الكاتب : هيئة التحرير

مشروع التغطية الصحفية لأخبار الجريمة المنظمة والفساد الدولي “OCCRP”، “آي أر بي آي”، ميامي هيرالد بالتعاون مع الكتيبة

كان أنطونيو فيلاردو على الحافة. وقد وصلت إلى مسامع فيلاردو – المشتبه في تورطه في تبييض الأموال – أنباء حول مساعي سويسرا إلى تخفيف قوانين السرية المصرفية الشهيرة، حتى تتمكّن السلطات الأجنبية من تعقب الحسابات المصرفية المرتبطة بالتهرّب الضريبي.

في مارس/ آذار 2009، توجه فيلادو بطلب إلى أحد شركائه قائلا “أنا بحاجة إلى الحصول على كلّ المعلومات الممكنة حول سويسرا.. هذا الأمر لا يروق لي بتاتا.. هؤلاء الأوغاد (السويسريون) باعوا أنفسهم. سويسرا ستصبح بلدا حقيرا. أوغاد”.

كان لدى فيلاردو، الذي لجأ إلى سويسرا ليخبئ عدّة ملايين من الدولارات ، سببا يدعو للقلق. فهو كان ملاحقا من قبل محققين إيطاليين اعتقدوا أنه كان يقوم بغسل الأموال لصالح “اندرانجيتا”، حدى أكبر المجموعات الإجرامية في العالم، وذلك في إطار تحقيق حمل اسم “عملية ميتروبوليس” التي بدأت في العام السابق.

الكاتب : هيئة التحرير

مشروع التغطية الصحفية لأخبار الجريمة المنظمة والفساد الدولي “OCCRP”، “آي أر بي آي”، ميامي هيرالد بالتعاون مع الكتيبة

كان أنطونيو فيلاردو على الحافة. وقد وصلت إلى مسامع فيلاردو – المشتبه في تورطه في تبييض الأموال – أنباء حول مساعي سويسرا إلى تخفيف قوانين السرية المصرفية الشهيرة، حتى تتمكّن السلطات الأجنبية من تعقب الحسابات المصرفية المرتبطة بالتهرّب الضريبي.

في مارس/ آذار 2009، توجه فيلادو بطلب إلى أحد شركائه قائلا “أنا بحاجة إلى الحصول على كلّ المعلومات الممكنة حول سويسرا.. هذا الأمر لا يروق لي بتاتا.. هؤلاء الأوغاد (السويسريون) باعوا أنفسهم. سويسرا ستصبح بلدا حقيرا. أوغاد”.

كان لدى فيلاردو، الذي لجأ إلى سويسرا ليخبئ عدّة ملايين من الدولارات ، سببا يدعو للقلق. فهو كان ملاحقا من قبل محققين إيطاليين اعتقدوا أنه كان يقوم بغسل الأموال لصالح “اندرانجيتا”، حدى أكبر المجموعات الإجرامية في العالم، وذلك في إطار تحقيق حمل اسم “عملية ميتروبوليس” التي بدأت في العام السابق.

ومع ذلك، لم يكن إصلاح سويسرا في نهاية المطاف لنظامها المصرفي واسع النطاق كما خشي فيلاردو، وظلّت أسراره المالية على هذا النحو، حتى الآن.

بالاعتماد على بيانات “أسرار سويسرية ” (Suisse Secrets)، إلى جانب مصادر قانونية إيطالية ومطلعين آخرين، اكتشف صحفيون تفاصيل إضافية حول فيلاردو ومشروعه العقاري الإيطالي مع شريكه، مختص المتفجرات بالجيش الجمهوري الأيرلندي المدان هنري “هاري” فيتزسيمونز. خسر مستثمرون الملايين في المشروع العقاري لكن لم يكن واضحا أبدا أين ذهبت الكثير من الأموال.

يمكن تتبّع بعض أموال فيلاردو إلى بنك “كريديه سويس”، أين كان يمتلك حسابات سرية. بعض هذه الحسابات بقيت بعيدا عن متناول السلطات الإيطالية، حتى بعد أن صادرت الشرطة مجمعا سكنيا على شاطئ البحر كان فيلاردو وفيتزسيمونز لاعبين رئيسيين فيه بعد الاشتباه في أنه تم استخدام المجمع لتبييض أموال مخدرات “اندرانجيتا”.

