بقلم : رحمة الباهي

صحفية شغلت عديد الخطط في الصحافة الالكترونية التونسية والعربية

من بين أكثر من 18000 حساب بنكي تمّ تسريب معطيات حولها في مشروع “أسرار سويسرية” الذي تقوده منظمة occrp التي تعنى بتتبع الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود بمشاركة 48 وسيلة إعلامية (من ضمنها موقع الكتيبة التونسي) تشتغل في مجال الصحافة الاستقصائية وصحافة البيانات، تبرز سجلات متعلقة بالمحامي التونسي أصلان بن رجب وشريكه المستشار في مجال الاستثمار رؤوف دويك.

في السجلات المالية والبنكية لهاتين الشخصيتين ببنك “كريدي سويس”، نعثر على معطيات وبيانات دقيقة تسنى لموقع الكتيبة التحري فيها وقد جوبهت في البداية بالتعجّب والإنكار التام قبل أن تطفو على السطح روايات أخرى متناقضة ومتضاربة خلال اللقاءات التي جمعتنا بالمعنيين بالأمر.

بقلم : رحمة الباهي

صحفية شغلت عديد الخطط في الصحافة الالكترونية التونسية والعربية

من بين أكثر من 18000 حساب بنكي تمّ تسريب معطيات حولها في مشروع “أسرار سويسرية” الذي تقوده منظمة occrp التي تعنى بتتبع الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود بمشاركة 48 وسيلة إعلامية (من ضمنها موقع الكتيبة التونسي) تشتغل في مجال الصحافة الاستقصائية وصحافة البيانات، تبرز سجلات متعلقة بالمحامي التونسي أصلان بن رجب وشريكه المستشار في مجال الاستثمار رؤوف دويك.

في السجلات المالية والبنكية لهاتين الشخصيتين ببنك “كريدي سويس”، نعثر على معطيات وبيانات دقيقة تسنى لموقع الكتيبة التحري فيها وقد جوبهت في البداية بالتعجّب والإنكار التام قبل أن تطفو على السطح روايات أخرى متناقضة ومتضاربة خلال اللقاءات التي جمعتنا بالمعنيين بالأمر.

5 حسابات بنكية في سراديب “كريدي سويس”

من بين أبرز الشخصيات التونسية التي وردت في تسريبات “أسرار سويسرية” المحامي أصلان بن رجب وشريكه المستشار في الاستثمار رؤوف دويك، اللذين امتلكا بين 2010 و2014 حسابين مشتركين في “كريدي سويس”، فيما امتلك دويك بمفرده 3 حسابات وذلك بين عامي 2008 و2014.

تظهر سجلّات “كريدي سويس” المسرّبة أن أصلان بن رجب ورؤوف دويك فتحا أول حساب بنكي مشترك لهما في غرة أفريل/نيسان 2010، والذي ما لبثا أن أغلقاه في غضون 3 سنوات. سجّل هذا الحساب مجموعة من التحويلات، وقد بلغت قيمة أكبر مبلغ مضمّن في الحساب المذكور 33266 فرنك سويسري وذلك بتاريخ 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2011.

كما قاما بفتح حساب ثان مشترك في ديسمبر/ كانون الأول 2011. بلغت قيمة أكبر مبلغ مسجّل في هذا الحساب 258,937 فرنك سويسري بتاريخ 31 جويلية/ تموز 2012. وتمّ غلقه في 15 جانفي/ كانون الثاني 2014 أي تقريبا بعد 3 سنوات من تاريخ فتحه.

السجلّات تبرز كذلك أن رؤوف دويك امتلك 3 حسابات أخرى باسمه في بنك “كريدي سويس”، إلى جانب الحسابين المشتركين المذكورين، وذلك بين 2008 و2014. قيمة أكبر مبلغ في الحساب الأول الذي بقي مفتوحا من 2008 إلى 2014 بلغت 1,977,153 فرنك سويسري في ماي/ أيار 2013.

