مدينة فريتاون، عاصمة جمهورية سيراليون الواقعة على الساحل الجنوبي الغربي لغرب إفريقيا أين تحدّها شواطئ وجبال مليئة بالغابات، لتشبه تقريبا جزيرة قائمة بذاتها. يتمتّع موقع المدينة بمناظر طبيعية خلابّة ولكنّه يعزل في الآن ذاته العاصمة عن المناطق الداخلية للبلاد، وكذلك عن مطارها الدولي الوحيد.

تعدّ العبّارة بين المطار وشبه الجزيرة جزءا مهمّا من البنية التحتية الوطنية، إذ تقدّم خدمات لآلاف المواطنين السيرالينيين الذين لا يستطيعون تحمّل تكلفة سيارات الأجرة المائية باهظة الثمن.

بالرغم من ذلك، استمرّ استغلال هذا الخطّ بالاعتماد على قاربين قديمين متداعيين كانا يتعطّلان بشكل متكرّر.

نقاط أساسية:

خصّص صندوق استثمار ليبي حكومي 4 ملايين دولار لشراء عبّارة جديدة لفائدة سيراليون، في صفقة حامت حولها شبهات فساد تتمثل في أن أحد أقارب القذافي، ويُدعى عبد السلام أبو القاسم أبوغيلة، يشتبه في تورّطه بسرقة 1.4 مليون دولار من ذلك المبلغ واستخدم باقي الأموال لشراء عبّارة قديمة في حالة سيئة.

كان من المفترض أن يقوم مشروع مشترك بين أبوغيلة والحكومة الليبية بشراء العبّارة على أن تعود ملكية الأخيرة للحكومة الليبية، لكن الأموال المخصصة للصفقة تمّ إرسالها إلى حسابه البنكي الشخصي واشترى قاربا قديما عبر شركته “الأوفشور” المسجلة في البنما.

في صفقة منفصلة، أُتّهم أبوغيلة بالفشل في سداد قرض قيمته 7 ملايين دولار من صندوق حكومي.

تعثّرت جهود استعادة أموال العبّارات المفقودة بسبب الفوضى التي أحاطت بالحرب الأهلية في ليبيا والخلافات بين الفصائل حول الجهة التي تسيطر على استثمارات الدولة الليبية.

مدينة فريتاون، عاصمة جمهورية سيراليون الواقعة على الساحل الجنوبي الغربي لغرب إفريقيا أين تحدّها شواطئ وجبال مليئة بالغابات، لتشبه تقريبا جزيرة قائمة بذاتها. يتمتّع موقع المدينة بمناظر طبيعية خلابّة ولكنّه يعزل في الآن ذاته العاصمة عن المناطق الداخلية للبلاد، وكذلك عن مطارها الدولي الوحيد.

تعدّ العبّارة بين المطار وشبه الجزيرة جزءا مهمّا من البنية التحتية الوطنية، إذ تقدّم خدمات لآلاف المواطنين السيرالينيين الذين لا يستطيعون تحمّل تكلفة سيارات الأجرة المائية باهظة الثمن.

بالرغم من ذلك، استمرّ استغلال هذا الخطّ بالاعتماد على قاربين قديمين متداعيين كانا يتعطّلان بشكل متكرّر.

نقاط أساسية:

خصّص صندوق استثمار ليبي حكومي 4 ملايين دولار لشراء عبّارة جديدة لفائدة سيراليون، في صفقة حامت حولها شبهات فساد تتمثل في أن أحد أقارب القذافي، ويُدعى عبد السلام أبو القاسم أبوغيلة، يشتبه في تورّطه بسرقة 1.4 مليون دولار من ذلك المبلغ واستخدم باقي الأموال لشراء عبّارة قديمة في حالة سيئة.

كان من المفترض أن يقوم مشروع مشترك بين أبوغيلة والحكومة الليبية بشراء العبّارة على أن تعود ملكية الأخيرة للحكومة الليبية، لكن الأموال المخصصة للصفقة تمّ إرسالها إلى حسابه البنكي الشخصي واشترى قاربا قديما عبر شركته “الأوفشور” المسجلة في البنما.

