الكاتب : هيئة التحرير
سناء السبوعي (مشروع تغطية الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود OCCRP)
وليد الماجري – رحمة الباهي (الكتيبة)
بالتعاون مع رامي سليم (ليبيا)
في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان معمر القذافي يفكر في أواخر القرن الحادي والعشرين في مشاريع ضخمة تتمثل بناء قاعة جديدة لمركز ثقافي في بنغازي، وترميم الآثار اليونانية القديمة وبعث مشروع تنقية المياه في عمق الصحراء.
مع تدفق الأموال من النفط الليبي، واستعداد الغرب للتعامل معه بعد عقود قضاها كشخصية “منبوذة” عالميا، خطط الديكتاتور الليبي لسلسلة من مشاريع التنمية في جميع أنحاء البلاد ليتم تمويلها بمليارات الدولارات من عائدات الدولة.
معظم هذه المشاريع العمومية تديرها شركة تعرف باسم “جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية” أو ODAC. وتتولى عقود البنية التحتية العامة. الهدف العلني الذي وضع على الأقل على الورق كان خلق الرخاء وفرص العمل في جميع أنحاء البلاد من خلال الإنفاق الحكومي السخي.
ولكن على مر السنين، أصبح الجهاز موصوما بأنه أيضا قناة للكسب غير المشروع والاختلاس من قبل كبار المسؤولين المرتبطين بالقذافي. بعد عزله وقتله عقب انتفاضة ليبيا عام 2011، أكدت التحقيقات التي خصت جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية ما اشتبه في حدوثه الكثيرون منذ فترة طويلة: فُقدت مليارات الدولارات التي تم منحها من خلال العقود العامة. وقال المحققون إنه المال قد سُرق، على ما يبدو، من قبل الرئيس السابق للمركز علي إبراهيم دبيبة وعائلته.
الكاتب : هيئة التحرير
سناء السبوعي (مشروع تغطية الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود OCCRP)
وليد الماجري – رحمة الباهي (الكتيبة)
بالتعاون مع رامي سليم (ليبيا)
في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان معمر القذافي يفكر في أواخر القرن الحادي والعشرين في مشاريع ضخمة تتمثل بناء قاعة جديدة لمركز ثقافي في بنغازي، وترميم الآثار اليونانية القديمة وبعث مشروع تنقية المياه في عمق الصحراء.
مع تدفق الأموال من النفط الليبي، واستعداد الغرب للتعامل معه بعد عقود قضاها كشخصية “منبوذة” عالميا، خطط الديكتاتور الليبي لسلسلة من مشاريع التنمية في جميع أنحاء البلاد ليتم تمويلها بمليارات الدولارات من عائدات الدولة.
معظم هذه المشاريع العمومية تديرها شركة تعرف باسم “جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية” أو ODAC. وتتولى عقود البنية التحتية العامة. الهدف العلني الذي وضع على الأقل على الورق كان خلق الرخاء وفرص العمل في جميع أنحاء البلاد من خلال الإنفاق الحكومي السخي.
ولكن على مر السنين، أصبح الجهاز موصوما بأنه أيضا قناة للكسب غير المشروع والاختلاس من قبل كبار المسؤولين المرتبطين بالقذافي. بعد عزله وقتله عقب انتفاضة ليبيا عام 2011، أكدت التحقيقات التي خصت جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية ما اشتبه في حدوثه الكثيرون منذ فترة طويلة: فُقدت مليارات الدولارات التي تم منحها من خلال العقود العامة. وقال المحققون إنه المال قد سُرق، على ما يبدو، من قبل الرئيس السابق للمركز علي إبراهيم دبيبة وعائلته.
اكتشف تحقيق أجرته OCCRP وشركاؤها، بالاعتماد على بيانات مسربة من داخل بنك “كريدي سويس” وجود حسابات لم تكن معروفة من قبل، تخص الدبيبة وثلاثة رجال أعمال استفادوا نظام المقاولات العامة.
