الكاتب : فطين حفصية
رئيس تحرير سابق بقسم الأخبار في مؤسسة التلفزة التونسية
حينما كانت كبرى وكالات الأنباء والمحطات الإذاعية والتلفزية تتناقل خبر هبوط طائرة الرئيس الراحل زين العابدين بن علي بمطار جدة ليل الجمعة 14 جانفي 2011، كانت صخرة الانغلاق الإعلامي تتفتت سريعا على وقع الهبة الشعبية المنادية بالحرية. أما وسائل الإعلام المحلية فقد شرعت على وقع الزلزال السياسي في “تثوير” شتات خط تحريري محنط مبني على عقود من المغالطات والمعلومات الموجهة ولو كانت تلك التي ترد في نشرة أحوال الطقس.
الخيط الزمني القصير بين ليل 14و15 جانفي 2011 كان أشبه بإشراقة الشمس بعد ليل شتوي طويل أو لحظة الانعتاق التاريخية من أصفاد ما يزيد عن نصف قرن من “الكبت الإعلامي”. إنّ ما حدث وقتها يمكن وصفه أيضا بفتح زاوية 120 درجة فقط من جملة 180 وهاهي دورة الأيام تقفل عشرة أعوام عن ذلك “التحوّل” ما يتيح الآن مساحة جرد وتقويم معقولة بتجميع السؤالين الرئيسيين:
ماذا تحقق وما العمل؟ وهل يمكن الحديث عن مسار حقيقي لإصلاح الإعلام زمن السماوات الإعلامية المفتوحة والمد التواصلي الاجتماعي الجديد؟
الكاتب : فطين حفصية
رئيس تحرير سابق بقسم الأخبار في مؤسسة التلفزة التونسية
حينما كانت كبرى وكالات الأنباء والمحطات الإذاعية والتلفزية تتناقل خبر هبوط طائرة الرئيس الراحل زين العابدين بن علي بمطار جدة ليل الجمعة 14 جانفي 2011، كانت صخرة الانغلاق الإعلامي تتفتت سريعا على وقع الهبة الشعبية المنادية بالحرية. أما وسائل الإعلام المحلية فقد شرعت على وقع الزلزال السياسي في “تثوير” شتات خط تحريري محنط مبني على عقود من المغالطات والمعلومات الموجهة ولو كانت تلك التي ترد في نشرة أحوال الطقس.
الخيط الزمني القصير بين ليل 14و15 جانفي 2011 كان أشبه بإشراقة الشمس بعد ليل شتوي طويل أو لحظة الانعتاق التاريخية من أصفاد ما يزيد عن نصف قرن من “الكبت الإعلامي”. إنّ ما حدث وقتها يمكن وصفه أيضا بفتح زاوية 120 درجة فقط من جملة 180 وهاهي دورة الأيام تقفل عشرة أعوام عن ذلك “التحوّل” ما يتيح الآن مساحة جرد وتقويم معقولة بتجميع السؤالين الرئيسيين:
ماذا تحقق وما العمل؟ وهل يمكن الحديث عن مسار حقيقي لإصلاح الإعلام زمن السماوات الإعلامية المفتوحة والمد التواصلي الاجتماعي الجديد؟
فوضى البدايات
تعدّ 10 سنوات في عدّاد الانتقال الديمقراطي قصيرة حسب شواهد التجارب المقارنة لكنها تتّسع لكشف حساب ما يصطلح عليه بالانتقال الإعلامي في تونس إذ لا يستوي انتقال ديمقراطي في أي بلاد دون انتقال إعلامي .
