الكاتب : محمد العبدلي

صحفي مختص في الشأن الرياضي.

يُحيي “شعب الافريقي” على مدى شهر أكتوبر من سنة 2020 الذكرى المئوية لانبعاث النادي الفريقي. مئويةٌ تنبض فخرا بعشرة عقود من الوفاء لأحد أعرق الأندية في المنطقة العربية وفي القارة الإفريقية، ولكنّها لا تخلو من جرعة ألم بسبب ما آلت إليه أوضاع النادي خلال العشرية الأخيرة والتي اتّسمت بالانهيار التامّ على المستوى التسييري ما انعكس بالسلب على نتائج النادي.

100 سنة مرّت على انطلاق مسيرة نادي باب الجديد الذي وُلدَ من رحم الإرهاصات الأولى للحركة الوطنية المناهضة لمعاهدة الحماية الفرنسية ونظام الميْز العنصري المسلّط على التونسيين. لقد أُريدَ لهذا النادي، منذ اللحظات الأولى لتأسيسه، أن يكون رافدا من روافد النضال والمقاومة والتمسّك بالهوية العربية الإسلامية في زمن أراد فيه الفرنسيون طمس هذه الملامح في المجتمع التونسي استعدادا لتحويل البلاد الى مستعمرة فرنسية لا تاريخ لها ولا حاضر ولا مستقبل.

الكاتب : محمد العبدلي

صحفي مختص في الشأن الرياضي.

يُحيي “شعب الافريقي” على مدى شهر أكتوبر من سنة 2020 الذكرى المئوية لانبعاث النادي الفريقي. مئويةٌ تنبض فخرا بعشرة عقود من الوفاء لأحد أعرق الأندية في المنطقة العربية وفي القارة الإفريقية، ولكنّها لا تخلو من جرعة ألم بسبب ما آلت إليه أوضاع النادي خلال العشرية الأخيرة والتي اتّسمت بالانهيار التامّ على المستوى التسييري ما انعكس بالسلب على نتائج النادي.

100 سنة مرّت على انطلاق مسيرة نادي باب الجديد الذي وُلدَ من رحم الإرهاصات الأولى للحركة الوطنية المناهضة لمعاهدة الحماية الفرنسية ونظام الميْز العنصري المسلّط على التونسيين. لقد أُريدَ لهذا النادي، منذ اللحظات الأولى لتأسيسه، أن يكون رافدا من روافد النضال والمقاومة والتمسّك بالهوية العربية الإسلامية في زمن أراد فيه الفرنسيون طمس هذه الملامح في المجتمع التونسي استعدادا لتحويل البلاد الى مستعمرة فرنسية لا تاريخ لها ولا حاضر ولا مستقبل.

وُلدَت العريضة من رحم قيادة النادي الافريقي، وكان النادي من أوّل الموقّعين عليها لمطالبة السلطات الفرنسية بإطلاق سراح المعتقلين التونسيين.

كان التوقيع على تلك العريضة السياسية بمثابة خطوة جريئة وضعت النادي الافريقي في قلب الصدام مع المستعمر خاصّة بعد أن عمد الى تحدّي السلطات الفرنسية واستفزازها عبر وضع الشارة الوطنية على قميص النادي من 1946 إلى 1956. وترسّخ البُعد الوطني المقاوم في هويّة النادي الافريقي أكثر فأكثر بعد انخراط النادي في الحركة الاحتجاجية المنددة بأحداث 18 جانفي 1952 التي راح ضحيّتها عدد كبير من الشهداء حيث قام النادي بمُقاطعة بطولة موسم 1953/1952 تحت قيادة الطاهر بن عمّار الرئيس الشرفي للنادي وقد سارت عديد الجمعيات المسلمة على خطى الافريقي.

لم يكتف النادي الافريقي بتحويل الفعل الرياضي الى فعل مقاومة فحسب بل أضفى عليه مسحة فكرية وثقافية حوّلته الى ساحة للإبداع الثقافي تهافت عليها المبدعون ونَهلوا منها وأضافوا لها على مدى سنوات من الزمن الجميل.

