الكاتب : معز الباي
صحفي مختصّ في الصحافة الاستقصائية، مكوّن صحفي، شغل عديد المواقع في مؤسسات إعلامية محلية وأجنبية.
لا شكّ أن المتابعين للشأن العامّ التونسي يراقبون عن كثب تطوّرات قضيّة شركة “انستالينغو” لصناعة المحتوى، وما رافقها من تحقيقات وايقافات وأبحاث شملت شخصيات على أعلى المستويات السياسيّة والأمنيّة.
ما سيكشفه هذا التحقيق المتسلسل على حلقات، سيجعل من قضيّة “انستالينغو” تبدو باهتة تحت الأضواء التي سنسلّطها على شركات التأثير الرمادي، وتحديدا شبكة “الأخ الكبير” لطفي بالحاج المنتشرة دوليّا وخاصّة إفريقيّا.
ولئن اتهمت شركة “أنستالينغو” بتشويه السياسيين وقيادة حملات التأثير الرمادي في الرأي العام من خلال شبكات التواصل الاجتماعي وتبييض الأموال وتحريض السكان على الاقتتال فيما بينهم إلخ… فإنّ شركة “يو ريبوتيشن” Ureputation وكوكبة الشركات التي تسبح في فلكها والتي يحرّك خيوطها كدُمَى متحرّكة رجل الأعمال الفرنسي-التونسي لطفي بالحاج، قد ارتقت بأعمال التأثير الرمادي إلى مصاف العمل الاستخباراتي، لحساب الأشخاص كما الدّول. نشاطٌ اتخذ من تونس مقرّا له.
الكاتب : معز الباي
صحفي مختصّ في الصحافة الاستقصائية، مكوّن صحفي، شغل عديد المواقع في مؤسسات إعلامية محلية وأجنبية.
لا شكّ أن المتابعين للشأن العامّ التونسي يراقبون عن كثب تطوّرات قضيّة شركة “انستالينغو” لصناعة المحتوى، وما رافقها من تحقيقات وايقافات وأبحاث شملت شخصيات على أعلى المستويات السياسيّة والأمنيّة.
ما سيكشفه هذا التحقيق المتسلسل على حلقات، سيجعل من قضيّة “انستالينغو” تبدو باهتة تحت الأضواء التي سنسلّطها على شركات التأثير الرمادي، وتحديدا شبكة “الأخ الكبير” لطفي بالحاج المنتشرة دوليّا وخاصّة إفريقيّا.
ولئن اتهمت شركة “أنستالينغو” بتشويه السياسيين وقيادة حملات التأثير الرمادي في الرأي العام من خلال شبكات التواصل الاجتماعي وتبييض الأموال وتحريض السكان على الاقتتال فيما بينهم إلخ… فإنّ شركة “يو ريبوتيشن” Ureputation وكوكبة الشركات التي تسبح في فلكها والتي يحرّك خيوطها كدُمَى متحرّكة رجل الأعمال الفرنسي-التونسي لطفي بالحاج، قد ارتقت بأعمال التأثير الرمادي إلى مصاف العمل الاستخباراتي، لحساب الأشخاص كما الدّول. نشاطٌ اتخذ من تونس مقرّا له.
يطلق على لطفي بالحاج في كواليس القصور الإفريقيّة “صانع الرؤساء”، أما اللقب الذي اخترنا أن نطلقه عليه في هذا التحقيق فهو “الأخ الكبير” نسبة إلى رواية جورج أورويل الشهيرة “1984” التي يراقب فيها الأخ الكبير الجميع من خلال شرطة الأفكار، وهي الرواية التي يبدو بالحاج متأثرا بها بشدّة لدرجة تسمية إحدى شركاته “بيغ براذر” أو “الأخ الكبير” بالإنجليزية وتحويل فكرتها لأيديولوجيا كما سنرى على مدى هذا التحقيق.
في هذه الحلقة، سنكشف الدور الذي لعبته شبكة لطفي بالحاج وخاصة شركة “يو ريبوتيشن” Ureputation في انتخابات 2019، والخدمات التي قدّمتها للمرشّح الرئاسي نبيل القروي ليس فقط اتصاليّا عبر حملات الفيسبوك، ولكن أيضا في التهرّب من الرقابة المالية لمحكمة المحاسبات والمساعدة في جرائم انتخابية ومالية. كما سنقف على الدور الذي لعبه بالحاج في الساحة السياسية التونسية بعد الثورة. وسنكشف عن تفاصيل وحيثيّات لم يسبق التطرّق لها أو كشفها من قبل.
من تونس كان البدء
في الخامس من جوان/حزيران 2020، أصدر مختبر “دي إف آر لاب” DFR LAB تقريرا صادما عن دور شركة تونسية في التأثير على الانتخابات في عديد دول العالم خاصّة منها الإفريقية، ومن بينها الانتخابات الرئاسية التونسية في 2019. وقد أطلق المختبر على هذه العملية اسم “عمليّة قرطاج“.