يقول أحد كبار المدعين العامين لمكافحة المافيا في ريجيو كالابريا المعني “البنوك السويسرية هي مفتاح اندرانجيتا. يمكن للمجموعات إحضار الأموال إلى خزائن هناك، ولن نعرف بذلك أبدا. هذا الأمر يحدث منذ الثمانينيات، حيث سار المكلفون بعمليات التوصيل التابعون لاندرانجيتا بالمال إلى سويسرا. الآن يحدث ذلك بطرق أكثر تعقيدا، مع المعاملات التي تتمّ بواسطة الشركات القابضة المالية من جميع أنحاء العالم. ولكن المبدأ يبقى هو نفسه”.

بعد أن تمت تبرئته من غسل الأموال ومساعدة المافيا سنة 2016، أعاد فيلاردو تقديم نفسه كمستثمر عقاري وخبير محتمل في الـ”بيتكوين” (Bitcoin) في منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، وافتخر بكونه متحصلا على درجة “الماجستير في العملة الرقمية”.

يعتبر ضحايا الملحمة، الذين خسروا الملايين بحسب محام يمثّلهم، أن فيلاردو وفيتزسيمونز لديهما الكثير من المسائل ليردّا عليها.

سيمون شامبرز محام مثّل العشرات من ضحايا القضية. بعد سنوات من التقاضي ضدّ شركة قانونية كانت تمثل المجمع السكني، تمّ تعويض موكّليه بمعدلات تتراوح بين 40 و50 في المائة من خلال تعويضات شركة تأمين. وقال شامبرز إنه لو كان حجم الحسابات البنكية لفيلاردو معروفا لربّما كان مسار القضية مختلفا.

وصرّح شامبرز “إذا كان هذا المورد متاحا لهم كمصدر للأضرار المحتملة، فإن موكلي سيشعرون بالاشمئزاز اليوم لمعرفة أن فيلاردو قد ملأ جيوبه بطريقة مشبوهة”. وأضاف “كنا نعلم أن الأموال ذهبت إلى مكان ما – كان يجب أن تذهب إلى مكان ما”.

وردّا على طلب للتعليق على نتائج تحقيق “أسرار سويسرية”، قال “كريدي سويس” إنه لا يمكن مناقشة العملاء الفرديين أو الحسابات”، مضيفا أن لديه “آليات رقابية صارمة لمكافحة الأنشطة المتعلّقة بالجرائم المالية”. وقد تمّ وضع هذه الآليات لمنع تعرّض “كريدي سويس” وعملائه لمخاطر عمليات غسيل أموال محدّدة ومنهجية. وأبرز أن عملية التثبت من العملاء تتماشى مع معايير المجال البنكي.

عندما التقى هاري بأنطونيو

يصف أنطونيو فيلاردو، البالغ من العمر 44 عاما وأصيل مدينة نابولي الإيطالية، نفسه في ملفه الشخصي على “لينكدين” بأنه “صاحب رأس مال مغامر”.

أدين بارتكاب جرائم صغيرة عندما كان شابا، وعاش في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة قبل أن ينتقل إلى الرأس الأخضر، الأرخبيل الأطلسي قبالة سواحل السنغال، حيث يعتقد المحققون الإيطاليون أن هناك وجودا لـ”أندرانجيتا”.

هناك، في منتصف الألفينات، بدأ في العمل مع فيتزسيمونز، وهو ضابط غامض رفيع المستوى في الجيش الجمهوري الأيرلندي، قضى عقدا من الزمان في السجن بسبب تورطه في تفجير سنة 1971. فور إطلاق سراحه، أعلن للصحفيين أنه استقال من الجيش الجمهوري الإيرلندي لكنه مازال يدعم قضيته السياسية. ثمّ، وبين عشية وضحاها على ما يبدو، أصبح مطوّر عقارات من الوزن الثقيل في عاصمة أيرلندا الشمالية بلفاست.

في الرأس الأخضر، أخذ فيتزسيمونز فيلاردو تحت جناحه، ودفع له 4000 جنيه استرليني أسبوعيا لمساعدته في أعماله العقارية.

سرعان ما بدأ الثنائي في شراء العقارات في المنتجعات السياحية في جميع أنحاء أوروبا. ووفق المحققين الإيطاليين، لا يبدو أنهما يهتمان بـ”سعر هذه الأصول كما لو كان لديهما مبالغ مالية غير محدودة”.