وتمّ فتح الحساب الثاني في أفريل/ نيسان 2010 قبل غلقه في جانفي/كانون الثاني 2014. وبلغت قيمة أكبر مبلغ تضمنه الحساب 1,514,243 فرنك سويسري في ماي/ أيار 2010، أي بعد حوالي شهر واحد من تاريخ فتح الحساب. في حين أن فترة فتح الحساب الثالث لم تدم سوى سنتين بين 2012 و2014. وبلغت قيمة أكبر مبلغ فيه 19,928 فرنك سويسري في جانفي/ كانون الثاني 2014، قبل حوالي أسبوعين من تاريخ غلقه.

يعدّ أصلان بن رجب، البالغ من العمر 48 عاما، أحد أبرز المحامين التونسيين المختصين في قانون الأعمال. أصلان الذي دخل غمار المحاماة منذ أكثر من 20 سنة ، نجح في اكتساب حرفاء من مختلف أصقاع العالم. كما أن له العديد من الحرفاء الإيطاليين.

لا تقتصر أنشطة بن رجب على ممارسة المحاماة، فهو كذلك يحاضر في الجامعة المركزية وجامعة تونس المنار. وهو عضو بالمكتب التنفيذي لكنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية (كونكت) منذ حوالي الثلاث سنوات. وكان من بين أول المنخرطين في حركة تحيا تونس، الحزب الذي يقوده رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد، أين كان عضوا بالمكتب السياسي وشغل خطة رئيس اللجنة القانونية. إلا أنه غادر الحزب بهدوء بعد الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2019 ، وفق قوله. ومع ذلك فقد بقي مرافقا ليوسف الشاهد الذي تجمعه به علاقة شخصية رغم تأكيده أنه يرفض توصيفه بذراعه القانونية.

أما شريكه رؤوف دويك، فهو مستشار في الاستثمار، يبلغ من العمر 52 سنة. انطلقت مسيرته المهنية سنة 1995 عندما عمل في بنك أعمال في تونس، قبل أن يغادر ويشرع في العمل لحسابه الخاص، حيث يقوم بإعداد دراسات جدوى أو دراسات تنفيذ المشاريع. ونظرا لإتقانه ثلاث لغات، الفرنسية والانكليزية والإيطالية بالاضافة الى العربية لغته الام، بات دويك يعمل لجلب الاستثمارات الأجنبية إلى تونس ومرافقتها، بحسب تعبيره.

وأصبح رؤوف دويك وأصلان بن رجب شريكين بشكل رسمي معلن عندما أسّسا معا شركة “بن رجب لويرز تونيزيا” سنة 2017 رغم أنهما يعرفان بعضهما البعض منذ ما قبل الثورة في 2011. في الحقيقة فإنّه قبل 4 سنوات من ذلك، تظهر وثائق رسمية أن دويك شغل خطة وكيل لشركة “بن رجب لويرز” -والتي كانت شركة مصدرة كليا- وذلك سنة 2013.

في صفحته بموقع “لينكد إين”، يعرّف بن رجب “بن رجب لويرز” على أنه مكتب محاماة ينوب مجموعات اقتصادية دولية كبرى سواء كانت تونسية أو أجنبية لأنشطتها الخاصة أو أنشطة الشركات التابعة لها في تونس بالإضافة إلى الشركات التونسية العاملة في الخارج. ويساعد المكتب كذلك العديد من المستثمرين الأجانب في إحداث هياكل خارجية (offshore) في تونس ويقدّم لهم المشورة في مجالات الشركات والضرائب والقانون الاجتماعي.

لا يمنع القانون التونسي تقديم مثل هذه الخدمات من قبل مؤسسات تونسية لفائدة جهات أجنبية. إلا أن تعامل أصلان بن رجب مع الإيطالي أنطونيو فيلاردو يطرح أكثر من تساؤل خاصة وأن هذا الأخير ارتبط بقضايا تتعلّق بتبييض الأموال لفائدة إحدى أكبر المافيات في العالم “اندرانجيتا”، وقد ورد اسمه في تحقيقين إيطاليين منفصلين، الأول يحمل اسم عملية “ميتروبوليس” والثاني عملية “بلاك ماني”.

