الكاتب : نور الفارسي
صحفي وطالب ماجستير صحافة استقصائية بجامعة منوبة
“ما إن توفّي والدنا حتى قال لنا عمّنا الحبيب خماخم إنّ محطّة البنزين باتت ملكه وحده وإنّه لم يتبقّ لنا أي شيء عنده .. لقد استعمل نفوذه للاستقواء علينا محاولا حرماننا من الميراث الذي هو حقّ قانوني وشرعي”.
بنبرة تخفي الكثير من الحزن والخيبة، تحدّث أحد أفراد عائلة المستشار البلدي السابق في بلدية ساقية الزيت الحبيب خماخم -طلب عدم كشف هويته- عمّا قام به هذا الأخير بعد وفاة شقيقه الذي كان شريكا له في وكالة مركز “توتال ” ساقية الزيت وكيفية استيلائه على حقوق أبناء أخيه.
في 2019، توفّي شقيق الحبيب خماخم لتنتهي بذلك شراكة جمعت الشقيقين في وكالة شركة “توتال” في مسقط رأسيهما ساقية الزيت من ولاية صفاقس التونسيّة، خاصّة بعد أن سعى عضو المجلس البلدي إلى السيطرة على المشروع وإقصاء أبناء أخيه المتوفى من الشركة، مستغلّا نفوذه في المجلس البلدي، بحسب ما أكّده لموقع الكتيبة مصدر من العائلة.
دفع هذا الخلاف العائلي حول الإرث شركة “توتال” إلى استرجاع محطّتها من عائلة خماخم، وفقا لذات المصدر.
شغل الوكيل السابق لمركز “توتال” ساقية الزيت الحبيب خماخم منصب مستشار ورئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية ومتابعة التصرّف ببلدية ساقية الزيت، وهي مدينة تونسية تقع في ولاية صفاقس في الجنوب الشرقي من البلاد التونسية حيث تعدّ العاصمة الاقتصادية.
الكاتب : نور الفارسي
صحفي وطالب ماجستير صحافة استقصائية بجامعة منوبة
“ما إن توفّي والدنا حتى قال لنا عمّنا الحبيب خماخم إنّ محطّة البنزين باتت ملكه وحده وإنّه لم يتبقّ لنا أي شيء عنده .. لقد استعمل نفوذه للاستقواء علينا محاولا حرماننا من الميراث الذي هو حقّ قانوني وشرعي”.
بنبرة تخفي الكثير من الحزن والخيبة، تحدّث أحد أفراد عائلة المستشار البلدي السابق في بلدية ساقية الزيت الحبيب خماخم -طلب عدم كشف هويته- عمّا قام به هذا الأخير بعد وفاة شقيقه الذي كان شريكا له في وكالة مركز “توتال ” ساقية الزيت وكيفية استيلائه على حقوق أبناء أخيه.
في 2019، توفّي شقيق الحبيب خماخم لتنتهي بذلك شراكة جمعت الشقيقين في وكالة شركة “توتال ” في مسقط رأسيهما ساقية الزيت من ولاية صفاقس التونسيّة، خاصّة بعد أن سعى عضو المجلس البلدي إلى السيطرة على المشروع وإقصاء أبناء أخيه المتوفى من الشركة، مستغلّا نفوذه في المجلس البلدي، بحسب ما أكّده لموقع الكتيبة مصدر من العائلة.
دفع هذا الخلاف العائلي حول الإرث شركة “توتال ” إلى استرجاع محطّتها من عائلة خماخم، وفقا لذات المصدر.
شغل الوكيل السابق لمركز “توتال ” ساقية الزيت الحبيب خماخم منصب مستشار ورئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية ومتابعة التصرّف ببلدية ساقية الزيت، وهي مدينة تونسية تقع في ولاية صفاقس في الجنوب الشرقي من البلاد التونسية حيث تعدّ العاصمة الاقتصادية.
