى اقتيدت إلى قاعة التحقيق. وكان التحقيق هذه المرّة “محترما”، فقد أزالوا العصابة من فوق عينيها ووضعوا لها كرسيّا للجلوس، فالتحقيق الآن مع مسؤول الإدارة العامة للشؤون الترابية عبد العزيز علابوش الذي جاء خصيصا رفقة حفيظ بن هاشم من الرباط للقضاء على القضية الصحراوية وفق شهادة الغالية.

كان أمام الغالية ساعتان اثنتان، إمّا أن تتحصّل فيهما على الإفراج أو أن تنتقل إلى جحيم آخر، ولعبت الدقيقة الأخيرة من الساعتين ضدّ مصلحتها إذ لم يقتنع علابوش بإجاباتها فأحيلت إلى التعذيب بالكهرباء.

ككلّ المعتقلين/ات، مرّت الغالية بمخبأ (Bataillon de intervencion Rapida)، إذ من جحيم “البيسي سيمي” انتقلت في اليوم الثالث إلى ثكنة بيير وهي أيضا ثكنة للاستعمار الاسباني توجد على حافة شاطئ فم الواد بإقليم العيون.

“أذكر لمّا أخذونا في اليوم الثالث إلى هذه الثكنة التي تقع على حافة فم الواد. أنزلونا على الشاطئ، وبما أنّ قدماي كانت منتفختين من آثار الضرب فقد أوقعت فردتيْ الصندل من قدميّ ووضعتهما على الرمل بمجرّد سماع هدير الموج، فأمرني أحد الحراس بأن ألبسه وكنت في تلك اللحظات لا أستذكر سوى قصص الأقارب والأصدقاء الذين كلّما كانت أمّي تسألهم عن أحد معارفها من البادية يجيبونها بأنّ المغاربة دفنوهم أحياء في حفر ومرّوا عليهم بالتراكس.”

لم تكن ذكريات الغالية والتعذيب الجسدي والنفسي وضربها عارية بالمتراك والاستهزاء بها أكثر رعبا من قضية السالكة عيّاش وابنها محمد عيّاش الذي كلّفه رفض كلمة “الصحراء المغربية” حياته. تلك القضية التي رسخت في ذهن الغالية إلى الآن، قضية المرأة التي صنعوا من جثّة ابنها مرحاضا والذي قام رفاقه ورفيقاته بقضاء حوائجهم دون دراية فوق فلذة كبدها الوحيد إلى أن غادر الحياة.

الصحراء الغربية: ثروة طبيعية ووسط مفقّر

مع سماعنا للغالية وهي تتحدّث عن سوء التغذية بالمعتقل ما أدّى إلى تفشّي عدّة أمراض من بينها داء السلّ في صفوف المعتقلين، بحث موقع “الكتيبة” في الجانب الاقتصادي في هذه القضية القديمة-المتجدّدة، حيث أنّ المجتمع الصحراوي (الجزء اللاجئ منه خاصة) يعتمد أساسا على المساعدات التي تأتي من منظمة “قوت اللاجئين” وبرنامج الغذاء العالمي رغم الثروة الطبيعية وعلى وجه خاص السمكية التي تتمتّع بها المناطق المحتلّة.

وتفيد مصادر علمية صحراوية انّ الثروات الطبيعية للصحراء الغربية لم تتم دراستها بصورة جيدة نتيجة للظروف التاريخية، حيث كان الاستعمار الإسباني هو الحاكم للصحراء من 1884 حتى 1976، ولم يهتم بالتنقيب عن الثروات لكونه من الدول الأوروبية الفقيرة وعاش فترة الحرب الأهلية في الثلاثينيات ولم يتمكّن من دراسة الجيولوجيا والمعادن الطبيعية بصورة جيدة وفق مصادرنا.

وحسب رئيس الهيئة الصحراوية للبترول والمعادن غالي الزبير، شرعت إسبانيا بداية من ستينات القرن الماضي في التنقيب عن المعادن والثروات الباطنية الخاصة بالبترول بعد اكتشافه في الجزائر وفي الصحراء الليبية المشابهة للصحراء الغربية. وبعد صدور قانون التعدين الخاص بالصحراء الغربية وبدأت الشركات الإسبانية وبعض الشركات الغربية في التنقيب.

