الكاتب : غفران حسايني

باحث جامعي وكاتب متخصص في الدراسات الحضارية وفلسفة التأويل. جامعة منوبة.

يقول الدكتور زكرياء إبراهيم في مقدّمة كتابه “إنّ مشكلة الحرية بالذات من أكثر المسائل الفلسفية اتصالا بالعلم والأخلاق والاجتماع والسياسة فضلا عن صلتها الواضحة بمشاكل ما بعد الطبيعة، فقضية الحرية تلامس أبعادا مختلفة من الوجود الإنساني لها صلة وثيقة بالقانون والتشريعات المحددة لشروط الحرية وحدودها ومسؤوليتها وأخلاقياتها، بالإضافة إلى انشداد مسألة الحرية إلى الحقيقة المتافيزيقية (الماورائية) التي لا سبيل إلى فهمها إلإ في نطاق الوجود الإنساني بأكمله.

وقد أردنا من خلال هذا التقديم أن نشير إلى أن طرح قضيّة الحرية بالأمس واليوم لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تخرج عن دوائر التفكير متعددة الجوانب، ولا يمكن اختزالها ضمن حقل معرفي واحد قانوني أو تشريعي أو اجتماعي أو سياسي أو ديني أو أخلاقي أو في المباحث المتعلقة بفلسفة الدين، طالما أنها في جوهرها تعتبر قضيّة وجودية تتداخل فيها كل هذه العناصر مجتمعة، والبحث في الحرية هو بمثابة دراسة شاملة للوجود الإنساني بأكمله في سياقاته المتعدد، وسنحاول في هذا المقال طرح قضية الحرية ضمن مقاربات فلسفة الدين، وكيف نجدها في القرآن ضمن القراءات التنويرية التي امتازت بها المدرسة التونسية مع الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ثم نطرح هواجس العقل المسلم من قضية الحرية في ظل سطوة العولمة وسيادة الثقافة الكونية وهواجسنا منها.

الكاتب : غفران حسايني

باحث جامعي وكاتب متخصص في الدراسات الحضارية وفلسفة التأويل. جامعة منوبة.

يقول الدكتور زكرياء إبراهيم في مقدّمة كتابه “إنّ مشكلة الحرية بالذات من أكثر المسائل الفلسفية اتصالا بالعلم والأخلاق والاجتماع والسياسة فضلا عن صلتها الواضحة بمشاكل ما بعد الطبيعة، فقضية الحرية تلامس أبعادا مختلفة من الوجود الإنساني لها صلة وثيقة بالقانون والتشريعات المحددة لشروط الحرية وحدودها ومسؤوليتها وأخلاقياتها، بالإضافة إلى انشداد مسألة الحرية إلى الحقيقة المتافيزيقية (الماورائية) التي لا سبيل إلى فهمها إلإ في نطاق الوجود الإنساني بأكمله.

وقد أردنا من خلال هذا التقديم أن نشير إلى أن طرح قضيّة الحرية بالأمس واليوم لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تخرج عن دوائر التفكير متعددة الجوانب، ولا يمكن اختزالها ضمن حقل معرفي واحد قانوني أو تشريعي أو اجتماعي أو سياسي أو ديني أو أخلاقي أو في المباحث المتعلقة بفلسفة الدين، طالما أنها في جوهرها تعتبر قضيّة وجودية تتداخل فيها كل هذه العناصر مجتمعة، والبحث في الحرية هو بمثابة دراسة شاملة للوجود الإنساني بأكمله في سياقاته المتعدد، وسنحاول في هذا المقال طرح قضية الحرية ضمن مقاربات فلسفة الدين، وكيف نجدها في القرآن ضمن القراءات التنويرية التي امتازت بها المدرسة التونسية مع الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ثم نطرح هواجس العقل المسلم من قضية الحرية في ظل سطوة العولمة وسيادة الثقافة الكونية وهواجسنا منها.

الرؤية الدينية للإنسان ومسألة الحرية

كان الوضع القديم لفكرة الإنسان في الأديان السماوية السابقة للإسلام مرتكزة أساسا على فكرة الخطيئة والذنب والمعصية، أي أنّ الإنسان كائن خاطئ مذنب بفطرته خارج عن نواميس الخير وقد سبق إلى فعل الشر واقتراف الخطيئة الأولى –خطيئة آدم في الجنة-، فبحسب التراث الديني اليهودي أخرج الإنسان من مجاله الأّول الجنّة إلى حياة الأرض عاصيا مطرودا معاقبا دون سابقة خطّة إلهية مرسومة، فكان وجوده على الأرض عارضا وعقابيا ارتبط بمعاصيه ونوازع الشر الكامنة فيه.