عام 2006، افتتح الثنائي شركتين إيرلنديتين، “في أف آي أوفرسيز بروبرتي ال تي دي” (VFI Overseas Property Ltd) و”في أف آي أوفرسيز بروبرتي ريل استايت ايجنت ال تي دي” (VFI Overseas Property Real Estate Agent Ltd)، لإطلاق مشاريع عقارية حول قلب اندرانجيتا في كالابريا، في مقدمة الحذاء الإيطالي. لم تكن بلدة أفريكو في كالابريا وجهة سياحية واضحة، نظرا إلى مستويات الجريمة المنظمة الجائرة. ومع ذلك، بحلول شهر مارس/ آذار 2007، شارك فيلاردو وفيتزسيمونز في مشروع مجمع سكني كبير على أرض اندرانجيتا.

في مارس/ آذار 2007، وقعت شركتهما صفقة مع أنطونيو كوباري الذي كان يقوم ببناء مجمع سكني ضخم في مدينة برانكليون الساحلية. وتتولى “في أف آي”، بموجب الصفقة، بيع شقق في مجمع “جوهرة البحر”، كما سيصبح مشروع كوباري معروفا، مقابل نسبة كبيرة غير معتادة تبلغ 31% من إجمالي سعر المبيعات مقدما.

في معرض عقاري في لندن، اتصل فيتزسيمونز وفيلاردو بصاحب مكتب محاماة يدعى “جيامبرون آند لو” (Giambrone and Law) في لندن، الذي بدأ إثر ذلك في ترتيب مبيعات جوهرة البحر نيابة عنهما. وقاموا بالترويج لوسائل الراحة التي سيوفرها المجمع يوما ما، بما في ذلك مركز تجاري وفندق خمس نجوم وملعب غولف خاص به.

كانت عروض مبيعاتهم مقنعة، وانتهى الأمر بالمئات من المشترين الأجانب إلى شراء شقق في ما اعتقدوا أنه مشروع ساحلي فخم. ولكن ما لم يعرفوه هو أن المجمع تمّ بناؤه من قبل أحد أفراد أقوى مجموعة محلية تابعة لـ”اندرانجيتا”.

كان كوباري المكلّف بعمليات التوصيل المحلي لمجموعة “مورابيتو تيرادريتو” التابعة لـ”اندرانجيتا”، والتي تهيمن على تجارة الكوكايين بين أمريكا اللاتينية وأوروبا والتي تتخذ من برانكليون مقرّا لها.

تفسّر آنا سيرجي، الخبيرة في مافيا اندرانجيتا وأستاذة علم الجريمة في جامعة إسيكس، سيطرة مجموعة مورابيتو على المنطقة قائلة “مجموعات اندرانجيتا في هذه القرى عبارة عن شبكة متشابكة تدرك جميعها قوة “المجموعة الأقوى” محليا، جماعة مورابيتو… شركاء مورابيتو كثيرون، ولكن تاريخهم وسمعتهم ولقبهم هو العملة الوحيدة التي تحتاج إليها”.

في ماي/ أيار 2007، اشترى فيلاردو قطع أرض بجوار أرض كوباري، وكان يفكر في ضمّها إلى مشروع جوهرة البحر. وتعتقد السلطات أنه يعلم أنه يتمتع بالحماية نظرا إلى عمله مع كوباري – وهو مسؤول رفيع المستوى في “اندرانجيتا” متنكر كمطوّر عقاري.

وفي الوقت الذي استثمر فيه فيتزسيمونز وفيلاردو رسميا مليون يورو في المشروع، استمرّ كوباري في ضخ الأموال التي اشتبه المسؤولون الإيطاليون لاحقا في أنها أموال مخدرات اندرانجيتا.

في عامي 2007 و2008، بدأت الشرطة الإيطالية التحقيق حول فيلاردو في قضيتين منفصلتين. وقد اشتبهوا أنه لم يقم فقط بتبييض أرباح “مورابيتو”، ولكن أيضا لفائدة مجموعة “مانكيسوس أوف ليمبادي” (Mancusos of Limbadi) على بعد 60 كيلومترا إلى الشمال.