وردت أسماء حرفاء المصرف السابق ذكرهم ضمن تحقيقات حول الفساد وثبت تورطهم لاحقا في جميع مراحل ومستويات نظام المقاولات العامة، من منح العقود إلى ملكية الشركات التي استفادت من الإنفاق الحكومي بما فيها مصرف تونسي ليبي تورط لاحقاً في مخطط للكسب غير المشروع يشمل خطابات اعتماد صادرة عن عقود جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية.
تظهر السجلات المصرفية المسربة ضمن مشروع “أسرار سويسرية” العالمي أن هذه الحسابات كانت تحتوي مجتمعة على ودائع بقيمة عشرات الملايين من الدولارات عندما كانت مفتوحة. فتحت بعضها خلال السنوات نفسها التي كان أصحابها يعملون مع الدبيبة لنهب جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية. وظلت جميعها مفتوحة بعد الانتفاضة الليبية عام 2011 التي وضعت نظام التنمية في البلاد تحت المجهر مجددا وبعد وضع الدبيبة على قائمة العقوبات الوطنية.
من جانبه، قال بنك كريدي سويس إن لديه ضوابط صارمة لمكافحة التهرب الضريبي وغسيل الأموال في سويسرا وخارجها. ورفض البنك التعليق على حرفاء محددين إلا أنه أكد أنه التزم دائما بالقوانين في ذلك الوقت واستثمر بشكل كبير على مدى العقد الماضي في مكافحة الجرائم المالية.
وأضاف في بيان “كريدي سويس يرفض بشدة المزاعم والاستنتاجات بشأن الممارسة التجارية المزعومة للبنك. المسائل المعروضة قديمة في الغالب، وبعضها يعود إلى وقت كانت فيه القوانين والممارسات والتوقعات المنتظرة من المؤسسات المالية مختلفة تماما عما هي عليه الآن”.
وكان جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية وعملية التعاقد العام جزءا من نظام أوسع للفساد الذي تم استخدامه لسرقة الثروة النفطية الهائلة في ليبيا خلال العقود الأربعة التي حكم فيها القذافي. وجد تقرير صادر عن منظمة الشفافية الدولية لمكافحة الفساد في عام 2014 أن نظامه ربما سرق ما تبلغ قيمته 61 مليار دولار أمريكي.
وقال جيمس شو، خبير أممي في مجال استرجاع الأصول والتدفقات المالية غير المشروعة، إن نهب أصول ليبيا ترك الشعب محروما من العديد من الاحتياجات الأساسية بما في ذلك نظام الصحة العام وموارد التعليم.
وكتب في رسالة عبر البريد الالكتروني “لا يمكن تعليق الاحتياجات الإنسانية الآن في انتظار حلحلة العملية السياسية نفسها (الانتخابات). المرضى بحاجة الآن إلى أجهزة لغسيل الكلى والطلاب بحاجة الى كتب مدرسية “.
في العام الماضي، عيّن صهر الدبيبة وابن عمه، عبد الحميد الدبيبة، كرئيس مؤقت لحكومة الوحدة الوطنية الليبية. شغل عبد الحميد الدبيبة سابقا منصب رئيس الشركة الليبية للتنمية والاستثمار القابضة LIDCO، والتي كانت جزءا من نظام المقاولات الخاص بجهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية. بعد سقوط القذافي، تمت معاقبة الدبيبة بتهمة الفساد من قبل الحكومة الانتقالية الليبية الجديدة.
منذ توليه منصب رئيس الوزراء، تورّط عبد الحميد الدبيبة في نزاع مع البرلمان حول مطالبه المتعلّقة بالميزانية لبناء مشاريع بنية تحتية جديدة. وتعمل حكومة الدبيبة حاليا على إلغاء قائمة العقوبات.
وفي هذا الصدد، قال وولفرام لاتشر، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية إن “هناك مخاوف مشروعة من أن المقرّبين من عبد الحميد الدبيبة قد يستخدمون مشاريع استثمارية لسرقة الأرباح من خلال العمولات أو غيرها من الأساليب”، مضيفا “بعد كل شيء، يمثّل الدبيبة شبكة تشتهر بالقيام بمثل هذه الأمور”.
