الكاتب : وائل ونيفي
صحفي مختص في قضايا مكافحة الفساد وحقوق الإنسان والشأن السياسي
“عرض مثل هذا لا يمكن تفويته، كلّ شيء متوفر لنا، فضلا عن خدمات متنوعة مقابل 2000 يورو فقط. تونس حقّا بلد جميل ونحن سعداء بعودة الاستقرار إليه وسعداء أكثر بالعودة إلى قضاء عطلتنا فيه”.
هذا مقطع من حوار عُرض على شاشة إحدى القنوات الفرنسية تحدّث فيه آلكس، سائح فرنسي وربّ عائلة تتكوّن من ستة أفراد، كانوا قد قضوا أسبوعا كاملا بفندق 4 نجوم بياسمين الحمامات شمال شرقي تونس العاصمة خلال شهر أفريل/ نيسان المنقضي.
بأسعار تترواح بين الـ 160 يورو و 500 يورو للشخص الواحد يضاف إليها تخفيضات مهمّة بالنسبة للأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم الـ12 عاما، زيادة عن تخفيضات أخرى تكون بشكل مناسبتي، تعرض شركة “فرام”، أشهر منظمي الرحلات السياحية في فرنسا، منتجات مذهلة للسيّاح تتضمن تكلفة الرحلة عبر الطائرة والنقل إلى الفندق والسكن فيه بنظام الـ All inclusive بغرض استقطابهم لقضاء عطلهم في تونس.
الكاتب : وائل ونيفي
صحفي مختص في قضايا مكافحة الفساد وحقوق الإنسان والشأن السياسي
“عرض مثل هذا لا يمكن تفويته، كلّ شيء متوفر لنا، فضلا عن خدمات متنوعة مقابل 2000 يورو فقط. تونس حقّا بلد جميل ونحن سعداء بعودة الاستقرار إليه وسعداء أكثر بالعودة إلى قضاء عطلتنا فيه”.
هذا مقطع من حوار عُرض على شاشة إحدى القنوات الفرنسية تحدّث فيه آلكس، سائح فرنسي وربّ عائلة تتكوّن من ستة أفراد، كانوا قد قضوا أسبوعا كاملا بفندق 4 نجوم بياسمين الحمامات شمال شرقي تونس العاصمة خلال شهر أفريل/ نيسان المنقضي.
بأسعار تترواح بين الـ 160 يورو و 500 يورو للشخص الواحد يضاف إليها تخفيضات مهمّة بالنسبة للأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم الـ12 عاما، زيادة عن تخفيضات أخرى تكون بشكل مناسبتي، تعرض شركة “فرام”، أشهر منظمي الرحلات السياحية في فرنسا، منتجات مذهلة للسيّاح تتضمن تكلفة الرحلة عبر الطائرة والنقل إلى الفندق والسكن فيه بنظام الـ All inclusive بغرض استقطابهم لقضاء عطلهم في تونس.
منذ قرابة 6 عقود، تستقطب تونس على هذا المنوال سيّاحها الأوروبيين مقدّمة لهم منتجا يتأسّس على ما يصطلح عليه في التسمية “سياحة شاطئيّة”.
فندق يطلّ على الشاطئ، طقس مشمس ونسيم منعش. هذا المنتج المحدود الذي توفره السياحة التونسية، يفتح المجال أمام الشركات الدولية المتخصّصة في تنظيم الرحلات السياحيّة الجماعية للتفاوض مع الفنادق التونسية بُغية الظفر بأسعار بخسة تخوّل لهم إقناع مئات آلاف الأوروبيين خاصة منهم أصحاب الدخل الضعيف والمتوسط للقدوم إلى تونس فيما بات يُعرف بـ”السياحة الكمّية”.
مع كل موسم سياحي جديد في تونس والذي يتزامن مع فصل الصيف، يتجدّد الحديث عن استعدادات حكومية حثيثة بُغية إنجاحه بما يحقّق عائدات مهمّة من العملة الصعبة.
هذه الاستعدادات يتمّ الإعلان عنها عادة في أواخر شهر ماي/أيار من كلّ عام لاستقبال نحو مليونين ونصف المليون سائح في أشهر جوان/يونيو و جويلية/ تمّوز وأوت/ آب، بما يوضّح ويعطي صورة جلّية عن المنوال السياحي التونسي الذي لا ينتعش سوى مدّة ثلاثة أشهر من كلّ سنة على أقصى تقدير.
وفي ظلّ تحدّيات محلّية وأخرى إقليمية وتحوّلات عميقة تشهدها منطقة شمال أفريقيا بما ساهم في تشديد المنافسة على تونس في خصوص استقطاب السيّاح الأجانب، وأمام ما مرّت به البلاد من عدم استقرار سياسي بفعل الضربات الإرهابية التي تلقتها خاصة في أعوام 2015 و2016، تراجع النقاش العام في تونس حول المنوال السياحي المعتمد وحدوده، والذي لطالما كان محلّ انتقادات واسعة من منظمات تونسية وحتّى دولية، ليصبح هدف الحكومات المتعاقبة ملامسة الأرقام التي حقّقها الموسم السياحي في عام 2019، وتقديم ذلك على أساس أنّه نجاح يحسب لها.
فعلى ماذا يقوم المنوال السياحي في تونس؟ وماهي أبرز تحدياته؟ وهل مازال بالإمكان المواصلة في نفس السياسات؟
في هذا المقال التفسيري، نحاول الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها اعتمادا على جملة من البيانات والتقارير الرسمية وآراء خبراء ومهنيين في المجالين السياحي والإقتصادي.
ياسمين الحمامات
ياسمين الحمامات
الأرقام لا تكذب
بعد عامين من جائحة كوفيد-19، بدأت السياحة التونسية تستعيد حيويتها مقارنة بما كانت عليه قبل الجائحة، حيث تمكنّت البلاد حسب أرقام رسميّة من استقطاب نحو 9,6 مليون سائح بنهاية العام 2023، وعلى نفس النسق تستعد تونس لزيادة أعداد الوافدين إليها بنهاية العام 2024.
في تصريح إعلامي له، قال مدير الدراسات والتعاون الدولي بالديوان الوطني للسياحة أيمن الرحماني أنّ تونس سجّلت دخول 3,37 مليون وافد غير مقيم (من بينهم تونسيون مقيمون بالخارج) منذ بداية العام وإلى غاية 10 جوان الجاري وهو ما يحقق زيادة بنحو 5,3% مقارنة بذات الفترة من العام المنقضي 2023.
ووفق وثيقة الميزان الاقتصادي للدولة التونسية في عام 2024، تعتزم الحكومة استقطاب نحو 10 مليون سائح وكسر الرقم القياسي الذي تمّ تحقيقه في عام 2019، حين زار البلاد 9.6 مليون غير مقيم كانت عائدات إقامتهم المؤقتة بتونس من العملة الصعبة في حدود الـ 5,6 مليار دينار تونسي ( 2,26 مليار دولار أمريكي).
من المهم الإشارة إلى أنّ السياحة تعتبر من ما قبل 2011 قطاعا وازنا في الاقتصاد التونسي إذ سجّلت في عام 1996 على سبيل الذكر رقما قياسيا من خلال مساهمتها في الناتج الداخلي المحلّي الخام التي بلغت وقتها 7,1 % من الرقم الإجمالي.