عبد الرزاق كرباكة و جمال الدين بوسنينة و محمد عبد العزيز العقربي و أحمد الضحاك و حسن النويصري و أحمد خير الدين و البشير الرحال ومصطفى صفر على سبيل الذكر لا الحصر وعدد آخر من الآباء المؤسسين للنادي الإفريقي، كانوا من رجال الفكر والفن ومن روّاد الشعر والمسرح والموسيقى، و كانوا وراء بعث فرقة الرشيدية (14 عضوا من النادي الإفريقي كانوا ضمن تركيبة الهيئة التأسيسية لفرقة الرشيدية).
تلك الأسماء وغيرها، كان لها أيضا شرف لعب دور مهمّ في بعث فرقة مدينة تونس للتمثيل التي كان محمد عبد العزيز العقربي أول رئيس لها.

لطفي الزاهي، أحد أهمّ المؤرخين لمسيرة النادي الافريقي، تحدّث في كتابه المعنون “في جذور النادي الافريقي” عن رحلة النادي إلى قسنطينة عام 1936 قائلا:

اشتملت تلك الرحلة على لاعبي كرة القدم والرياضيين والمسرحيين والموسيقيين الذين قدّموا في يومهم الأوّل مسرحية و في يومهم الثاني مباراة كرة قدم في المساء و سهرة غنائية في الليل


يوم 4 أكتوبر 1920 أمضى الوزير الأكبر الطيّب الجلولي وثيقةَ تأسيس النادي الإفريقي ليعلن رسميا عن ميلاد أحد أعرق الأندية التونسية والعربية والإفريقية.

انطلقت المسيرة من باب الجديد من مقهى الفرجاني الحاج عمار مرورا بمخزن الصوف بالمركاض ليبعث فريق بزخم كبير على عديد الأصعدة.

ورغم أنّ الإفريقي كان قد بُعث رسميا سنة 1920 إلا أنّ مؤرخي النادي ما انفكّوا يؤكدون أنّ مسار التأسيس لم يكن مقتصرا فقط على مشوار الحصول على توقيع الطيب الجلولي بل انطلق كفكرة حملها الآباء المؤسسون قبل سبع سنوات من تاريخ نشأة نادي باب الجديد بصيغته الحالية.

ويذهب الكثير من المؤرخين لمسيرة الأحمر والأبيض على غرار لطفي الزاهي و أنس بن مالك الى أنّ النادي بدأ يتشكّل في أذهان مؤسّسيه منذ انخراطهم في نادي المُذَنّب الذي أسّسه الصحفي الفرنسي لويس فالونتان بتلاميذ الأقسام النهائية بالمعهدين الصادقي والعلوي سنة 1913.

لم يكن نادي المُذَنّب الأفقَ الذي يُلبّي طموحات ذلك الشباب المتحمّس فكانت القطيعة حتمية خاصّة مع رئيس متسلط على غرار فالونتان


بعد الانفصال عن المُذَنّب تقرر إحداث ناد يجمع شتات الشباب المسلم خصوصا مع الحضور القوي للجاليات الأجنبية (فرنسية و ايطالية ومالطية) بالتوازي مع الفرق اليهودية.

وفي سنة 1915 تمّ تأسيس “الملعب الإفريقي” الذّي ضمّ في صفوفه، على سبيل الذكر لا الحصر، قائدَ نادي المُذَنّب صالح السوداني، لتنطلق المسيرة بخطى سريعة إلى أن حان موعد الصّدام مع الاحتلال الفرنسي نتيجة أحداث عنف جدّت خلال مباراة جمعته بملعب تونس العاصمة (Stade Tunisois) في مارس 1918.


حصل نادي باب الجديد في النهاية على الموافقة لينطلق في النشاط كأقدم ناد تونسي مسلم لا يزال قائما إلى اليوم بل هو الأقدم في منطقة المغرب العربي تليه مولودية الجزائر التي تأسست يوم 7 أوت 1921 ثم الوداد المغربي في 8 ماي 1937 فالاتحاد الليبي في 29 سبتمبر 1944.