إرث الدبيبة
امتدت احتجاجات الربيع العربي إلى ليبيا في فيفري/شباط 2011 وسرعان ما تحوّلت إلى أعمال عنف. وقد وفّر تدخل الناتو دعما جوّيا للمتمرّدين. وفي غضون ستة أشهر، نجحوا في الاستيلاء على العاصمة الليبية طرابلس وتمّ القبض على القذافي وقتله في أكتوبر/تشرين الأول من السنة ذاتها.
لم يمض وقت طويل قبل أن تتمّ محاسبة جهاز تنمية وتطوير المراكز الادارية ODAC.
في أوت/آب 2011، ومع تقدّم المتمرّدين نحو طرابلس، جمد الاتحاد الأوروبي أصول الجهاز، واصفا إياها بأنها “كيان يعمل نيابة عن نظام القذافي أو بتوجيه منه” و”مصدرا محتملا لتمويل” حكومته. وظلّت العقوبات سارية حتى أوائل عام 2013.
سنة 2012، وبعد رحيل القذافي، فتحت الحكومة الليبية الجديدة تحقيقا بشأن شركة تنمية وتطوير المراكز الإدارية. وتمّ الاشتباه في أن علي إبراهيم الدبيبة، الذي أدار الشركة لأكثر من عقدين، ربما اختلس ما يصل إلى 9 مليارات دينار ليبي (حوالي 7 مليار دولار أمريكي بأسعار عام 2011) من عقود أصدرها الجهاز تحت إمرته.
خلص تقييم للشركة – أجراه ديوان المحاسبة الليبي المنشأ حديثا – إلى العديد من الانتهاكات. وقد مُنحت معظم عقود جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية دون مناقصات عامة، وقدمت خطابات اعتماد إلى الشركات غير المشاركة في العقود التي تغطيها.
عمل الدبيبة، المولود عام 1945، مدرسا للجغرافيا قبل أن يصبح رئيسا لبلدية مدينة مصراتة الساحلية ممثلا للحزب الحاكم بعد أن استولى الديكتاتور على السلطة في عام 1969. وتولّى خطة رئيس مجلس جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية سنة 1989 وبقي على رأس هذا الجهاز حتى عام 2011. وفي كلا المنصبين، كان يُصنّف كشخصية سياسية بارزة مكشوفة للعامة مما يجعله خاضعا لمزيد التدقيق من قبل المصارف.
أضافت الحكومة الليبية المؤقتة في عام 2012 الدبيبة إلى قائمة المسؤولين الخاضعين للعقوبات الذين يجب تجميد أصولهم. ومع ذلك، فإن فوضى الحرب الأهلية في ليبيا حالت دون تنفيذ العقوبات على النحو الواجب، ولم تمس من أصول الدبيبة. وتحاول السلطات الآن إلغاء هذه القائمة التي تضم أيضا رئيس الوزراء الليبي المؤقت الحالي عبد الحميد الدبيبة.
وُضع علي إبراهيم الدبيبة على اللائحة الحمراء من قبل الإنتربول سنة 2014، بعد أن فتح النائب العام الليبي تحقيقا جنائيا حول الرئيس السابق لجهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية ODAC. ولكن، تمت إزالة اسمه من القائمة في العام الموالي. وقال تقرير إخباري إن الدبيبة سُجن في 2014 ، إلا صورا انتشرت في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك في 2020 والعام الماضي تظهره وأبناءه أحرارا في ليبيا.
استخدم الدبيبة خلال معظم فترة توليه رئاسة جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية شبكة واسعة من الحسابات المصرفية والشركات الخارجية، المسجلة في قبرص وأماكن أخرى، لتحويل الأموال إلى خارج البلاد وفقا لتحقيق أجرته OCCRP عام 2018. وقالت السلطات الليبية إن الدبيبة منح مناقصات لشركات يملكها أو يسيطر عليها بشكل سرّي وقدّم دفوعات مسبقة مسبقة مقابل عقود لم تُنجز قط.