تُشير أرقام الديوان الوطني للسياحة إلى وجود تغيّرات جذرية في خارطة الوافدين على تونس بُغية السياحة. ويتلخّص هذا التحوّل خاصة في تراجع نسبة السيّاح الأوروبيين مقابل توسع دائرة السيّاح من الفضاء المغاربي وأساسا الوافدين من ليبيا والجزائر.
يطرح هذا التغيير في خارطة السيّاح الذين اختاروا تونس وجهتهم، تساؤلات مشروعة في علاقة بالسياسات العمومية ذات الصلة بالتسويق لتونس كوجهة سياحيّة.
فبالرغم من انخفاض أسعار العروض التي تقدّمها كبرى وكالات الأسفار في الملتقيات والصالونات الدولية وعلى مواقعها بالانترنت، والتي تتراوح بين الـ 160 يورو والـ 500 يورو للشخص الواحد نظير الإقامة بفندق لمدّة 7 ليال، إلاّ أنّ نسبة السيّاح الأوروبيين تأخذ من سنة إلى أخرى منحى تنازليا مقارنة بنسبة السيّاح الجزائريين والليبيين الذين تتزايد أعدادهم بشكل ملحوظ.
وبناء على الأرقام المسجلّة في عام 2019 بصفتها سنة مرجعية، والتي تسعى الحكومة الحالية إلى تجاوزها، تُشير المعطيات إلى أنّ الأوروبيين هم الأكثر إقامة بالنزل والفنادق السياحية بمعدّل 6,9 ليال من أصل 7,1 ليلة قضوها في تونس، فيما لا تتجاوز إقامات السيّاح المغاربة ( الجزائريين والليبيين ) ثلاثة ليال، بما أفضى إلى معدّل عام لليالي المقضاة بالنزل والفنادق بنحو 5,4 ليلة، متقدّمة بذلك على المعدّل المسجّل في عام 2010 والمقدّر بأربعة ليال ونصف، مسجلة بذلك تراجعا إزاء المعدّل العام المسجل في عام 1995، والمقدّر بنحو بـ7 ليال ونصف.
إنّ التحوّلات التي شهدتها خارطة السيّاح في تونس، تقود مباشرة إلى طرح عديد الأسئلة في علاقة بالقدرة الإنفاقية لهؤلاء خاصة في ظلّ تشكيّات عديدة من أصحاب المحلاّت التجاريّة والمطاعم السياحيّة وحتى أصحاب المهن المرتبطة مباشرة بالسياحة الذين لاحظوا تدهورا حادّا في نوعية السياح، خاصة في ظل التنافسية التي تفرضها عليهم الوحدات الفندقية التي تعمل بنظام الإقامة الكليّة والشاملة All inclusive.
يقول “عادل”، وهو صاحب مطعم سياحي بمدينة الحمامات، إنّ السنوات الماضية كانت صعبة للغاية خاصّة تلك التي تزامنت مع جائحة كوفيد-19 والتي أضرّت بالقطاع أيّما ضرر، على حدّ وصفه.
ويضيف صاحب المطعم في حديثه مع موقع الكتيبة، أنّ الهمّ الوحيد الذي يشغل بال ممتهني الأنشطة السياحيّة يكمن في ضرورة عودة الحركيّة إلى منطقة الحمامات، مشيرا إلى أنّ منسوب التفاؤل بدأ يرتفع خاصّة بعد معاينة عودة الروح إلى مدينتهم خلال صائفة العام الماضي 2023، على حدّ تعبيره.
كما لم ينف “عادل” تراجع نوعية السيّاح مقارنة بما كانت عليه في سنوات التسعينات وبداية الألفينات مُرجعا ذلك إلى التنافسية الشديدة الموجودة بين أكثر من وجهة سياحية كانت تونس في تلك السنوات أفضل منها بكثير.
السائح الذي يأتينا اليوم ليس هو نفسه السائح الذي كان يزور تونس قبل الثورة. ففي سنوات التسعينات لم تكن نفس الطلبات ولا نفس القدرة الإنفاقية بالنسبة للسيّاح مقارنة بالوضع الحالي، ومع ذلك نحن متفائلون بالموسم القادم
عادل صاحب مطعم سياحي بمدينة حمامات
من جانبه، يقول رئيس لجنة السياحة بالبرلمان ياسين مامي وهو نائب شعب عن مدينة الحمامات في حوار مع موقع الكتيبة، إنّ السياحة الفندقية التي تعمل وفق نظام الإقامة الشاملة والكلّية في إطار تعاقدها مع كبرى وكالات الأسفار الدولية قتلت السياحة في مدينة الحمامات وفي أغلب المدن السياحيّة.
ويبني مامي موقفه من نظام الإقامة الشاملة إثر معاينته لعدد الزيارات التي قام بها السياح الوافدين على مدينة الحمامات للبرج الأثري بها والتي لم تتجاوز 11 ألف زيارة خلال العام 2023، و350 زيارة فقط للموقع الأثري “بوبوت” ، بالرغم من أنّ الحمامات استقطبت أكثر من نصف مليون سائح على مدار السنة.
“السائح بالنسبة لي ليس ذلك الذي يأتي ليبقى حبيس الفندق، السائح يُقاس بمدى سياحته وتجوّله في البلد الذي اختار قضاء عطلته فيه ومدى الحركيّة الاقتصادية التي يخلقها”
ياسين مامي نائب شعب عن مدينة الحمامات
ويضيف رئيس لجنة السياحة بالبرلمان التونسي في حواره مع موقع الكتيبة، أنّه من الضروري استثمار العوامل الطبيعية التي تستقطب سيّاح السياحة الشاطئية كالشمس والبحر والشاطئ وهو ما قامت به تونس منذ ستة عقود، مضيفا أنه لا يجب على السياحة التونسية الاكتفاء بهذا النمط والتوقف عنده، إنما يجب تطويره وتنويع المنتوج السياحي في اتجاه تشجيع أنماط أخرى على غرار السياحة الثقافية والرياضية والسياحة الجبلية والسياحة الصحراوية بما يخلق ديناميكية على كامل العام وليس فقط في مستوى الموسم الصيفي، وفق تقديره.
ما يطرحه مامي من موقف نقدي، يجد سنده في المعطيات الرسمية للديوان الوطني للسياحة، والتي تُشير إلى أنّ إجمالي الزيارات التي سجلتها مختلف المتاحف والمواقع الأثرية المُصنفة لا تتجاوز الـ 950 ألف زيارة كامل العام 2019 بصفته سنة مرجعية، رغم أنّ الوافدين على تونس تجاوزت أعدادهم الـ 9,5 مليون سائح.
تجدر الإشارة إلى أنّ إجمالي زيارات المتاحف والمواقع الأثرية يتضمّن جميع السياح إن كانوا سيّاحا محلّيين في إطار السياحة الداخلية أو سيّاحا أجانب من بينهم نحو 170 ألف دخلوا تونس في سنة 2019، في إطار رحلات بحرية منظمة (croisères) وغادروها في ذات اليوم أو في اليوم الموالي من دخولهم أي أنّ إقامتهم السياحيّة كانت قصيرة جدا.