المسار التأسيسي للنادي الإفريقي وما رافقه من محطات نضالية كان قد ألهم أحد مؤسسيه، أحمد الزقلاوي، لاستنساخ التجربة بمجرّد عودته إلى سوسة فلعب دورا مهمّا في تأسيس النجم الرياضي الساحلي في 11 ماي 1925.

نادي باب الجديد، مثلما أسلفنا الذكر، كان فضاء يجمع النخبة الجديدة التي بدأت تتشكل بين العشرية الأولى والثانية للقرن الماضي في تونس، وهو ما يفسّر تواجد مؤسّسيه ضمن قائمة مؤسسي المعهد الرشيدي للموسيقى، فضلا عن استقطابه لعديد الوجوه البارزة من الحركة الوطنية على غرار الزعيم الحبيب بورقيبة الذي عاد من فرنسا سنة 1927 لينضمّ إلى هيئته المديرة إلى غاية 1929.

من الطرائف التي يرويها المؤرّخ لطفي الزاهي، أنّ بورقيبة كان قد رغب في توحيد النادي الإفريقي مع جاره الترجي الرياضي بغاية “تجميع النخبة مع الطبقة المهمّشة” لكنّ مساعيه باءت بالفشل.


انتظر النادي الإفريقي ثماني سنوات ليرى باكورة حصاده من التتويجات بعد الاستقلال. وهو مسار تطلّب إعادة هيكلة الفريق وتوفير كل الظروف الملائمة ليعود أبناء باب الجديد للصعود إلى منصّات التتويج.

وكان الرئيس الراحل صالح عويج قد تعاقد سنة 1958 مع مدرّب ايطالي يتمتّع بخبرة جيّدة في تدريب الشبان وهو فابيو روكيجاني، ليفسح له المجال لإعداد جيل قادر على التنافس لسنوات على الألقاب.

وعلى امتداد خمس سنوات ظلّ فابيو يعمل على تجهيز فريق نجح في الموسم السادس في الإحراز على بطولة تونس موسم 1964 لتتوالى بعدها الألقاب محليا ومغاربيا.


ترأّس الدكتور صالح عويج الهيئة التسييرية للنادي الإفريقي في ثلاث مناسبات وهو الوحيد بين كافة رؤساء النادي الذي تمكّن من التتويج بلقب البطولة في مناسبتين قبل الاستقلال وبعده.

وقاد عويج الإفريقي في موسم 1946–1947 وموسم 1947–1948. وأحرز في كليهما بطولتين متتاليتين ليغادر تاركا الرئاسة لخلَفِه محمد العاصمي.

وعاد عويج لموسمين إضافيين (1955 و1956) دون أن يتمكّن من اعتلاء منصّة التتويج غير أنّ عُهدَته الأخيرة (1958-1964) مثّلت أهمّ مرحلة في حياة النادي حيث نجح عويج في اعادة هيكلة الإدارة واختار مدرّبا مختصا في تكوين الشبان هو الإيطالي فابيو روكيجاني.

عويج عمل على تنظيم النادي إداريا وترك للمدرّب مهمة الإشراف الرياضي على الفريق فكان الحصاد على قدر الزّرع: بطولة 1964 وهي الأولى بعد الاستقلال.

ومع نجاح المهمة هيكليا اختار عويج أن يتنحى ليسلّم المشعل إلى أصغر رؤساء النادي عزوز الأصرم (36 سنة) ليكمل المسيرة في درس وُصفَ بالعظيم في حسن اختيار توقيت الانسحاب.


الوزير السابق عبد العزيز الأصرم هو أحد الآباء الروحيين الذين يحظون بقيمة خاصّة لدى جمهور النادي الإفريقي. ترأّس الأصرم الهيئة التسييرية للنادي لمدة 8 سنوات الأولى من 1964 الى 1966 والثانية من 1971 إلى 1977. وخلال مسيرته على رأس النادي 11 لقبا من إجمالي 39 تتويجا في رصيد أكابر فريق كرة القدم.