وبيّنت السلطات الليبية أن “ضوابط المراقبة كانت ضعيفة ولم يكن هناك رقابة على سلوك كبار المسؤولين المحسوبين على القذافي”.
وكشف التحقيق السابق الذي أجرته OCCRP أن الدبيبة كان يملك حسابين على الأقل في بنك كريدي سويس في عام 1998، شهدا معاملات بقيمة ملايين الدولارات.
تظهر البيانات المصرفية المسرّبة حديثا ضمن مشروع “اسرار سويسرية” أن الدبيبة فتح أيضا حسابا آخر لدى كريدي سويس في أوت/آب 2008 تمّ إغلاقه في أوت/آب 2012، أي بعد عام على سقوط طرابلس. وفي حدّه الأقصى في نوفمبر/تشرين الثاني 2009، سجّل الحساب رصيدا بلغ 176,527 فرنكا سويسريا أي ما يعادل حوالي الـ175 ألف دولار أمريكي.
ووجدت OCCRP أن نجل علي إبراهيم الدبيبة، ويدعى إبراهيم علي الدبيبة، كان يمتلك بدوره حسابا في مصرف كريدي سويس مع شركة كولد هاربور Cold Harbour SA الكوستاريكية. وفي الإيداعات الرسمية، تم إدراج مدير الشركة على أنه برنال زامورا آرسي، وهو رجل واجهة معروف في كوستاريكا ومرتبط بعدّة شركات مسجّلة هناك وفي قبرص.
تم فتح الحساب بأسماء إبراهيم علي الدبيبة وكولد هاربور سنة 2007، بعد عام على تأسيس الشركة، وبلغ الحد الأقصى للرصيد 19 مليون فرنك سويسري (حوالي 16 مليون دولار) في ديسمبر/ كانون الأول من السنة نفسها.
وورد اسم كل من علي إبراهيم الدبيبة وابنه في طلب للمساعدة الدولية أرسلته ليبيا إلى إسكتلندا عام 2013 لتعقّب أموال الدولة المنهوبة. وبحسب مسح ميداني لصحيفة الغارديان البريطانية الشريكة في مشروع “أسرار سويسرية” تبلغ قيمة عقاراتهما الفارهة حوالي 25 مليون جنيه إسترليني (قرابة 36 مليون دولار أمريكي).
وفي الوقت الذي حاول فيه المسؤولون الليبيون الحصول على المساعدة، تم إغلاق حسابات الأب والابن في كريدي سويس. ولكن حسابات شركائهما التجاريين ظلت مفتوحة لسنوات.
بنك اليوباف
لم يكن حرفاء كريدي سويس المرتبطون بنظام التنمية الليبي المنهك بالكسب غير المشروع أفرادا فحسب بل كان من بينهم مؤسسات مالية بأكملها.
أحد هؤلاء الحرفاء كان الفرع التونسي لبنك “اليوباف” المملوك للبنك المركزي الليبي والذي لعب دورا رئيسيا في قطاع التنمية الليبي من خلال ضمان خطابات الاعتماد – وهي آلية تبيّن فيما بعد أنها قناة هامة للاختلاس.
كان لدى بنك اليوباف حساب في بنك كريدي سويس من عام 1995 حتى عام 2014 – وهي فترة تتداخل مع الوقت الذي كانت فيه الحكومة الليبية خاضعة لعقوبات الأمم المتحدة. وبلغ رصيد الحساب 35 مليون فرنك سويسري (حوالي 37 مليون دولار) كحد أقصى في عام 2005.
وبعد عامين على إقفال الحساب، ظهرت المزيد من التفاصيل من خلال تحقيق تونسي حول الدور الذي لعبه بنك اليوباف في تسهيل تحويل الأموال العامة الليبية.
قال المراقب العام للبنك المركزي التونسي جابر بوتيتي الذي قاد التحقيق التونسي إن الشركات العامة في عهد القذافي لجأت إلى استخدام خطابات الاعتماد البنكية لتحويل الأموال المسروقة إلى الخارج. واستخدمت تكتيكات أخرى مثل تضخيم الفواتير أو اختراع خدمات وهمية.