الشركة التونسية المعنية بهذا التقرير هي “يوريبيتيشن” U-Reputation لرجل الأعمال مزدوج الجنسية (تونسي/فرنسي) لطفي بالحاج. وحسب التقرير فقد تمّ استهداف 13 دولة إفريقية. ويقدّر المختبر عدد الحسابات المتأثرة بهذه الحملة بحوالي 3 مليون و800 ألف، أمّا من التحقوا بالمجموعات التي تديرها عناصر الشبكة فيبلغ عددهم 132 ألفا، وأكثر من 171 ألف متابع لهذه الحسابات على الانستغرام.
التقرير أثار موجة من ردود الفعل، بدأت بغلق مئات الحسابات المنسوبة للشركة على “فيسبوك” و”انستغرام” وانتقل من أعمدة الصحافة إلى أروقة المحاكم بين فرنسا وتونس. فقد اتهمت شركة فيسبوك الشركة التونسية “يو ريبوتيشن” باستعمال حسابات مزيّفة منتحلة صفة مواطنين محليين للتدخّل والتأثير في الشأن العام الداخلي لعدد من الدول، وتوجيهه نحو مواقع خارجية تديرها الشركة مع ادعاء أنها مواقع إخبارية مستقلة، وإدارة صفحات ومجموعات تقدّم نفسها كوسائل إعلام مستقلّة، حسب الناطق الرسمي باسم شركة “فيسبوك” آنذاك.
من جانبها كانت شركة “يوريبوتيشن” قد بادرت برفع قضية ضدّ “فيسبوك” في فرنسا وتونس والولايات المتحدة الأمريكية بتهمة التشهير وانتهاك المعطيات الشخصية لموظفيها (هكذا). ولئن خسرت قضيتها في الطور الأوّل بفرنسا (قضية تشهير)، فإنّ القضاء التونسي شرع في النظر فيها في شهر ماي/أيّار 2022. وقد قدّر اختبار أذنت به المحكمة التونسية حجم خسائرها بـ14 مليون دينار تونسي (حوالي 4.5 مليون أورو).
Digital Forensic Research Lab DFR Lab مختبر تابع لمنظّمة Atlantic Counsil المتعاقدة مع فيسبوك لمراقبة الاستعمال السليم والأخلاقي للمنصّة
صانع “الرؤساء”
قبيل انتخابات 2019، أصبح لطفي بالحاج قِبلة للسياسيّين الراغبين في الوصول إلى قصر قرطاج، حيث استقبل أغلب “اللاعبين” الذين توسّم فيهم إمكانية الوصول إلى الرئاسة في منزل يقطنه بجهة سيدي بوسعيد بالضاحية الشمالية للعاصمة تونس، وفق مصادر متقاطعة وما أكّده المكلف بالعلاقات العامة في شركة “يوربوتيشن” لـ”للكتيبة” فريديريك غيلدوف، وهي المرّة الأولى التي تقرّر فيها الشركة الخروج للعلن والدفاع عن نفسها رغم محاولات عديد وسائل الإعلام الدولية، بعد أن اكتفت سابقا ببيان يتيم، والتحصّن خلف شركة علاقات عامة فرنسية.
لقد سبق لبالحاج أن قدّم خدماته الاتصالية لحركة النهضة أساسا، وفق مصادر إعلامية عدّة إلى جانب مصادر داخلية متطابقة أكّدت ارتباطه خاصّة بالقيادي السابق بالحركة لطفي زيتون الذي شغل خطّة المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي. زيتون لم ينف هذه العلاقة ولم يؤكّدها، حيث قال لـ”الكتيبة” انّه “ملتزم بالصمت منذ فترة ولا أعتزم القيام بأي تصريح صحفي”، فيما استشهد بمقال إيجابي عنه بقلم لطفي بالحاج، نشره على صفحته في الفايسبوك.
وحسب ما أوردته الدورية الاستخباراتية الفرنسية “أفريكان انتليجنس” فإنّ لطفي بالحاج ساعد راشد الغنوشي على إيجاد أرضية تفاهم مع الباجي قائد السبسي خلال لقاء باريس الشهير في صائفة 2013 الذي أفضى إلى تقاسم السلطة بينهما (البرلمان للنهضة ورئاسة الجمهورية لقائد السبسي). ويؤكد ذات المصدر أنّ لطفي بالحاج هو من نظّم الجانب الإعلامي لزيارة راشد الغنوشي إلى باريس في 2019.
كما أنّه من المؤكّد أنّ بالحاج استفاد من استعراض العلاقات الذي قام به خلال ندوة الاتصال السياسي “ComPol” التي نظّمتها منظّمة LBH Fondation خلال شهر مارس/آذار 2019، وشارك فيها إتصاليّون وإعلاميّون معروفون بقربهم من دوائر القرار الفرنسية والدولية على غرار تيري سوسيز Thierry Saussez (المقرّب جدّا من جاك شيراك الرئيس الفرنسي الأسبق) وإيمانويل ديبوي Emmanuel Dupuy (رئيس معهد الاستشراف والأمن بأوروبا) وجون كريستوف غاليان Jean Christophe Galien (أشرف على عديد الحملات الانتخابية في فرنسا وأوروبا وحتى إفريقيا) وغيرهم.