بعد سنوات من مراقبة الشرطة لكوباري وفيلاردو وفيتزسيمونز، صادرت السلطات المناهضة للمافيا مجمع جوهرة البحر المشيّد جزئيا سنة 2013. حُكم على كوباري في النهاية بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة الانتماء إلى مافيا ولكونه جزءا من اندرانجيتا منطقة أفريكو. تمت محاكمة فيلاردو وفيتزسيمونز وتبرئتهما، لعدم وجود أدلة كافية.

على الرغم من أن “في اف آي” باعت المئات من الشقق في المجمع، إلا أن 33 مشتريا فقط تسلّموا مفاتيح شققهم. وقال المحامي شامبرز إن الكثير من الشقق التي اشتراها عملاؤه لم يتمّ بناؤها على الإطلاق. بالإضافة إلى أموال التأمين التي تلقاها عملاء شامبرز، طُلب من شركة المحاماة “جيامبرون آند لو” لاحقا دفع تعويض لفائدة 41 عميلا بقيمة تقدر بـ3.5 مليون يورو.

الاقتراب من “كريدي سويس”

على الرغم من أن السلطات الإيطالية التي حققت في قضية جوهرة البحر كانت تعلم أن فيلاردو يمتلك ثرورة مخبأة بعيدا – فقد تفاخر عند التنصت على مكالماته الهاتفية بامتلاكه ما يقارب 40 مليون يورو نقدا في البنك إضافة إلى عقار في لندن تبلغ قيمته 10 ملايين جنيه استرليني – إلا أنهم واجهوا صعوبات في تحديد الموقع الدقيق لثروته.

لم تقدّم أيرلندا ولا المملكة المتحدة الكثير من المساعدة فيما يتعلّق بفيتزسيمونز. حيث لم تقدّم السلطات الأيرلندية أية معلومات مصرفية ولكن طلب الإيطاليين المتعلّق بتتبّع أموال الثنائي تداعى. أما في سويسرا، فلم تكن نتائج مطالب السلطات الإيطالية الأولية مثمرة.

على الرغم من ذلك، حققت الشرطة المالية الإيطالية في مدينة كاتانزارو الجنوبية، كجزء من لدغة منفصلة ضدّ فيلاردو وشركائه، في عملية أطلق عليها “بلاك ماني” (Black Money)، تقدما كبيرا في مارس/ آذار 2010. في ذلك الوقت، كانت “جوهرة البحر” تواجه تأخيرات في استئناف بنائها، وكان عملاء شامبرز وآخرون يحاولون استعادة أموالهم.

تصوير جوي لمجمع جوهرة البحر التقطت سنة 2022 – Credit: IrpiMedia

على الحدود الإيطالية السويسرية، أوقفت الشرطة أحد المحاسبين التابعين لفيلاردو والقادم من منطقة كالابريا، إركول بالاشيانو، بعد أن كان قد التقى فيلاردو. قامت الشرطة بتفتيش الملفات المالية التي كان يحملها وتمّ الكشف عن أحد المصالح الخارجية لفيلاردو وفيتزسيمونز. وأظهرت الوثائق التي تمت مصادرتها أن فيلاردو وفيتزسيمونز يمتلكان شركة ائتمانية في قبرص، ويبدو أنهما كان يرسلان الأرباح العقارية -بما فيها مال جوهرة البحر- إلى هناك لتجنّب الضرائب.

بالإضافة إلى ضخ الأموال في الخارج، كان فيلاردو يخفي بعضها في سويسرا. وتظهر بيانات “أسرار سويسرية” أن فيلاردو كان يمتلك حسابا شخصيا واحدا وحسابين لشركات في “كريدي سويس”.

بحلول سنة 2011، وصلت قيمة حسابه الشخصي إلى حدّ أقصى قدره 1.75 مليون فرنك سويسري (1.92 مليون دولار أمريكي). فيما بلغت قيمة أحد الحسابات لشركة قيمة 1.52 مليون فرنك سويسري (1.81 مليون دولار أمريكي). وكان لدى حساب شركة أصغر رصيد يقدّر بـ29300 فرنك سويسري (36931 دولارا أمريكيا) قبل إغلاقه عام 2012. علمت الشرطة الإيطالية لاحقا أن لدى فيلاردو ثلاثة حسابات أخرى في “كريدي سويس” لا تظهر في البيانات.