وأضاف أنه منذ عام 2011 “اختلست الشركات الخاصة أموالا طائلة باستخدام هذا النظام”.
لم يرد بنك اليوباف على طلب occrp للحصول على تعليق.
تراث مربح
تقع أطلال البطلمايس، المستعمرة اليونانية القديمة التي تأسست حوالي القرن السابع قبل الميلاد، على شواطئ شمال ليبيا على البحر الأبيض المتوسط. وفي 2020، تقدّمت ليبيا بطلب لإدراجها ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو.
سنة 2008، فازت شركة إسكتلندية تدعى ماركو بولو ستوريكا Marco Polo Storica بعقد مع جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية – للعمل في الموقع، وعقد آخر لتجديد العديد من عجائب التاريخ الأخرى في ليبيا تتضمن الآثار الرومانية ليبتيس ماجنا Leptis Magna في غرب البلاد. وبلغت قيمة العقدين ما مجموعه 360 مليون دينار ليبي (278 مليون دولار).
قالت الحكومة الليبية، في طلب مساعدة وجّهته إلى بريطانيا في 2013، إنها تشتبه في أن ماركو بولو ستوريكا كانت تحت سيطرة شقيق علي إبراهيم الدبيبة من خلال شركة خارجية مسجّلة في جزر العذراء البريطانية.
“تبلغ قيمة عقارات علي إبراهيم الدبيبة ونجله الفارهة حوالي 36 مليون دولار أمريكي”
صحيفة الغارديان البريطانية
وزعمت أن ماركو بولو ستوريكا جاءت لحيازة “أصول مملوكة لدولة ليبيا اختلسها الدبيبة وشقيقه”. وبحلول سبتمبر/أيلول 2011، أصبحت ماركو بولو ستوريكا على ملك رجل أعمال بريطاني ليبي يُدعى رياض سليمان قرادة.
وخلص التحقيق الليبي إلى أن قرادة، الذي عمل واجهة لإخفاء ملكية الدبيبة للشركات- وهو أمر غير قانوني بالنسبة لموظف حكومي بموجب القانون الليبي – لعب “دورا مهما في مؤامرة الدبيبة للاحتيال على دولة ليبيا”. (وفق القانون الليبي في ذلك الوقت، كان يُمنع بشكل مطلق على موظف حكومي مثل الدبيبة المشاركة في شركات خاصة خاصة إذا كانت مرتبطة بعمله).
على الرغم من أن مآل التحقيق في قضية ماركو بولو غير واضح، إلا أن قرادة، وطيلة الفترة التي امتلك فيها ظاهريا الشركة، كان لديه ما لا يقل عن أربعة حسابات في بنك كريدي سويس، بقي بعضها مفتوحا لسنوات بعد سقوط القذافي.
أحد هذه الحسابات تمّ فتحه في ماي/أيار 2007 وبلغت قيمة رصيده 1.6 مليون فرنك سويسري (1.38 مليون دولار أمريكي) بعد شهر، بقي مفتوحا حتى ماي/أيار 2016. وتمّ فتح حسابين آخرين سنة 2008 في ما وقع فتح الحساب الرابع في العام الموالي. وتضمّن الحساب الذي يحتوي على أعلى رصيد ما يقارب 41 مليون فرنك سويسري (37.38 مليون دولار). ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الحسابات قد أغلقت أم لا.
ولم يكن قرادة الوحيد من بين شركاء الدبيبة الذين يمتلكون حسابا في كريدي سويس. الليبي أحمد لملوم كان له أيضا حساب هناك
على الرغم من صلاته بالدبيبة وحقيقة أن عمه كان جنرالا في جيش القذافي، إلا أن قرادة – الذي لم يستجب لطلبات التعليق – تعامل مع بنك كريدي سويس لفترة تقارب العقد من الزمن.
ولم يكن قرادة الوحيد من بين شركاء الدبيبة الذين يمتلكون حسابا في كريدي سويس. الليبي أحمد لملوم كان له أيضا حساب هناك.