ورغم لقائه بفريق رئيس الحكومة الأسبق والمرشّح السابق لرئاسيات 2019 يوسف الشاهد وبداية التباحث حول عقد ممكن لدعمه (مصادر من تحيا تونس أفادت الكتيبة أنّ لقاء جمعه بسليم العزابي في باريس، وأكّد هذا اللقاء فريديريك غيلدوف المكلف بالعلاقات العامة في “يوربوتيشن”)، إلاّ أن لطفي بالحاج فضّل الوقوف خلف نبيل القروي. رفع فريق يوسف الشاهد لاحقا قضيّة ضدّ لطفي بالحاج وشركته “يو ريبوتيشن” بتهمة التلاعب بالانتخابات والتأثير على الرأي العام، وفق ما أفادنا به المحامي والقيادي السابق بالحزب أصلان بن رجب.
ويعتبر “فريديريك غيلدوف” أن ادّعاء التأثير الرقمي لا يمكن قياسه، فقد تكون “يو ريبوتيشن” أكسبت نبيل القروي نقطتين أو حتى ست نقاط كحدّ أقصى، لكن لا أحد يستطيع قياس مدى هذا التأثير حسب محدّثنا.
كانت علاقات لطفي بالحاج وشبكته مع نبيل القروي تكتنفها السرّية المطلقة، وحتى اللقاءات بين الفريقين كانت تتمّ بشكل حصريّ في بيت هذا الأخير. وهذا قد يفسّر بعض الشيء كيف أن ملفّ تجاوزات نبيل القروي الذي تضمّنه تقرير محكمة المحاسبات حول الانتخابات الرئاسية لسنة 2019، والذي على أساسه أحيل القروي على المحاكمة من أجل شبهة تبييض الأموال، لم يشمل الخدمات المقدّمة من طرف بالحاج وشركاته.
فقد انتبه التقرير إلى لجوء نبيل القروي إلى شركة ضغط أمريكية هي ديكنز آند مادسون Dickens and Madson في أوت / آب 2019، لكنّه لم ينتبه إلى علاقة لطفي بالحاج بحملة نبيل القروي الانتخابية.
وحسب اعترافات “آري بن مناشي” صاحب شركة “ديكنز آند مادسون”، فإنّ نبيل القروي وحملته كانوا قد لجؤوا له (أو عرض خدماته عليهم حسب مصدر من قلب تونس) في بدايات شهر أوت/آب 2019 أي تقريبا في نفس الفترة التي بدأ لطفي بالحاج وفريقه العمل معهم. ولئن افتضحت علاقة آري بن مناشي بنبيل القروي في لحظة سياسية حاسمة، فإنّ علاقة لطفي بالحاج به بقيت طيّ الكتمان إلى ما بعد الانتخابات الرئاسيّة.
وتفيد الوثائق المسرّبة من داخل شبكة لطفي بالحاج التي تحصّلت عليها الكتيبة، أنّ فريق نبيل القروي عمد إلى تنويع مصادر تمويله بشكل يصعب تقفّيه. وقد ساعد بالحاج في ذلك معتمدا على الهندسة المالية المعقّدة والأقنية الخلفيّة المموّهة للمال التي نجح في وضعها وتركيبها لمختلف شركاته ومؤسساته.
محكمة تختصّ بمراقبة حسن التصرف في المال العام، وتزجر الأخطاء المتعلقة به، وتساعد السلطة التشريعية والتنفيذية على رقابة تنفيذ قوانين المالية، ولها دور هام في مراقبة الجانب المالي للحملات خلال المحطّات الانتخابية
ففي عقد دعم واستشهار، أبرمته حملة نبيل القروي مع شركة L’agence ذات المعرّف الجبائي 1345381Z\A\M\000، العائدة بالنظر إلى لطفي الحاج (انظر/ي المخطط التوضيحي للهندسة المالية لكوكبة شركات لطفي بالحاج أسفله) تتعهّد الأخيرة بتمويل صفحات الحملة على الفايسبوك خلال الدور الأوّل من الانتخابات وذلك بقيمة 60 ألف دينار ويتعمّد العقد إغفال قيمة عائدات L’agence، حيث ينصّ “أنّها في المقابل تتلقّى الأجرة المناسبة (وقع تحديد الجانب المالي في ملحق خارج العقد بهدف التعمية على الرقابة).
بلغ عدد المنشورات المدعومة على الصفحات غير المصرّح بها لحملة نبيل القروي 81 حسب محكمة المحاسبات، فيما لم ترصد المحكمة أيّ منشور مدعوم في الصفحات المصرّح بها
بالمقابل، تقوم شركة Ureputation بفوترة خدمات الدّعم الرقمي ونصائح استراتيجيات الاتصال الرقمي لشركة “قروي آند قروي” التابعة لنبيل القروي والمسجّلة في تركيا على حسابين بنكيّين مختلفين، يعود الأوّل إلى شركة Ureputation ببنك “التجاري” بتونس، والآخر بحساب الشّركة نفسها في بنك “ساباديل” بإسبانيا.