كان خماخم قد ترشّح عن القائمة المستقلّة “الساقية المزيانة” خلال الانتخابات البلدية لسنة 2018. وفي 2022، ترشّح مرّة أخرى وتمكّن من الفوز مجدّدا في انتخابات بلدية جزئية عن قائمة “اليد في اليد” المستقلّة. إلاّ أنّ هذه التجارب البلدية لم تكن الأولى بالنسبة الى خماخم، الذي كان قد قضّى عديد السنوات مستشارا بلديا خلال فترة نظام زين العابدين بن علي.
في حقيقة الأمر، وعلى الرغم من السنوات العديدة التي قضّاها خماخم كمسؤول بلدي في الجهة لاسيما بعد الثورة في 2011 والتي تقدّم فيها بالعديد من الوعود الانتخابية ذات العلاقة بخدمة الصالح العام والاستحقاقات التنموية بالمنطقة، إلا أنّ الإنجاز الوحيد تقريبا المسجلّ في أرشيف الرجل هو استغلال النفوذ ووضع نفسه في وضعية تضارب مصالح مفضوحة من أجل تحقيق مكاسب خاصة، ضاربا بعدد من الإجراءات القانونية عرض الحائط، وهو ما ستبيّنه المعطيات التي سيكشف عنها هذا التحقيق.
قرار على المقاس
إثر قرار شركة “توتال ” بسحب الوكالة من العائلة، تقدّم الحبيب خماخم بطلب رخصة بناء محطّة بيع وقود لمصالح بلدية ساقية الزيت يوم 11 أوت/ آب 2021، تمّ عرضها على لجنة البناء التي قرّرت رفض منحه الرخصة لعدم احترام مثال التهيئة المصادق عليه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 من طرف المجلس البلدي.
ينصّ مثال التهيئة على وجوب تركيز محطّات الخدمات على مسافة لا تقلّ عن 200 متر بين المحطّة والأخرى، في حين أنّ قطعة الأرض التي يعتزم خماخم بناء محطّة عليها لا تبعد سوى حوالي 90 مترا عن محطّة “توتال “، التي كانت على ملكه سابقا بالشراكة مع شقيقه الراحل.
بعد أيام قليلة من قرار الرّفض، وتحديدا في 14 أوت/ آب 2021، قدّم خماخم طلبا لإعادة النظر في الملف يتعلّق بإمكانية تنقيح جزئي لمثال التهيئة العمرانية، وذلك عبر حذف شرط المسافة الفاصلة بين محطتي بيع الوقود.
اتخذ المجلس البلدي حينها قرارا يقضي بالمراجعة الجزئية وحذف المسافة الفاصلة بين محطتي خدمات وتوزيع الوقود، الأمر الذي جعل الحبيب خماخم محلّ شبهة تضارب مصالح كعضو مجلس بلدي في ذلك الوقت.
يتمثّل دور البلدية في إسناد رخصة بناء محطة وقود باعتبارها جهة إدارية تسهر على تنظيم التنمية العمرانية، ويتمّ من خلالها تحديد المناطق المسموح بها لبناء المحطات وفقًا للخطط التنموية والتهيئة الترابية للمنطقة.
كما تتحمّل البلدية مسؤولية التحقّق من استيفاء المتقدّمين للحصول على رخصة بناء المحطّة لجميع المتطلبات القانونية والإدارية والتقنية المطلوبة، وتأمين الشروط اللازمة لحماية البيئة والصحة العامة وسلامة الطرق والمواطنين. لكن في المقابل تمّ الانحراف بالمعمول به لتؤول الأمور في اتجاه إسناد رخصة بناء محطة وقود لفائدة عضو مجلس بلدي مخالفة للشروط المعمول بها في قضيّة الحال.
رخصة محطة وقود مقابل إزاحة رئيس البلدية
اتّصل موقع الكتيبة بالعضو السابق في المجلس البلدي محمد كمّون الذي اتّهم الحبيب خماخم بالابتزاز والضغط على أعضاء المجلس من أجل التصويت لفائدته بخصوص حذف شرط المسافة الفاصلة بين محطّتي وقود، مقابل مشاركته في سحب الثقة من رئيس البلدية السابق كمال العلوش وهو ما وقع بالفعل.