الشركة الليبية للاستثمار الأجنبي LAFICO : البنك الحديدي
تعامل بنك كريدي سويس كذلك مع الشركة الليبية للاستثمار الأجنبي LAFICO التي تملكها الدولة الليبية والتي تشرف على استثمارات الحكومة داخل ليبيا وخارجها.
وعلى مدى سنوات، أفادت تقارير أنها استحوذت على حصص متعددة، بما في ذلك ما يصل إلى 7.5 في المائة من أسهم نادي جوفينتوس الإيطالي لكرة القدم وحصة 2 في المائة في شركة صناعة السيارات العالمية فيات.
تم إخضاع الشركة للعقوبات الأمريكية عام 1986، وتمّ رفعها سنة 2004. وتظهر البيانات المصرفية أنه كان لدى “لافيكو”، آنذاك، حساب في كريدي سويس، نمّ فتح في فيفري/ شباط 2000 وأغلق في جوان/ حزيران 2010. وبلغ رصيده الأقصى 422 مليون فرنك سويسري (345 مليون دولار أمريكي) في 2007.
ولكن بحسب تقرير وزارة العدل الأميركية لعام 2009، فإن علاقات لافيكو مع بنك كريدي سويس ذهبت إلى أعمق من ذلك. وذكر التقرير أن المصرف حافظ على “علاقات لإدارة الأصول” مع شركة لافيكو في وقت كانت فيه العقوبات سارية المفعول. طوال ذلك الوقت، تمّ إعطاء اسم رمزي للافيكو وهو “الحديد”.
“الإجراءات صممت وقتها لاستخدام الأسماء الرمزية في جميع الأوقات، وتقييد معرفة هويات العملاء داخليا وخارجيا، وتقييد الاتصالات بين العميل وفرق العميل والدائرة القانونية ودائرة الامتثال في البنك، ومنع المواطنين الأمريكيين من العمل على الحسابات، ومنع الصفقات التي تشمل هذه الحسابات والأطراف المقابلة في الولايات المتحدة ” .
فرضت الأمم المتحدة عقوبات على الشركة الأم لـ “لافيكو” في 2011. لكنها أوضحت بعد عام أن ذلك لا ينطبق على الشركات التابعة لهذه الأخيرة .ومن غير الواضح ما إذا كانت الوكالة لا تزال تعمل إلى اليوم.
ولم ترد شركة لافيكو والشركة الأم على طلبات التعليق.
حسابات لملوم
كان أحمد لملوم وعلي إبراهيم الدبيبة شريكين تجاريين منذ فترة طويلة، الأمر الذي غالبا ما يعني بالنسبة لهما تحويل أموال التنمية العامة إلى مكاسب خاصة.
ساعد لملوم الدبيبة في إنشاء وضمان استمرارية إمبراطورية الشركات الخارجية التي استخدمها في اختلاس أموال جهاز تنمية وتطوير المراكز الادارية ODAC. وتشارك الاثنان في وكالة عقارات في سويسرا، فضلاً عن روابط عائلية جمعتهما من خلال زواج ابنة الدبيبة من ابن شقيق لملوم.
لملوم، الذي توفي سنة 2014، امتلك ما لا يقل عن ثمانية حسابات في بنك كريدي سويس باسمه الخاص، كان العديد منها بالاشتراك مع أفراد عائلته بحسب المعطيات التي وجدتها OCCRP وشركاؤها. وقد تمّ فتح أقدم هذه الحسابات سنة 1989. وبلغت قيمة أكبر حساب أكثر من 12,4 مليون فرنك سويسري (8,88 مليون دولار أمريكي) في أوت/آب 2003.
وقال مصدر مطلع على بعض الصفقات الفاسدة، طلب عدم الكشف عن هويته لحماية نفسه من التهديد، “كان لدى هذا البنك (كريدي سويس) أموال عامة ليبية في خزائنه”.