على الصعيد الخارجي ظفر “عزوز” الأصرم -كما يحلو لجماهير الافريقي مناداته- بثلاثة ألقاب متتالية للكأس المغاربية للأندية البطلة وهو ما يعادل ربع التتويجات الخارجية لناد تُوّج في 13 مناسبة بلقب غير محلي.

خلال فترة رئاسة عزّوز الأصرم انتقل الفريق من فضاء رياضي كان يقع على مشارف شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة إلى المركّب الرياضي منير القبايلي.


وُلد عزوز الأصرم في 25 مارس 1928 بتونس العاصمة وتوفي بها يوم 31 جانفي 2017 ليتم تشييع جثمانه في جنازة مهيبة حضرها الآلاف من أنصار النادي الإفريقي فضلا عن عديد الشخصيات الوطنية على غرار رئيس الجمهورية الأسبق فؤاد المبزع وزعيم اليسار التونسي حمّة الهمامي و ممثلين عن أندية منافسة وفي مقدّمتهم سليم شيبوب وعثمان جنيح وغيرهم.


تُوّج النادي الإفريقي على امتداد مائة عام بـ39 لقبا غير أنّ الحقبة المتراوحة بين 1964 و1980 تعدّ الأكثر حصادا في تاريخ النادي، وهو ما جعل جمهور النادي يلقّبها بالزمن الجميل أو العصر الذهبي.

وكان الجيل الذي أشرف الإيطالي فابيو روكيجاني قد بسط سيطرته على المسابقات التونسية وأيضا المغاربية ناهيك أنّ زملاء عتوقة كانوا قد تمكّنوا من التتويج بالكأس المغاربية للأندية البطلة لثلاث سنوات متتالية (1973 – 1974 – 1975) إلى أن توقّفت المسابقة بسبب رفض الحبيب بورقيبة طلبَ الحسن الثاني، ملك المغرب، تعويضَ النادي الافريقي بفريق تونسي آخر وفق ما ورد في روايات أغلب المؤرخين وفي مقدمتهم لطفي الزاهي.

وللإشارة فانّ فريق الأحمر والأبيض كان قد رفع، خلال فترة السبعينات، ثلاثية في مناسبتين وذلك في موسمي 1970 (كأس تونس والسوبر التونسي والكأس المغاربية للأندية الفائزة بالكؤوس) و1973 (بطل تونس وكأس تونس والكأس المغاربية للأندية البطلة).

مرّ النادي الإفريقي بمواسم صعبة خلال فترة الثمانينات رغم توفّر الرصيد البشري القوي ونجوم من أعلى مستوى على غرار لسعد العبدلي والهادي البياري ورضا بوصحيح وعبد الرزاق الشحات والحبيب القاسمي وغيرهم.

وفوّت نادي باب الجديد في عديد الألقاب خلال فترة الثمانينات ناهيك أنهى الموسم في المرتبة الثانية على صعيد البطولة في ستّة مواسم كاملة 1981 و1982 و1983 و1985 و1987 و1989.

أما على صعيد الكأس فقد خسر الفريق خمس نهائيات كاملة في تسع سنوات وذلك خلال مواسم 1982 و1985 و1986 و1988 و1989.

لم يكن التخلص من فشل حقبة الثمانينات سهلا بالمرة وهو ما فرض ضخ دماء جديدة على مستوى الإدارة بقدوم رئيس شاب، هو فريد عباس، كان له دور كبير في إعادة تشكيل الفريق.

موسم 1990 كان محطّة فارقة في تاريخ النادي حيث تمكّن من النهوض من جديد ليحرز لقب البطولة بعد عشر سنوات في مسار استثنائي قبل أن يصل إلى نهائي كأس الكؤوس الإفريقية في أول مشاركة قارية.

لقب البطولة والوصول إلى نهائي إفريقي فتحا الشهية لإنجازات أعظم فظفر الفريق بثنائي موسم 1991 – 1992 وضم كأس إفريقيا للأندية البطلة قبل أن يضيف اليها في أوائل 1993 الكأس الأفروآسيوية.