أصلان بن رجب، الذي استقبلنا في مكتبه الفخم الكائن بضاحية ميتيال فيل من العاصمة تونس، أبدى استعداده للإجابة عن استفساراتنا المتعلّقة بعلاقته مع أنطونيو فيلاردو ومدى قانونية الحسابات البنكية التي يمتلكها في “كريدي سويس” مع شريكه رؤوف دويك.

ورغم الهدوء الحذر الذي رافقه في مجمل اللقاء، إلا أن التوتر بدا عليه حين تطرّقنا إلى مسألة الحسابين المشتركين في كريدي سويس، مشددا على أن قدماه لم تطآ يوما مقرّ البنك السويسري وأنه لا يمتلك أي حساب بنكي في كريدي سويس أو في أي بنك خارج تونس.

تمسك بن رجب بالنفي المطلق لم يدم طويلا حيث سرعان ما استدرك بالقول إنّ وجود حسابات باسمه وباسم رؤوف دويك تتضمن معطيات شخصية قد يكون مرده “أنه يقوم بكتابة شهادة حسن سيرة وسلوك لفائدة حرفاء يفتحون حسابات بأسمائهم في هذا البنك وهذا ما يفسّر ظهور معطياتهما الشخصية في تسريبات تتعلّق بحسابات بنكية”، مضيفا “أجزم أني لم أتنقل مرّة واحدة إلى كريدي سويس… أنكر تماما وجود حسابات لي في الخارج”.

“ورود اسمي في بيانات “كريدي سويس” قد يكون له علاقة بشهادة حسن السيرة والسلوك التي أعطيها لبعض الحرفاء.أؤكد لكم أني لا أملك أي حساب بنكي في الخارج .”

أصلان بالرجب

وعلى عكس المحامي بن رجب، قال رؤوف دويك خلال لقائنا معه، إنه قام بفتح حساب بنكي في “كريدي سويس” في 2011 عندما كان يحاول الحصول على إقامة مهنية في إحدى الدول الأوروبية، مبرزا أنه بين 2010 و2012 تنقّل بين إيطاليا وفرنسا وسويسرا بعد أن نصحه زملاء له بالاستقرار خارج تونس أين يمكنه ممارسة مهامه كمستشار في الاستثمار بأريحية أكثر، باعتبار أن مجلّة الصرف التونسية كانت نوعا ما تعرقل أعماله، على حدّ تعبيره.

إلا أن محاولات دويك الاستقرار في الخارج، حسب قوله، باءت بالفشل ولم يحصل على إقامة، ليعود للاستقرار بتونس. علما أنه رغم تنقلاته العديدة ظلّ مقيما بصفة رسمية في تونس، أي أنه خاضع للتشريعات التونسية التي تمنع المقيمين على الأراضي التونسية من فتح حسابات في الخارج. كما أنّ شريكه المحامي أصلان بالرجب أكد أنه لم يحصل قط على أي إقامة في بلد آخر خارج تونس طيلة حياته.

دويك لم ينكر، في هذا الصدد، أنه لم يقم بالتصريح آنذاك بفتحه للحساب البنكي الوحيد المزعوم، مشيرا إلى أنه قام بغلقه فور عودته إلى تونس أي في حدود سنة 2012، مقرا بأنه لم يحترم القانون في هذا المضمار.

وبرّر دويك وجود اسمه واسم أصلان بالرجب في حساب مشترك في “كريدي سويس” برسالة التطمين التي زعم أنه قد تحصّل عليها من هذا الأخير بهدف فتح الحساب الوحيد المزعوم في المصرف السويسري.

لكنه في المقابل نفى امتلاكه لبقية الحسابات الأخرى التي تحمل اسمه، سواء كانت مشتركة مع بالرجب أو خاصة به، مبديا استغرابه من وجود هذه الحسابات وقيمة المبالغ المالية التي تضمنتها.

“كان لي حساب واحد في كريدي سويس قمت بغلقه منذ 2012”

رؤوف دويك

تحفيز على الاستثمار أم شبكة لتبييض الأموال؟!

