الكاتب : يسرى بلالي

صحفية وباحثة في العلوم الاجتماعية

تركت بصراخها وإصرارها بصمة في ذاكرة رفاقها ورفيقاتها من طلبة بداية الألفية الثانية. جيّشت رفقة مناضلي ومناضلات الحركة الطلابية الجامعات عندما كان الصوتُ تُهمة والتعبير عقابا لا مفرّ منه. هي آمال العلوي الفتاة الريفية القادمة من منطقة الحوامدية الواقعة في مدينة طبرقة التابعة لولاية جندوبة.

في هذا البورتريه رحلة في مسيرة ومسار آمال العلوي الشابة التونسيّة الملتزمة بقضايا شعبها وجهتها طبرقة. قصّة نضال ومقاومة دفاعا عن العدالة الاجتماعيّة والحرّيات وحقوق الجهات المنسيّة والمهمّشة تنمويا والفئات المفقرّة.

تجربة شهدت عديد التقلبات وكانت حبلى بالأحلام والخيبات، الطموحات والانكسارات. لكنّ كلمة السرّ ظلّت هي البوصلة: “على هذه الأرض ما يستحقّ الحياة”.

الكاتب : يسرى بلالي

صحفية وباحثة في العلوم الاجتماعية

تركت بصراخها وإصرارها بصمة في ذاكرة رفاقها ورفيقاتها من طلبة بداية الألفية الثانية. جيّشت رفقة مناضلي ومناضلات الحركة الطلابية الجامعات عندما كان الصوتُ تُهمة والتعبير عقابا لا مفرّ منه. هي آمال العلوي الفتاة الريفية القادمة من منطقة الحوامدية الواقعة في مدينة طبرقة التابعة لولاية جندوبة.

في هذا البورتريه رحلة في مسيرة ومسار آمال العلوي الشابة التونسيّة الملتزمة بقضايا شعبها وجهتها طبرقة. قصّة نضال ومقاومة دفاعا عن العدالة الاجتماعيّة والحرّيات وحقوق الجهات المنسيّة والمهمّشة تنمويا والفئات المفقرّة.

تجربة شهدت عديد التقلبات وكانت حبلى بالأحلام والخيبات، الطموحات والانكسارات. لكنّ كلمة السرّ ظلّت هي البوصلة: “على هذه الأرض ما يستحقّ الحياة”.

الطفولة…نُصرة لفلسطين والعراق

وُلدت آمال العلوي سنة 1986 بمدينة طبرقة التابعة لولاية جندوبة الواقعة بالشمال التونسي. زاولت تعليمها سنة 1992 بالمدرسة الابتدائية الحوامدية بطبرقة، وأنهت المرحلة الثانوية سنة 2006.

“نشأتُ وترعرت في أرياف مدينة طبرقة، عندما انتقلت إلى المرحلة الثانوية وبدأتُ في اكتساب الوعي السياسي والنقابي لم تكُن لدينا حركة تلمذية مؤطرة في المعاهد لكنّنا كنّا نملك ما يكفي من النفس الثوري حتى نُطلق ردّات فعل نُصرة للقضية الفلسطينية ومساندة لحرب العراق.”

بهذه العبارات تحدثت العلوي إلى موقع الكتيبة مضيفة في نفس السياق: “أذكُر جيّدا يوم نظّمنا مسيرة انطلقت من معهد 2 مارس 1934 بطبرقة ووصلت إلى وسط المدينة مشيا على الأقدام، مشينا لكيلومترات لنتمكّن من الوصول إلى معتمدية طبرقة وكُنت الفتاة الوحيدة المتصدّرة للصفوف الأولى جنبا إلى جنب مع الفتيان.”