كما تم العثور على الحديد في مناطق كثيرة من الصحراء الغربية سواء في الشمال أو في الجنوب، فضلا عن وجود مؤشرات قويّة حول وجود البترول والغاز.

وكانت عمليات التنقيب قد أسفرت عن اكتشاف حقل بوكراع ضمن 6 حقول أخرى. ويحتوي الحقل المذكور على حوالي ربع الاحتياطي العالمي من الفسفاط، حيث أنّ هذا الأخير غير موزّع في العالم توزيعا عادلا بل تتركّز نسبة 71 بالمئة من الاحتياطي العالمي من هذه المادة في الصحراء الغربية والمغرب مجتمعتيْن.

وبما أنّ الثروة الأساسية في الصحراء الغربية هي الفسفاط، فقد بدأ استغلاله منذ سنة 1970 من طرف إسبانيا، بالإضافة إلى مشاركة شركات أمريكية وفرنسية وألمانية في خلق شركة مساهمة (تم إنشاء شركة حكومية إسبانية لاستغلال منجم بوكراع تحت اسم “شركة التعدين الوطنية للصحراء” واشتهرت باسمها المختصر ENMINSA.

وفي 22 ماي 1968 تم تحويل اسم هذه الشركة إلى “شركة فسفاط بوكراع”. وعرفت باسمها المختصر فوسبوكراع (FOS BUCRAA) التي شرعت عمليا في تصدير الفسفاط سنة 1970 بعد حصولها على تمويل من فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفق مصدرنا السابق. وما إن بدأ تصدير الفسفاط حتى توسعت الشركة بسرعة، ففي عام 1973 تجاوز الاستثمار في فوسبوكراع 24 مليار بيزيتا، وتمكنت من إنتاج أكثر من 600 ألف طن في السنة.

تتميّز الصحراء الغربية بالثروة السمكية، وهي ثروة معروفة منذ عقود، إذ خلال فترة الاستعمار الإسباني كانت هناك أساطيل من اليابان والاتحاد السوفياتي ومن كوريا الجنوبية ومن إسبانيا نفسها وبلدان عديدة أخرى تنعم بهذه الثروة بصورة متواصلة.

الداخلة هي الميناء الطبيعي الوحيد في هذا الإقليم، ولا بديل عنه من المنظور الاستراتيجي. ولا بد لنظام دفاع المملكة العام من عودة الداخلة للمغرب.

الحسن الثاني للمختار ولد داداه. من مذكرات المختار ولد داداه.

وفي تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) لسنة 2018، احتلّت المملكة المغربية الترتيب 15 على المستوى العالمي والأول على المستوى الافريقي والوطن العربي بصادراتها السمكية.

وتشكّل الصحراء الغربية ما يقارب 80 بالمئة من المنتجات الصيدية التي يصّدرها المغرب، ما يقود إلى الاستنتاج بأنّ الصحراء الغربية تحتلّ الترتيب الأول في الوطن العربي وفي إفريقيا من حيث إمكانياتها الصيدية.

وبحسب تقرير للمجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي المغربي، فإنّ الصحراء الغربية تقدم للمغرب حوالي 78 بالمئة من عائدات الصيد وتوفر 74 ألف وظيفة شغل.

وبالعودة الى تقرير الفاو لسنة 2018، فإنّ المغرب يحتلّ الترتيب الأوّل من حيث صادرات الرخويات خاصة الأخطبوط الذي له قيمة سوقية عالية جدا موجهة أساسا الى اليابان وكوريا الجنوبية وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا.

قرار وقف إطلاق النار ومعاهدة السلام 1991

بعد ثلاث سنوات وسبعة أشهر، وتحديدا يوم 16 جوان/يونيو 1991، أي قبل ثلاثة أشهر من دخول اتفاقية وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، أفرج عن 322 معتقلا من بينهم 72 امرأة.

خرجت الغالية مصمّمة على مواصلة النضال والعمل في مجال حقوق الإنسان. وكانت البداية مع دوناتيلا ريفيرا مسؤولة شمال أفريقيا والشرق الأوسط في منظّمة العفو الدولية. وكلّل هذا اللقاء بخروج القضية الصحراوية إلى النور في الأوساط الحقوقية.