وحسب تقرير محكمة المحاسبات المستند إلى استشارة جمعيات المجتمع المدني المعنية بمراقبة الحملات على الفيسبوك والهيئات الحكومية المعنية فإنّ المشرفين على الصفحات غير الرسمية (غير المسجّلة في هيئة الانتخابات) بالنسبة لنبيل القروي والبالغ عددها 3، يقدّر عددهم بـ 38 شخصا، 35 منهم من تونس، وبلغ عدد مشتركيها 587613. يضاف إليها عدد هام من الحسابات الشخصيّة الوهميّة التي كانت الشركة تديرها لفائدة المترشّح نبيل القروي والتي قام فيسبوك بإزالتها في خضمّ “عملية قرطاج”.
فيما يلي نعرض فاتورتين بهذا المعنى قيمة كلّ منهما 40 ألف أورو معفاة من الضرائب.
تفوح من تلك الفواتير مؤشرات واضحة على غسيل الأموال إلى جانب المشاركة في جريمة انتخابية، حيث يمنع الفصل 80 من القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 والمتعلق بالانتخابات والاستفتاء، تمويل الحملة بمصادر أجنبيّة بما فيها الحكومات والأفراد والذوات المعنوية. “ويُعتبر تمويلاً أجنبياً المالُ الذي يتّخذ شكل هبة أو هدية أو منحة نقدية أو عينية أو دعائية مصدرها أجنبي وفق التشريع الجبائي، مهما كانت جنسية الممول”.
ويشدّد الفصل 77 على أنه “يمكن تمويل الحملة لكل قائمة مترشّحة أو مترشّح أو حزب من قبل الذوات الطبيعيّة دون سواها”.
ويعاقب الفصل 163 من نفس القانون، التمويل الأجنبي للحملة الانتخابية، بالزامها بدفع خطية ماليّة تتراوح بين عشرة أضعاف وخمسين ضعفاً لمقدار قيمة التمويل الأجنبي. ويفقد أعضاء القائمة المتمتّعة بالتمويل الأجنبي عضويتهم بالمجلس المُنتَخَب.
يعاقب المترشّح لرئاسة الجمهورية المتمتّع بالتمويل الأجنبي بالسجن لمدّة خمس سنوات.
الفصل 163 من القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء.
وتصنّف شركة “يو ريبوتيشن” مصدّرة كليا برقم معاملات تجاوز في 2019 الستة مليون دينار (أكثر من 2 مليون أورو) بزيادة أكثر من 2 مليون دينار تونسي عن السنة السابقة، فيما لم تقدّم قوائمها المالية للسنة التالية وفق وثائق مالية اطّلعت عليها “الكتيبة”. أمّا “لاجونس” فتصنّف مصدّرة جزئيا حسب ما تسنّى لنا التأكّد منه برقم معاملات قارب 1.6 مليون دينار سنة 2019، فيما سجّلت رقم معاملات صفر في السنة السابقة وتخلّفت عن تقديم قوائمها المالية للسنة الموالية.
وإذا اعتمدنا مقاربة المحكمة في قضايا مشابهة تعلّقت بانتخابات 2019 البرلمانية والرئاسية فإنّ الشركتين ارتكبتا جريمة غسل الأموال وفق قانون مكافحة الارهاب وغسل الأموال.
وكان نبيل القروي قد حوكم في علاقة بتلك الجرائم المذكورة أعلاه على خلفيّة تجاوزات حملته الانتخابية وخاصّة عقد الضغط والاستشهار مع شركة “ديكنز آند مادسون”. إذ اعتبرت المحكمة أن توقيع أحزاب أو شخصيات تونسية لعقود مع مؤسسات دعاية أجنبية أثناء فترة انتخابية يعتبر نوعا من التمويل الأجنبي.
وقد اعترف فريديريك غيلدوف في حديثه لموقع الكتيبة، بأنّ شركتيْ “يو ريبوتيشن” و”لاجونس” (اللتين تعدّان مصدّرتين كلّيا بالنسبة للأولى وجزئيا للثانية)، قد اشتغلتا على حملة نبيل القروي الانتخابية. وبسؤال هذا الأخير عن موقف الشركتين وردّهما على شبهات غسيل الأموال والمشاركة في جرائم انتخابية، طلب إمهاله يوما للحصول على إجابة قانونية، لكنّه لم يعد يردّ على اتصالاتنا رغم تكرار المحاولة.
وبالتالي يمكن القول إن شركة L’agence التي موّلت الاستشهار على الفيسبوك لفائدة حملة نبيل القروي الرئاسية شاركت في تمويل الحملة بشكل غير قانوني من جهتين: التمويل الأجنبي والتمويل من قبل ذات معنوية. فيما قامت شركة “يو ريبوتيشن” بإسداء خدمات للحملة وفَوْترتها على حسابات داخل وخارج تونس وقع تمويلها من قبل حساب أجنبي يتبع نبيل القروي.
وكان البنك المركزي التونسي قد حجّر “تمويل الحساب الوحيد (للحملات الانتخابية) بواسطة تحويلات من قبل الذوات المعنوية بجميع أصنافها بما في ذلك الأحزاب السياسية والأشخاص الطبيعيون الأجانب حتى إن كانوا مقيمين بتونس أو كان مصدر دخلهم تونسيا وفق التشريع الجبائي…”. ومنع القانون الإنتخابي على الأحزاب والأشخاص المترشّحين للانتخابات استعمال حساب غير الحساب الوحيد للحملة.