تقول آمال العلوي مستحضرة لحظات المواجهة وقتها مع قوات الأمن زمن الاستبداد في تونس:”لم تغب عن ذاكرتي أبدا صورة جدار الأمنيين الذين كانوا ينتظروننا على مستوى الجسر والخوف الذي شعرنا به حينها، ورغم إصرار زملائي على التوقّف أو الانضمام إلى الصفوف التالية، رفضتُ التراجع إلى الخلف وواصلت الصراخ ورفع الشعارات في وجه الأمنيين. وفي لحظة ما شعرت بيد أمني تُربّتُ على كتفي، كُنت أنتظر منه ضربا أو شتيمة لكنّه همس في أذني قائلا: “أريدك هكذا دائما، واصلي”.

بعد حصولها على ملاحظة حسن في باكالوريا علوم تجريبية سنة 2006، انتظرت العائلة من الابنة المتميّزة والعنيدة دخول مجال الصحّة باعتباره مجالا مضمون الدخل المادي وقادرا على الارتقاء بصاحبه في السلّم الاجتماعي. لكن، شاءت الأقدار أن يتمّ توجيهها إلى معهد الصحافة وعلوم الإخبار. هناك، أين قرّرت آمال البقاء والانضمام إلى الحركة الطلابية التي انبهرت بها فور دخولها.

كان من المقرّر أن تقوم آمال بإعادة توجيه جامعي في تلك السنة لكن الالتحاق بالحركة الطلابية والالتحام برفاق ورفيقات الجامعة والدرب فيما بعد جعلها تُغيّر من فكرتها وتبقى طالبة بمعهد الصحافة.

النشاط الطلابي بين معاهد المركبّ الجامعي بمنوبة

كان النشاط الطلابي في الألفية الثانية في أوج عطائه خاصّة مع أحداث الحوض المنجمي سنة 2008 وبروز نشاط شبابي مختلف ثقافيا وفكريا عن الأجيال السابقة. ولم يكُن الانضمام إلى الحركة الطلابية قرارا سهلا نظرا للمضايقات الأمنية التي من شأنها أن تمسّ الطلبة وعائلاتهم، لكنّ هذا لم يكُن عائقا أمام آمال في تلك الفترة.

ففي ليلة من ليالي رمضان، قدمت مجموعة عن الاتحاد العام لطلبة تونس إلى مبيت الطالبات الجامعي بمنوبة أين شهدت آمال ولأول مرّة اجتماعا عاما حماسيّا يُدافع عن مصالح الطلبة، كان شغفا تبحث عنه آمال من أجل نحت شخصيّتها الحقوقية بالفطرة، شخصية ريفية متواضعة وعنيدة شهدت ظلما في منطقتها تأمل في تغييره يوما ما.

الشغف ذاته دفعها إلى التقدّم نحو الطالب أنور العمدوني -أحد أعضاء الاتحاد العام لطلبة تونس حينها- فور انتهائهم من الاجتماع العام وطلبت منه طوعا الانضمام إلى الحركة.

اتّخذت قراري في البقاء بمنوبة منذ ذلك الوقت، وقد أصبحتُ أمضي جلّ وقتي في كليّة الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة لأكون حاضرة في كلّ الاجتماعات العامّة ثمّ أعود إلى التحركات الميدانية التي يُنظّمها الرفاق والرفيقات في معهد الصحافة وعلوم الإخبار.

آمال العلوي

كانت سنة 2008 سنة محورية بالنسبة إلى كلّ الناشطين والناشطات صُلب الحركة الطلابية الذين عاشوا تلك الفترة.
هي سنة أعادت الشغف والالتحام الوطني الطلابي في صفوف الاتحاد العام لطلبة تونس بعد مسيرة ملحمية خطّتها نضالات القرن السابق. ولم تكُن كليّة الآداب بمنوبة بمعزل عن الكليّات التي أغلقت الطرق احتجاجا على أحداث الحوض المنجمي ومساندة للمساجين السياسيين وسجناء الرأي والنضال الاجتماعي.