بالعودة إلى تفاصيل معاهدة السلام، فإنّ التفاوض -حسب وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة الصحراوية حمادة سلمى الداف- كان قد انطلق بعد الإعلان عن اعتراف موريتانيا بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية كدولة، حيث بقي المغرب وحده في الصراع ما أدّى إلى تدخّل الأمم المتحدة من خلال المبعوث الشخصي آنذاك للأمين العام للأمم المتحدة، وكذلك استثمارا للنتائج التي توصّل لها حكماء منظمة الوحدة الافريقية (لجنة الحكماء المشكلة من 7 رؤساء لمنظمة الوحدة الإفريقية)، والتي تم بموجبها، ومن خلال 6 سنوات من المفاوضات مع جبهة البوليساريو ومع المغرب، التوصل إلى حل سياسي للصراع الصحراوي يتمثل في مخطط للتسوية يتم بموجبه تنظيم استفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية، يعبّر من خلاله السكان الصحراويون عن تقرير مصيرهم من خلال سؤالين، إما الاستقلال الوطني وإقامة الدولة الصحراوية أو الانضمام للمغرب. وبموجب هذا الاتفاق تم الإعلان على وقف إطلاق النار في 6 سبتمبر 1991.

عقود من النضال من أجل التحرر

في مذكّراته التي حُرّرت في منفاه، يروي المختار ولد داداه تفاصيل الحياة السياسية بين 1957 و1978، والتي وقف فيها بالضرورة عند كواليس القضية الصحراوية ومفاوضاتها بين الثلاثي موريتانيا والجزائر والمغرب، كما تعود بنا ذاكرة الملك المغربي الحسن الثاني مع محاوره إيريك لوران إلى تدخّل طرف رابع لم يدم طويلا إذ سحب اعترافه بالجمهورية الصحراوية إبّان توقيع اتفاقية تعاون مع المغرب سنة 1984 وهو ليبيا.

فيما يخص ميلاد البوليساريو. فلا شك أن القذافي كان وراءه… وهكذا كان الرئيس الليبي هو أول من مدّ البوليساريو بالأسلحة.

ذاكرة ملك، الحسن الثاني، حوار ايريك لوران، الدار السعودية للأبحاث والنشر

كان على الحسن الثاني أن يعيد الصراع إلى أصله وأن يظل ينازع خصما ضعيفا وهو المختار ولد داداه، وأن يكون واضحا كل ذلك الوضوح في معركته مع الجزائر التي تنازلت لها عن تندوف في مقابل عدم التفاوض حول باقي الصحراء.

فلمّا كان الاتفاق الأول هو تقسيمها تقسيما يسمح للشعب الصحراوي أن يكون امتدادا للقبائل المغربية والموريتانية حسب التقسيم الجغرافي الذي قام به الطرفان سنة 1974، انقلبت في السنوات التي تلتها الأوضاع رأسا على عقب خاصّة مع الإطاحة بنظام المختار ولد داداه (موريتانيا) من جهة وعدم رضا الجزائر عن الحدود المرسومة بينها وبين المغرب ما أدّى الى مساندتها المطلقة (أي الجزائر) لجبهة البوليساريو فيما بعد، من جهة ثانية.

وبعبارة أخرى، فإن حرب الصحراء ما كان لها أن تكون لو أنّ ملك المغرب صادق على اتفاقيات الرباط.

ذاكرة ملك، الحسن الثاني، حوار ايريك لوران، الدار السعودية للأبحاث والنشر

وبالعودة لسنة 1974، وهي السنة الأخيرة من المفاوضات، نجد أن الأطراف رضيت بالآتي: وادي الذهب لموريتانيا والساقية الحمراء للمغرب وأصبحت تقف حدود المغرب عند خط العرض 24 وموريتانيا عند الخط 26 وبقي الاتفاق ساريا حتى نهاية مسار تصفية الاستعمار الاسباني.

بعد إصدار الأمم المتحدة لوائح التصويت للاستفتاء سنة 1999 حسب الإحصاء السكاني الذي قامت به إسبانيا سنة 1974، حاول المغرب إقحام مستوطنين مغاربة غير مسجلين في الإحصاء الإسباني وقوبل بالرفض من قبل الأمم المتحدة لأنّ اللائحة تضم فقط السكان الأصليين لإقليم الصحراء الغربية ما أدّى إلى تأجيل الاستفتاء.