لم يخف الإيطالي أنطونيو فيلاردو– الذي شملته تحقيقات رسمية إيطالية تتعلّق بتبييض أموال لفائدة مافيا -“اندارانيجيتا” – في إحدى مكالماته الهاتفية التي كانت خاضعة للتنصت من قبل السلطات الإيطالية، سعادته بالإقامة في تونس بغاية التهرب الضريبي وتجنب الملاحقات القضائية والأمنية ، قائلا “إنها ضربة في وجه ذلك الجنرال اللعين من الشرطة المالية، يمكن أن يذهب إلى الجحيم لأنني الآن تونسي! فليذهبوا إلى الجحيم فرانس!”.

قدم فيلاردو إلى تونس بتعلّة أنه يسعى إلى بعث شركات وساطة عقارية. وفي ماي/ أيار 2008، تمّ تأسيس شركة “في اف آي تونيزيا” (VFI Tunisia)، وكانت فرعا لشركة “في اف آي” (VFI) التي كان قد أحدثها في 2006 الإيطالي فيلاردو وشريكه الإيرلندي هنري فيتزسيمونز لإطلاق مشاريع عقارية في منطقة كالابريا الإيطالية. ووقع تعيين التونسي رياض مراد وكيلا لشركة “في اف آي تونيزيا” مع تقييد صلاحياته الإدارية ومنعه من مسك الحسابات البنكية للشركة، حيث أن فيلاردو وفيتزسيمونز كانا الوحيدين اللذين يحق لهما التصرّف في هذه الحسابات.

من جانبه، يمتلك رياض مراد شركة تحمل اسم “أوليا” وتنشط في المجال العقاري. واللافت للانتباه أن كلّا من شركة “في اف آي تونيزيا” و”أوليا” تتشاركان العنوان ذاته. كذلك، في أوت/ آب 2010، تمّ تأسيس شركة تحمل اسم “ال تي بي كونسلتينغ” (LTB Consulting)، وهي تحمل ذات أهداف “في اف آي تونيزيا” والعنوان نفسه. وبحسب الوثائق الرسمية التي تحصل موقع الكتيبة على نسخة منها ، فإن الشريك الوحيد لهذه الشركة ووكيلها هو إيطالي يدعى “فرانسيسكو لابات”، وهو أحد محامي أنطونيو فيلاردو.

علاوة على ذلك، تولّى أصلان بالرجب، بتاريخ 10 ماي/ أيار 2010، التصريح حول تنقيح السجل التجاري لشركة “أوليا” لدى المحكمة الابتدائية بقرمبالية. بعد أسبوع من هذا التاريخ، وتحديدا في 17 ماي/أيار 2010، أنشئت شركة “آباكس كونسلتينغ” لصاحبها الإيطالي أنطونيو فيلاردو. اللافت في هذا الصدد أن الشركة تمّ تأسيسها من قبل مكتب أصلان بالرجب، وذلك بعد حوالي شهر من تاريخ فتح بالرجب ودويك لأول حساب مشترك لهما في بنك “كريدي سويس”.

الجدير بالذكر، في هذا الإطار، أن فيلاردو قام، بين سنتي 2010 و2011، بفتح 3 حسابات في بنك “كريدي سويس”. وقد بلغت قيمة الحسابات الثلاثة مجتمعة حوالي 4 مليون فرنك سويسري (1.72 مليون و1.48 مليون فرنك سويسري للحسابين الرئيسيين).

لدى سؤالنا عن العلاقة التي تجمعه بأنطونيو فيلاردو، أكد بالرجب أن الوكيل العقاري رياض مراد هو من كان همزة الوصل بينه وبين الإيطالي فيلاردو الذي قدم للحصول على استشارة قانونية حول إمكانية فتح شركة وساطة عقارية وذلك سنة 2010. ونظرا إلى أن القانون التونسي يمنع ممارسة هذا النشاط ويفرض أن يدفع المشتري المال للبائع مباشرة دون أي وسيط لم تتمّ العملية، وفق تصريحه. إلاّ أنه ولدى استسفارنا عن سبب تكوين شركة “آباكس” من قبل مكتبه، استدرك بالقول إنه قام بتأسيس هذه الشركة لأنّ فيلاردو أراد أن يستخدمها لممارسة نشاط الوساطة العقارية، وهو ما لم يحدث بعد أن تبيّن موقف التشريعات التونسية من الوساطة العقارية.