تذكُر آمال ذلك اليوم جيّدا الذي تمّ فيه الاعتداء على الطلبة والطالبات المحتجّين والمحتجّات من قبل القوّات الأمنية في يوم سادتُه الاعتداءات الأمنية والعصا النوفمبرية ممّا استلزم نقل العديد من الطلبة إلى المستشفيات من أجل تلقّي العلاج، وقد كانت آمال من ضمن المتضرّرين والمتضرّرات الذين طالتهم يد البوليس السياسي.

لم يقف إصرار الطالبة عند هذه الأحداث، ففي سنة 2009 أمضت آمال شهرا كاملا في ما يُسمّى باعتصام البساتين بكليّة الآداب بمنوبة أين حُكمت على إثره رفقة ثلاث طالبات بسنة سجنا في حالة سراح وتمّ اعتقال رفاقها.

حاولت آمال الاحتجاج على الاعتقال في كليّة الآداب ما أسفر عن تدخّل أمني عنيف طال الطلبة والأساتذة والعميد، وتمّ اتّخاذ قرارات سياسية إثره وصلت حدّ امتناع الرئيس السابق زين العابدين بن علي عن تدشين خطّ حديدي (المترو الخفيف) في تلك الفترة، بحسب قولها.
تضيف آمال العلوي قائلة:

“كنّا نتنكّر في طريقنا إلى الكلّية حتى لا يتمّ اختطافنا، وقد نجحت في هذا التنكّر إلى أن تمّ إيقافي سنة 2010 عندما كُنت بصدد العودة إلى مدينة طبرقة، فبعد مراقبة دورية للوثائق وجدتُ نفسي في حالة تفتيش.

كان يوم جمعة وعلمت بأنّه إن لم أضغط من داخل الزنزانة فسيتم إيقافي لمدّة ثلاثة أيام على الأقل قبل مثولي أمام قاضي التحقيق. لذلك أعلمتهم بأنّني في حالة إغماء خطيرة تستوجب نقلي إلى المستشفى ما جعلهم يُطلقون سراحي بعد وقت قليل أمضيته في المستشفى، وعلمت بعد ذلك أنّ جهات حقوقية قد ساهمت أيضا في الضغط من أجل الإفراج عنّي.”

يُحدّثنا الصحفي والناشط النقابي صبري الزغيدي عن يوم التقائه بآمال، مُستذكرا الصراعات التي واكبها داخل الاتحاد العام لطلبة تونس في تلك الفترة، كانت آمال بالنسبة له “متمسّكة بمبادئ وقيم إنسانية أرادت الدفاع عنها والنضال من أجلها صُلب الحركة”، فقد كانت “مناصرة للمظلومين والمظلومات وللباحثين والباحثات عن حقوقهم والتزمت بتواجدها في الصفوف الأولى دون تراجع خاصّة عند تنظيم المسيرات والتحرّكات في فترة سُميّت بسنوات الجمر من شدّة المضايقات والملاحقات الأمنية التي كانت تطال المناضلين والمناضلات”، وفقا لما جاء على لسانه.

لم يقف دور آمال عند هذا الحدّ، بل “كانت من بين المؤطرين والمؤطّرات للطلبة من خلال تعريفهم بالقيم الإنسانية النبيلة وتحريضهم على الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحريات عموما” حسب قول محدّثنا، فقد كان أعضاء الاتحاد العام لطلبة تونس في معهد الصحافة وعلوم الإخبار “يضعون من ضمن أولوياتهم الدفاع عن حريّة الرأي والتعبير والصحافة والدفاع أيضا عن حقّ الشعب التونسي في إعلام حرّ ونزيه وتعدّدي في تلك الفترة النوفمبرية، وكانت آمال منخرطة في هذا المشروع من أجل ضمان مهنيّة الطالب الصحفي مستقبلا مُعتبرة أنّ النضال الطلابي كان وسيبقى منخرطا صُلب الحركة الوطنية، كما كان له دور هام في ثورة 17 ديسمبر/14جانفي”، وفق تصريح الزغيدي.