عندما تم الاستماع إلى فيلاردو خلال التنصت على مكالماته الهاتفية سنة 2009، وهو يعبّر عن قلقه من تخفيف السرية المصرفية السويسرية، طلب المسؤولون الإيطاليون من السلطات السويسرية تتبّع أصوله لكنهم كانوا يفتقرون إلى حقائق ثابتة.

قال مدعون عامون عملوا في قضية ميتروبوليس سنة 2013 لـOCCRP “إن لديهم أثرا يقودهم إلى “كريدي سويس ولكن بعد ذلك لا يمكن لسويسرا أن تتعاون إلا إذا كان نعلم العدد الفعلي للحسابات، لذلك لم نتمكن من إثبات ذلك”

وقالت السلطات السويسرية إنها لا تستطيع المساعدة دون هذه المعلومات. ولم تعلم السلطات الإيطالية بوجود هذه الحسابات من السويسريين إلا سنة 2014، بعد عام واحد من توجيه اتهامات إلى فيلاردو في قضيتي ميتروبوليس و”بلاك ماني”.

تحرّكت السلطات السويسرية متأخرة لتجميد حسابين شخصيين لفيلاردو، أحدهما مذكور في مجموعات بيانات “أسرار سويسرية”. تجاوزت قيمة هذين الحسابين الـ 300000 يورو. وفي المقابل، قال السويسريون إنه لا يمكن مصادرة ثلاثة حسابات شركات مرتبطة به. وأخبروا الإيطاليين أن هذا يرجع إلى أن الحسابات كانت باسم شركة “آباكس” Apax، وهي شركة من جزر مارشال، وليس باسم فيلاردو نفسه. أحد هذه الحسابات موجود في البيانات، كذلك، لم يتم ذكر الحساب الذي احتوى على مبلغ 29300 فرنك سويسري أبدا للإيطاليين – ربما لأنه تمّ إغلاقه في تلك المرحلة.

ظلّ كلا الحسابين الأكثر قيمة لفيلاردو المذكورين في بيانات “أسرار سويسرية” مفتوحين بعد فترة طويلة من إحالة قضيتي ميتروبوليس و”بلاك ماني” على المحاكم.

بحسب محققين في كالابريا، ثبت أن تتبّع التدفقات المالية لفيتزسيمونز وفيلاردو صعب للغاية نظرا إلى أنه تمّ توجيه الأموال عبر ملاذات ضريبية مختلفة، حيث تمّ التشويش على مسارها المتعرّج عن عمد.

وقال أحد المدعين العامين لـOCCRP “كان من المستحيل إثبات تدفق الأموال”.

فيلاردو، الذي كان يواجه مجموعتين منفصلتين من التهم النابعة من غسل الأموال المزعوم بحلول سنة 2013، تمت تبرئته في ريجيو كالابريا من تهم عملية ميتروبوليس. وعلى الرغم من إدانته في الحكم الابتدائي في تحقيق “بلاك ماني”، تمّ إسقاط القضية في الاستئناف بعد تمرير قانون التقادم. كما تمّت تبرئة شريكه، فيتزسيمونز، بعد اعتقاله في السنغال وتسليمه إلى إيطاليا لمحاكمته.

لم يجب فيلاردو على أسئلة حول صلاته الشخصية المزعومة بأشخاص مرتبطين بـ”اندرانجيتا”. وأكد جيمي ديافريا، متحدث باسم فيلاردو، أن هذا الأخير لم يكن يعلم أن كوباري مرتبط بـ”اندرانجيتا”.

وقال إن السلطات الإيطالية فرضت ضرائب على الأموال التي حصل عليها فيلاردو من شركة “في أف آي” وتم السماح له باستخدامها كما يشاء، وإنه تمّ تجميد الحسابات المصرفية لفيلاردو والتثبت فيها من قبل السلطات السويسرية قبل الإفراج عنها لاحقا.

وأضاف أن “في أف آي” كانت مجرّد وسيط لبيع شقق مجمع جوهرة البحر وأنه لم يتم رفع أي دعوى قضائية ضدّها بشأن دورها في التطوير العقاري للمجمع.