وأشار بالرجب إلى أن فيلاردو ذهب إلى شركة استشارات أخرى كذلك بهدف الحصول على استشارة قانونية حول مشروعية نشاطه في تونس، قائلا “أنطونيو فيلاردو مقتنع ببراءته.. لقد أراد أن يقيم في تونس وأعلن أنه مقيم في تونس ولكن لم يتمّ استئناف ذلك لأننا أعلمناه أنه لا يمكنه أن يمارس نشاط الوساطة العقارية في تونس بسبب التشريعات المالية والقانون التونسي الذي لا يسمح بذلك”.

“قمنا بتكوين آباكس كونسلتينغ لفائدة فيلاردو لاستخدامها في نشاطه كوسيط عقاري”

أصلان بالرجب

وشدّد محدثنا على أنه لم يكن على علم بأن فيلاردو تلاحقه تهم تتعلّق بارتباطه بالمافيا الإيطالية وأنه لا يعمل عادة مع حريف له مشاكل قانونية، مضيفا “نعتمد في المكتب على سياسة “اعرف حريفك” وفيلاردو عندما جاء إلينا كان يتنقل بين تونس وإيطاليا بكلّ حرّية”. واعتبر أن قطاع العقارات يُستخدم بشكل كبير لتبييض الأموال ولكن ذلك يتمّ عندما يقع بناء عقارات بواسطة أموال في حين أن أنطونيو فيلاردو لا يقوم ببناء العقارات بل يقتصر نشاطه على الوساطة العقارية ولا يمكن أن يتمّ تبييض الأموال عن طريق مثل هذا النشاط، وفق تقديره. وأردف بالقول إن علاقته انتهت بفيلاردو منذ ذلك الحين.

وعن شركات “في اف آي تونيزيا” و”ال تي بي كونسلتينغ” و”آباكس كونسلتينغ”،أوضح محدثنا أنه باستثناء “آباكس” التي قام بتأسيسها لفائدة فيلاردو، فإنه سمع عن الشركتين ولكنه لا يعرفهما، مبرزا أنه يعرف فرانسيسكو لابات وكذلك يعرف ” غابرييل جومبرونه” (Giambrone)، وهو كذلك محام لفيلاردو.

وقال “أُعجب هذا الأخير بتونس كثيرا وفتح فرعا لمكتب محاماته هنا.. وهو أمر طالما رفضته وسبق أن طالبت عميد المحامين السابق والحالي الاهتمام بهذا الملف لأنه يشوّه صورتنا.. من الناحية القانونية ليس له الحق في فتح مكتب في تونس”.

تمتلك شركة المحاماة الإيطالية “Giambrone & Law” مكاتب في كلّ من روما وميلانو وتونس ولندن ونيويورك. في 2 أوت/ آب 2017، قضت محكمة استئناف بريطانية بأن تدفع الشركة تعويضا لمستثمرين بريطانيين لفشلها في تقديم المشورة لهم بشكل صحيح بشأن مخطط ملكية مجمع “جوهرة البحر” بإيطاليا الذي كان قيد التحقيق بتهم تتعلّق بكونه وسيلة لغسل الأموال لفائدة المافيا.

من جهته، يقول رؤوف دويك إنه لا يعرف أنطونيو فيلاردو ولم يقابله بتاتا باعتبار أنه عندما التقى هذا الأخير بأصلان بالرجب، لم تكن الشراكة الفعلية قد بدأت بينهما، وفق تعبيره. شراكة يؤكد دويك أنها بدأت بشكل رسمي في 2017 عندما تمّ تأسيس شركة “بالرجب لويرز”، التي تتضمن قسمين، القسم الأول يضمّ محامين مستقلّين لكلّ اختصاصه و”الباتيندة” الخاصة به، والقسم الثاني يقدّم الاستشارة للشركات والمستثمرين الأجانب بشكل خاص.

