الكاتب : نور الفارسي

صحفي متحصل على شهادة الماجستير في الصحافة الاستقصائية

“نحن كطائر بلا أجنحة، محرومون من أبسط حقوقنا المعيشية الإنسانية. منذ ظهور هذه المنشأة، أصبحت حياتنا مأساوية، وتحوّلت الغابة والأودية التي كانت مصدر شربنا الوحيد إلى مصبّ لنفايات المنشأة وبقايا الدواجن. أصبحت الروائح لا تُطاق، مواشينا محاصرة من قبل الذئاب والخنازير التي تتبع الروائح والغازات خلال كل ليلة…”.
بنبرة يائسة حاول كريم (إسم مستعار لأحد متساكني منطقة الحمران) رسم صورة تعكس حقيقة الوضع الذي يعيشه سكّان المنطقة، الذين ينشط أغلبهم في تربية تربية الماشية والأنشطة الفلاحي والغابية في ظل وضع اقتصادي اجتماعي هشّ يفتقر إلى أبسط مقوّمات الحياة، وإلى ما آلت إليه المنطقة نتيجة ما تقوم به المنشأة من مخالفات.

الكاتب : نور الفارسي

صحفي متحصل على شهادة الماجستير في الصحافة الاستقصائية

“نحن كطائر بلا أجنحة، محرومون من أبسط حقوقنا المعيشية الإنسانية. منذ ظهور هذه المنشأة، أصبحت حياتنا مأساوية، وتحوّلت الغابة والأودية التي كانت مصدر شربنا الوحيد إلى مصبّ لنفايات المنشأة وبقايا الدواجن. أصبحت الروائح لا تُطاق، مواشينا محاصرة من قبل الذئاب والخنازير التي تتبع الروائح والغازات خلال كل ليلة…”.
بنبرة يائسة حاول كريم (إسم مستعار لأحد متساكني منطقة الحمران) رسم صورة تعكس حقيقة الوضع الذي يعيشه سكّان المنطقة، الذين ينشط أغلبهم في تربية الماشية والأنشطة الفلاحي والغابية في ظل وضع اقتصادي اجتماعي هشّ يفتقر إلى أبسط مقوّمات الحياة، وإلى ما آلت إليه المنطقة نتيجة ما تقوم به المنشأة من مخالفات.

عمادة الحمران هي منطقة غابية بامتياز، يقطنها أكثر من 1300 ساكن حسب المعهد الوطني للإحصاء، تبعد عن مركز معتمدية عين دراهم حوالي 17 كلم التي تعدّ ثالث أهم موقع سياحي في ولاية جندوبة الواقعة في إقليم الشمال الغربي، بعد مدينة طبرقة الساحلية وجندوبة مركز الولاية. تتميز المنطقة بمناخ رطب إذ تسجّل فيها تساقطات الأمطار أعلى النسب الوطنية، كما تحتوي المنطقة على نباتات متوسّطية كالحشائش والشجيرات وأشجار الفلين والفرنان.

تكشف المعطيات التي تحصّل عليها موقع الكتيبة، أنّ الأرض التي تتحوّز عليها المنشأة في الحاضر، هي أرض خاصة، تمّ التبرّع بها سابقا في شكل هبة في أوائل السنوات التسعين (بين 1992-1993) من قبل بعض العائلات أصيلي عمادة الحمران للدولة، التي بدورها كلّفت جمعية النهوض بالتشغيل والإسكان التونسية بجلب المستثمرين الأجانب لخلق مشاريع تنموية بالمنطقة.

تم جلب مستثمرين أوروبيين أحدثوا مصنعا للخياطة قام بتشغيل عدد من فتيات المنطقة ومبنى إدارة “تعاضدية خدمات فلاحية خمير” استمرّ نشاطهم بتأطير من المستثمرين الأجانب قرابة 7 سنوات، ثم فور مغادرتهم تدهور وضع المشاريع وأغلقت أبوابها إلى الأبد ليجد المدعو خالد بن عمر (مدير المدرسة الابتدائية الوحيدة في منطقة الحمران)، سنة 2003، المبنى جاهزا لممارسة نشاطه المتمثّل في تربية وذبح وسلخ الدواجن.