وتربّع نادي باب الجديد على عرش الكرة في نصف العالم، حيث عنونت الصحف بعد العودة من الرياض بلقب الأفروآسيوية “النادي الإفريقي بطل نصف العالم” و”النادي الإفريقي يحرز رباعية القرن”.

بعد الإشعاع الإفريقي والعودة إلى التتويجات المحلية اتّجه النادي الإفريقي صوب المسابقات العربية فنجح، مع وصول حمودة بن عمار إلى سدّة الرئاسة، في إحراز لقب الكأس العربية للأندية الفائزة بالكؤوس (1995) بعد الفوز على الفريق المنظّم النجم الساحلي في نهائي تاريخي.

وبعد سنتين، عاد نادي باب الجديد ليضرب موعدا مع اللقب الأهم عربيا وهو الكأس العربية للأندية البطلة حيث حصد اللقب بالهدف الذهبي لجمال الدين ليمام أمام العملاق المصري النادي الأهلي.

وبين اللقبين العربيين تُوّج النادي الإفريقي ببطولة الأرقام القياسية سنة 1996 قبل أن يدعمها بكأسين محليتين لموسم 1998 أمام الأولمبي الباجي وموسم 2000 ضد النادي الصفاقسي.

حاز النادي الإفريقي لقب كأس تونس لسنة 2000 لينجح بذلك في تجاوز القرن الماضي بلقب واستقبال القرن الجديد بتتويج. لقب الأميرة اقترن بعودة فريد عباس الى سدة الرئاسة بعد نحو 20 سنة من الانسحاب. عودة عبّاس بثّت رسائل ايجابية في صفوف أنصار النادي الافريقي على اعتبار أنّ الرّجل ينحو دائما منحى التشبيب وبثّ روح جديدة في الفريق.

الجيل الجديد كان واعدا، حيث اشتمل على أسماء تملك مهارات كبيرة على غرار أشرف الخلفاوي وخالد المولهي ووليد الغول وجمال بن سالم وغيرهم لكنّ النتيجة لم تكن في مستوى الانتظارات حيث خسر الفريق جيلا مهمّا دون أن ينجح في تحقيق الألقاب.

ضياع الجيل الجديد وسوء الإدارة والتصرف في الموارد أبعدَا الإفريقي عن الألقاب وقلّصا من إشعاعه إلى حين صعود كمال ايدير الى سدّة الرئاسة وتسلّم مقاليد النادي منتصف سنة 2005.

تميزت العشرية الأولى من الألفية الجديدة بتراجع رهيب في أداء النادي الإفريقي بيد أن جماهيره شغلت الدنيا وألهمت الناس نظرا لمواصلة دفعها لناديها قصد تجاوز محنته.

وساهمت مباراة نصف نهائي كأس الكؤوس الإفريقية أمام كايزر شيفز الجنوب إفريقي (2001) في تعميق أزمة النادي بعد أن بات الجمهور مصدر إزعاج حقيقي للدولة.

وعرفت مباراة كايزر شيفز أحداث شغب أدّت إلى صدامات مع الأمن ودفعت السلطة السياسية إلى تشديد الخناق على النادي وجماهيره لاسيما وأنّ ما جدّ بملعب المنزه جاء بعد ثلاث سنوات من أحداث مشابهة في الكأس العربية أمام الشباب السعودي.

وكان صعود كمال ايدير إلى سدة الرئاسة فرصة حقيقية لإخراج النادي من أزمته حيث نجح في إعادة هيكلة الفريق وترشيد المصاريف فكانت العودة التدريجية للمنافسة بخسارة كأس تونس 2006 ثم ضياع بطولة تونس 2007 قبل أن تكون سنة 2008 موعد التتويج ببطولة الدقائق الأخيرة والتي كانت الأولى بعد 12 سنة.

تمكّن الفريق لاحقا من إحراز كأس شمال إفريقيا للأندية البطلة في مناسبتين (2009 و2010) قبل أن يدخل في نفق مظلم من المشاكل جراء تدخّل السلطة لعزل جمال العتروس بعد أيام من تنصيبه على رأس النادي وتعويضه بالراحل الشريف باللاّمين.