يعمل دويك على جلب الاستثمارات الأجنبية إلى تونس وإقناع أصحابها بما يمكن أن تقدّمه البلاد التونسية من تسهيلات وامتيازات جبائية واليد العاملة المتقنة للعمل والأسعار المقبولة، وهو ما يبحث عنه المستثمرون، بحسب تعبيره. كان هذا في معرض ردّه على الاتهامات التي تشوب شبكة علاقات فيلاردو ومكاتب المحاماة والاستشارات التي تعاملت معه في عمليات غسيل أموال المافيا الإيطالية في تونس .

موقف القانون التونسي من التهرب الضريبي وغسيل الأموال

تفرض التشريعات التونسية قيودا تمنع المقيمين على الأراضي التونسية من فتح واستعمال حسابات في الخارج أو مواصلة استعمال حساباتهم بالخارج في حال تغيّر مكان إقامتهم إلى تونس دون التصريح بذلك. وتنصّ مجلّة الصرف والتجارة الخارجية، في فصليها 16 و18، على أنه في صورة تغيير الإقامة من بلد أجنبي والعودة للإقامة في تونس، يتوجّب على المعنيين التصريح بممتلكاتهم وحساباتهم بالخارج لدى البنك المركزي.

الفصل 20 من المجلّة ذاتها ينصّ بدوره على أنه يجب على كلّ شخص طبيعي مكان إقامته العادي بالبلاد التونسية، وعلى كلّ شخص معنوي تونسي أو أجنبي بالنسبة لمؤسّساته بالبلاد التونسية أن يعيد إلى هذه الأخيرة كامل العملات التي يتحصّل عليها من تصدير بضائع إلى الخارج أو مقابل إسداء خدمات في الخارج وبصفة عامة كل ما يحققه بالخارج من مداخيل ومحاصيل وذلك حسب الشروط وفي الآجال التي يحدّدها البنك المركزي التونسي.

يقول الكاتب العام للجنة التونسية للتحاليل المالية بالبنك المركزي التونسي لطفي الحشيشة في حديثه مع موقع الكتيبة، إنه يحق للتونسيين المقيمين بالخارج فتح حسابات خارج تونس. وفي حالة غيّر أحدهم مكان إقامته وعاد إلى تونس فهو يصبح مطالبا بالتصريح بالأموال التي يمتلكها في الخارج لدى البنك المركزي. ويتعيّن عليه آنذاك إدخال المبلغ الذي بحوزته إلى تونس أين يخوّل له القانون التونسي فتح حساب بالعملة الصعبة.

وبالنسبة إلى الأشخاص الطبيعيين الذين يقيمون في تونس ويقدّمون خدمات مقابل مبالغ مالية لفائدة شركات أو منظمات أو حرفاء في الخارج فيسمح لهم القانون كذلك بفتح حساب بالعملة الصعبة داخل البلاد التونسية.

في المقابل، لا يمكن أن يكون للأشخاص الطبيعيين المقيمين في تونس بشكل دائم فتح حسابات في الخارج. وإذا تبيّن أنّ شخصا مقيما على التراب التونسي يمتلك حسابا بنكيا يتضمّن مبالغ مالية في الخارج فانّه محلّ تتبّع من قبل الإدارة العامة للديوانة، وفق المتحدّث ذاته.

ويعتبر لطفي الحشيشة أنّ الشخص المقيم بتونس والذي يفتح حسابا بالخارج يضع نفسه في شبهة التهرّب الضريبي أو تبييض الأموال إلا إذا كان لديه ترخيص خاص للشركات التي تعمل في الخارج.

ويمكن أن يلجأ من يريد تهريب الأموال، على سبيل المثال، إلى التلاعب بفواتير عمليات التصدير أو الاستيراد التي يقوم بها، من خلال تضخيمها أو التخفيض من قيمتها، على أن يوضع المبلغ الإضافي الذي يتم اكتسابه في حساب في الخارج قد يحمل اسمه أو اسم ابنه وفق ما أفادنا به محدثنا.