كما تجدر الملاحظة أنّ شركة L’agence ليست سوى شركة واجهة لشركة “يو ريبوتيشن” التي تمتلك 85% من حصصها، فيما تمتلك آمنة الرايسي (زوجة لطفي بالحاج وشريكة في يو ريبوتيشن بنسبة 45.98%) النسبة الباقية منها (مسجّلتان بنفس العنوان، وتديرهما نفس الوكيلة وهي آمنة الرايسي. (أنظر/ي مخطط الهندسة المالية).
فاتورة ثالثة تلقي الضوء على جانب آخر من نشاط كوكبة شركات لطفي بالحاج، حيث أجرت شركة أوبينيون واي OpinionWay وهي شركة فرنسية متخصّصة في سبر الآراء لحساب شركة “ديجيتال بيغ براذر” Digital Big Brother التابعة للطفي بالحاج والمسجّلة في إسبانيا سبرَ آراء يخصّ نتائج الدور الأول للانتخابات الرئاسية التونسية لسنة 2019، مقابل دفع مبلغ 35 ألف أورو.
هكذا إذا تعمل كوكبة شركات لطفي بالحاج، تقوم شركة L’agence بتمويل دعم وإشهار صفحات الفيسبوك الخاصّة بحملة نبيل القروي الانتخابية، وتسترجع شركة Ureputation الأموال والمستحقات على حسابات في تونس وإسبانيا، فيما تدفع بعض مصاريف الحملة من إسبانيا لتجاوز الرقابة التي تمارسها دائرة المحاسبات والبنك المركزي على تمويلات المترشّحين للرئاسية.
لا عجب إذا أن تجد محكمة المحاسبات فروقات شاسعة بين القائمة التأليفيّة المودعة من قبل نبيل القروي للمداخيل والمصاريف خلال الدورة الأولى وبين قيمة النفقات وفقا لوثائق إثبات المصاريف، بلغت حسب المحكمة 54 ألف دينار.
ويلاحظ تقرير محكمة المحاسبات كيف أنّ شركة فيسبوك ترفض كشف قوائم ومعطيات الاستشهار الخاصّة بها في تونس رغم أنها تسمح بذلك في دول أخرى.
في ظلّ هذا التعتيم، يضيء لنا تقرير “دي إف إر لاب” جانبا آخر من آليّات عمل مجموعة لطفي بالحاج. يشير التقرير إلى أنّ صفحة قريبة (مرتبطة) بصفحة Fake News Checking التي أنشأها معز بحر، وتحمل اسم الانتخابات التونسية، كانت قد نشرت خلال الدور الأول لرئاسية 2019 سبر آراء مغالط ينصّب نبيل القروي في أعلى ترتيب المرشّحين بنسبة 23.2% ويجعل قيس سعيّد في المرتبة الثالثة بعد عبد الفتاح مورو (إسلامي) بنسبة 13.6%. وتشير الصفحة إلى أنّ سبر الآراء أجري على شريحة تبلغ 420 ألف ناخب (أغلب عمليات سبر الآراء المنجزة لم تتجاوز البضعة آلاف كما كانت نتائج الدور الأول مختلفة كليا عن المنشور من حيث نسبة التصويت وترتيب المترشحين).
كما يبيّن التقرير أنّ صفحات مرتبطة بـUReputation عمدت إلى نشر روابط لمواقع في ظاهرها إعلاميّة مستقلّة، لكنّها تنتمي إلى كوكبة الأذرع الإعلامية لـUReputation، هدفها توجيه الرأي العام من خلال مقالات على المقاس ومغالطة.
في ردّها على تقرير “دي إف إر لاب”، تقول شركة “يو ريبيتيشن” انّ المواقع الإخبارية المنسوبة للشركة والتي تروّج مقالات وروابط هدفها دعم مرشّح معيّن (وتعني أساسا موقع Revue-Afrique.com وActu-France.com وeco-mag.com) تنتمي في الواقع إلى مؤسسات أخرى مختلفة تماما. وهذا الكلام صحيح إذا نظرنا له بشكل سطحي.
لكنّ ما اكتشفناه من خلال إعادة بناء وتقصّي الهندسة المالية لشركات لطفي بالحاج يكشف أن ردّ الشركة مغالط وبعيد عن الواقع. فـ”ديجيتال كيفلار” الشركة المالكة لموقع Revue-Afrique هي في نهاية المطاف تابعة لكوكبة شركات لطفي بالحاج، أدارتها زوجته آمنة الرايسي في مرحلة ما، وتعاقب على إدارتها وشغل خططا هامة فيها عدد من عناصر فريقه. أما Actu-France.com وeco-mag.com فتمتلكها شركة Int. Halal وهي مملوكة للطفي بالحاج عبر LBH Capital وزوجته آمنة الرايسي.
هذه المحاججة التي لجأت إليها شركة “يوريبوتيشن” ستفسّر في جانب ما لجوء لطفي بالحاج إلى كلّ هذه التعقيدات في إنشاء شركاته وإخفاء ملكيّتها خلف واجهات عدّة.