تقول نجاة المتيشي أحد ورثة الأرض:

” طلبت منّا جمعية النهوض بالتشغيل والإسكان، التبرع بأرضنا لإنشاء مشاريع تنموية تعود بالنفع على المنطقة ومتساكينها وفي حال اغلاق المشاريع يتمّ إعادة الأرض إلى ملاكها الأصليين… تم إطلاق المشاريع، وبالتزامن مع كل هذه الأحداث نحن الجيل الجديد غادرنا المنطقة نحو مدن أخرى لنتفاجأ بعد ذلك باستيلاء هذا الرجل على أرضنا دون علمنا مستغلا المبنى والمعدات في تربية وذبح الدواجن… نحن الآن نريد استرجاع أرضنا مع العلم أنّ الجمعية لا يخوّل لها البيع أو التصرّف في هذه الأرض… نريد أرضنا لكي نستثمر فيها …”.

في اتّصال جمعه بموقع الكتيبة، للردّ على هذه المسألة، اعترف المعني بالأمر خالد بن عمر بأنّ الأرض على ملك الدّولة وأنّه كان قد قام بشرائها من سكان المنطقة، وتحصّل على شهادة حوز. في نفس الوقت رفض الإدلاء بتفاصيل حول عملية الشراء، مع العلم أنّ القانون يمنع ذلك إذ يجب أن يتحصّل على شهادة استحقاق من المحكمة العقارية لامتلاكها.

لا أستطيع أن أطلعكم على طرقي وكيف قمت بشرائها، الجميع مستولون على أراض على ملك للدولة، لست الوحيد الذي يفعل هذا. من لديه أي وثيقة تثبت ملكيته لهذه الأرض يمكنه حينها استرجاعها مني.

خالد بن عمر

في نفس السياق وفي إطار البحث اكتشفنا أنّ خالد بن عمر حسب ما أفادنا به سكان منطقة واد زان من ولاية جندوبة، مارس نفس النشاط بهذه المنطقة لمدة زمنية قصيرة على احدى الأراضي هناك بنفس الطريقة التي استولى بها على أرض منطقة الحمران، والتي تقع بجانب مقهى ومدرسة القرية، حيث كان يقوم ببيع الدجاج بأسعار متدنية في البداية ساعيا لكسب ودّ المتساكنين، لكنهم في النهاية قاموا بطرده وإخلاء المكان من معداته بسبب التلوث والإزعاج الذي أحدثه لينتهي به المطاف في النهاية في أرض التعاضدية بالحمران “مستقويا على السكان مستعملا نفوذه” حسب ما سيكشفه التحقيق في المحطات القادمة.

أضرار بيئية وصحية بالجملة

رغم تعدد الشكاوى من قبل متساكني المنطقة إلى السلط المعنية بالأمر إلاّ أنّ المسؤولين لم يحرّكوا ساكنا أمام التجاوزات الحاصلة بالمنطقة من قبل المنشأة (شكوى تقدّم بها مجموعة من متساكني عمادة الحمران ضد خالد بن عمر حول وجود مسلخ عشوائي لذبح الدواجن بمنطقة الحمران سنة 2018، وشكاوى وطنية وجهوية في مارس 2021 موضوعها إنزعاج متساكني ومرضى مستوصف منطقة الحمران من نشاط تربية الدواجن وجهت إلى بلدية ومعتمدية عين دراهم وولاية جندوبة والمندوبية الفلاحية بجندوبة الادارة الجهوية للصحة بالوكالة الجهوية للحفاظ على البيئة بباجة).