تجدر الإشارة إلى أن أصلان بالرجب ليس أول محام يظهر اسمه في تحقيق استقصائي دولي، فقد سبقه في ذلك زميله المحامي المختص في العقود النفطية سمير العبدلي الذي كشفت تسريبات “سويس ليكس” عن امتلاكه لحساب بنكي في فرع الحسابات الخاصة التابع لبنك HSBC السويسري منذ 2006 بقيمة 80000 دولار. كما أنّ اسم العبدلي المثير للجدل ورد في تحقيقات “أوراق بنما” التي كانت منطلقا لفتح بحث في القطب القضائي المالي في تونس.

في سياق متّصل، يبرز تقرير بعنوان “العدالة الجبائية في تونس: مثالية تسحقها سياسات الديون“، من إعداد منظمة البوصلة و”PSI”، أن الإيرادات الضريبية للمهن الحرة ضعيفة لا سيما بالمقارنة مع قدرة هؤلاء على دفع الضرائب مقارنة بعموم الأجراء. في 2015، بلغ عدد المحامين المرسّمين 7440 في حين بلغ غير عدد المصرّحين بمداخيلهم 3739، أي أن 50% من المحامين لم يصرّحوا بمداخيلهم لدى الإدارة الجبائية.

وبحسب أرقام رسمية تتعلّق بسنة 2015 ، فإنّ المحامين الملتزمين بواجب التصريح يدفعون ضريبة على الدخل الشهري بمعدلّ يقارب 228 دينارا وهو ما يعادل 2740 دينارا في السنة. هذه المؤشرات تفيد في حال ما سحبنا هذا المعدلّ على العدد الجملي للمحامين المرسمين وقتها فإنه يضاهي 92 دينارا في الشهر للمحامي الواحد. في حين أنّ الأستاذ الجامعي تقتطع منه شهريا قرابة 400 دينار في شكل أداءات ضريبية. ويساهم 6 بالمائة فقط من المحامين بنسبة 50 بالمائة من إجمالي العبء الجبائي المتأتي من قطاع المحاماة. هنا يتعلق الأمر بقرابة 179 محام يدفعون أكثر من 10000 دينار سنويا.

وعلى امتداد السنوات الماضية ، عجزت جلّ الحكومات في تونس عن تمرير إجراءات أكثر صرامة في مجال مكافحة التهرب الضريبي في المهن الحرّة كقطاع المحاماة ضمن قوانين المالية المتعاقبة. ويعزى هذا أساسا إلى الثقل الذي تحظى به هياكل مهنة المحاماة صلب المجتمع المدني، فضلا عن الحضور القوي للمحامين في الأحزاب السياسية. خلال الفترة النيابية 2014-2019 ضمّ مجلس نواب الشعب التونسي 37 نائبا يمتهنون في الأصل مهنة المحاماة وذلك من إجمالي 217 نائبا.

أما غسل الأموال فيعرّفه قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، في فصله الـ92، بأنه “كل فعل قصدي يهدف، بأي وسيلة كانت، إلى التبرير الكاذب للمصدر غير المشروع لأموال منقولة أو عقارية أو مداخيل متأتية، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، من كلّ جناية أو جنحة تستوجب العقوبة بالسجن لمدة ثلاث سنوات أو أكثر ومن كل الجنح المعاقب عليها بمجلة الديوانة. ويعتبر أيضا غسل أموال، كل فعل قصدي يهدف إلى توظيف أموال متأتية، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، من الجرائم المنصوص عليها بالفقرة السابقة أو إلى اكتسابها أو حيازتها أو استخدامها أو إيداعها أو إخفائها أو تمويهها أو إدارتها أو إدماجها أو حفظها أو محاولة القيام بذلك أو المشاركة فيه أو التحريض عليه أو تسهيله أو إلى المساعدة في ارتكابه”.

ويُعاقب مرتكب غسل الأموال بالسجن من عام إلى 6 أعوام وبخطيّة من 5 آلاف دينار إلى 50 ألف دينار. ويمكن الترفيع في مبلغ الخطية إلى ما يساوي نصف قيمة الأموال موضوع الغسل.