في صفقة منفصلة، أُتّهم أبوغيلة بالفشل في سداد قرض قيمته 7 ملايين دولار من صندوق حكومي.

تعثّرت جهود استعادة أموال العبّارات المفقودة بسبب الفوضى التي أحاطت بالحرب الأهلية في ليبيا والخلافات بين الفصائل حول الجهة التي تسيطر على استثمارات الدولة الليبية.

بدأت قصّة سيراليون وسفنها المتداعية بعيدا عن تلالها الخصبة ، وبالتحديد على بعد أكثر من 2000 ميل، في الصحاري الغنية بالنفط في ليبيا، أين كان الدكتاتور السابق معمّر القذافي يحلم آنذاك ببناء تحالف إفريقي كبير.

كان من المفترض أن تساهم العبّارات في تحقيق رؤية القذافي من خلال استثمار ثروة ليبيا النفطية في البلدان الأفريقية الأكثر فقرا مثل سيراليون التي مزقتها الحرب. عوضا عن ذلك، تحوّلت القصّة إلى رمز للمحسوبية والمحاباة التي استنزفت المليارات من الأموال العمومية الليبية في عهد القذافي وساهمت في تغذية السخط الذي كان وراء انتفاضة 2011 والتي أدت إلى الإطاحة به.

معمر القذافي، زعيم ليبيا من 1969 إلى 2011

المصدر: صورة للبحرية الأمريكية بواسطة اختصاصي الاتصال الجماهيري من الدرجة الثانية جيسي بي أوالت، ويكيميديا كومنز

معمر القذافي، زعيم ليبيا من 1969 إلى 2011

المصدر: صورة للبحرية الأمريكية بواسطة اختصاصي الاتصال الجماهيري من الدرجة الثانية جيسي بي أوالت، ويكيميديا كومنز

بالاعتماد على وثائق سرية وسجلات مصرفية، بالإضافة إلى شكايات لدى محكمة في بلجيكا، اكتشف مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد OCCRP كيف كان صهر القذافي، عبد السلام أبوالقاسم أبوغيلة، وهو جنرال ليبي أصبح رجل أعمال، في صميم ما تدعي السلطات الليبية أنه مخطط لسرقة جزء كبير من الاستثمار المخصص لشراء العبّارة. اكتشف الصحفيون كذلك قضيّة مُنفصلة اتُهمت فيها شركة أبوغيلة بالفشل في سداد قرض قيمته 7 ملايين دولار من السلطات الليبية.

تبيّن هذه القضايا مجتمعة الآليات الغامضة للكسب غير المشروع في عهد القذافي، وكيف أدّت عواقب هذا الكسب غير المشروع إلى تعقيد هذا الصراع من أجل السيطرة على الأصول الكبيرة للبلاد خلال الحرب الأهلية التي أعقبت سقوط الدكتاتور.

يقول الباحث في مركز الأبحاث “تشاتام هاوس” الموجود في لندن، تيم إيتون، إن الأصول الأجنبية التي يسيطر عليها صندوق الثروة السيادي الليبي يُنظر إليها غالبا على أنها “وسيلة للوصول إلى الإثراء الشخصي للنخب وعملة لعقد الصفقات السياسية”.

وأضاف في حديثه لـOCCRP “السبب الذي يجعل هذه الأصول مرغوبا فيها هو أنها توفر طريقا لنقل الأموال إلى خارج الحدود في مناطق تُعتبر أكثر أمانا، حيث توفر أمنا أكبر لعائلاتهم”.

لم يتسنّ الوصول إلى أبوغيلة للتعليق. وقال محاميه لـOCCRP إنه لا يمكنه التعليق على الأمور السرية المتعلّقة بحريفه. كما امتنعت السلطات البلجيكية عن التعليق. ولم تردّ الشركات المعنية التابعة للدولة الليبية على الأسئلة.

فضيحة العبّارة

في أواخر التسعينات، ومع انهيار حلمه في تحقيق الوحدة العربية، انتقل القذافي إلى رؤية جديدة، أساسها الوحدة الإفريقية.