يؤكد محمد كمون أنّ تضارب المصالح حاصل بلا أدنى شك قائلا:” تضارب المصالح حاصل بشكل قاطع… من المفترض أن يتضمّن مثال التهيئة بين المحطة والأخرى مسافة فاصلة تبلغ 200 متر على الأقل… وقع التغاضي عن هذا الشرط لفائدة عضو مجلس بلدي وإقامة جلسة استثنائية قبل أن يقع حلّ المجلس البلدي… وقع اقتراحه في مجلس بلدي، اقتراح استثنائي لمساعدته في الحصول على رخصة لافتتاح محطة وقود جديدة”.
وقع التغاضي عن هذا الشرط لفائدة عضو مجلس بلدي وإقامة جلسة استثنائية قبل أن يقع حلّ المجلس البلدي.
محمد كمون
رحمة عبد المولى عضو المجلس البلدي السابق، التي تعدّ من القلائل الذين عارضوا بوجه مكشوف هذا القرار المشبوه، أكّدت هي الأخرى صحّة المعطيات السابق ذكرها:
” لو كان مواطنا عاديا لما كانت له نفس الحظوظ…كنت غاضبة جدا من الأمر…عندما كنت مستشارة لم أتجرأ على القيام بأشياء قانونية من حقي الحصول عليها على عكس خماخم الذي قام بخرق القانون وإنشاء قانون على مقاسه ويتمّ التصويت لصالحه…من الواضح أن القرار كان على مقاس خماخم”.
في السياق ذاته، قرّر البعض الآخر من المستشارين البلديين عدم الخوض في مثل هذه الاقتراحات، حيث صرّحت المستشارة السابقة ليلى اللحياني بأنّها تعارض كل ما هو متعلّق بمصلحة خاصة.
وتضيف اللحياني قائلة:
قاطعنا كلّ نقطة مخالفة للقانون .. كنت موجودة في الجلسة عندما علمت أنّ هذه النقطة سوف تعرض، غادرت المكان…أولئك الذين حضروا هم بعض الأعضاء الموافقين على هذا الأمر، بالنسبة إلينا نقاطع الجلسة عندما لا نوافق على فحواها.
المستشارة السابقة ليلى اللّحياني
جدير بالذكر أنّ القانون عدد 46 لسنة 2018 المؤرخ في 1 أوت 2018 والمتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، يعرّف تضارب المصالح بالوضعية التي يكون فيها للشخص الخاضع لأحكام هذا القانون “مصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة يستخلصها لنفسه أو لغيره، تؤثر أو من شأنها أن تؤثر على أدائه الموضوعي والنزيه والمحايد لواجباته المهنية.”
ويتعيّن على الأعوان العموميين، وفق القانون ذاته، عند وجود شبهة تضارب مصالح، أثناء ممارسة واجباتهم المهنية، “إعلام الرئيس المباشر أو سلطة الإشراف بحسب الحالة إن وجدت. كما يجب عليهم الامتناع عن أخذ القرار أو المشاركة في اتخاذه إذا علموا أنّهم باتخاذهم للقرار أو بالمشاركة في اتخاذه يكونون في وضعية تضارب مصالح” وفق نص القانون.
ويمكن أيضا لأي شخص أن يبادر بتقديم إشعار إلى الرئيس المباشر أو سلطة الإشراف بوجود احتمال تضارب مصالح لشخص راجع إليهم بالنظر في خصوص قرارات تتطلب التصويت. ويتم في هذه الحالة إعلام المعني بمضمون الإشعار قبل التصويت. وينطبق على الشخص المبادر بالاشعار التشريع الجاري به العمل المتعلق بحماية المبلغين عن الفساد.
تضارب المصالح حاصل بشكل قاطع…من المفترض أن يتضمّن مثال التهيئة بين المحطة والأخرى مسافة فاصلة تبلغ 200 متر على الأقل.
محمد كمون عضو سابق بالمجلس البلدي
كما ينصّ القانون أيضا على أنّه يتعيّن على سلطة الإشراف أو الرئيس المباشر إذا تبيّن له أنّ الشخص الراجع إليه بالنظر في وضعية تضارب مصالح ولم يعلم بذلك، اتخاذ الإجراءات الضرورية لوضع حد لهذه الوضعية.