إنّ تدني نوعية السيّاح (من ناحية القدرة الإنفاقيّة) الذين تستقطبهم تونس يُشير إليه أيضا مسح قام به المعهد الوطني للإحصاء لتقييم مؤشرات القطاع السياحي ( CST ) على مدى سنتي 2018-2019 الذي أفضى إلى أنّ معدّل إنفاق السائح بتونس يُقدّر بحوالي 345 يورو ( 1150 دينار تونسي )، ويتضمّن مصاريف النقل والإقامة والأكل والشرب، وهو ما توفّره كبرى مؤسسات الرحلات السياحية الدولية في إطار عرض شامل.
من المهم التنويه بأنّ هذا الرقم جدّ متدنّ ومتأخّر عمّا كان عليه الوضع في سنة 2008 ( 550 يورو ) وعمّا تُسجله المملكة المغربية كمثال التي قدّرت ذات الوثيقة معدّل إنفاق السائح بها في سنة 2019 في حدود الـ 655 يورو أي تقريبا قرابة ضعف الرقم الذي تمّ تسجيله في تونس.
كما تشير دراسة صادرة في عام 2022، موّلتها سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بتونس لفائدة الحكومة التونسيّة حول واقع السياحة في تونس وتطويرها في أفق 2035، إلى أنّ معدّلات الإنفاق بالنسبة للسياح الوافدين من جنسيات أوروبية تختلف من جنسية إلى أخرى حيث احتل السائح الألماني أعلى الترتيب بمعدّل إنفاق قدّر بنحو 790 يورو (معدّل الإنفاق اليومي خلال فترة الإقامة المقدّرة بثمان ليالي يقدر بـ 86 يورو) فيما تذيّل السائح الإيطالي ترتيب القائمة بمعدّل إنفاق لا يتجاوز 270 يورو.
فضلا عن ذلك، تلوح صعوبات كبيرة في احتساب معدّلات إنفاق السيّاح من القطر المغاربي حسب ذات الدراسة وذلك بسبب الإقامة بشقق غير سياحية أو في منشآت غير مرخّص لها للنشاط السياحي وتعاملهم في أغلب الأوقات بالعملة المحلّية، وهو ما يفسّر ضعف معدّل الليالي المقضاة من طرف هذه النوعية من السيّاح في الفنادق والنزل والتي لا تتجاوز 3 ليالي مقضاة، رغم أنّهم عدديا يمثلّون أكثر من 60% من إجمالي الوافدين إلى تونس.
في اتصال هاتفي جمع موقع الكتيبة بالمكلّف بالإعلام بوزارة السياحة نوفل الصالحي، أكّد أنّ الوزارة والديوان الوطني للسياحة وبالشراكة مع المعهد الوطني للإحصاء تعكف من أجل إعداد مسح مفصل عن مساهمة السياحة بمختلف المهن المرتبطة بها بشكل مباشر أو غير مباشر في الناتج المحلي الخام وذلك على إثر ما لاحظوه من تناقضات في علاقة بالتقارير القديمة.
وفي علاقة بالمؤشرات المتصلة بالعام 2023، أكّد الصالحي أنّ الأرقام ما تزال غير متوفرة بما أنّ الديوان بصدد تجميعها من مختلف الإدارات الأخرى على غرار إدارة شرطة الحدود والأجانب في خصوص توزيع الوافدين على تونس شهريا وحسب الجنسية على مدار سنة كاملة.
في علاقة بمعضلة غياب الأرقام وتناقضها أحيانا، يقول رئيس الجامعة التونسية للمهن المشتركة حسام بن عزوز لموقع الكتيبة: “لم يكن الوضع كما هو عليه اليوم، كنا نحن المهنيين نتحصّل على الأرقام بشكل دوري حتى تكون لنا نظرة مستقبليّة ونعرف ما لنا وما علينا وندرس توقعاتنا، وما يحصل من غياب للأرقام الرسميّة يزيد من الضبابية في القطاع”.
وزير السياحة في جولة تفقدية لبعض الفنادق بمدينة الحمامات
صورة من الصفحة الرسمية لوزارة السياحة 30 جوان 2024
وزير السياحة في جولة تفقدية لبعض الفنادق بمدينة الحمامات
صورة من الصفحة الرسمية لوزارة السياحة 30 جوان 2024
من رافد تنموي إلى عبء اقتصادي
بغرض الوصول إلى الهدف المنشود في استقطاب نحو 10 مليون سائح بنهاية العام 2024، تعكف الحكومة إلى زيادة عدد الوافدين إليها من القطر الجزائري وهو محور الزيارة التي قام وزير السياحة محمد المعز بن حسين إلى الجزائر موفى شهر ماي/ أيار المنقضي.
من جانبها، أعلنت وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج عن قرار إلغاء تأشيرة الدخول إلى تونس بالنسبة لحاملي جوازات السفر العراقية العادية في إطار السياحة التي لا تتجاوز 15 يوما شريطة الاستظهار بحجز فندقي مسبق مؤكد مع تذكرة عودة، إضافة إلى قرار إعفاء حاملي جوازات السفر الإيرانية العادية من تأشيرة الدخول إلى تونس بداية من يوم 15 جوان/ يونيو 2024.
تكشف هذه القرارات الحاجة الملحّة لتونس لفتح أسواق جديدة بغية استقطاب سيّاح من محيطها العربي والإسلامي، في ظلّ تراجع في نسبة السيّاح الأوروبيين كمّا وكيفا، مقارنة بما كانت عليه في تسعينيات القرن الماضي، عندما كانت نسبة الأوروبيين من إجمالي الوافدين على تونس تتجاوز الـ 60%.
في المحصّلة، وبالنظر إلى توجهات الدولة التي تبحث عن أسواق جديدة، يتّضح بشكل لا لبس فيه أنّ المنوال الذي تقوم عليه السياحة التونسية وصل منتهاه بما يسلّط ضغوطات أكبر على الحكومة التي تبحث عن إرجاع مكانة السياحة في الاقتصاد التونسي إلى ما كانت عليه سابقا بهدف تحصيل عائدات أكبر من العملة الصعبة.
ويتّضح أكثر تآكل المنوال السياحي في تونس المعتمد على السياحة الفندقية والمتناغم مع ما تطلبه وكالات الأسفار الدولية المتخصصة في السياحة العائلية الجماعية (tour-opérateurs)، من خلال معاينة عائدات السياحة بالعملة الصعبة، أين تُشير المعطيات أنّ خزينة الدولة غنمت في عام 2010 جرّاء توافد 7,8 مليون سائح عائدات بلغت نحو 2,45 مليار دولار في حين كانت عائدات الـ 9,5 مليون سائح دخلوا تونس في عام 2019 نحو 2,26 مليار دولار، و2 مليار دولار نظير توافد 9,4 مليون سائح في عام 2023.
يفسّر هذا التذبذب في عائدات السياحة من العملة الصعبة بالرغم من تزايد أعداد السياح، في جزء كبير منه بتدهور قيمة الدينار أمام باقي العملات أهمّها اليورو والدولار الأمريكي.
ففي عام 2010 كان سعر صرف الدولار الواحد مقابل الدينار زهاء الـ1,9 وفي العام المنقضي 2023 كان قد بلغ ما قدره 3,1 دينار ويحتدّ أكثر هذا الانزلاق بمقارنة سعر صرف اليورو مقابل الدينار.