وكان موقع الكتيبة قد تحصّل على مجموعة صور توثّق فضلات الدجاج (ريش، بقايا أعضاء، دماء، فضلات، أكياس بلاستيكية…)، وعندما تهاطلت ضده الشكاوى من قبل المتساكنين قام بتغيير مكان إلقاء الفضلات بأحد المناطق الغابية على مقربة من المنشأة تبعد حوالي 1 كلم بعد أن قام بقطع الأشجار لإفساح المجال لأكوام الفضلات، وفق ما أكّده شهود عيان من متساكني المنطقة ومن بينهم كريم (إسم مستعار) الذّي أفاد بأنّ عددا من الأهالي دأبوا على توجيه نداءات استغاثة عديدة لمصلحة الغابات التّ لم تحرّك ساكنا رغم اطّلاعها الكامل على جملة التجاوزات المذكورة أعلاه، ما يجعل الأمر “مريبا”، وفق تصريحات محدّثنا.

في ردّه على هذه الاتهامات والصور الموجودة لدينا، أنكر بن عمر هذه التهمة قائلا “لست أنا من قام بإلقاء الفضلات”، بالرغم من أنّ موقع الفضلات الجديد على مقربة من مدجنته وبالرغم، كذلك، من أنّ منطقة الحمران البالغة مساحتها نحو 57 كلم مربع توجد بها منشأتان فقط للدجاج، منشأة بن عمر ومنشأة أخرى تبعد تقريبا 4 كلم عن مكان الفضلات.

ينبغي التنويه في هذا السياق إلى أنّ التخلّص غير السليم من فضلات الدجاج يمثل خطرًا كبيرًا على البيئة والنظام البيولوجي حسب العديد من الدراسات العلمية.

ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تلوث المياه في حال احتوت فضلات الدجاج على مواد كيميائية ضارة وبكتيريا تؤثر على جودة المياه وسلامة الكائنات الحية فيها.

كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى تغيير تركيبة النباتات والحيوانات في الغابة، مسببًا تأثيرات سلبية على التنوع البيولوجي والأنظمة البيئية المحيطة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي التصرف غير صحيح إلى الزيادة في التسوس وانتشار الفطريات، مما يتسبب في نقل الأمراض للإنسان والحيوان نتيجة للميكروبات والبكتيريا المتواجدة في الفضلات.

إلى جانب كل هذا لا يمكن تجاوز التأثير السلبي على تركيبة التربة، بما في ذلك التغييرات في مستوى الحموضة والتغذية، مما يؤثر على نمو النبات.

وفي معاينة ميدانية للمكان لاحظنا وجود العديد من الانتهاكات الخطيرة التّي من الممكن أن تحدث كارثة بيئية وصحية بالمنطقة : أوّلا، وجود مجرى مائي يمرّ من وسط المنشأة إلى وادي سيدي فتح الله (مصدر مياه المواشي) ثم إلى سد بني مطير، مع العلم أنّه لا توجد بالمنطقة تغطية للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه لذلك يضطرّ المتساكنون للشرب من مياه الآبار والعيون المتأتية من الطبقة الجوفية، ما يجعل المنشأة تمثّل خطرا كبيرا على صحتهم في حال تسرّبت نفاياتها إلى الآبار والمياه الجوفية.

كان من الضروري التأكّد من المعطى السابق ذكره، لذلك قام موقع الكتيبة، بالتنسيق مع خبير في المجال، برفع عيّنة من مياه أحد الأودية المحاذية للمنشأة واتجهنا بها إلى “معهد باستور” لإجراء التحاليل اللازمة. كشفت التحاليل المجراة على العيّنة وجود مستويات عالية من “إشريشيا كولاي” (نوع من البكتيريا اللاّهوائية الشائعة في الأمعاء البشرية والحيوانات الدافئة وتستخدم كمؤشر للتلوث المائي والبيئي، في بعض الأحيان غير ضارة وفي أحيان أخرى من الممكن أن تسبّب أمراضا في الجهاز الهضمي الإنساني خاصة إذا كانت البكتيريا تحمل سموما).