فحياة الإنسان على الأرض في اللاهوت اليهودي هي ناتجة عن العقوبة الإلهية لما اقترفه آدم في الخطيئة الأولى من جهة، وناتجة أيضا عن استمرار الإنسان في الشر من جهة أخرى، فصارت بذلك الأرض ملعونة وحياة الإنسان فيها تعب وشقاء طوال حياته وقد سلب النعيم والراحة بقية حياته للشر الذي ارتبكبه كما ورد في سفر التكوين في الإصحاح الثالث حين قال له الرب :” ملعونة الأرض بسببك، بالتعب تأكل منها وشوكا وحسكا تنبت لك” (العهد القديم، سفر التكوين الإصحاح الثالث)، فوجود الإنسان وفق هذه الرؤية مبنية على ثلاثية المعصية والعقوبة والاستمرارية في الشر، وهو ما يجعل من قضية حريّته إشكالا قائما على مستوى طبيعة النص الديني في حدّ ذاته التي ألبست بالإنسان صورة المخلوق المتمرّد والعاصي والمنبوذ والمتسبب في السوء. لذلك تمثل حريته مشكلة أساسية ترجع إلى لحظة الخطيئة التي تتبعتها العقوبة.

ثم جاءت المسيحية أيضا بفكرة الخطيئة الكبرى التي يتوراثها الإنسان وهي المسببة للشقاء الذي ارتبط في التفكير المسيحي بشيء من التشاؤم للاعتقاد في انفصال الإنسان عن الطبيعة وهو ما أشار إليه القديس أوغسطين Augustin (ت430 م) الذي يعدّ أكبر آباء الكنيسة على الاطلاق حين رأى أنّ الإنسان في هذه الدنيا ليس جزءا من الطبيعة بل هو غريب عنها وتاريخه يتلخص في أنّه مذنب بالنسبة إلى أصله السماوي، لذلك تغلب عليه الأنانية والجري وراء اللذات ولا بد من تقييد حريته بسلطة الكنيسة التي تربّي الناس وتردعهم.

وقد انسابت هذه الأفكار القائمة على تذنيب الإنسان عند القديس توماس الأكويني Thomas Aquin (ت.1273 م) فيما بعد ثم الفيلسوف المسيحي بسكال Pascal (ت.1662 م) فنظروا إلى الانسان بوصفه مخلوقا متناقضا وأنانيا وبائسا وهو ما ولّد اشكاليات لاهوتية كبرى في سبيل تحرير الإنسان في الفكر المسيحي، أطلق عليها الدكتور حسن القرواشي بـ “الذعر المرضي من الحريّة”، لأن الإنسان يسعى بفطرته إلى الشر والجريمة فوجب تقييده بسلطة الكنيسة ومحاربة نوازع التحرر فيه، ثم جاء الإسلام برؤية أخرى نظرت إلى جوهر الإنسان باعتباره كائنا مكرما في الأرض وجد فيها بإرادة إلهية سابقة.

التأصيل القرآني لفطرة التحرر الإنساني

لم يرد لفظ الحرّية في القرآن مطلقا وإنما وردت اشتقاقات عنها مثل “الحر”و”التحرير”في سورة البقرة الآية 178 في قوله تعالى “يا أيّها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحرّ بالحرّ ” وفي سورة النساء الآية 92 في قوله تعالى “فدية مسلّمة إلى أهله وتحرير رقبّة ” وورد لفظ “محررا” في سورة آل عمران الآية 35 في قوله تعالى “إنّي نذرت لك ما في بطني محررا ” و قد ذكر الإمام القرطبي في تفسيره أنّ الألفاظ مأخوذة من الحريّة التي هي ضد العبودية، ومن هذا قول العرب “تحرير الكتاب”، وهو تخليصه من الاضطراب والفساد“.

وما يمكن الإقرار به أن مسألة الحرية في القرآن متناغمة تماما مع صورة الإنسان في الفكر الإسلامي الذي يحظ بأهمية أساسية في الكون، حيث يتكلّم القرآن عن خلقه الأوّل في عالم غير هذا العالم” ما ورائي مفارق” وعن طبائعه وصفاته وإرادته وقوته وضعفه وكرامته وأن مجيئه إلى الأرض لم يكن أمرا عارضا بل وفق ما يمكن تسميته “بالتدبير” الإلهي الأزلي بعد التكريم والتفضيل الذي طاله لحظة الخلق، لآدم وبنيه من بعده في قوله “ولقد كرمّنا بني آدم وحملناهم في البرّ والبحر وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا” (الاسراء ،الآية 70) ثم جاءت مقومات التحرر الانساني بتقويم الخلقة في قوله “لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم” (سورة التين ، الآية 4) والتي اعتبرها الإمام ابن عاشور في تفسيره تقويما فطريا نقيا وليس تقويما خلقيا جسديا كما ذهب إلى ذلك أغلب المفسرين.