وكان غيلدوف قد اعتبر هذا الأمر داخلا في اللعبة الاتصالية، “وإن كان تضخيما يمكن أن يقيّم أخلاقيا من باب الإخلال بالنزاهة لكنه لا يعتبر تشويها أو جرما جسيما” حسب تقديره.
من المفارقات اللافتة للنظر التي كشف عنها تقرير مختبر “دي إف آر لاب” أنّ عنوان النطاق www.Kaissaied.com قد وقع اقتناؤه من قبل مؤسسة “ديجيتال بيغ براذر”، المملوكة للطفي بالحاج. فقد قامت هذه الشركة باقتناء عنوان النطاق المذكور مباشرة بعد إعلان نتائج الدور الأول للانتخابات الرئاسية (تمّ التصويت في الدور الأول يوم 15 أوت/أغسطس 2019 وإعلان النتائج رسميا يوم 17 من الشهر ذاته وهو نفس تاريخ اقتناء عنوان النطاق).
قد تبدو العملية مسألة بسيطة وتندرج في إطار النشاط التجاري العادي كما ردّت شركة “يو ريبوتيشن” على فيسبوك، غير أنّ مؤشّرات وقرائن أخرى تدفعنا للشكّ في احتمال انقلاب بالحاج على مشغّله القروي ومساهمته ربّما -بطريقة مباشرة أو غير مباشرة- في صعود قيس سعيّد إلى سدّة الحكم.
فقد أفادتنا مصادر متقاطعة وداخلية مقرّبة من لطفي بالحاج بأنّ هذا الأخير تخلّى عن نبيل القروي في منتصف الطريق بسبب خلافات مع مسؤولي الحملة. وقد أكّد لنا فريديريك غيلدوف، الذراع اليمنى للطفي بالحاج، أنّ العقد مع نبيل القروي شمل المرحلة الأولى فقط من الانتخابات.
وحين استفسرنا عن اقتناء شركة “ديجيتال بيغ براذر” لعنوان نطاق www.Kaissaid.com لم ينكر الأمر، مشيرا إلى أنّهم عمدوا إلى اقتناء عديد العناوين بأسماء مرشحين للرئاسة، من باب الاحتياط قبل انطلاق الحملة الانتخابية. وحين واجهناه بأنّ عنوان النطاق الخاص بقيس سعيّد وقع اقتناؤه يوم إعلان نتائج الدور الأوّل للانتخابات، وأنّ الشركة لم تقتن عنوانا غيره، أقرّ بأن “هذه الوضعية تبدو مريبة وغير قابلة للدفاع عنها”.
الفريق الذّي يستند إليه لطفي بالحاج
احتاج تفكيك شبكة شركات ونشاطات لطفي بالحاج وآليّات عملها إلى توسيع البحث في خصوص فريقه الذي اعتمد عليه. وقد قمنا بالتقصّي عن أكثر من 20 عنصرا من عناصره، من بينهم من واصل العمل معه ومنهم من غادر الفريق.
اتصلنا بمن توفّرت لنا سبل الاتصال بهم وارتأينا أهمّية نشاطهم. نجحنا في الوصول إلى البعض، ممن وافقوا على الإجابة عن تساؤلاتنا بوجه مكشوف أو بشكل بهوية مخفية. وقد قادنا بحثنا إلى بعض الاكتشافات الهامة التي نعرضها فيما يلي، إلى جانب تمكّننا من فهم آليّات عمل هذا الفريق الذي نجح لطفي بالحاج في جمعه وتشكيله.
منذ البداية أدرك لطفي بالحاج صاحب شركة “يو ريبوتيشن” UReputation أنّ الثورة التونسية اعتمدت بشكل كبير على شباب الألفيّة المرتبطين بالويب، وأنّ الانترنت، وخاصّة شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك لعبت دورا محوريا في رصّ الصفوف وتنظيمها وفضح نظام بن علي الاستبدادي وإسقاطه.
وقد برزت قبل الثورة مجموعات من القراصنة ونشطاء الانترنت الشباب المنخرطين سياسيّا في مقاومة النظام على غرار مجموعة “تكريز” ونشطاء سيبرانيين أجادوا اللعب خلف لوحة الأزرار والخوض في غمار الشبكة لتنظيم حملات اتصالية قوية ساهمت في زعزعة أركان النظام المتداعي.
هنا أدرك بالحاج أن المستقبل سيكون في يد من يملك مفاتيح طلاسم الاتصال الرقمي والتأثير الشبكي (يبلغ عدد المشتركين بفيسبوك من تونس أكثر من 7 ملايين)، فمدّ شباكه حول مجموعة من النشطاء قرّبهم منه وضمّهم إلى كوكبة شركاته.
فإلى جانب معز بحر الذي سبق وتعرّفنا عليه كمدير لصفحة “Fake News Cheking” وموظّف بـ”يوربوتيشن” وفريديريك غيلدوف الصحفي المقرّب منه وذراعه اليمنى، سنجد اسكندر بن حمدة “القرصان” الذي عرفته مجموعة “تكريز” والمقرّبون باسم Bullet Skan.