يرى الكثير من أحباء النادي الإفريقي أن الثورة ألحقت ضررا كبيرا بناديهم، على اعتبار أنّ الإجراءات التي اتّخذتها الدولة لفرض النظام العام في الملاعب، كانت قد ساهمت إلى حد كبير في إضعاف الفريق وحرمانه من أهم عناصر قوته ألا وهو الجمهور بكل ما يعنيه ذلك من موارد مالية كبيرة متأتّية أساسا من بيع التذاكر.

ويثبت التقرير المالي لموسم 2007 – 2008 (نسخة مصاحبة) أنّ عائدات بيع التذاكر ومنتجات النادي فقط تمثل أكثر من 40 بالمائة من موارد النادي.

غياب الدعم الجماهيري وتراجع تأثيره في حياة النادي كان سببا في وصول جمال العتروس إلى سدة الرئاسة ليعرف معه النادي أزمة مالية خانقة فتحت الباب أمام سليم الرياحي وأحلامه السياسية المغلّفة بالرياضة وفق تعبير قطاع واسع من جمهور النادي.

في جوان/يونيو 2012 صعد الرياحي الى سدّة رئاسة الإفريقي ليغادرها في نوفمبر 2017 تاركا خلفه وعودا غير محققة وإنجازات لا تضاهي الآمال التي عُلّقت عليه بيدَ أن الأخطر في حصيلته هو نزاعات وقضايا الفيفا التي ظلّت سيفا مسلطا على رقبة النادي طيلة السنوات الأخيرة.

وصول عبد السلام اليونسي إلى سدة الرئاسة، خلفا للرياحي، اتّسم بمواصلة الأخطاء التسييرية ذاتها ما جعل النادي يتورّط في قضايا جديدة كلّفته خصما للنقاط وعقوبات مختلفة ومنعا من الانتداب.

في خظمّ هذا المشهد السوداوي المُنذر بتداعي النادي للسقوط وانهياره المُدوّي، تَنادى “شعب الافريقي” في لحظة فارقة سجّلها التاريخ في دفاتره بأحرف من ذهب، وقام بالتبرّع لناديه، نادي الأجداد، بمبلغ يقدر بـ6.2 مليون دينار (2,25 مليون دولار) تمّ ضخّه في حساب الجامعة التونسية لكرة القدم لمواجهة نفقات القضايا والخطايا المسلطة على النادي من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). ملحمةٌ عظيمة أطلق عليها التونسيّون عبارة “اللطخة” صاغها “شعب الافريقي” وأشادت بها وسائل الإعلام العالمية والعربية قبل المحلية.

أدّى وصول سليم الرياحي إلى رئاسة النادي الإفريقي إلى تضخّم كتلة أجور اللاعبين والمسيّرين ما أغرق الساحة الرياضية التونسية خصوصا مع البذخ الكبير الذي مارسه في سنوات رئاسته الأولى للفريق وفق تعبير لطفي زيدان أحد أبرز وجوه مجموعات مشجّعي النادي الافريقي.

الرياحي رفع أجور اللاعبين بدرجة كبيرة وهو ما أدّى في النهاية إلى تورّط الفريق في نزاعات عديدة كلّفته الكثير من العقوبات والخطايا من هياكل التقاضي المحلية والدولية.

ولئن سوّت هيئة سليم الرياحي جانبا من الملفات قبل انسحابها في نوفمبر 2017 إلا أنها خلّفت وراءها قضايا لا يزال بعضها يمثّل تهديدا صريحا للنادي.

على امتداد 100 سنة تولّى رئاسةَ النادي الإفريقي 27 شخصية أي بمعدل 4 سنوات تقريبا لكل رئيس، بيْدَ أنّ بعض الأسماء تولّت قيادة النادي لأشهر قليلة وذلك إمّا بغاية عدم خلق الفراغ أو بصفة مؤقتة إلى حين وصول هيئة جديدة كما حدث مع محمد العاصمي أو عبد الجليل المهيري أو حتى مع منير البلطي ومروان حمودية في السنوات الأخيرة.