يؤكّد صبري الزغيدي أنّ “الدفاع على مدنية الدولة المتمثّلة في الحادثة الشهيرة التي عُرفت بحادثة العلم، كان لها دور هام في تبيُّن شخصيّة آمال العلوي، الشخصية التي نُحتت بتجربة طلابية حقوقية ونقابية صادقة ونوعية.

هذه المدنية أثبتت عدم حياد آمال عن المبادئ التي ناضلت من أجلها طوال فترة نشاطها داخل الاتحاد العام لطلبة تونس”.

ففي 7 مارس 2012 استفاقت كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة على مشهد “يملؤه السواد بالقمصان واللحى” حسب تعبير الصحفية والناشطة النسوية خديجة السويسي، فقد قام شابّ ينتمي إلى التيار السلفي بإنزال الراية الوطنية واستبدلها براية تنظيم الدولة الإسلامية داعش( راية العُقاب) قبل أن تتقدّم نحوه الطالبة خولة الرشيدي وتُعيد الراية إلى مكانها.

كان دور آمال في هذه الحادثة هو الدفاع رفقة رفاقها ورفيقاتها عن حرمة الجامعة والوقوف أمام مجموعة كبيرة من الشباب المنتمين إلى التيّار السلفي والذين كانوا متأهبّين لدخول الجامعة والاعتداء على الطلبة والطالبات. كانت مجموعة الاتحاد العام لطلبة تونس في ذلك اليوم قليلة عددا مقارنة بهم، لكنّهم واجهوا الحادثة بكلّ شجاعة ما أسفر عن إصابة آمال بارتجاج خفيف في الدماغ.

تستعيد خديجة السويسي هذه الحادثة ضمن شريط من الذكريات التي جمعتها بآمال قائلة:

“تعرّفت على آمال فور التحاقي بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار، كانت مشرفة عليّ نقابيا بطريقة غير مباشرة، كانت من ضمن المناضلات اللواتي احتووني ووجهنني ووثقن في نشاطي. لم تكُن لها حسابات ضيّقة نقابيا داخل الحركة الطلابية بل كانت تتميّز بالصمود والصدق، وهذا ما يجعلني واثقة بأنّها ستكون صامدة تُجاه لوبيات الفساد الذين تُواجههم الآن كمسؤولة سابقة في بلدية طبرقة.”

العودة إلى الينابيع

بعد مسيرة طلابية حافلة، تخرّجت آمال من معهد الصحافة وعلوم الإخبار سنة 2015، أين أمضت في المعهد تسع سنوات من النضال والدفاع عن الحقوق والمكاسب الطلابية، تزوّجت في نفس السنة من شريكها وليد بن فرحات وأنجبت بعد ذلك طفلها يوسف تيمّنا بمسيرة يوسف الحكيم ثمّ طفلتها قُدس وفاء للقضية الفلسطينية.

تعرّفت على آمال يوم 24 أفريل 2012 في ذكرى الشباب المناهض للامبريالية وقد اتخذّنا من هذه الذكرى موعدا لعقد القران فيما بعد. عندما التقيتُ بها كانت طالبة مناضلة وشرسة، هي إنسانة تؤمن بالمساواة والعدالة الاجتماعية وحاملة للعديد من القضايا الكونية.

وليد بن فرحات زوج آمال ورفيق دربها

أصرّت آمال بعد الزواج على الانتقال إلى العيش في مدينتها الأم طبرقة والعودة إلى جذورها، مُحاولةً حسب قول زوجها “خلق نوع من التحرّكات الثقافية والاجتماعية بالتعاون مع الاتحاد العام التونسي للشغل والمجتمع المدني من أجل تحسين مدينتها والدفاع عن الحقوق المنهوبة.”