ومع اعتلاء الملك محمد السادس للعرش في المغرب انقلبت الموازين رأسا على عقب حيث قام هذا الأخير سنة 2007 برفض الاستفتاء رفضا قاطعا طاعنا في خطة التسوية الموقّع عليها سنة 1990.

“الكركرات” والتطبيع مع الكيان الصهيوني

تمّ فتح ثغرة الكركرات من قبل المغرب سنة 2001 لمرور رالي داكار (رالي باريس داكار). وقد رفضت جبهة البوليساريو آنذاك فتح هذه الثغرة لأنها تعتبر خرقا لوقف إطلاق النار. وتعتبر أيضا أنّه لا وجود في الصحراء الغربية لطريق يسمح بنشاط رياضي أو تجاري ما أدّى إلى إعلان جبهة البوليساريو العودة للكفاح المسلّح في حال تواصل هذا الخرق دون تدخّل الأمم المتحدة والتراجع عن التزام وقف إطلاق النار.

وحسب وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة الصحراوية حمادة سلمى الداف، فإنّ جبهة البوليساريو كانت قد سمحت بمرور الرالي وقوفا عند وعود المبعوث الشخصي للأمم المتحدة جيمس بيكر بتنظيم استفتاء وإغلاق هذه الثغرة لأنّها تعتبر خرقا لوقف إطلاق النار وفق تصريح أدلى به لمبعوثة موقع “الكتيبة”.

وبعد رفض المغرب قرار مجلس الأمن القاضي بإرسال البعثة التقنية إلى ثغرة الكركرات متحدّيا المجتمع الدولي، عجزت الأمم المتحدة عن إيجاد حل للقضية الصحراوية.

أمام هذا الوضع، قرّرت جمعيات المجتمع المدني الصحراوي بعد صدور تقرير الأمين العام الأخير للأمم المتحدة في أكتوبر 2020، الاعتصام والاحتجاج أمام ثغرة الكركرات وعدم الانسحاب مادام مجلس الأمن لم يصدر قرارا بإلزام المغرب بقبول تنظيم استفتاء بالصحراء الغربية وإغلاق هذه الثغرة إلى الأبد.

في المقابل، لم يستسغ المغرب هذا الموقف وقام بعملية عسكرية ضد المدنيين الذين كانوا يتظاهرون أمام هذه الثغرة في 13 نوفمبر/تشرين الأول 2020، وهو ما شكّل خرقا لوقف إطلاق النار وتحلل تام من كل الالتزامات التي بموجبها تم توقيع اتفاق مخطط التسوية، أعلنت بموجبه جبهة البوليساريو إنهاء التزامها بوقف إطلاق النار.

في خضّم هذا الصراع الصحراوي-المغربي، أعلن الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب في ديسمبر/كانون الأول 2020 عن اعترافه بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، مقابل توقيع المغرب بروتوكول تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني لتزداد القضية الصحراوية تعقيدا.

كلمة الكتيبة:

قامت هيئة تحرير موقع "الكتيبة" بالاتصال بالسلطات المغربية عبر مراسلة سفارتها في تونس في أكثر من مناسبة كي تتيح لها المجال للإدلاء بدلْوِها في جملة المعطيات الواردة في المقال أعلاه، غير أنّها رفضت الإدلاء بتصريح رسمي للموقع حول هذا الموضوع.

كلمة الكتيبة:
قامت هيئة تحرير موقع "الكتيبة" بالاتصال بالسلطات المغربية عبر مراسلة سفارتها في تونس في أكثر من مناسبة كي تتيح لها المجال للإدلاء بدلْوِها في جملة المعطيات الواردة في المقال أعلاه، غير أنّها رفضت الإدلاء بتصريح رسمي للموقع حول هذا الموضوع.

الكاتب : يسرى بلالي

صحفية، صانعة محتوى، باحثة دكتوراه في الفلسفة الاجتماعية.

إشراف: وليد الماجري
تدقيق:محمد اليوسفي
غرافيك: منال بن رجب
تطوير تقني: أيوب الحيدوسي
غرافيك: منال بن رجب
تطوير تقني: أيوب الحيدوسي
إشراف: وليد الماجري
تدقيق: محمد اليوسفي

الكاتب : يسرى بلالي

صحفية، صانعة محتوى، باحثة دكتوراه في الفلسفة الاجتماعية.