كجزء من تحقيق هذا الهدف، أطلقت حكومة القذافي، في 2006، محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار (LAIP) – وهي تابعة لصندوق الثروة السيادي في البلاد، أي هيئة الاستثمار الليبية. وفوضتها لاستثمار ثروة البلاد المتأتية من النفط في مشاريع في جميع أنحاء إفريقيا. وقد أحدثت الشركات التابعة لمحفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار فروعا في غانا وتشاد وليبيريا ودول أخرى في إفريقيا.

ورغم أن الهدف الظاهر كان تحقيق النمو الاقتصادي وتحسين البنية التحتية للقارة الإفريقية، فقد تمّ في الحقيقة استخدام محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار لزيادة ولاء القادة الأفارقة.

يقول إيتون: “إذا نظرت إلى تاريخ المحفظة فستجد أنها سياسية للغاية”. ويبيّن نفس المتحدث أنه لم يتمّ إدماج محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار في صندوق الثروة السيادي الليبي، الهيئة الليبية للاستثمار، إلا في عام 2010، وأنه حتى في ذلك الوقت لم يكن إدماجها حقيقيا.

بدت سيراليون، التي كانت تتعافى آنذاك من حرب أهلية دامت 11 عاما وتحتاج بشدّة إلى الاستثمار الأجنبي، وجهة مثالية لاستثمارات محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار. كما كان لليبيا وجود هناك، إذ قدّمت طرابلس في عام 2004 عبّارة إلى سيراليون تحمل اسم “ام في مورزوك” (MV Murzuk).

ركاب على متن عبّارة إم في مورزوك في 2022

OCCRP : المصدر

ركاب على متن عبّارة إم في مورزوك في 2022

OCCRP : المصدر

كانت شركة “أفريمبيكس للملاحة المحدودة” (Afrimpex Navigation Co.Ltd)، وهي شركة فرعية تابعة لشركة مالطية تحمل الاسم نفسه، تدير العبّارة، علما وأن أحد أقرباء القذافي، وهو أبوغيلة، يسيطر على هذه الشركة.

في مارس/ آذار من عام 2008، توجّه أبوغيلة بمراسلة إلى محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار أوصى فيها بإضافة عبّارة ثانية إلى الخطّ لتخفيف العبء على السفينة الأولى.

دخلت محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار في أعمال تجارية مع أبوغيلة، زوج أخت زوجة القذافي الأولى، ووافقت على استثمار 4 ملايين دولار لشراء عبّارة جديدة، على أن تصبح شريكة له في نسخة جديدة من شركة أفريمبيكس التي كان أبوغيلة قد أسّسها في بلجيكا.

يمتلك أبوغيلة ثلاثة أرباع شركة أفريمبيكس البلجيكية، بينما تمتلك شركة تابعة لمحفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار، تسمى الشركة الليبية الإفريقية للاستثمار “لايكو” (Laico)، الحصص المتبقية، الأمر الذي جعل الصندوق الحكومي شريكا رسميا في المشروع.

تمّ توقيع الصفقة في جوان/ حزيران 2008 من قبل المدير العام لمحفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار بشير صالح بشير، والذي كان يُعرّف في كثير من الأحيان بكنيته “مصرفيُّ القذافي”، وهو ينحدر من المنطقة الليبية الجنوبية ذاتها التي يأتي منها أبوغيلة.

نصّت شروط الصفقة على أن تقوم شركة أفريمبيكس البلجيكية بإتمام عمليات شراء العبّارة وتشغيلها ودفع 60% من الأرباح الصافية إلى محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار التي تحتفظ بملكية العبّارة باعتبار أنها ممولة صفقة شرائها.

ولكن، عوضا عن ذلك، تمّ إيداع الـ4 ملايين دولار التي أرسلتها محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار لشراء العبّارة في الحساب الشخصي لأبوغيلة في مالطا، وليس في الحساب البنكي لشركة أفريمبيكس.