تقول آمال العلوي متحدثة عن تجربة العمل البلدي:

“كُنت أعمل في الإدارة العامّة للأداءات حين قرّرتُ العودة إلى مدينتي طبرقة، كُنت متابعة للأحداث من بعيد دون نشاط يُذكر وكانت مشاركتي في الاعتصامات والاحتجاجات ضمن دعوات الاتحاد العام التونسي للشغل. كانت بلدية طبرقة في ذلك الوقت خالية من الترشحات لمدّة عهدتين فقرّرت رفقة مجموعة شبابية ناشطة أن أترشّح لانتخابات المجالس البلدية. وبالفعل، وقع تنصيبي كرئيسة بلدية في 17 ماي 2022، أي مع دخول موسم الصيف الذي يستلزم عملا مضاعفا لإصلاح آثار سنوات من الإهمال.”

بعد شهرين من العمل المستمّر وبالتحديد يوم 9 أوت 2022، تجد آمال نفسها في حالة إيقاف في سجن النساء بالكاف مواجهة “مدّع وهمي” -لإنكاره بعد ذلك رفع أيّة قضية حسب قولها- متمثّلا في “وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي APAL” وذلك بمقتضى الفصل 96 من المجلّة الجزائية وكانت التُهمة “استغلال موظف عمومي لنفسه أو لغيره فائدة بدون وجه حقّ”، وفق إفادتها في حديثها مع الكتيبة.

تمثّلت الفائدة حسب نصّ القضية -التي تابعها محدّثنا الأستاذ قيس محسني المحامي وعضو الهيئة المديرة لرابطة حقوق الإنسان- في تجاوز “عدد مظلاّت الشاطئ التي يجب إيجارها على الشريط الساحلي بطبرقة والتي تُسندها وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي إلى بلدية طبرقة بغرض توزيعها على طالبي وطالبات الرخص وذلك بموجب عقد ممضي بين البلدية والوكالة.”

وبالعودة إلى القائمة التي أُسندت لها الرخص تبيّن أنّ “كلّ المظلاّت غير المرخّصة والتي تُلاحق آمال قضائيا من أجلها تعود في الأصل إلى بارونات السياحة في طبرقة”، حسب المتحدّث ذاته، و”ليس لآمال أيّة علاقة بهم، ليتمّ الإفراج عنها بعد ذلك إثر انتفاضة حقوقية ساهم فيها رفاقها ورفيقاتها القدامى وساهم فيها أيضا أهالي منطقتها.”

لم تقف الملاحقات القضائية عند هذا الحدّ، فقد زاد الأمر سوءا بعد أن مثلت آمال مرّة أخرى أمام قاضي التحقيق لمواجهة ثلاثة ملفات قضائية وذلك كمتضرّرة في ملفّ منهم ومتّهمة في الملفين الآخرين. تمثّلت القضية الأولى في تقديم آمال لشكوى بعضو المجلس البلدي كمال الرجايبي وأطراف أخرى بتُهمة استغلالهم للملعب البلدي في مدينة طبرقة وتأجيره لجمعيّات رياضية خاصّة بمقابل مادّي دون العودة إلى إذن بلدي، بحسب المعطيات التي أمدنا بها الأستاذ قيس محسني.

وتمثّلت القضية الثانية في توجيه أصابع الاتّهام إلى آمال بعدم سعيها إلى تطبيق قرار هدم عقار (عمارة في مدينة طبرقة) رغم إصدارها لثلاث قرارت لتنفيذ الهدم. علما أنّ مهام التنفيذ هي من صلاحيات إدارة البلدية وليست من صلاحيات الرئاسة، ورغم ذلك أُحيلت آمال على قاضي التحقيق والذي أحالها هو بدوره على دائرة الاتّهام بموجب الفصل 96 من المجلّة الجزائية، وفق تأكيد الأستاذ قيس محسني.