يضيف الباحث المتخصص في مكافحة الفساد نزار البركوتي انّه “من الواضح أن هذا الشخص يعلم بالإجراءات والتدابير القانونية الموجودة بمثال التهيئة العمرانية، وقام بتغييرها لخاصة نفسه…كما أنه أقدم على الحضور في المداولات، وأثّر على القرار بابتزاز زملائه -انطلاقا من شهادة زميله- هو فعلا كان فاعلا إيجابيا بالحضور وبالضغط على زملائه بالمجلس خاصة بفعل الابتزاز من أجل الإطاحة برئيس البلدية لينتفع لاحقا بتغيير مثال التهيئة العمرانية والحصول على رخصة بناء محطة بيع وقود”.
تجدر الإشارة إلى أنّ موقع الكتيبة كان قد قام بالاتصال بالعديد من زملاء الحبيب خماخم من أعضاء المجلس البلدي السابق، الذين أكدوا أنّه لم يقم بالتصويت في الغرض لكنّه كان موجودا بالمداولات يومها، مشدّدين أنّ هذا لا يحجب تضارب المصالح.
في هذا الإطار، يقول الباحث الأكاديمي نزار البركوتي صاحب كتابي “مكافحة الفساد في القطاع العامّ في تونس” و”المختصر المفيد في تضارب المصالح” إنّ هذه الحالة هي حالة كلاسيكية وتقليدية في تضارب المصالح، حيث تجتمع فيها كلّ الشروط، باعتبار أنّ الحبيب خماخم استغلّ موقعه الوظيفي ومكانته الانتخابية كممثل للناس داخل المجلس البلدي لكي يتحصل على منافع خاصة، وأثّر في مجريات اتخاذ القرار بالحضور وبالضغط والابتزاز مع بقيّة الأعضاء وفق تأكيدات عدد من المستشارين الذّين تحدّثنا اليهم. علاوة على أنّه إذا كان النقاش يؤدي للتصويت فإن المشاركة في النقاش قد ينبثق عنها تأثير على مجرى القرار، وفق محدّثنا.
دوس على قرار المحكمة الإدارية
على إثر إسناد رئيس بلدية ساقية الزيت السابق عيسى شطورو (الفائز بالإنتخابات الجزئية بعد الإطاحة بكمال العلوش)، رخصة بناء محطة بيع وقود لفائدة الحبيب خماخم وشركة “فيفو إينرجي” (شركة شال)، تقدمت شركة “توتال ” بطلب للدائرة الابتدائية للمحكمة الإدارية بصفاقس -تحصل موقع الكتيبة على نسخة من وثائقه- لإيقاف قرار رئيس البلدية عيسى شطورو.
وقرّرت المحكمة قبول الطلب والإذن بإيقاف قرار شطورو الذي كان قد صدر في 27 جويلية/ تموز 2022، وذلك لعدّة أسباب أهمها أن قرار المراجعة الجزئية لمثال التهيئة العمرانية لبلدية ساقية الزيت المتعلّق بحذف شرط المسافة الفاصلة بين محطتي خدمات توزيع الوقود لم يستوف إجراءات تنسيق الإدارات المركزية ومصالحها الخارجية والمؤسسات و المنشآت العمومية مع البلديات في مجال إعداد ومراجعة أمثلة التهيئة العمرانية والمصادقة عليها المضبوطة بالأمر الحكومي عدد 926 لسنة 2020 المؤرخ في 25 نوفمبر 2020.
ويضيف خماخم :” لا توجد وضعية تضارب مصالح… لم أكن موجودا خلال التصويت على المسألة، كنت خارج القاعة… إذا كنت قد استعملت نفوذي لكنت تحصّلت على الرخصة منذ سنة 2021 لكنها رُفضت آنذاك… نحن كبلدية نتمتع بـالتدبير الحرّ… الجميع وافق على المقترح ولم يشتك أحد من أي أمر… تم نشر القرار بالرائد الرسمي ولم يقم أي أحد بالاعتراض… قمت بسحب الثقة من كمال العلوش بالرغم من أنه وافق على مراجعة مثال التهيئة العمرانية… المستشار البلدي أيضا له الحق كمواطن في مراجعة للتهيئة العمرانية والحصول على رخصة… أنا شغلت خطّة مستشار بلدي لمدة 20 سنة خلال عهد بن علي… “توتال ” اشتكت بي على أساس المنافسة بحكم أنني عضو مجلس بلدي… رخصتي قانونية ومرّت بكل المراحل اللازمة”، وفق تعبيره.