تمّ لاحقا شراء العبّارة بواسطة شركة تحمل اسم “المحيط”، وهي شركة أفشور (خارج الحدود) مسجلة في بنما يسيطر عليها أبوغيلة، عوضا عن أفريمبيكس، وذلك وفق ما تظهره وثائق تحصّلت عليها OCCRP، إلى جانب قضيّة تقدمت بها محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار لدى محكمة بلجيكية.

“سرق أبوغيلة 1.4 مليون دولار من الأموال التي أرسلتها إليه الحكومة الليبية لشراء العبّارة”

على الرغم من تخصيص 4 ملايين دولار لشراء العبّارة، أظهرت كشوفات بنكية أن أبوغيلة دفع 1.75 مليون يورو فقط (2.6 مليون دولار) ثمن القارب، تمّ إرساله على قسطين، أحدهما من حسابه البنكي الشخصي والثاني عبر شركته الأوفشور.

أظهر بيان التسليم المادي للقارب عكس ما تمّ الاتفاق عليه مسبقا، حيث تمّ إدراج المالك الأصلي على أنه “شركة المحيط” المملوكة من أبو غيلة وليس محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار.

بعد فترة وجيزة من دفع المبلغ، أبرم أبوغيلة اتفاقية لشركة أفريمبيكس نافيغايشن كو ال تي دي المسجّلة في مالطا لاستئجار العبّارة من شركة المحيط مقابل 120 ألف دولار سنويا من 2010 حتى 2014.

هذا يعني أن الأمر لم يقتصر على أن أبوغيلة الذي سرق 1.4 مليون دولار من الأموال التي أرسلتها إليه الحكومة الليبية لشراء العبّارة، ولكنّه رتّب أيضا سرّا لشركته خارج الحدود (أوفشور) لامتلاك السفينة وكسب المال عن طريق تأجيرها مرّة أخرى إلى المشروع المشترك الذي كان من المفترض أن يمتلكها.

امتنع محامي أفريمبيكس عن التعليق. ولم يتسنّ الوصول إلى أبوغيلة للحصول على تعليق منه.

الصراع بين الفصائل

في 2012، بعد حوالي عام من سقوط القذافي، عيّنت الحكومة الليبية المؤقتة رئيسا جديدا للإشراف على صندوق الثروة السيادي الليبي. وقام بفتح عدّة تحقيقات في مزاعم فساد في عهد القذافي.

لوهلة، بدا أن أبوغيلة قد يُحاسب. في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، بعد إجراء تحقيق خاص حول ملكيّة العبّارة، اكتشفت محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار أن الأموال الخاصة بالعبّارة قد أودعت في حسابات أبوغيلة البنكية الخاصة. كما طلبت شركة لايكو من شركة أفريمبيكس البلجيكية سداد مدفوعات قرض قيمته 7 ملايين دولار كان الصندوق قد قدّمه للشركة في 2007، وكان من المفترض أن يتمّ سداده بفائدة.

لكن بعد ذلك، انحرفت السياسة الليبية مرّة أخرى عن مسارها وأدخلت منعطفا آخر في ملحمة العبّارة، وأبعدت الضغوط عن أبوغيلة.

انتقلت قيادة المؤسسة الليبية للاستثمار إلى مالطا. بعد ذلك، في 2015، ظهرت قيادة أخرى للمؤسسة في طرابلس وبدأت تُنافس المؤسسة الأولى على الشرعية.

بدأت ليبيا في الانزلاق إلى جولة جديدة من الحرب الأهلية. شرعت الفصائل السياسية المتنافسة، المدعومة من قبل ميليشيات مختلفة، في الصراع من أجل الهيمنة، ممّا أدّى إلى تقسيم البلاد فعليا إلى قسمين. كما ظهرت نسخ متنافسة من مؤسسات الدولة.

انتقلت قيادة المؤسسة الليبية للاستثمار إلى مالطا. بعد ذلك، في 2015، ظهرت قيادة أخرى للمؤسسة في طرابلس وبدأت تُنافس المؤسسة الأولى على الشرعية.