وقد أسّس بن حمدة، بمعيّة لطفي بالحاج، شركة “ديجيتال كيفلار” Digital Kevlar التونسية. بن حمدة تربطه كذلك علاقة شراكة بآمنة الرايسي زوجة لطفي بالحاج من خلال شركاتها. هذه العلاقة كانت قد انتهت بشكل درامي على غرار أغلب علاقات الشغل التي جمعت لطفي بالحاج بعناصر فريقه التونسي.
وقع تسجيل شركة في إسبانيا بنفس الاسم وضمّت نفس فريق لطفي بالحاج، وأدارتها زوجته آمنة الرايسي
موقع الكتيبة اتّصل باسكندر بن حمدة الذي وافق على الحديث عن علاقته بلطفي بالحاج، رغم رفضه سابقا الإدلاء بأي تصريح إعلامي. يقول بن حمدة:
“تعود معرفتي بلطفي بالحاج الى أواخر 2014 وبداية 2015، وقد حافظنا على علاقة طيّبة. حيث كان لطفي بالحاج يمتلك وكالة للاتصال الرقمي (يو رييبوتيشن) وطلب مني مساعدته في تحسين البحث الآلي على محرّكات البحث، في البداية كمستقلّ، وكانت النتائج مشجّعة لحرفائه. وفي مرحلة ما اتفقنا على إنشاء شركة للغرض هي ديجيتال كيفلار، وقد دخل شريكا معي بنسبة 70% من خلال شركته (يو ريبوتيشن) بحيث بدت ديجيتال كيفلار فرعا منها. منذ 2016 بدأت العلاقة تسوء بيننا لأسباب أحتفظ بها. وفي نهاية السنة قرّرت المغادرة.”.
سألناه عن عمليّات الإشهار الأسود (تشهير بالخصوم، كذب، هتك أعراض…) خلال حملة نبيل القروي الانتخابيّة فأجاب: “في الحقيقة، تلك كانت من الأشياء التي لم أرغب في سماعها…”.
لن أدافع على أحد، لكن يجب أن نفهم أن هناك حملة سياسية وصراعا بين متنافسين تستعمل فيه كلّ الأسلحة، وإن أنت ترفّعت عن بعض الأساليب واكتفيت باللعب النظيف فستخسر…
اسكندر بن حمدة (شريك سابق للطفي بالحاج)
إلى جانب هؤلاء، ضمّ الفريق أيضا سيف الدين بن فرج، وهو أحد نشطاء اعتصام القصبة حسب مصادرنا، والذي شغل خطّة مدير تقني بشركة L’agence لصاحبيها لطفي بالحاج وزوجته آمنة الرايسي (لعبت الشركة دورا كما رأينا في تمويل حملة نبيل القروي الانتخابية). وشغل أيضا خطّة مدير تقني بشركة U-Reputation إضافة إلى الاشتغال بشركة ديجيتال كيفلار الإسبانية.
كما قرّب بالحاج منه الناشط والفنّان الملتزم اليساري بيرم الكيلاني الشهير بـ”بندير مان” حيث جمعته به شراكة سنة 2018 وبداية 2019 من خلال شركة بوني آند كلايد. وقدّمه خلال الندوة التي نظّمتها مؤسسة LBH Fondation التابعة للطفي بالحاج، عن الاتصال السياسي في مارس 2019.
الطريف في الأمر أن “بندير مان” خلال هذه الندوة عبّر عن استيائه من وجود “مليون” حساب زائف في الفايسبوك، معتبرا ذلك أمرا مضرّا بالديمقراطية، مقترحا إمضاء ميثاق شرف رقمي مشترك بين كل الأحزاب.
الكتيبة اتّصلت ببيرم الكيلاني، الذي أوضح التالي:
على اسم زوج من اللصوص المشهورين في أمريكا قتلا على يد قوات إنفاذ القانون سنة 1934، وتحوّلا إلى أسطورة لدى الأمريكيين
العلاقة بيني وبين بالحاج لم تدم طويلا، إذ بدأت في ماي / أيار 2018 وانتهت في أفريل / نيسان 2019، باستعادتي لشركتي وذلك نتيجة خلافات ماليّة.
بيرم الكيلاني فنّان وشريك سابق للطفي بالحاج
المثير للاهتمام في الفريق الذي شكّله لطفي بالحاج حول نواة شركته U-Reputation خاصّة هو وجود عنصرين مرتبطين خلال فترة عملهما بالشركة بالهيئة العليا المستقلّة للانتخابات ISIE المشرفة كلّيا على الانتخابات التونسية خلال سنوات 2011، 2014 و2019.
الأوّل هو حمزة العكرمي المكلّف باليقظة الاستراتيجية Veille Stratégique في UReputation منذ جوان 2018، وفي ذات الوقت يشغل خطّة مساعد منسّق محلي بالهيئة العليا للانتخابات منذ جوان 2017 إلى الآن وفق حسابه في “لينكد إين”.