وما يزيد من وجاهة الطرح القائل بتآكل المنوال الذي تقوم عليه السياحة التونسية، يمكن ذكر مسألة المساهمة في الناتج المحلي الخام حيث تُشير معطيات الأجهزة الرسمية التونسية مثل البنك المركزي والديوان الوطني للسياحة، إلى أنّ مساهمة السياحة ما انفكّت تأخذ منحى تنازليّا رغم تزايد عدد الوافدين من السيّاح.
في تقريرها حول واقع السياحة في تونس الصادر في عام 2023، تقول منظمة التعاون الاقتصادي OCDE، إنّه وبالرغم من التراجع الحاد في قيمة الدينار التونسي أمام اليورو والدولار الأمريكي والذي خفّض بشكل ملحوظ في أسعار ما تعرضه البلاد كمنتج سياحي، إلاّ أنّ تطوّر الإقبال عليها خاصة من السيّاح الأوروبيين في السنوات العشر الأخيرة لم يكن بالقدر المنتظر. وهذا لا يرجع فقط حسب ذات المنظمة إلى الأزمات الظرفية التي عرفتها السياحة التونسية في السنوات القليلة الماضية بقدر ما هناك خلل هيكلي يحدّ من تطوّر جذب تونس للسياح.
وتُضيف المنظمة، أنّ تونس وبالرغم من أنّها تستقطب نحو 0,6 % من سيّاح العالم اعتمادا على أرقام السنوات التي حقّقت فيها أرقاما قياسية، إلاّ أنّها لا تحصّل سوى 0,2% من العائدات الجملية للسياحة عبر العالم، وفقا لنفس المؤشرات المرجعيّة.
تاريخيا، وكنتيجة للمخطط التنموي الأوّل لتونس، كانت السياحة التونسية قطاعا يساهم بمعدل 6 و7% في الناتج المحلّي الخام للبلاد في أواخر ثمانينات وبدايات التسعينات من القرن الماضي.
وبُعيد ما سميّت بالإصلاحات الهيكليّة التي توجّهت فيها تونس، أخذت هذه المساهمة منحى تنازليا لتستقرّ في حدود الـ 4,5% في العقود الثلاثة الأخيرة رغم الخطاب المتفائل الذي تروجه الحكومات المتعاقبة منذ حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي إلى غاية اليوم.
ومنذ عام 2014 طفت على السطح اختلافات في وجهات النظر بين الحكومة وممثلي المهن السياحية لعلّ أبرزهم أصحاب النزل -المثقلين بالديون تجاه الدولة والبنوك- في علاقة بمساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الخام للبلاد والمقدّر بحسب الأجهزة الحكومية في حدود الـ 3 – 4% ، فيما قدّرتها المنظمات المهنية بين 10 – 14%.
يأتي هذا الخلاف بعد تعدّد الإنتقادات الموجهة للنزل والفنادق التونسية التي تعمل وفق نظام الإقامة الشاملة والكلّية ( All inclusive ) وهو ما يفي بحاجة السيّاح الذين لا يغادرون تلك النزل للتسوّق والتجوّل خارجها.
إنّ تراجع مكانة السياحة في الدورة الاقتصادية لتونس، بدأت ملامحه تتجلّى منذ بداية الألفية الثالثة وخاصّة بُعيد الهجوم الإرهابي الذي استهدف كنيس اليهود بجزيرة جربة في عام 2002.
وفق دراسة لمنتدى ابن خلدون وبناء على أرقام الديوان الوطني للسياحة والمعهد الوطني للإحصاء والمنظمة الدولية للسياحة، عرف نسق تغطية عائدات السياحة لعجز الميزان التجاري هبوطا طفيفا بداية من العام 2006 أي السنة التي بدأ فيها مهنيو السياح يلاحظون دلالات أزمة عميقة وهيكلية للمنوال السياحي وقد احتد هذا الهبوط أكثر منذ عام 2011.
ويعود تراجع مستوى تغطية صادرات السياحة لعجز الميزان التجاري، إلى توسّع الأخير في أكثر من قطاع أبرزهم القطاع الطاقي، إضافة إلى تراجع عائدات السياحة التي كانت في وقت ليس ببعيد ثاني مصدر للعملة الصعبة بعد قطاع النسيج، قبل أن تترك مكانها إلى عائدات تحويلات التونسيين بالخارج التي أخذت منحى تصاعديا منذ 2011.
ففي عام 2023 قام التونسيون بالخارج بتحويل ما قيمته 2,7 مليار دولار أمريكي، في وقت لم تتجاوز فيه عائدات السياحة من العملة الصعبة زهاء الـ 2,2 مليار دولار أمريكي، مع الإشارة إلى أنّ الأخيرة تتضمّن عائدات متأتية من سياحة التونسيين المقيمين في الخارج والمقدّر عددهم بنحو المليون كانوا قد زاروا بلادهم على طول العام المنقضي، بما يفضي إلى أنّ أكبر مورد للعملة الصعبة في تونس هم التونسيون أنفسهم.
فضلا عن الآنف ذكره، أنتجت خيارات الدولة ذات الصلة بقطاع السياحة هروبا جماعيّا لليد العاملة الكفؤة وذلك بسبب تراجع أعداد النزل النشيطة، فضلا عن تراجع الحركة الاقتصادية بالنسبة للمهن المرتبطة بشكل مباشر بالسياحة على غرار المطاعم ومحلاّت الصناعات التقليدية.
ومن بين أهمّ الأسباب التي دفعت باليد العاملة الكفؤة للهجرة خارج تونس تدنّي مستوى الأجور في كل المهن المرتبطة بقطاع السياحة إن كانت فندقية أو أخرى على غرار المطاعم السياحيّة، إضافة إلى هشاشة القطاع وعدم استقراره.
وتُظهر الاتفاقية المشتركة القطاعية للنزل السياحية والمؤسسات المشابهة لها التي تمّ إمضاؤها من طرف الجامعة التونسية للنزل والاتحاد العام التونسي للشغل تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية وتمّ نشرها بالرائد الرسمي في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني سنة 2022، أنّ أجور مهنيي النزل والفنادق من أصحاب العقود النظامية تتراوح بعد الزيادات المتفق عليها بين 736 دينار تونس (حوالي 230 دولار أمريكي ) كحدّ أدنى و 1574 دينار تونسي ( حوالي 491 دولار أمريكي ) كحدّ أقصى.
ويتراجع مستوى التأجير بشكل واضح بالنسبة للوافدين الجدد على تلك المهن حيث يتراوح مستوى الأجر بالنسبة لهولاء بين الـ 533 و 1137 دينار تونسي ( 166 – 355 دولار أمريكي).
يقول “سامي”، وهو عون استقبال بأحد النزل بمدينة الحمامات، تعليقا منه على الاتفاقية القطاعية المشتركة ومستوى التأجير:”أنا في الحقيقة مستغرب ممّا عرضته لي في جدول التأجير، أنا أعمل بهذا النزل منذ ما يزيد عن 6 سنوات وأتقاضى حاليا زهاء الـ 650 دينار شهريا ( الاتفاقية تنصّ على أن يتقاضى ما لا يقلّ عن 800 دينار)، نسمع بالزيادات في نشرات الأخبار ولا نراها على أرض الواقع. إسألوا من تريدون وستتفاجأون بالأجور التي يتقاضونها.”