لا توجد وضعية تضارب مصالح…نحن كبلدية نتمتّع بـ”التدبير الحرّ”.
المستشار البلدي وصاحب المشروع الحبيب خماخم
يعلّق الباحث المتخصّص في قضايا مكافحة الفساد وتضارب المصالح نزار البركوتي، بخصوص تعلّل المستشار السابق في بلدية ساقية الزيت الحبيب خماخم بالتدبير الحرّ، قائلا إنّ هذا الإجراء لا يطبّق على الأشخاص وإنّه من غير المعقول أن يقترح كلّ عضو مجلس بلدي تغيير مثال التهيئة العمرانية لتشييد مشروعه الخاص حيث أنّ المثال هو من متعلقات النظام العام.
من المهم أيضا الإشارة إلى أنّ تصريحات الحبيب خماخم لموقع الكتيبة تؤكد أنّه لم يقع احترام قرار المحكمة الإدارية بصفاقس المتعلّق بإيقاف رخصة بناء محطة الوقود.
لدى معاينتنا لتقدّم أشغال المحطة ميدانيا، وجدنا أنّها في مراحل متقدمة وعلى وشك الانتهاء، علما و أنها تنجز ليلا، الأمر الذي دفعنا إلى الاتصال برئيس مصلحة الشرطة البلدية بصفاقس منذر بوعزيز الذي أكد لنا بدوره أنّ الشرطة البلدية أرسلت للمسؤول البلدي السابق حبيب خماخم عدلا منفذا ليقوم بإيقاف الأشغال، كما أنّه طلب من رئيس مركز المنطقة قبول المحضر، والتوجه للشخص المعني لسماعه بمحضر في إيقاف أشغال.
وأضاف بوعزيز: ” في الوقت نفسه يجب على رئيس البلدية توجيه مراسلة، هذا الأمر لم يحدث… البلدية مطالبة بسحب الرخصة، وتوجيه مراسلة لرئيس مركز الشرطة البلدية لتمكينه من الذهاب على عين المكان وإيقاف الأشغال، أو تقوم البلدية بإرسال مراسلة بإيقاف الأشغال بناء على محضر عدلي أو حكم قضائي… هذا الأمر لم يقع أيضا بالرغم من أنّ مكالمة هاتفية كانت قد جمعت بين رئيس مركز الشرطة البلدية ورئيس بلدية ساقية الزيت المكلف بتسيير الشؤون وهو الكاتب العام، لإتمام الإجراءات القانونية لكن في المقابل تم تجاهل الموضوع”.
ويعتبر الفصل 10 من قانون عدد 40 لسنة 1972 المتعلّق بالمحكمة الإدارية أنّ عدم التنفيذ المقصود لقرارات المحكمة الإدارية يعدّ خطأ فاحشا معمرا لذمة السلطة الإدارية المعنية بالأمر.
وعود انتخابية في مهب الريح
بعد عملية سحب الثقة من رئيس بلدية ساقية الزيت السابق كمال علوش من قبل 13 مستشارا من بينهم الحبيب خماخم، تمّ إجراء انتخابات جزئية ببلدية ساقية الزيت ترشح فيها خماخم عن قائمة “اليد في اليد” التي ضمت عيسى شطورو رئيس بلدية ساقية الزيت السابق الذي بدوره أسند رخصة البناء لحبيب خماخم.
وكانت من أبرز النقاط الواردة في برنامجهم الانتخابي الحرص على نظافة المنطقة، والسهر على تغيير وجهتها بما يضمن توفير ظروف الراحة للمواطن، وذلك من خلال إيلاء أهمية للوضع البيئي، والقضاء على المصبات العشوائية والأعشاب الطفيلية، والعمل على تنوير المنطقة وتعبيد الطرقات وصيانتها.