كشفت التحاليل أيضا، وجود مستويات عالية من بكتيريا “الأنتيروكوكس” (توجد في الأمعاء البشرية والحيوانية وتعمل على هضم وتفكيك المواد الغذائية، بعض سلالاتها مرتبطة بالتسبب في الأمراض عند البشر، خاصةً في حالات غياب النظافة) ما قد يسبب مخاطر جدية على صحة المتساكنين بالمكان وصحة حرفاء المنشأة خارج منطقة الحمران، ويضاعف خطر تفشّي الأمراض والعدوى إلى خارج العمادة. تنصّ بطاقة نتائج التحاليل على أنّ هذه المياه غير صالحة للشراب أو للسباحة.

الأخطر من هذا وفي إطار البحث، أنّنا تحصّلنا على بطاقة تحاليل أخرى، كان قد قدّمها خالد بن عمر في إطار معاينة تمّت بأمر من المحكمة على إثر شكاوى رفعها المواطنون. ولئن كانت هذه التحاليل قد كشفت، هي الأخرى، عن وجود مستويات عالية من هذه البكتيريا بالمياه الجوفية بالمنطقة فانّ العديد من نقاط الاستفهام تظلّ عالقة حول سبب عدم اتّخاذ الجهات المسؤولة لأيّ إجراء تجاه هذه النتائج فور اطّلاعها عليها، خاصة وأنّ المعاينة الميدانية توضّح وجود عدد من المنشئات الحيوية على مقربة من المنشأة محور الجدل، على غرار المستوصف الوحيد في المنطقة الذي لا يبعد سوى 16 مترا عن منشأة الدّجاج.

تجدر الاشارة الى أنّ الفصل السابع من كراس الشروط البيئية للوكالة الوطنية لحماية المحيط تفيد بأنّه “يجب على صاحب مشروع حيوانات مصنفة أو مقدم الطلب تصريف مياه الصرف الصحي إلى شبكة الصرف الصحي العامة.. وفي حالة عدم وجود شبكة صرف صحي عامة، يجب إنشاء حفر مقاومة للماء مغطاة ومسيّجة لتجميع مياه الصرف الصحي وتفريغها بشكل دوري في أقرب محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي بواسطة شاحنات خاصة”.

يذكر أنّ الدستور الجمهورية التونسية ينصّ في فصله الـ48 إلى أنّه “على الدولة توفير الماء الصالح للشراب للجميع على قدم المساواة، وعليها المحافظة على الثّروة المائية للأجيال القادمة”. أما في فصله الـ47 فيُقرّ بوجوب أن “تضمن الدولة الحق في بيئة سليمة ومتوازنة والمساهمة في سلامة المناخ. وعلى الدولة توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث البيئي”.

تضارب في المعاينات

في إطار التدقيق في محاضر المعاينة وجدنا أنّ رئيس المصلحة الجهوية لحفظ صحة الوسط وحماية المحيط للإدارة الجهوية للصحة بجندوبة كان قد أفاد بـ”عدم وجود متساكنين بالقرب من المدجنة وأنّ أقرب محل يبعد تقريبا حوالي 600 متر”. كما أنّه لم يتطرق لمخاطر وجود مستوصف طبي مجاور للمنشأة والذي من الممكن أن يحدث كارثة صحية شاملة بالمنطقة. كما أنّنا وجدنا من خلال المعاينة الميدانية بأنّ أقرب منزل يبعد عن المنشأة حوالي 150 مترا بالإضافة إلى وجود “دوار المتايشية” على بعد 230 مترا فقط، ما يجعل هذه الجهة المسؤولة أمام نقاط استفهام كثيرة.

وعلى إثر شكاوى المواطنين وشكوى المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، على خلفية لجوء سكان المنطقة لهم لتبليغ أصواتهم، تمّ إجراء خمسة محاضر معاينة منذ سنة 2018 حتى سنة 2022 :

  • معاينة بأمر من ولاية جندوبة.
  • معاينة بأمر من وزارة الصحة.
  • معاينة بأمر من الحرس البلدي.
  • معاينة بطلب من المنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية (تعيين مأمورية معاينة وكلت إلى عدل التنفيذ).
  • معاينة بتوكيل من محكمة جندوبة لعدل المنفذ.