ظهرت كذلك مجموعات مختلفة من المطالبين بمحفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار ولايكو، بعضها في مالطا والبعض الآخر في طرابلس. ولهذه المجموعات في الغالب ولاءات وعلاقات غير واضحة ومتغيّرة مع بعضها البعض.

قال أنس القماطي، مؤسس معهد “صادق” وهو مركز أبحاث يركّز على ليبيا، لـOCCRP، إن الانقسامات داخل صندوق الثروة السيادي الليبي، منحت وقتا وحجج إنكار معقولة للدول والشركات وصناديق التحوّط التي اختلست الأموال الليبية، لتصبح هذه الأطراف قادرة على استغلال أزمات ليبيا”.

وأضاف “هذا الانقسام أدى أيضا إلى تسريع ظاهرة اقتصادية كانت موجودة بالفعل وهي الفساد”.

في خضمّ هذه الخلافات على القيادة، وافق فصيل من أعوان شركة لايكو على شراء أسهم من شركة أفريمبيكس، قبل أن تطعن مجموعة منافسة في هذه الخطوة، مما أدى إلى دعوى قضائية في بلجيكا انطلقت عندما قدّموا طلبا إلى البنك البلجيكي “كاي بي سي” (KBC Bank S.A) لتجميد حسابات أفريمبيكس.

وطلبوا من البنك مصادرة مبلغ قيمته 4 ملايين دولار الذي دفعته الحكومة الليبية مقابل العبّارة، بالإضافة إلى القرض البالغ 7 ملايين دولار والذي لم تسدّده أفريمبيكس أبدا.

“الانقسام داخل صندوق الثروة السيادي الليبي أدى إلى تسريع ظاهرة اقتصادية كانت موجودة بالفعل وهي الفساد”

أنس القماطي

استمرّت الانقسامات في ليبيا. وفي 2019، بدأت مجموعة أخرى من المسؤولين تقول إنهم في الواقع الخلفاء الشرعيون لشركة لايكو التي أقرضت الأموال. وراسل هؤلاء المسؤولون الشرقيون المسؤولين البلجيكيين يحذرونهم من “شركات تنتحل الصفة” وتحاول “نهب الأموال الليبية في الخارج”.

وقال القماطي إن الانقسام الشديد في ليبيا أدى إلى تغيير أولوية المؤسسة الليبية للاستثمار والشركات التابعة لها من ضمان استمرارية نموها، أو على الأقل استقرار الأصول العمومية في ليبيا، والسؤال الأعمق “هل كان هناك أي استخدام غير قانوني للأموال الليبية”، إلى سؤال جديد وهو “أي شرعية للهيئة الليبية لطرح الأسئلة؟”.

في ظلّ هذه الفوضى، أبرم أبوغيلة صفقة البيع مع إحدى فصائل شركة لايكو. وقد أدى ذلك إلى حصوله على دفعة أخيرة من الأموال، إذ تحصّل على 450 ألف يورو كتعويض عن الرواتب غير المدفوعة والمكافآت المستحقة له، وعلما وأن قيمة المبلغ الذي تم دفعه لشراء أسهم أفريمبيكس غير واضح.

أظهر اتفاق سابق أن محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار كان من المفترض أن تستحوذ أيضا على عبّارة فريتاون، التي كانت تملكها شركة المحيط الخاضعة لسيطرة أبوغيلة. لكن من غير الواضح كيف تمّ حلّ هذا الأمر في الاتفاق النهائي. اليوم يتمّ تشغيل العبّارتين فريتاون وموزورك من قبل شركة أفريمبيكس نافيغايشن المسجّلة في سيراليون والتي تملكها شركة لايكو، لكن هيكلة الملكية الدقيقة للعبّارتين غير واضحة.