من هنا يمكن أن نجترح مدخلا للتأصيل الفطري لحرية الإنسان وفق التقرير القرآني وقد خلق (أي الإنسان) خلقا أصيلا مستقلا بفطرة نقية متحررة من كل الأغلال والقيود متناغمة مع علّة الخلق وغايته ومنسجمة كونيا مع تعلّق المخلوقات تعلّقا وجوديا بالخالق في قوله تعالى :”فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله “(سورة الروم الآية 30، مع ملاحظة أنّ فطرة وفق الرسم القرآني في هذه الآية تكتب تاؤها مفتوحة) والفطرة حسب الإمام ابن عاشور فإن معناها لم يتقن أحد من المفسرين الافصاح عنه بالقدر الكافي وعرفها بأنها ” النظام الذي أوجده الله في كل مخلوق، ففطرة الإنسان هي ما خلق عليه ظاهرا وباطنا جسدا وعقلا.

ولا ريب أن فطرة الله للإنسان كانت تأصيل للحريّة المتأصلة في كيانه وتوقه إلى كسر الأغلال التي تقيده، وهذا ما أقره الحديث الشهير لعمر بن الخطاب بقوله لعمرو بن العاص “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا “أي أن الحرية لحظة الولادة هي النقاء من كل شوائب البشر وتحرر الإنسان من أغلال العبودية والاستعباد بمختلف أشكالها أو ما أطلق عليه الإمام ابن عاشور بالفطرة النفسية وهي الحالة التي خلق الله عليها النوع الإنساني سالما من الاختلاط بالرعونات والعادات الفاسدة ولا ريب أن كل نقيض للحرية بشكل عام من عبودية ورق واستعباد يعد خرقا لفطرة الحرية الإنسانية وهدما لمقصد من مقاصد الدين.

لذلك كانت دعوة الإسلام الأولى لعتق الرقاب وتحرير العبيد عملا ثوريا بامتياز في مجتمع إنساني حوّل الاستعباد إلى سنّة بشرية في كل حضارات العالم وقد ظهرت العبدوية مقترنة بظهور الحضارات الانسانية القديمة أي عندما بدأ الانسان يأخذ بأسباب التمدّن وتعمير الأرض فظهر السيد والعبد والمالك والمملوك مع تطور أدوات الإنتاج وظهور النظام الاقتصادي في المجتمع البشري. المرتبط بالأسس الفلسفية التي ترجع في بعض تصوراتها إلى فلاسفة الإغريق القديم وتقسيمهم للعالم وفق ثنائية فوق/ تحت فكانت دعوة الاسلام للتحرر صرخة في وجه نظام عالمي شمولي وعودة بالانسان إلى فطرته الأولى خاصّة عندما كانت جذوة الإيمان متقدة في نفوس المسلمين تحثهم على المسارعة إلى عتق رقيقهم احتذاء بسلوك النبي الذي اعتق قبل موته جميع ما كان بحوزته من رقيق واتبع المسلمون ذلك بعتق الرقاب أفرادا وجماعات.

ساهمت الثقافة الغربيّة منذ صعودها إلى مصافّ السّيادة العالميّة في تعميق حجم اغتراب الذات العربيّة عن واقعها وعن وعيها التاريخي أمام وافدها الحضاري والفكري الذي لم يترك مكانا إلاّ واقتحمه ليعطي البديل بإزاحة الثقافة الأصليّة واستبعادها ممّا ساهم في إحداث ارتجاجات معرفيّة وثقافيّة وقيمية في فكرنا الحديث والمعاصر في ظلّ غياب القراءات الاستشرافيّة والحلول العمليّة الحقيقيّة التي تحدث التوازن بين الأنا والآخر أمام افتتان الغرب بفكرة السيطرة والتوسّع وعدم قدرته على تقبّل اختلاف الآخر عنه، “ولا حتّى فهمه من خلال مقولاته الخاصّة به وليس الخاصّة بالغرب على حدّ اعتبار صادق جلال العظم.

وهو ما ألقى بظلاله على نظرنا لمسألة الحرية، فرغم أننا نجد مثلا أن الامام ابن عاشور لخص مسألة الحرية في كتابه أصول النظام الاجتماعي في الاسلام بقوله ” إن الحرية خاطر غريزي في النفوس البشرية فيها نماء القوى الإنسانية من تفكير وقول وعمل”، إلا أن طبيعة فهمنا لمسألة الحرية والتحرر اليوم غالبا ما تنقاد إلى إكراهات الواقع المعاصر الذي تحوّلت فيه الحرية من دائرة التفكر فيها في سايقها المعرفي إلى اعتبارها إيديولوجية تغريبية تمثل أداة متميّزة لابطال العقيدة الإيمانية بدل احترامها والتعايش معها أو حتى قبولها.