وكانت نتائج هذه المعاينات مختلفة عن الأخرى ومختلفة عمّا قمنا بمعاينته خلال زيارتنا الميدانية، ما يطرح العديد من نقاط الإستفهام حول الأعوان الذين عيّنتهم الولاية لإجراء محضر المعاينة.

الاختلافات تكمن في عدة نقاط على غرار عدم اعتماد كراس الشروط المنظمة لهذا النشاط بالمعاينة.

من أهم هذه النقاط، لم يتمّ في معاينة ولاية جندوبة الإتيان على ذكر وجود منازل على بعد 600 متر، بينما في المعاينة التّي أمرت بها محكمة جندوبة عبر العدل المنفذ، والمعاينة التي تمت على إثر طلب المنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية تمّت الاشارة بشكل واضح إلى وجود متساكنين بالقرب من المدجنة (أوّل مسكن يبعد 150 مترا فقط).

إجمالا لم يتمّ التطرّق لمخاطر وجود المستوصف الذي يبعد 16 مترا تقريبا عن المنشأة، كما لم يتمّ اعتماد التحاليل الجرثومية في المعاينة.

وقد أنكر محضر معاينة الولاية شكاوى المتساكنين رغم أنّه تمّ إيداع شكوى سنة 2018، وشكوى أخرى في 2021، كما لم يتمّ التطرّق لموضوع ملكية الأرض أو الرّخصة التي هي من البديهيات في أيّ نشاط أو عمل، إضافة إلى مسألة إلقاء النفايات الحيوانية على أرض غابية.

خلال مكافحتنا له بجملة هذه المعطيات، شكّك خالد بن عمر في صحة هذه المعاينات والأعوان وعدول التنفيذ الذين عينتهم المحكمة قائلا انّه لا يثق إلّا في في المعاينة التي تمّت بأمر من ولاية الجهة.

على اثر هذه المعطيات، قمنا بالاتصال بالمديرة الجهوية للصحة بجندوبة الدكتورة كوثر النهدي، لطرح أسئلة بخصوص هذا الموضوع خاصة أنّ رئيس المصلحة الجهوية لحفظ صحة الوسط وحماية المحيط للإدارة الجهوية للصحة بجندوبة (متقاعد) كان قد أقرّ في التقرير أنّه لا وجود لمساكن مجاورة للمنشأة ولم يتطرق للمخاطر التي على علاقة بموضوع المستوصف المحاذي للمنشأة. كما أنّه تجاهل شكاوى سكان المنطقة ولم يعتمد التحاليل الجرثومية، إلا أنّها رفضت الحديث معنا أو الإفصاح عن أي معلومة إلا بتصريح من وزارة الصحة، متعللة بأنّ المداجن لم تعد من مشمولات الإدارة التابعة لها وهي اليوم تابعة لهيئة سلامة الغذاء، كما أنّها تولّت هذا المنصب بعد إصدار محضر المعاينة بخمسة أشهر وفق قولها مع العلم أنّه تم إجراء محضر معاينة بتاريخ 19 أفريل 2021 تحت إشرافها وبتوقيعها.

غياب لأي رخصة ودوس على القانون

الى جانب كلّ المخالفات البيئية والصحّية التّي قام بها خالد بن عمر في إطار ممارسته لنشاط تربية وذبح وسلخ الدواجن بالمنشأة، قادنا البحث إلى اكتشاف أنّ هذا الأخير كان ولا يزال يباشر تسيير هذا المشروع دون حيازته رخصة تخوّل له ذلك، إلى جانب استيلائه على أرض على ملك الدولة، ومخالفته لعدة فصول موجودة بكراس الشروط المتعلق بإحداث منشآت الدواجن المصادق عليها بقرار من وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري ووزير الاقتصاد والتخطيط المؤرخ في 20 سبتمبر.