ويُضيف في معرض في شهادته إلى موقع الكتيبة:
“حتّى أحافظ على موطن شغلي، قبلت بتخفيض أجري خلال سنوات الجائحة كما أنّ حزمة الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة لم نر منها شيئا”.
فضلا عن تدنّي مستوى التأجير لمهنيي الفنادق والنزل ممّن تربطهم عقود نظامية في الحدّ الأدنى، تُشير أرقام منظمة التعاون الإقتصادي OCDE أنّ معدّلات التشغيل الهش وغير النظامي تتجاوز الـ 45% من إجمالي مواطن الشغل المباشرة التي يوفّرها القطاع السياحي، حيث تعتمد أغلب الفنادق والمطاعم السياحية على منظومات التشغيل القائمة على عقود قصيرة المدى وغير المسجّلة والعقود الموسمية (ثلاثة أشهر) أو وظائف دون عقود محرّرة.
وتستمدّ هذه الوضعية هشاشتها من المنوال السياحي القائم على السياحة الفندقية الشاطئية التي لا تنتعش بشكل كبير إلا خلال شهري جويلية/تموز وأوت/آب وبدرجة أقل في شهر جوان/ حزيران من كلّ موسم سياحي، وهو ما يضطرّ الفنادق والمطاعم السياحية للتوجّه نحو تشغيل يد عاملة غير مختصّة (طلبة وعاطلين عن العمل) خلال فترة الذروة وتسريحهم بانتهائها.
منظومة متهالكة ومنوال خارج التاريخ
يُشير تقرير النشاط السنوي للسياحة لعام 2022، إلى أنّ عدد المؤسّسات السياحيّة من نزل وفنادق وإقامات مغلقة بلغ قرابة 203 مؤسّسة، ما يمثّل 24% من إجمالي المنشآت السياحيّة والبالغ عددها الـ 876.
وتفسّر الوزارة أسباب الغلق بالنسبة لهذا الكمّ الهائل من المؤسّسات بأسباب ماليّة صرفة منها ما هو متعلّق بحالات إفلاس (من بينها نزل أغلقت في بدايات الألفية الثالثة) ومنها المغلقة موسميّا لعدم قدرتها على النشاط على كامل السنة وأخرى أسباب غلقها جاءت تنفيذا لقرارت إدارية أو قضائيّة.
وبالتدقيق في توزع النزل المغلقة في تونس، يتّضح أنّ نسبة منها موجودة بالجنوب التونسي بما يشي بالفشل الذريع لسياسة تنمية السياحة الصحراوية في كل من ولايتي قابس وتوزر اللّتين لم تستقطبا سوى 9% من إجمالي السيّاح، وهو ما تُشير إليه عدد الليالي المقضّاة بنزل هذه الولايات المقدّّرة بنحو 1,3 وبنسبة حجوزات لا تتجاوز الـ 23% من إجمالي الأسرّة المتوفّرة بالولايتين، فيما تتوزّع بقية النزل المغلقة بين ولايات جندوبة ( طبرقة ) 26% ونابل- الحمامات وسوسة وبعض الولايات الأخرى.
إنّ أزمة النزل والفنادق التونسية بما يتبعها من تضخّم في معدّلات البطالة من جهة وهجرة اليد العاملة المتخصّصة من جهة أخرى لا تتوقّف عند هذا الحدّ، فهناك كرة ثلج تتدحرج من سنة إلى أخرى وتتضخّم بتضخّم مديونيّة المؤسّسات السياحيّة التي وبالرغم من التحفيزات والإجراءات التي مكنتها منها الحكومات المتعاقبة من تأجيل الديون وإعادة جدولتها وتسهيل ولوج أصحاب النزل إلى التمويل رغم تأخّرهم عن خلاص ما عليهم من ديون قديمة، إلا أنّ الأوضاع لم تتحسّن بشكل ملحوظ.
وتعود جذور أزمة الديون التي تعصف بأغلب المؤسّسات الفندقية إلى بداية الألفية الثالثة مع أوّل هجوم إرهابي استهدف تونس في عام 2002 في جزيرة جربة، إثرها مباشرة ضغطت كبرى وكالات الأسفار الدولية المتعاقدة مع الفنادق التونسية لتخفيض الأسعار بالرغم من أنّ السعر الذي تقدّمه الفنادق التونسية في الأصل زهيد مقارنة بما تعرضه دول الحوض المتوسّطي، ما أدّى إلى تراجع عائدات تلك النزل مقارنة بما تتحمّله من مصاريف.
ومع أوّل أزمة شهدتها تونس، تجلّت هشاشة قطاع السياحة في تونس حيث بدأت تتّضح المشاكل الهيكلية التي تعاني منها جرّاء سوء الخيارات المبنيّة على جعل السياحة الشاطئية رافدا تنمويا ومحرّكا اقتصاديّا يحظى بأولوية كاملة من الدولة على حساب قطاعات أخرى.
وبالرغم من كلّ الامتيازات التي حظي بها المستثمرون في المجال السياحي الذي استفادوا بالطول والعرض من قروض وتسهيلات مالية وامتيازات جبائية، ورغم كلّ ما اقترفه عدد لا بأس منهم من اعتداءات على الملك العمومي البحري والغابي واستغلال مجحف للموارد المائية، إلا أنّهم لا يتوقّفون عن طلب المزيد من الدولة.
قروض تلو القروض وقروض لخلاص قروض أخرى، وهو ما أنتج سياسات ترقيعيّة بمديونية بلغت زهاء الـ 5 آلاف مليون دينار، لا تجد الفنادق سبيلا لخلاصها، سوى الاتكاء على الدولة المنشغلة بتحصيل أكثر ما يمكن من عائدات العملة الصعبة.
يشير رئيس الجامعة التونسية المشتركة للسياحة حسام بن عزوز في مقابلة مع الكتيبة، إلى المديونية العالية التي تعاني منها الفنادق السياحية، مبرزا “أنّ كلّ ما قيل عن إجراءات وتحفيزات تمتّعت بها النزل والمؤسسات السياحية هي أقاويل مضخّمة وبصفة عامّة وإن وجدت لا تحلّ مشاكل القطاع الهيكلية والتي يتمّ ترحيلها منذ عام 2003″، مضيفا أنّ “هذه المشاكل والصعوبات لا تتوقف عند الفنادق بل تتمادى لتضرب قطاع النقل السياحي”، وفق تقديره.
في بداية شهر جوان/ حزيران الجاري، رست بميناء حلق الوادي أكبر باخرتين لرحلات بحرية ( ِcroisière ) كانتا محمّلتين بنحو 10 آلاف سائح، لم تتمكّن تونس رغم تجنيد كلّ وسائل النقل السياحي و الاستعانة بحافلات شركات النقل العمومي بين المدن إلاّ من استضافة 3000 آلاف سائح والبقية لازموا أماكنهم بالبواخر، وفق تصريح أدلى به رئيس الجامعة التونسية لأصحاب وكالات الأسفار أحمد بالطيب.