وبقيت حسابات لملوم مفتوحة خلال فترة كان يساعد فيها في إدارة مجموعة من الشركات الخارجية المرتبطة بالدبيبة. وشملت هذه الشركات شركة مسجلة في قبرص تدعى فابولون للاستثمارات Fabulon Investments، والتي أدرجت الدبيبة تارة على أنه موظف وتارة أخرى كمدير. وكانت في وقت لاحق على ملك لملوم.
لعبت “فابولون” دورا محوريا في تحويل الأموال المسروقة إلى خارج ليبيا. يوضح أحد العقود التي تحصّلت عليها الشركة من الوكالة في أواخر التسعينيات لبناء محطة لمعالجة المياه في المنطقة الوسطى من الجفرة كيفية القيام بهذه العمليات.
تظهر فواتير مسرّبة أنه بين عامي 1997 و1998، بينما كان الدبيبة مديرا لشركة فابولون ورئيسا لجهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية ODAC، أصدرت الشركة فاتورة للجهاز بأكثر من نصف مليون جنيه إسترليني (أكثر من 800 ألف دولار أمريكي).
بعد ذلك، وفي وقت لاحق من سنة 1998، تلقى حساب كريدي سويس الأقدم للدبيبة دفعتين بقيمة 50,000 فرنك سويسري (قرابة 54 ألف دولار أمريكي) لكل منهما من شركة في نفس الهيكل المؤسسي لفابولون، والتي كانت تخضع أيضا لسيطرة الدبيبة ولملوم.
“كان لدى بنك كريدي سويس أموال عامة ليبية في خزائنه”
مصدر ليبي مطلع على صفقات فاسدة
وأكد محام يمثل عائلة لملوم أن أحمد لملوم كان له دور في شركة فابولون للاستثمارات، لكنه نفى تورطه في أي معاملات فاسدة، واصفا أسئلة الصحفيين بأنها “غير صحيحة ومضلّلة”.
وقال المحامي إن “الأنشطة التجارية التي يقوم بها لملوم كانت دائما قانونية وممتثلة للنظام الضريبي. من المرجح أن جميع البنوك التي عمل معها قد تأكدت من أنها تستطيع القيام بذلك دون انتهاك أي قوانين ولوائح سارية في الوقت الذي كانوا فيه في علاقات تعاقدية.”
دخلت فابولون، بهدف تنفيذ مشروع بناء محطة لمعالجة المياه في منطقة الجفرة الوسطى، في شراكة مع شركة متخصصة في معالجة المياه مقرها المملكة المتحدة تدعى ناستون Naston. ويبدو أن الشركة البريطانية عملت بشكل متكرّر مع فابولون، إذ يظهر بريد إلكتروني بتاريخ جوان/يونيو 2000 أنه كان لديهما ثلاثة مشاريع جارية تبلغ قيمتها مجتمعة أكثر من 10.3 مليون جنيه إسترليني (13.75 مليون دولار أمريكي). ويقول موقع ناستون على الانترنت إن الشركة شيدت ثلاث محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي في الجفرة.
رسائل بريد الكتروني مسربة تظهر أيضا أن لملوم كثيرا ما ناقش كيف يمكن لشركة ناستون الحصول على خطابات الاعتماد من جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية ODAC. وكانت هذه الرسائل، التي تضمن دفع الفواتير في حال تعثرت الصفقة، إحدى الطرق الرئيسية التي استخدمها المسؤولون لسرقة أموال الدولة الليبية.
وجدت الحكومة الليبية في تدقيق قامت به لجهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية ODAC في 2012 العديد من الإخلالات المتعلّقة بالمنظومة، من بينها خطابات الاعتماد غير القابلة للإلغاء والتي كانت موجهة إلى أشخاص أو شركات لم تشارك حتى في العقود.
خلال مشروع الجفرة، تبادل لملوم بشكل متكرّر رسائل البريد الإلكتروني مع موظفي ناستون حول ترتيب خطاب اعتماد مشروع مصنع الجفرة من جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية ODAC، بما في ذلك طرح السؤال على الدبيبة. في إحدى رسائل البريد الإلكتروني، يناقش لملوم التقدم للحصول على الخطاب باستخدام إحدى “الشركات المرتبطة بشركة ناستون في قبرص”، قائلا “لدينا شركة قائمة يمكننا استخدامها لهذا الغرض”.