في سياق ذي صلة، تبيّن لنا أنّ المنشأة لم تحترم الشروط والمواصفات المضبوطة بالفصل 9 للقرار (نفس ما نصّت عليه كراس شروط 2007 في فصلها الـ23 أي أنّ التجاوزات تمّت واستمرّت منذ سنة 2006)، منها أساسا أنّ المساحة المغطّاة تفوق الـ10 بالمئة من المساحة الجملية أمّا المساحة التي أقيمت عليها المنشأة فهي أقلّ من هكتار، بالاضافة إلى ما أشرنا إليه سابقا من عدم ترك مسافة لا تقلّ عن 500 متر تفصل المنشأة عن المحلات السكنية، وعدم احترام شرط أن تكون المنشأة في منطقة فلاحية بعيدة عن أماكن الفيضانات وجوانب الأودية (وادي سيدي فتح الله، مجرى مائي يمر من وسط المنشأة) الخ.

وكان هيثم عمري مسؤول بإدارة الغابات بجندوبة قد أكّد للكتيبة أنّ الادارة كانت قد “قامت بالإجراءات اللازمة .. وقامت بالتوجه للنيابة العمومية كما قامت بمراسلة بقية الإدارات المعنية بالأمر”، مضيفا أنّ “القضية مازالت جارية” وأنّهم الآن بصدد انتظار قرارات النيابة العمومية، دون تقديم إضافات أخرى.

انّ التجاوزات الخاصّة بممارسة النشاط بلا رخصة تخفي مخالفات جبائية أخرى في رصيد خالد بن عمر، حيث أنّه لم يصرّح بالمكاسب التي تحصّل عليها عن طريق ممارسته لهذا النشاط, وذلك وفق معطيات تحصل عليها موقع الكتيبة من مصادر خاصة في وزارة المالية التونسية.

في تعليقه على جملة هذه التجاوزات حسب ما توفر من معطيات يقول الباحث في العلوم القانونية عزيز الشابي انّ “يقول ان المعني بالأمر تجاوز النظام الجبائي التونسي القائم على مبدأ التصريح التلقائي بالمداخيل والأرباح ودفع الأداء المستوجب من قبل المطالبين بالضريبة، كما أنه يمارس نشاطا تجاريا فلاحيا دون ترخيص من الدولة، ويستغلّ أرضا من المفروض أن تكون على ملك الدولة (أو استحواذا على ملك خاص) دون رخصة. بالإضافة إلى ذلك فهو يمارس نشاطا على أرض غابية دون ترخيص أيضا ما يعتبر تجاوزا لمجلة الغابات التونسية”.

كلمة الكتيبة:
تمّ إنتاج هذا التحقيق في إطار النسخة الثانية من مشروع أكاديمية الصحافة الاستقصائية لمنظمة المادة 19. جدير بالتنويه اننا تعمدنا تجهيل بعض المصادر بطلب منهم على اعتبار التهديدات والمخاطر التي تطالهم من المعني بالأمر،وفق تقديرهم.

كلمة الكتيبة:
تمّ إنتاج هذا التحقيق في إطار النسخة الثانية من مشروع أكاديمية الصحافة الاستقصائية لمنظمة المادة 19. جدير بالتنويه اننا تعمدنا تجهيل بعض المصادر بطلب منهم على اعتبار التهديدات والمخاطر التي تطالهم من المعني بالأمر،وفق تقديرهم.

الكاتب : نور الفارسي

صحفي متحصل على شهادة الماجستير في الصحافة الاستقصائية

اشراف: وليد الماجري
تدقيق: محمد اليوسفي
غرافيك: منال بن رجب
فيديو: محمد علي منصالي
تطوير تقني: بلال الشارني
غرافيك: منال بن رجب
تطوير تقني: بلال الشارني
اشراف : وليد الماجري
تدقيق: محمد اليوسفي
مونتاج: محمد علي منصالي

الكاتب : نور الفارسي

صحفي متحصل على شهادة الماجستير في الصحافة الاستقصائية

nour