يملك الرئيس الأسبق للنادي الإفريقي الدكتور المنصف العقبي الرّقم القياسي في عدد سنوات ترؤس النادي الإفريقي حيث تحمّل المسؤولية لـ13 سنة جميعها كانت خلال حقبة الاستعمار.

ونجح عويج في قيادة الأحمر والأبيض مرة أخرى إلى منصات التتويج بعد الاستقلال بإحراز لقب البطولة الوطنية لموسم 1963 – 1964 ليكون بذلك الرئيس الوحيد في تاريخ الذي توج قبل وبعد الاستقلال.

  • بشير بن مصطفى

  • وناس العجيمي

  • عبد العزيز ونيس

  • مصطفى صفر

  • عبد العزيز ونيس

  • علي بلحاج

  • عبد العزيز ونيس

  • المنصف العقبي

  • محمد علي العنابي

  • المنصف العقبي

  • صالح عويج

  • محمد العاصمي

  • محمد المستيري

  • محمد العاصمي

  • صالح عويج

  • محمد العاصمي

  • صالح عويج

  • عبد العزيز الأصرم

  • فتحي زهير

  • عبد الجليل المهري

  • عبد العزيز الأصرم

  • فريد مختار

  • رضا العزابي

  • فريد مختار

  • محمود المستيري

  • رضا العزابي

  • حمادي بوصبيع

  • فريد عباس

  • رضا العزابي

  • شريف بالامين

  • حمادي بوصبيع

  • حمودة بن عمار

  • سعيد ناجي

  • شريف بالامين

  • فريد عباس

  • شريف بالامين

  • كمال إيدير

  • منير البلطي

  • جمال العتروس

  • سليم الرياحي

  • مروان حمودية

  • عبد السلام اليونسي

رفع النادي الإفريقي 39 لقبا في تاريخه ليدوّن اسمه بحروف من ذهب في سجلات كرة القدم التونسية والعربية والإفريقية. وعلى مدى مائة عام كان نادي باب الجديد حاضرا ليرفع الراية الوطنية خلال حقبة الاستعمار ثم مغاربيا وإفريقيا وعربيا بعد الاستقلال.

على المستوى المحلّي، أحرز النادي الإفريقي أوّل ثنائية في رصيده سنة 1967 بعد أن نجح في ضم الكأس إلى لقب البطولة. وبعد ثلاث سنوات تمكّن الفريق من إحراز ثلاثية أولى بإحراز كأس تونس وسوبر تونس والكأس المغاربية للأندية الفائزة بالكأس.

وفي سنة 1973 أحرز الإفريقي ثنائية جديدة (بطل تونس وكأس تونس) ليُعزّزها بالكأس المغاربية للأندية البطلة في ثاني ثلاثيات الفريق.

وبعد نحو 19 سنة عاد نادي باب الجديد ليضيف صفحة مثيرة جديدة في سجلّه بعد إحراز الرباعية التاريخية والوحيدة في تاريخ كرة القدم التونسية والمتمثلة في الثنائية المحلية ودوري أبطال إفريقيا والكأس الأفروآسيوية.

كلمة الكتيبة:

هذا المقال هو جزء من عمل توثيقي كامل أنجزه موقع “الكتيبة” بمناسبة مئوية النادي الفريقي. سيكون الجزء الثاني بمثابة فيلم وثائقي حول مسيرة النادي الافريقي منذ التأسيس والى حدود ذكرى المئوية، يحتوي على صور ومقاطع فيديو نادرة.

شارك في الانتاج:

alqatibaاشراف فني: وليد الماجري

alqatibaتدقيق: محمد اليوسفي

alqatibaبحث:مالك الزغدودي

alqatibaرسوم:مهدي الهمامي

alqatibaغرافيك:منال بن رجب

alqatibaفيديو: حمزة فزّاني

alqatibaتطوير تقني: أيوب حيدوسي