فيما قال دان ماك غينيس، محام يمثل فيتزسيمونز، لـOCCRP، إن موكله كان “ضحية خطأ قضائي لا مبرّر له” وإنه بريء تماما من جميع التهم، مشيرا إلى أن المحكمة العليا الإيطالية برأته من تهم غسل الأموال. وكان أساس تبرئة فيتزسيمونز عدم وجود أدلة كافية. ويبرز محاميه أن ثروة فيتزسيمونز تنبع من حياته المهنية التي استمرت 40 عاما، علما وأنه متقاعد الآن.

“أنا تونسي الآن”

ربما كان نفور فيلاردو من دفع الضرائب الإيطالية قد قدّم حافزا إضافيا لإخفاء أمواله بأمان في سويسرا. وقد تمّ ضبطه خلال التنصت على إحدى مكالماته الهاتفية سنة 2009 وهو يتفاخر بأنه لم يقدم تصاريح ضريبية في حياته.

“هل أنت غبي؟” كان ردّه على أحد الموظفين الذي أخبره أن تاجر فيراري طلب رؤية تصريحه الضريبي قبل الانتهاء من بيع سيارة وطلب منه “قل لهم إنه لا يصرّح بأي شيء”.

في العام الموالي، فتح فيلاردو أول حساباته في “كريدي سويس”، معلنا أن بلد إقامته هو تونس، وهي خطوة قام بها على ما يبدو لغرض وحيد هو تجنّب الضرائب.

خلال التنصت عليه، أعرب فيلاردو عن سعادته بهذه الخطوة.

وقد سُمع وهو يقول “إنها ضربة في وجه ذلك الجنرال اللعين من الشرطة المالية، يمكن أن يذهب إلى الجحيم لأنني الآن تونسي!” وقال فيلاردو لمحاميه ” فليذهبوا إلى الجحيم فرانس!”.

كان لشركة “في أف آي” فرع في تونس، حيث أسس فيلاردو أيضا شركة تدعى “آباكس كونسلتينغ” (Apax Consulting). عندما ذهب أحد الصحفيين إلى عنوان الشركة الأخيرة المدرج، في أحد أحياء الطبقة الوسطى في تونس، لم يتمّ العثور على أي مكتب للشركة.

عثرت OCCRP وشركاؤها أيضا على آثار لفيلاردو في سوق العقارات في الولايات المتحدة، حيث اشترت الشركات المرتبطة به وبـ3 شركاء آخرين أكثر من 130 منزلا في فلوريدا في بداية سنة 2012. وقد تمّ شراء معظمها نقدا في السنوات التي تلت توجيه تهم لفيلاردو حول “جوهرة البحر”.

ظهر فيلاردو أيضا في منطقة البحر الكاريبي، حيث يروّج بشدة لخبرته التجارية على موقع الكتروني وصفحة “لينكد إين” ومدونة شخصية على موقع “ميديوم”. كذلك، يقدّم نفسه على أنه رئيس شركة تدعى “ريل كابيتال كاريب” (Real Capital Caribe) تستثمر في عقارات بجمهورية الدومينيكان.

لكن هناك دلائل على أن علاقات فيلاردو مع كالابريا ما تزال قوية. في 2018، تم منح وكيل فيلاردو الذي غالبا ما يلجأ إليه في إيطاليا، فرانشيسكو كولاسينو، والذي تمّ التحقيق بشأنه أيضا في قضية “بلاك ماني” توكيلا رسميا بشأن الحسابات المصرفية لشركة “ريل كابيتال كاريب”.

تبيع “ريل كابيتال كاريب” حاليا شققا في فندقين للشقق الخاصة في سانتو دومينغو. وتصف أحد الفندقين على موقعها الالكتروني بأنه “فرصة استثمارية كبيرة في قلب منطقة البحر الكاريبي”. وتتوقع عوائد تصل إلى 11 في المائة لأولئك الذين يشترون شققا فاخرة.

وفي الأثناء، فقد بقي مجمع جوهرة البحر مهجورا. لم يتم استئناف البناء أبدا بعد أن صادرته الدولة الإيطالية سنة 2013، ولم يكتمل سوى جزء صغير من الشقق المخططة.

خاضت مجموعة من 33 من مشتري الشقق معارك منذ 2013 لإنقاذ المشروع. دفع بعضهم ثمن شقق لم يتمّ بناؤها قط، في حين حصل آخرون على شقق لا تساوي الآن سوى ثمن قليل لأن تطويرها لم ينته أبدا، وقد حدّدت السلطات المحلية جزءا كبيرا منه للهدم.