فمسألة التحرر اليوم لم تعد مرتبطة أساسا بفهمنا لنصوصنا الدينية المؤسسة ونسق تطور فهمنا لها وتراكم تفاعل عقول المسلمين مع قرآنهم وسنّة نبيهم بل أضحت رؤيتنا للحرية باعتبارها بذرة هجينة ودخيلة على حضارتنا ومجتمعاتنا كما لو أنها صناعة ثقافية ينتجها الغرب ويصدّرها إلى العالم بشتى الوسائل، وهو ما يكسر خصوصية الشعوب والحضارات ويصهرها في بوتقة واحدة ومعولمة يتسيدها العالم الرأسمالي الذي أطلق على نفسه اسم “العالم الحر” مقابل الآخر ” عالم العبيد” أو عالم الأغلال والقيود أو العالم الذي بقي داخل التاريخ يعيش فتنه وصراعاته على حد عبارة المنظر الأمريكي ” فرنسيس فوكوياما صاحب كتاب ” نهاية التاريخ والإنسان الأخير”.

وإن هواجس الحرية في الخطاب الإسلامي المعاصر بشكل عام تقوم أساسا على فكرة أساسية في تقديرنا وهي النظر إلى الحرية كما لو أنها تعتبر اختراقا معرفيا للقوى المفكّرة والمثقّفة داخل المجتمعات المسلمة لسلب مقوّماتها الثقافية والحضارية ضمن استراتيجيات تصفية العقول حتى تضحى تابعة للثقافات المهيمنة عليها بجميع أدوات الالتقاء “كالقنوات والوسائط اللّغويّة والدينيّة والتعليميّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والإعلاميّة وغيرها“. ولا ينظر إلى قضايا الحرية والتحرر ضمن سياقها الحضاري والفلسفي المؤسس وهي النظرة القرآنية لأصالة حرية الإنسان في النظام الكوني.

ونختم بما يبيّن هذا الخوف القائم من ثقافة التحرر المعاصرة والمعولمة أكثر حتى من الخوف من الحرية ذاتها بما هي معطى فطري وحق ديني وإنساني أصيل في الثقافة الإسلامية، بما ورد في التقرير الإستراتيجي الذي أصدرته مجلّة البيان بعنوان “الأمّة في معركة تغيير القيم والمفاهيم” وورد فيه تأكيد صريح على وجود التخوّف الإسلامي من هيمنة ثقافة العولمة هواجس الهيمنة والسلخ الثقافي بتغيير فكرها وثقافتها بكلّ الأدوات المتاحة المعلنة منها والخفيّة تحت شعار عولمة الفكر والمعرفة وحرية الرأي والتعبير والضمير وغيرها ، ليؤكّد التقرير على أنّ الهيمنة الفكرية والثقافية “تنحو إلى السريّة وسلوك المسارب الخفيّة في بادئ الأمر، إذ لا تشعر به الأمّة المستهدفة ولا تستعدّ لصدّه أو الوقوف في وجهه حتى تقع فريسة له، وذلك بتحوّلها إلى أمّة مريضة الفكر والإحساس، تحبّ ما يريده لها عدوّها أن تحبّه وتكره ما يريد منها عدوّها أن تكره”.

فالخوف من الحرية في هذا الجانب لا يرجع في الغالب إلى خوف متأسس على نص ديني قامع للحريات أو سالب لها بقدر ما يؤوب إلى ظرفية تاريخية معاصرة تتصف بالحرج والتعقيد يهيمن عليها الخوف من الآخر وفكره وثقافته مع هواجس العولمة الاتصالية التي كسرت الحدود بين البشر وبين الآراء والأفكار التي أصبحت عابرة للزمان والمكان مثل الماء والهواء، وهو ما يدفعنا إلى طرح المسألة بطريقة تجعلنا أقرب إلى التفكّر والتعقّل في جانبها القرآني على الأقل استقراء وتفسيرا وتأويلا وبحثا عن الأفق الحقيقي لمقصد الحرية في الإنسان بما يعزز سيرنا إلى الحضارة الإنسانية بثقة في النفس وندية مع الثقافات الأخرى.

الكاتب : غفران حسايني

باحث جامعي وكاتب متخصص في الدراسات الحضارية وفلسفة التأويل. جامعة منوبة.

تطوير تقني: بلال الشارني
تطوير تقني: بلال الشارني

الكاتب : غفران حسايني

باحث جامعي وكاتب متخصص في الدراسات الحضارية وفلسفة التأويل. جامعة منوبة.

ghofran