يفسّر بن عزوز ذلك بالقول”إنّ تقادم الأسطول والنقص الفادح المسجّل فيه يجعل من هذه الصعوبات أكبر ويحرم تونس من عائدات مالية أكثر، مبرزا “أنّ كلفة اقتناء حافلة تجاوزت الـ 1,5 مليون دينار وهو ما لا تقدر عليه الوكالات في الوقت الحالي بالنظر إلى الأوضاع الاقتصادية والضرائب الضخمة التي تفرضها الدولة على توريد السيارات والحافلات.”
لا بدّ من نظرة أخرى لقطاع النقل السياحي فلا يمكن المواصلة بهذا النهج خاصة وأنّ الأسطول متقادم جدّا والعالم يتجه نحو السيارات والحافلات ذات المحرّكات الكهربائية وقد تصبح إجبارية في السنوات القليلة القادمة
من جانبها، دعت منظمة التعاون الاقتصادي الحكومة بإلحاح إلى ضرورة التقليص من نظام الرخص في كل ما يهم النقل والنقل السياحي وتحريره وفقا لنظام كراسات شروط سلسة وغير مكبّلة، مضيفة أنّ الوضع الحالي لأسطول النقل السياحي ( عمومي وخاصّ ) في تونس يعاني التقادم بما يؤثر على تنافسية القطاع السياحي التونسي.
لماذا تقدّمت المغرب وتأخرت تونس؟
بُعيد استقلالها، اتخذت الدولة التونسية سياسات ترمي إلى تنويع مواردها عبر تطوير منوالها السياحي، ولهذا الغرض أنشأت في عام 1959 أوّل شركة عمومية لها تُعنى بالسياحة وهي الشركة التونسية للفنادق السياحية SHTT والتي تمكّنت في وقت وجيز من تسيير 90% من الفنادق والمنتجعات المملوكة للدولة وإحداث نواتات سياحية جديدة سطّرت إلى حدّ ما المنوال الذي ستقوم عليه السياحة التونسية باعتبارها محرّكا تنمويا يمكن الاستفادة منه بشكل كبير في خلق التنمية وإحداث مواطن الشغل.
ظلّت شركة الفنادق السياحية المُسيطر الأبرز على كل ما له علاقة بالسياحة التونسية والمهن المرتبطة بها، قبل أن تترك مكانها في عام 1970 إلى هياكل استحدثتها الدولة مع أوّل مخطّط تنموي لها وهما كلّ من الديوان القومي للسياحة والوكالة العقارية للسياحة( 1971 ) اللتان ستتولّيان فيما بعد رسم أوّل منوال سياحي للبلاد يقوم على استغلال البحر والشواطئ والشمس كعرض يمكّن الدولة من استقطاب أعداد أكبر من السياح الأوروبيين خاصة من دول الحوض المتوسطي باعتبارها شعوبا استهلاكية وذات قدرة إنفاقية عالية، في ذلك الوقت.
ومن بين أهمّ الأهداف التي رسمها المنوال التنموي الأوّل لتنمية القطاع السياحي في تاريخ تونس بعد استقلالها، كان استقطاب مليون و500 ألف سائح أوروبي بحلول العام 1985.
لبلوغ الهدف المنشود، وضعت الدولة التونسية بمعيّة الديوان القومي للسياحة (الاسم السابق للديوان الوطني للسياحة) والوكالة العقارية للسياحة، مخطّطا استثماريا فتحت فيه الباب أمام القطاع الخاصّ والصناديق الدولية لتهيئة 7 مدن سياحية بكلّ من الضاحيتين الشمالية والجنوبية لتونس الكبرى والحمامات بولاية نابل وسوسة الشمالية و سقانس بولاية المنستير وكلّ من مدينة جرجيس وجزيرة جربة جنوبي البلاد وطبرقة شمال غربي البلاد. ولكلّ من هذه المُدن مخطّطها التنموي الذي يراعي ضرورة خصوصية المنطقة وتاريخها ومثالها العمراني، فضلا عن تركيز موانئ ترفيهية على غرار ميناء سيدي بوسعيد بالعاصمة تونس وميناء سوسة وميناء المنستير و جرجيس و طبرقة.
إضافة إلى ذلك، رسم المخطّط التنموي خارطة إحداث مطارات داخل ولايات الجمهورية تكون امتدادا لمطار تونس قرطاج الدولي على غرار مطار الحبيب بورقيبة بالمنستير ( 1968 ) ومطار توزر نفطة الدولي ( 1978 ).
تمكّنت تونس في عام 1988، من بلوغ الهدف المنشود في استقطاب أكثر من 3,5 مليون وافد غير مقيم من بينهم أكثر من مليون و700 ألف سائح أوروبي، ومثلهم من دول المغرب العربي، الشيء الذي وفّر عائدات مالية من العملة الصعبة تجاوزت الـ 1 مليار دولار.
نجاح المخطّط الأوّل الذي وضعته الدولة التونسية لتطوير قطاعها السياحي والذي حقّق فعليا نجاحا مبهرا ووضع تونس كوجهة سياحية بارزة في الحوض المتوسطي، فتح شهية رجال الأعمال التونسيين ممن تخصّصوا في تطوير الفنادق إلى زيادة الضغط على الحكومة من أجل المواصلة في نهج في استحداث مناطق سياحية جديدة وزيادة عدد الأسرّة بهدف استيعاب أكثر أعداد من السياح.
يقول حسام بن عزوز رئيس الجامعة المهنية المشتركة للسياحة التونسية في حواره مع موقع الكتيبة، إنّ “أزمة السياحة التونسية انطلقت في تسعينيات القرن الماضي، عندما توجّهت الدولة إلى مزيد استحداث مدن سياحية لم تراع فيها خصوصيّة المناطق التي بُعثت فيها وهي سياسة كان وقعها سيّئا بشكل كبير.”
ويُضيف بن عزوز “أنّ السياسات التي توجهت فيها تونس منذ أواخر الثمانيات وبداية التسعينات كان ترمي إلى تشييد مدن سياحية جديدة بهدف استيعاب أعداد أكبر من السياح، فكانت نتائجها وخيمة من حيث نوعيّة السياح الذين يأتون إلى تونس حيث أنّ قدرتهم الإنفاقية متدهورة. كما قُتلت تجمّعات سياحية أخرى بما أنّ المدن الجديدة وعلى غرار ياسمين الحمامات بها فنادق تعمل جميعها وفق نظام الـ All inclusive، بما اضطرّ بقيّة الفنادق إلى اعتماد ذات النظام في إطار تنافسية محلّية بينهم”، بحسب تعبيره.
السياحة التونسية تعيش أزمة هيكليّة منذ تسعينات القرن الماضي، نحن لسنا أمام سياحة شاطئية لا تلبّي الطلب بقدر ما نحن أمام سياحة فندقية متأزّمة وأزمتها عميقة
حسام بن عزوز رئيس الجامعة المهنية المشتركة للسياحة التونسية
بالعودة إلى تسعينات القرن الماضي، الفترة التي أجمع فيها الباحثون والمتدخّلون المهنيّون في قطاع السياحة على أنّها نقطة تحوّل إلى الخلف في علاقة بالسياحة التونسية، تُشير المعطيات من خلال دراسات قام بها باحثون، إلى أنّ الجامعة التونسية للنزل ( منظمة نقابية تدافع عن أرباب الفنادق ) التي كان يرأسها عزيز ميلاد -أشهر رجال الأعمال المستثمرين في قطاع الفنادق- ضغطت في اتجاه سنّ سياسات عمومية محفّزة لرجال الأعمال لمزيد إحداث نزل وفنادق بهدف زيادة عدد الأسرّة.