والعنصر الثاني المرتبط بهيئة الانتخابات في فريق لطفي بالحاج هو أحمد الهرمي، مستشار ويب (استراتيجي) بـUReputation منذ 2018 إلى الآن. وفي نفس الوقت إداري منذ 2011 ثم عون فرز منذ 2014 إلى حدود سنة مضت، بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وبالبحث في قواعد بيانات هيئة الانتخابات وقفنا على كون حمزة العكرمي كان قد شغل خطّة عضو بمكتب اقتراع بدائرة تونس 1 خلال انتخابات 2014. كما شغل أحمد الهرمي خطّة عضو مكتب اقتراع بدائرة أريانة خلال انتخابات 2014.
في سياق ردّه على المعطيات الاسبق ذكرها، يقول فيصل ضوّ مدير الإعلام والاتصال بالهيئة العليا المستقلّة للانتخابات:
“توظيف إداريّين وموظّفين صلب الهيئة يقتضي تفرّغا تامّا ولا يمكن أن يشغل شخص وظيفة بالهيئة وفي نفس الوقت في مؤسسة خاصّة، نظرا لأن عقد التشغيل بالهيئة يشمل التسجيل بمصالح الضمان الاجتماعي”.
مدير الإعلام بالهيئة لا ينفي إمكانيّة أن يكون هذان العنصران قد اشتغلا لحساب شركة خاصّة في الظلّ (دون عقد عمل مسجّل ورقم ضمان اجتماعي). مضيفا أنّ “موظّفي الهيئة يمضون التزاما بعدم القيام بأي عمل يؤدّي إلى تضارب مصالح أو المساس بسلامة العمليّة الانتخابيّة”. مؤكّدا أنّ “التثبّت من معطيات ونشاطات كلّ موظّف هي مهمّة مستحيلة”.
وحين توجّهنا بالسؤال إلى فريديريك غيلدوف، أقرّ بمعرفته بحمزة العكرمي الذي كان يمدّه في الاجتماعات الصباحية بتقارير المعلومات، لكنّه لم يتعرّف على أحمد الهرمي. وقد نفى علمه بكونهما يشتغلان في نفس الوقت لدى “يو ريبوتيشن” ولدى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. مضيفا بدعابة، انّه “من الخسارة أنّه لم يعلم في حينها وإلا لكان استفاد منهما”.
ولئن أغلقت شركة “يوريبوتيشن” U-Reputation أبوابها فعليّا في تونس، وتشتّت فريقها بين مغادر غاضب وبين مستمرّ مزروع في دول أخرى (اسبانيا – السينيغال…) فإنّ الشركة مازالت نشطة كمؤسّسة تونسية بل تفيد بعض المصادر أنها دعّمت حضورها المالي بالترفيع في رأس المال من 50 ألف دينار إلى نصف مليون دينار (150 ألف أورو) مع خلق نسخة احتياطيّة مخفيّة في قبرص بعد فضيحة “عمليّة قرطاج” (أنظر/ي مخطط الهندسة المالية أعلاه)، إلى جانب كوكبة من الشركات الأخرى التي سجّلها لطفي بالحاج في تونس وغيرها من الدول.
ورغم أنّ شركة فيسبوك أغلقت مئات الحسابات التي يديرها فريق لطفي بالحاج، إلاّ أنّ هذا الأخير ما يزال يحتفظ بالعشرات من الحسابات الناشطة على فيسبوك وانستغرام وتويتر لم تتفطّن لها هذه المنصّات وهي مسجّلة من تونس بأرقام هواتف تونسيّة توصّلنا إليها من خلال وثائق مسرّبة من الشركة، وقمنا بتحليل نشاطها المتركّز حاليا على دولتي الكونغو والسنغال.
يتنزّل هذا العمل الصحفي في إطار سلسلة من التحقيقات المترابطة التي يسعى من خلالها موقع الكتيبة الى اماطة اللّثام عن مجموعات الضّغط ومراكز النفوذ الخفيّة التي كان لها -وما يزال- دور مهمّ في توجيه الرأي العام والتلاعب به خلال المحطات الانتخابية في تونس وخارجها أيضا انطلاقا من تونس.
تمّت الاستعانة خلال اجراء البحث المتعلّق بالتحقيق بمشروع تغطية الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود OCCRP للاشارة فانّ موقع الكتيبة يحظى بالعضوية في هذه المنظمة.
يتنزّل هذا العمل الصحفي في إطار سلسلة من التحقيقات المترابطة التي يسعى من خلالها موقع الكتيبة الى اماطة اللّثام عن مجموعات الضّغط ومراكز النفوذ الخفيّة التي كان لها -وما يزال- دور مهمّ في توجيه الرأي العام والتلاعب به خلال المحطات الانتخابية في تونس وخارجها أيضا انطلاقا من تونس.
تمّت الاستعانة خلال اجراء البحث المتعلّق بالتحقيق بمشروع تغطية الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود OCCRP للاشارة فانّ موقع الكتيبة يحظى بالعضوية في هذه المنظمة.
الكاتب : معز الباي
الكاتب : معز الباي
صحفي مختصّ في الصحافة الاستقصائية، مكوّن صحفي، شغل عديد المواقع في مؤسسات إعلامية محلية وأجنبية.