في مفارقة أخرى، كان أحد جيران الحبيب خماخم، ويدعى منصف القلال، قد تقدّم بشكوى ضدّه بسبب ما اعتبره اعتداء خماخم على ممتلكاته إثر إقدامه على بناء طابقين بشكل عشوائي.
يقول منصف القلال:” لدي خلاف معه في المحكمة الآن لأنه قام ببناء طابق أرضي وطابق علوي عشوائي ودون رخصة، في مدخل الزقاق الذي هو على ملكي بالشراكة مع شخص آخر… هو يستقوي بخطّته بصفته مستشارا بلديا … يفعل ما يشاء… كلّ من كانوا ينوون مقاضاته به غيّروا رأيهم بسبب خوفهم منه لأنه عضو مجلس بلدي… جميع الموجودين بالبلدية تابعون له”.
ردّا على هذه الاتهامات، اكتفى خماخم بالقول إنّ علاقته طيبة مع جيرانه ولم يشتكيه أحد، كما أنه فاز بقضيته ضد القلال رغم أنّ الأخير يؤكد أنّ القضية مازالت قائمة.
يرى الفريق الاستشاري القانوني لموقع الكتيبة بعد اطلاعه على جملة المعطيات التي سبق ذكرها أنّ استغلال النفوذ ثابت وتحققت بمقتضاه مصلحة شخصية، الأمر الذي يحيل على القانون المتعلّق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، حيث انتفع خماخم بفائدة عن طريق منصبه، لا يستطيع أي كان الانتفاع بها، من خلال خرقه مجلة التهيئة والتعمير الذي ينصّ على إلزامية احترام مثال التهيئة العمرانية، والدليل أنه لو كان مواطنا عاديا آخر قد قدم مطلبا في نفس الغرض سيتم رفضه لا محالة، لأن مثال التهيئة العمرانية ينص على وجوب وجود 200 متر مساحة بين المحطة والمحطة الأخرى.
على الرغم من صدور قرار المحكمة الإدارية في إيقاف قرار رئيس بلدية ساقية الزيت القاضي بإسناد رخصة بناء محطة وقود لفائدة الحبيب خماخم، فإن البلدية لم تمتثل لأحكام المحكمة وسحب الرخصة مما يجعلها محل نقاط استفهام عديدة في تعاملها مع هذا الملف.
يذكر أن الرئيس التونسي قيس سعيد كان قد اتخذ قرارا في مارس/آذار من سنة 2023 يقضي بحل جميع المجالس البلدية، و هو ما أفضى إلى عزل جميع أعضاء المجلس البلدي بساقية الزيت الذي كان يرأسه عيسى شطورو، رئيس قائمة “اليد في اليد” التي كان عضوا فيها المستشار البلدي حبيب خماخم.
يعدّ هذا التحقيق محاولة لتسليط الضوء على الفساد المستشري داخل أجهزة الدولة التونسية بما فيها السلط المحلّية وما يقوم به بعض المسؤولين المحلّيين من استغلال لمناصبهم في المجالس البلدية وتجاوز للقوانين من أجل تحقيق منافع شخصية وأرباح يستفيدون منها على حساب المواطنين دافعي الضرائب الذين تتعاظم انتظارتهم التنموية من منطقة إلى أخرى.
يعدّ هذا التحقيق محاولة لتسليط الضوء على الفساد المستشري داخل أجهزة الدولة التونسية بما فيها السلط المحلّية وما يقوم به بعض المسؤولين المحلّيين من استغلال لمناصبهم في المجالس البلدية وتجاوز للقوانين من أجل تحقيق منافع شخصية وأرباح يستفيدون منها على حساب المواطنين دافعي الضرائب الذين تتعاظم انتظارتهم التنموية من منطقة إلى أخرى.
الكاتب : تور الفارسي
صحفي وطالب ماجستير صحافة استقصائية بجامعة منوبة
الكاتب : نور الفارسي
صحفي وطالب ماجستير صحافة استقصائية بجامعة منوبة