قالت ممثلة عن المجموعة لـOCCRP إنهم كانوا يقومون بأعمال صيانة في المناطق المشتركة للمجمع كي لا ينهار وهو منسي على الرغم من أن الحكومة أمرتهم بعدم القيام بذلك.

وأضافت المتحدثة التي طلبت عدم الكشف عن هويتها خوفا من الانتقام “لو كنت أعلم عندما اشتريت الشقة ما أعرفه الآن، لكنت قفزت على متن أسرع طائرة على وجه الأرض وغادرت. المجمع يمثل جوهرة بحر ولكنه أصبح كابوسا مطلقا بالنسبة إلينا”.

كلمة الكتيبة:

"اسرار سويسرية" هو مشروع صحفي تشاركي يستند إلى بيانات حسابات مصرفية مسربة قدمها مصدر مجهول لصحيفة زوددويتشه تسايتونغ Süddeutsche Zeitung الألمانية، التي شاركته مع OCCRP و47 شريكا إعلاميا آخر في جميع أنحاء العالم. قام الصحفيون في القارات الخمس بتمشيط الآلاف من السجلات المصرفية وأجروا مقابلات مع المطلعين والمنظمين والمدعين العامين الجنائيين، فضلا عن البحث في سجلات المحاكم والإفصاحات المالية لتأكيد النتائج التي توصلوا إليها. وتغطي البيانات أكثر من 18,000 حساب تم فتحها منذ أربعينات القرن العشرين وحتى العقد الماضي. معا ً ، كانت هذه الحسابات تحتوي أموال تزيد قيمتها على 100 مليار دولار. وقال المُبلغ عن المخالفات فى بيان له " اعتقد ان قوانين السرية المصرفية السويسرية غير أخلاقية " . "إن ذريعة حماية الخصوصية المالية هي ورقة توت تغطي الدور المخزي للمصارف السويسرية كمتعاونين مع المتهربين من الضرائب. وهذا الوضع يمكن من الفساد والجوع في البلدان النامية التي تحرم من إيرادات الضريبية التي هي في أمس الحاجة إليها. هذه البلدان التي تعاني أكثر من غيرها بسبب الحيلة العكسية افي سويسرا ل روبن هود ".

كلمة الكتيبة:
"اسرار سويسرية" هو مشروع صحفي تشاركي يستند إلى بيانات حسابات مصرفية مسربة قدمها مصدر مجهول لصحيفة زوددويتشه تسايتونغ Süddeutsche Zeitung الألمانية، التي شاركته مع OCCRP و47 شريكا إعلاميا آخر في جميع أنحاء العالم. قام الصحفيون في القارات الخمس بتمشيط الآلاف من السجلات المصرفية وأجروا مقابلات مع المطلعين والمنظمين والمدعين العامين الجنائيين، فضلا عن البحث في سجلات المحاكم والإفصاحات المالية لتأكيد النتائج التي توصلوا إليها. وتغطي البيانات أكثر من 18,000 حساب تم فتحها منذ أربعينات القرن العشرين وحتى العقد الماضي. معا ً ، كانت هذه الحسابات تحتوي أموال تزيد قيمتها على 100 مليار دولار. وقال المُبلغ عن المخالفات فى بيان له " اعتقد ان قوانين السرية المصرفية السويسرية غير أخلاقية " . "إن ذريعة حماية الخصوصية المالية هي ورقة توت تغطي الدور المخزي للمصارف السويسرية كمتعاونين مع المتهربين من الضرائب. وهذا الوضع يمكن من الفساد والجوع في البلدان النامية التي تحرم من إيرادات الضريبية التي هي في أمس الحاجة إليها. هذه البلدان التي تعاني أكثر من غيرها بسبب الحيلة العكسية افي سويسرا ل روبن هود ".

الكاتب : هيئة التحرير

مشروع التغطية الصحفية لأخبار الجريمة المنظمة والفساد الدولي "OCCRP"، "آي أر بي آي"، ميامي هيرالد

الكاتب : هيئة التحرير

مشروع التغطية الصحفية لأخبار الجريمة المنظمة والفساد الدولي “OCCRP”، “آي أر بي آي”، ميامي هيرالد

alqatiba