على هذا الأساس، استجابت الحكومة التونسية لمقترحات المستثمرين التونسيين لإنشاء مناطق سياحية جديدة وتوسيع مناطق أخرى مع تعديلات طفيفة تقضي بفتح المجال أمام الباعثين الصغار لإحداث مشاريع نزل من فئة ثلاثة نجوم وأقل وذلك في محيط المنتجعات السياحية ( Les zones touristiques ) بهدف تعزيز طاقة استيعابها.
بفضل تلك المشاريع الجديدة، ارتفع عدد أسرّة الإيواء بالمنشآت السياحية على كامل تراب الجمهورية لتبلغ نحو 231 ألف سرير بحلول عام 2006، منها نسبة مهمة جاءت نتيجة لدخول المدينة السياحية ياسمين الحمامات حيّز العمل في عام 2004، وأخرى بالجنوب التونسي أساسا في مدينة توزر والتي كان الهدف منها تطوير السياحة الصحراوية على أمل تركيز سياحة مستدامة على كامل العام ولا تقتصر على المواسم الصيفية.
سياسات الحكومة التونسية لتوسيع المناطق السياحية بالبلاد حسب دراسة قام بها الأستاذ والباحث بجامعة سوسة محمد هلال، كانت نتيجة لغياب تصوّرات بديلة عمّا تطلبه وكالات الأسفار الدولية المتخصّصة في السياحة العائلية الجماعية والتي دائما ما تسوّق لتونس على أنّها مدينة الشمس والشواطئ والفنادق الفخمة، بما أفضى في النهاية إلى أنّ تونس لا تقدّم سوى عرض الفندقة الشاطئية.
ويضيف هلال في دراسته المنشورة على موقع المجلّة العلمية Open Edition أنّ كبرى وكالات الأسفار الدولية تقوم بالتفاوض مع الفنادق التونسية من موقع قوّة لتخفيض الأسعار أكثر ما يمكن، ويعود ذلك إلى السياسات الحكومية التي انتهجتها تونس منذ تسعينيات القرن الماضي والهادفة إلى تطوير العرض الفندقي والذي كان معاكسا تماما لتطوّر الطلب عليها وغير مواكب للتحوّلات التي يشهدها الطلب السياحي في العالم.
وتُشير ذات الدراسة في علاقة بسلوك كبرى وكالات الأسفار الدولية إلى أنّ الأخيرة تزيد من ضغوطاتها تجاه الفنادق التونسية مع كلّ أزمة تشهدها البلاد على غرار العمل الإرهابي الذي استهدف جزيرة جربة في عام 2002، وخاصة الأحداث التي عرفتها البلاد بُعيد ثورة جانفي/ كانون الثاني 2011 وجائحة “كوفيد-19”.
هذا السلوك الذي تعتمده كبرى وكالات الأسفار في التخفيض في الأسعار أنتج حسب الأستاذ الجامعي محمد هلال عواقب وخيمة أدّت إلى تدهور الخدمات السياحية بما في ذلك خدمات الفنادق التي أغلق عدد كبير منها أبوابه بما ساهم في تضخم مشكل البطالة،
كما خفّض في مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلّي الخام والدورة الاقتصادية للبلاد.
تعرّضت الأنشطة شبه السياحية -الحرف والمطاعم السياحية والمحلات التجارية- للدمار خلال سنوات الأزمة، ممّا أثر على النسيج الاقتصادي والعمراني في المناطق والبلدات السياحية
مقتطف من دراسة الأستاذ محمد هلال
مع مرور الوقت والفشل في تنويع منتجاتها، عانت تونس من صورة الوجهة السياحية “البخسة”، التي يمكن استبدالها بأيّ وجهة أخرى.
وما آلت إليه السياحة التونسية بسبب تظافر عدّة أسباب منها المتصل بالسياسات العمومية والخيارات التنموية ومنها ما هو متّصل بسوء الحكومة والفساد، لم تكن تنذر له بدايات الصناعة السياحيّة في مقارنة بجارتها المملكة المغربية.
في البدايات، كانت تونس تُسجّل أسبقية على المملكة المغربية، المنافس الأوّل لتونس في حوض المتوسط، فقد استطاعت وفق دراسة منشورة على موقع المعهد الفرنسي للبحوث المغاربية المعاصرة من مضاعفة أعداد الوافدين إليها من السياح الأجانب في الفترة المنحصرة بين 1962 و1990 نحو 60 مرّة على الأقلّ، فيما قدّرت نفس الدراسة نسبة تضاعف وفود السياح إلى المملكة خلال ذات الفترة في حدود الـ 15 مرّة.
بالنظر إلى أرقام السنوات العشرين الأخيرة، يتّضح أنّ المملكة المغربية تجاوزت تونس بأشواط كبيرة في في استقطاب السيّاح الأجانب والظفر بعائدات مالية مهمة من العملة الصعبة تجاوزت بنهاية العام 2023 زهاء الـ 10 مليار دولار أمريكي، نظير استقبالها أكثر من 21 مليون وافد غير مقيم من بينهم 7 مليون مغربي ( يقيمون خارج المملكة ).
بين الإصلاحات الهيكليّة والتحدّيات المناخيّة
منذ سبعينات القرن، أنتج منوال السياحة في تونس سياحة شاطئية جماعية، تتركّز بالأساس على طول الشريط الساحلي للدولة التونسية.
في تقريرها حول مؤشر تنافسية القطاع السياحي التونسي الصادر سنة 2023، تقول منظّمة التعاون الاقتصادي “إنّ غالبيّة السياح يقيمون في مبان فندقية كلاسيكية من فئة 3 أو 4 أو 5 نجوم، ممّا يؤكد هيمنة السياحة الجماعية على باقي الأنماط الأخرى، حيث تزايد عدد النزل بشكل كبير منذ سبعينيات القرن الماضي.”
وتضيف المنظمة في تقريرها “أنّ أصحاب النُزل وبغية الحفاظ على هامش ربحهم وتوفير المال على حساب الخدمات المقدّمة، يقومون بانتداب عمّال موسمييّن من غير المختصّين. “
التقرير يُشير أيضا إلى “أنّ هذه الممارسة ساهمت في انخفاض إيرادات السياحة لكلّ سرير من 11.3 دينارا تونسيا إلى 4.5 دينارا بين عامي 2005 و2015، ممّا أدى إلى تردّي جودة الخدمات بشكل عام.”
دفعت جائحة الكوفيد-19 بجميع المتدخّلين في المجال السياحي للوعي بأهمية إدخال تحويرات هيكليّة في الصناعة السياحية التونسية من ذلك تشجيع السياحة البديلة والداخلية لتجاوز سلبيّات السياحة الجماعية.
يقول رئيس الجامعة التونسية للمهن السياحية المشتركة حسام بن عزوز في حواره مع موقع الكتيبة، إنّ “الدولة تنظر إلى السياحة بنظرة قطاعية بحتة بالرغم من أنها مرتبطة بمجالات وقطاعات أخرى عديدة”، مضيفا أنّه “للنهوض بالقطاع السياحي يتوجّب النهوض بقطاعات أخرى على غرار البلديات والرياضة والثقافة لتنويع المنتج السياحي في إطار سياسة كاملة مدفوعة بإرادة قوية تحدث التغيير المنشود.”