لم يستجب أبوغيلة لعدة طلبات للتعليق، ومكان تواجده الحالي غير معروف. في المقابل، دافع إبراهيم الدنفور، المسؤول بشركة لايكو والذي عقد الصفقة مع أبوغيلة، عن عملية الشراء. وقال إنه قد تمّ منع لايكو من القيام بدور فعال في شركة أفريمبيكس أو استرداد الفائدة على القرض الذي تبلغ قيمته 7 مليون دولار، لأن أبوغيلة تولى “السيطرة من جانب واحد” على المشروع المشترك وسط الفوضى التي حدثت في السنوات القليلة الماضية.

وأضاف “نعتقد أن شراء أسهم أبوغيلة كان الخطوة الصحيحة”.

على الرغم من ذلك، يصرّ خصوم الدنفور على أن وضعيته كرئيس لشركة لايكو غير شرعية وأنه لا يتمتع بالحق في إبرام الصفقة. في 2020، راسل ممثل عن الفصيل المعارض للدنفور السلطات البلجيكية ليشتكي من عملية شراء الأسهم، وسعى مرّة أخرى إلى تجميد أصول شركة أفريمبيكس.

لكن يبدو أن ادعاءاتهم لم تتوصل إلى الخروج بحلّ. فقد باتت القضايا في أدراج المحاكم البلجيكية، بعد أن تمّ شطبها من جدول الأعمال حيث لم يتقدّم أي من طرفي النزاع بطلب منذ عدّة سنوات.

فيما يتعلّق بالعبّارة الواقعة في قلب النزاع، فقد ظهرت على السفينة “ام في فريتاون” علامات تدهور لسنوات، ويعود ذلك جزئيا إلى نقص واضح في الصيانة. وذكرت وسائل إعلام محلّية أن عطبا وقع في 2019 وترك الركاب عالقين في المياه لمدة تزيد عن 5 ساعات.

خضعت العبّارة مؤخرا لعمليات إصلاح في حوض بناء السفن في منتصف 2020، لكنها استمرّت في مواجهة صعوبات وتمّ إرسالها إلى ساحة خردة. دفع هذا الأمر المسافرين إلى الاعتماد على سفن مثل “ام في مورزوك” التي تجاوز عمرها 3 عقود.

استمرّ استغلال “ام في فريتاون” لتقديم بعض الخدمات على الرغم من أن هذا الاستغلال لم يكن كما كان مخططا له. استقرّت العبّارة في ساحة خردة في ضواحي عاصمة سيراليون، ويبدو أنها أصبحت موطنا لفاقدي المأوى. عندما زار أحد المراسلين الصحفيين مكان السفينة في نوفمبر/ تشرين الثاني، وجد ملابس تجفّ على القارب. قبل أن يتمكّن من الاقتراب، وصل مدير أفريمبيكس وطُلب منه المغادرة.

تمّ تشغيل سفينة فريتاون المتداعية مرّة أخرى في أوائل 2023، لكنها سرعان ما تعطّبت، ووجد المسافرون أنفسهم عالقين في البحر لمدة ساعات وذلك في شهر مارس/ آذار، وفقا لوسائل إعلام محلية.

كلمة الكتيبة:

يندرج هذا التحقيق ضمن سلسلة مقالات يعكف على إنجازها موقع الكتيبة بالشراكة مع الـOCCRP حول أوجه الفساد السياسي أثناء وبعد مرحلة حكم العقيد معمر القذافي في ليبيا التي تُصنّف وفق منظمة الشفافية الدولية ضمن قائمة الدول العشر الأكثر فسادا.

كلمة الكتيبة:
يندرج هذا التحقيق ضمن سلسلة مقالات يعكف على إنجازها موقع الكتيبة بالشراكة مع الـOCCRP حول أوجه الفساد السياسي أثناء وبعد مرحلة حكم العقيد معمر القذافي في ليبيا التي تُصنّف وفق منظمة الشفافية الدولية ضمن قائمة الدول العشر الأكثر فسادا.

الكاتب : سناء السبوعي

OCCRP

الكاتب : خديجة شريف

OCCRP

الكاتب : مصطفى سيساي

الكاتب : مصطفى سيساي

alqatiba

الكاتب : خديجة شريف

OCCRP

alqatiba

الكاتب : سناء السبوعي

OCCRP

alqatiba