بحلول سنة 2017، لم تعد شركة ناستون موجودة. وقد تعذر الوصول إلى بعض مديري الشركة السابقين فيما لم يستجب آخرون لمطالب التعليق.
وصرّح، في هذا السياق، بول دونويتز، مدير وحدة استراتيجيات إدارة الموارد الطبيعية في غلوبال ويتنس، إن اختلاس خطابات الاعتماد كان عملا في غاية الضراوة.
وقال “يمكننا القول إن النظام المالي الدولي متواطئ من خلال ضعف إجراءات العناية الواجبة وقوانين غسيل الأموال للتجارة العابرة للحدود. هذا يترك المجال مفتوحا على مصراعيه أمام عمليات الاحتيال وسوء الاستخدام”.
"اسرار سويسرية" هو مشروع صحفي تشاركي يستند إلى بيانات حسابات مصرفية مسربة قدمها مصدر مجهول لصحيفة زوددويتشه تسايتونغ Süddeutsche Zeitung الألمانية، التي شاركته مع OCCRP و47 شريكا إعلاميا آخر في جميع أنحاء العالم. قام الصحفيون في القارات الخمس بتمشيط الآلاف من السجلات المصرفية وأجروا مقابلات مع المطلعين والمنظمين والمدعين العامين الجنائيين، فضلا عن البحث في سجلات المحاكم والإفصاحات المالية لتأكيد النتائج التي توصلوا إليها. وتغطي البيانات أكثر من 18,000 حساب تم فتحها منذ أربعينات القرن العشرين وحتى العقد الماضي. معا ً ، كانت هذه الحسابات تحتوي أموال تزيد قيمتها على 100 مليار دولار. وقال المُبلغ عن المخالفات فى بيان له " اعتقد ان قوانين السرية المصرفية السويسرية غير أخلاقية " . "إن ذريعة حماية الخصوصية المالية هي ورقة توت تغطي الدور المخزي للمصارف السويسرية كمتعاونين مع المتهربين من الضرائب. وهذا الوضع يمكن من الفساد والجوع في البلدان النامية التي تحرم من إيرادات الضريبية التي هي في أمس الحاجة إليها. هذه البلدان التي تعاني أكثر من غيرها بسبب الحيلة العكسية افي سويسرا ل روبن هود ".
"اسرار سويسرية" هو مشروع صحفي تشاركي يستند إلى بيانات حسابات مصرفية مسربة قدمها مصدر مجهول لصحيفة زوددويتشه تسايتونغ Süddeutsche Zeitung الألمانية، التي شاركته مع OCCRP و47 شريكا إعلاميا آخر في جميع أنحاء العالم. قام الصحفيون في القارات الخمس بتمشيط الآلاف من السجلات المصرفية وأجروا مقابلات مع المطلعين والمنظمين والمدعين العامين الجنائيين، فضلا عن البحث في سجلات المحاكم والإفصاحات المالية لتأكيد النتائج التي توصلوا إليها. وتغطي البيانات أكثر من 18,000 حساب تم فتحها منذ أربعينات القرن العشرين وحتى العقد الماضي. معا ً ، كانت هذه الحسابات تحتوي أموال تزيد قيمتها على 100 مليار دولار. وقال المُبلغ عن المخالفات فى بيان له " اعتقد ان قوانين السرية المصرفية السويسرية غير أخلاقية " . "إن ذريعة حماية الخصوصية المالية هي ورقة توت تغطي الدور المخزي للمصارف السويسرية كمتعاونين مع المتهربين من الضرائب. وهذا الوضع يمكن من الفساد والجوع في البلدان النامية التي تحرم من إيرادات الضريبية التي هي في أمس الحاجة إليها. هذه البلدان التي تعاني أكثر من غيرها بسبب الحيلة العكسية افي سويسرا ل روبن هود ".
الكاتب : هيئة التحرير
الكاتب : هيئة التحرير