أمّا القضيّة الثالثة فقد رفعها ضدّها رجل الأعمال يوسف الميموني (متّهم سابقا في قضايا فساد حيث سجن في أكثر من مرّة بعد الثورة) والتي أحالت آمال على التحقيق بمُقتضى المرسوم 54 وذلك من أجل تدوينات كانت قد نشرتها على صفحتها بموقع فيسبوك حول استغلال واستيلاء رجل الأعمال المذكور لأرض على ملك الدولة محجوزة من أجل إنشاء مؤسّسة تربوية.

تعود المعركة بين الخصمين إلى وقت سابق عندما أصدرت آمال ضمن صلاحيّاتها كرئيسة بلدية أمرا بهدم سور شيّده رجل الأعمال المذكور حول الأرض بعد استيلائه عليها، وبعد تنفيذ الأمر أعاد بناءه مرّة أخرى دون الالتفات إلى قرارات البلدية، مصرّا على استغلال الأرض من أجل مصالحه الخاصّة.

ورغم قضية الاستيلاء الظاهرة للعيان قامت المحكمة بالحكم على آمال بمُقتضى المرسوم 54 بسنة وستّة أشهر سجنا، ومازال الملفّ محلّ استئناف.

“لقد كانت آمال العلوي المرأة المناسبة في المكان المُناسب، لقد كانت تُساهم بمالها الخاصّ في المستلزمات البلدية ولم تكُن لها أيّة حسابات ضيّقة، خدومة ومتواضعة ولم تقُم باستغلال أيّ شيء بما في ذلك سيّارة البلدية التي تُعتبر ضمن صلاحيّاتها، وبالرغم من كلّ الظلم الذي سُلّط عليها لم تتأثّر ولم تتراجع.”

بهذه الكلمات الموجزة وصف مستشار المجلس البلدي المنحلّ سامي خذايرية زميلته آمال العلوي. كلمات تُلخّص العقاب الذي يتلقّاه كلّ من تسوّل له نفسه تحمّل مسؤولية إدارية في دولة تغلّب عليها الفساد واستغلال الموارد الطبيعية عبر النهب والتحيّل، وفق عدد من أعضاء لجنة المساندة لها الذين تواصل معهم موقع الكتيبة.

لم يترك بارونات الفساد السياحية في مدينة طبرقة مجلسا بلديّا صادقا وخدوما سوى شهرين حتّى كُبّلت رئيسته بتُهم مازالت سارية إلى اليوم. التُهم القضائية التي قمنا بذكرها ليست سوى ذرّ رماد على العيون، فالتُهمة الحقيقية هي مُحاولة إصلاح المدينة ومُساعدة العمّال والعاملات الصغار من أجل الانتفاع بالشريط الساحلي وخلق حركة اقتصادية بحريّة صغيرة من شأنها تحسين ظروف العيش في الجهة”، يؤكد عدد من رفاقها.

على الرغم من الهرسلة القضائيّة التي طالت آمال العلوي، فإنّ هذه الأخيرة مازالت صامدة ثابتة تدافع بشراسة عن قيم حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد الذي عطّل مسيرة التنمية في جهتها طبرقة وغيرها من المناطق في تونس الأعماق، آملة في وطن آكثر عدل وعدالة، ولو بعد حين.

كلمة الكتيبة:

أنجز هذا المقال بالشراكة مع منظمة صحفيون من أجل حقوق الإنسان

كلمة الكتيبة:

أنجز هذا المقال بالشراكة مع منظمة صحفيون من أجل حقوق الإنسان

الكاتب : يسرى بلالي

صحفية وباحثة في العلوم الاجتماعية

تدقيق: محمد اليوسفي
مونتاج: محمد علي منصالي
غرافيك:منال بن رجب
تطوير تقني: بلال الشارني
غرافيك: منال بن رجب
تطوير تقني : بلال الشارني
تدقيق : محمد اليوسفي
مونتاج: محمد علي منصالي

الكاتب : يسرى بلالي

صحفية وباحثة في العلوم الاجتماعية

YosraUpdated