ويضيف بن عزوز “أنّ السياحة الشاطئية يجب أن تتواصل لكن ليس بذات السياسات التي تعمل وفقها البلاد، خاصّة في ظلّ صورة تسويقية سيّئة يعرضها منظّمو الرحلات الدولية في الملتقيات والصالونات الدولية تقتصر على شاطئ وشمس وبحر”، داعيا في هذا المجال إلى “ضرورة تغيير السياسة التسويقية للسياحة التونسية والانخراط أكثر في مجال التسويق الرقمي، لكن بشرط توفير البنى التحتية اللازمة للأنماط السياحيّة التي ترغب تونس في الترويج لها.”
عندما نشارك في ملتقيات وصالونات دولية سياحية نسمع ونشاهد أسعارا غريبة وتسويقا مخجلا. تونس تتحوّز على إمكانيات سياحية أكبر يمكن التسويق لها على غرار الصحراوية منها والجبلية والطبيّة والاستشفائية
حسام بن عزوز
في الحقيقة، لا توجد أرقام دقيقة حول عائدات أنواع أخرى من السياحات على غرار سياحة المؤتمرات والسياحة الرياضية والسياحة الثقافية والطبيّة.
يقول المكلّف بالإعلام نوفل الصالحي ردّا على طلب موقع الكتيبة في خصوص توزيع عائدات السياحة حسب المجال، إنّ “الديوان لا يمتلك معلومات مثل هذه”، مبيّنا أنّ “عدد الأجانب الذين يزورون تونس في إطار سياحة طبية أو استشفائية قد تكون متوفرة لدى وزارة الصحة والهياكل المشرفة عليها كالديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء بالمياه.”
من خلال هذا المعطى، نستشّف أنّ تشتّت المعلومات والإحصائيات ذات الصلة بالسياحة التونسية والاقتصار على معلومات عامّة تتعلّق بعدد الليالي المقضّاة بالنزل وعدد الوافدين إلى تونس من غير المقيمين بها، لا يمكّن المنظمات الوطنية والهياكل الحكومية من بسط استراتيجية واضحة للنهوض بالسياحة وجعلها قطاعا مستداما لا يتأثر بالأزمات الظرفية.
فضلا عن كلّ هذا، تطرح التغيّرات المناخية تحدّيات خطيرة للسياحة التونسية من ذلك الارتفاع المتواصل لدرجات الحرارة وتآكل الشواطئ الرميلة بأكثر من مدينة سياحية على غرار شاطئ الحمامات الذي جرف البحر جزءا كبيرا منه وأرخبيل قرقنة الذي يحذّر خبراء ومختصون من كونه بات مهدّدا بالغرق.
يعدّ شاطئ الحمامات لوحده مثالا حيّا على النظرة الضيّقة للسلطة السياسية في تونس التي تعالج مشاكل عميقة عبر حلول ترقيعية ومتأخرة.
خلال زيارته إلى مدينة الحمامات، عاين الرئيس التونسي قيس سعيّد الحالة التي أصبح عليها شاطئ الحمامات ثاني وجهة سياحية في البلاد بعد جزيرة جربة، وأمر حينها بضرورة معالجة الأمر في أقرب وقت ممكن.
انتظرت مدينة الحمامات 3 أشهر بعد تلك الزيارة حتى تتدخّل وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبيل انطلاق الموسم السياحي.
في الحقيقة، فإنّ انجراف الشواطئ ليس ناتجا في مجمله عن التغّرات المناخية بقدر ما هو ناتج عن توسّع عمراني كبير، ساهمت فيه المدن السياحيّة نفسها وفق دراسة حكومية صادرة منذ عام 2010.
هذا الوضع الذي لم يقرأ له مطوّرو الفنادق أيّ حساب ، يعدّ من أبرز الإشكاليات التي تواجه السياحة الشاطئية في قادم السنوات خاصّة مع تسجيل ارتفاع في درجات الحرارة بمستوى درجتين كل سنة، وفقا للمعهد الوطني للرصد الجوّي.
هذه التحدّيات المناخية التي تواجه السياحة التونسية والتي كانت مطروحة منذ عام 2010، كما تُشير إلى ذلك الدراسة الحكومية الممولة من وكالة التعاون الألماني GIZ، أكّدتها وزارة البيئة في آخر تحيين لها بمناسبة متابعتها الدورية لتنفيذ الإستراتيجية الوطنية للتكيّف مع التغيّرات المناخية والتي لخصتها في:
- اضطراب السياحة الساحلية نتيجة لتأثيرات ارتفاع مستوى سطح البحر.
- زيادة تكاليف تشغيل الفنادق (الموارد المائية وإدارة الطاقة).
- تنافسية بين جميع القطاعات حول استخدام الموارد الطبيعية
- زيادة التوتر بشأن الإمدادات الغذائية.
- انخفاض التنوع البيولوجي وتدهور النظم البيئية والمناظر الطبيعية البحرية والبرية.
- تدهور نوعية مياه البحر والمياه العذبة (بحيرات التلال والأنهار والمياه الجوفية).
- زيادة المخاطر الصحية والمخاطر المرتبطة بالأحداث المتطرفة.
بالرغم من تعدّد الدراسات وتفاقم المشاكل والتحديات سنة بعد سنة ، لم تتوخّ الدولة التونسية مخطّطا تنمويا يأخذ بعين الاعتبار تآكل المنوال الذي تقوم عليه السياحة والتي تحوّلت من رافد تنموي خلال البدايات إلى عبء اقتصادي يؤرق الحكومات، خاصة وأنّ الأخيرة ومازلت تروّج لخطاب مضلّل في جزء منه لا يعكس الواقع الحقيقي الذي تعيشه السياحة التونسية.
يحاول هذا المقال التفسيري المعزّز بالبيانات شرح أسباب الأزمة الهيكلية التي يعاني منها القطاع السياحي في تونس والتي ألقت بظلالها على المنوال الاقتصادي برمته، من أجل الدفع بالنقاش العام نحو اجتراح حلول سياسيّة من شأنها ابتكار تصورّات جديدة تجعل من القطاع رافدا للتنمية الحقيقيّة والنهوض الاقتصادي مع تحسين القدرة على المنافسة في السوق العالميّة.
يحاول هذا المقال التفسيري المعزّز بالبيانات شرح أسباب الأزمة الهيكلية التي يعاني منها القطاع السياحي في تونس والتي ألقت بظلالها على المنوال الاقتصادي برمته، من أجل الدفع بالنقاش العام نحو اجتراح حلول سياسيّة من شأنها ابتكار تصورّات جديدة تجعل من القطاع رافدا للتنمية الحقيقيّة والنهوض الاقتصادي مع تحسين القدرة على المنافسة في السوق العالميّة.
الكاتب : وائل ونيفي
صحفي مختص في قضايا مكافحة الفساد وحقوق الإنسان والشأن السياسي
الكاتب : وائل ونيفي
صحفي مختص في قضايا مكافحة الفساد وحقوق الإنسان والشأن السياسي