طيلة عقود من الزمن، قدّم بنك “كريدي سويس”خدماته لمئات المجرمين من تجار الأسلحة والمخدرات والديكتاتوريين ومسؤولي المخابرات والعسكريين الخاضعين لعقوبات وكذلك الفاعلين السياسيين والاقتصاديين من ذوي الثروات الضخمة مشبوهة المصدر، على الرغم من الوعود المتعدّدة الصادرة عن القائمين عليه لمحاربة عمليات غسيل الأموال والتهرب الضريبي من أجل القضاء على الأموال الكريهة المتدفقة على خزائنه من كل حدب وصوب بطرق غير قانونية لا تستجيب لمعايير الشفافية.

كلمة الكتيبة:

"اسرار سويسرية" هو مشروع صحفي تشاركي يستند إلى بيانات حسابات مصرفية مسربة قدمها مصدر مجهول لصحيفة زوددويتشه تسايتونغ Süddeutsche Zeitung الألمانية، التي شاركته مع OCCRP و47 شريكا إعلاميا آخر في جميع أنحاء العالم. قام الصحفيون في القارات الخمس بتمشيط الآلاف من السجلات المصرفية وأجروا مقابلات مع المطلعين والمنظمين والمدعين العامين الجنائيين، فضلا عن البحث في سجلات المحاكم والإفصاحات المالية لتأكيد النتائج التي توصلوا إليها. وتغطي البيانات أكثر من 18,000 حساب تم فتحها منذ أربعينات القرن العشرين وحتى العقد الماضي. معا ً ، كانت هذه الحسابات تحتوي أموال تزيد قيمتها على 100 مليار دولار. وقال المُبلغ عن المخالفات فى بيان له " اعتقد ان قوانين السرية المصرفية السويسرية غير أخلاقية " . "إن ذريعة حماية الخصوصية المالية هي ورقة توت تغطي الدور المخزي للمصارف السويسرية كمتعاونين مع المتهربين من الضرائب. وهذا الوضع يمكن من الفساد والجوع في البلدان النامية التي تحرم من إيرادات الضريبية التي هي في أمس الحاجة إليها. هذه البلدان التي تعاني أكثر من غيرها بسبب الحيلة العكسية افي سويسرا ل روبن هود ".

كلمة الكتيبة:
"اسرار سويسرية" هو مشروع صحفي تشاركي يستند إلى بيانات حسابات مصرفية مسربة قدمها مصدر مجهول لصحيفة زوددويتشه تسايتونغ Süddeutsche Zeitung الألمانية، التي شاركته مع OCCRP و47 شريكا إعلاميا آخر في جميع أنحاء العالم. قام الصحفيون في القارات الخمس بتمشيط الآلاف من السجلات المصرفية وأجروا مقابلات مع المطلعين والمنظمين والمدعين العامين الجنائيين، فضلا عن البحث في سجلات المحاكم والإفصاحات المالية لتأكيد النتائج التي توصلوا إليها. وتغطي البيانات أكثر من 18,000 حساب تم فتحها منذ أربعينات القرن العشرين وحتى العقد الماضي. معا ً ، كانت هذه الحسابات تحتوي أموال تزيد قيمتها على 100 مليار دولار. وقال المُبلغ عن المخالفات فى بيان له " اعتقد ان قوانين السرية المصرفية السويسرية غير أخلاقية " . "إن ذريعة حماية الخصوصية المالية هي ورقة توت تغطي الدور المخزي للمصارف السويسرية كمتعاونين مع المتهربين من الضرائب. وهذا الوضع يمكن من الفساد والجوع في البلدان النامية التي تحرم من إيرادات الضريبية التي هي في أمس الحاجة إليها. هذه البلدان التي تعاني أكثر من غيرها بسبب الحيلة العكسية افي سويسرا ل روبن هود ".

بقلم : رحمة الباهي

صحفية شغلت عديد الخطط في الصحافة الالكترونية التونسية والعربية

إشراف:محمد اليوسفي
تدقيق: وليد الماجري
رسوم: منال بن رجب
رسوم : منال بن رجب
اشراف: محمد اليوسفي
تدقيق: وليد الماجري

بقلم : رحمة الباهي

صحفية شغلت عديد الخطط في الصحافة الالكترونية التونسية والعربية

rahma