وهنا تشير العديد من تقارير الهيئات والنقابات والمنظمات المحلية والدولية إلى أن الإعلام في مرحلته الانتقالية قام بدوره الموكول في مرافقة الديمقراطية الناشئة أو نصف الديمقراطية في تونس إذ لأول مرة لا يسير الإعلام مع السياسات والأحزاب والإدارات والحكومات وفق منطق المزيّن أو ” المكمّل ” في إدارة الشأن العام. بل إنّ أغلبه سار كمحدد ومراقب له فأمّن- بدرجات متفاوتة النجاح وبحسابات مختلفة – كل المحطات الانتخابية والأحداث التي عرفتها تونس منذ 2011 وفتح مساحات النقاش العام والتعبير الحرّ والتناظر أمام كل الحساسيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والنقابية والمدنية والحقوقية.
إن ذلك مرغوب وواجب حسب نقيب الصحفيين التونسيين السابق ناجي البغوري لكنه غير كاف. يقول البغوري في ذات السياق بشيء من الحسرة التي تعكس صيحة فزع:
الانتقال الديمقراطي بلغ مرحلة التعثر الآن إن لم يكن الفشل ولا شيء يدل على أننا في بلد ديمقراطي سوى الانتخابات الدورية التي أتى تقرير دائرة المحاسبات الأخير بما يفيد بالشك فيها وفي تزويرها.
بعد كل هذه السنوات-يضيف البغوري- ومع عدم وجود بوصلة واضحة للإعلام كجسم مهني كلي وغياب أي رؤية بشأنه لدى من حكموا يصبح أي حديث عن نجاح الانتقال الإعلامي نوعا من الترف أو من المغالطة، وفق تعبيره.
تجيب الأمثلة القريبة في إسبانيا والبرتغال والدراسات المتعلقة بها أن كل انتقال إعلامي في مراحل الانتقال الديمقراطي لن يكون مفروشا “بالخير المطلق” فهناك حركة ديالكتيكية تنشأ عند كل عملية تغيير بنيوية بين من يسعى إلى إعلام حرّ و من يريد الارتداد به إلى المربع السيء كطرف كان مستفيدا وأصبح من الخاسرين.
لكن التجربة تفيد أيضا أن كل حرية جديدة تستوجب إدراك كيفية ترجمتها إلى منفعة عامة وإلا تحوّلت الصحافة إلى يد يمنى للفوضى ومن ذلك ما تخبرنا به أمثلة من النسخة التونسية للحرية التي أربكت أحيانا كل الحدود الإعلامية فتحفظ الذاكرة أمثلة عديدة يمكن ذكر أهمها:
- مطالبة أحدهم عبر الشاشة بإعدام رئيس الحكومة الانتقالية محمد الغنوشي.
- رفع أحد الناطقين باسم تيار إرهابي لكفنه في وجه المشاهدين بدعوى الاستعداد للجهاد حسب أدبياته.
- إطلاق موجة من خطابات الكره والتحريض والتجييش التي أدت إلى العنف والاغتيال أو البث المباشر لعمليات مكافحة الإرهاب دون انتهائها.
- انخراط حصص ترفيهية في تنظيم مسابقات وعروض تحمل إيحاءات جنسية ونعرات جهوية.
- ذهاب بعض البرامج التلفزية الأخرى إلى اعتماد البرامج الفضائحية أو ما يسمى بـ”تلفزيونات القمامة”.
هذه الأمثلة عالية السقف شكلا ومعنى وتأثيرا وما حفّ بإعادة تشكلّ الفضاء الإعلامي التونسي جعلت الباحثة في قسم الدراسات السياسية والدولية بجامعة كامبريدج البريطانية روكسان فرمان تصف في ورقة بحثية نشرت في العام 2015 الإعلام ما بعد الثورة بـ “الحرية التي ترتدي ثوب الفوضى”.
وتأكيدا على ذلك فتحت أمواج اذاعات وصفحات صحف منابرها أيضا طيلة هذه السنوات العشر لعدد لا يحصى من “الكينونات السياسية والاجتماعية والمدنية ” وما يعرف بالمحللين والمعلقين الصحفيين (الكرونيكور) بلا حسيب مهني أو رقيب تعديلي ذاتي فتحولت في أغلبها إلى حلبة صراع سياسي ومالي وتصفية حسابات ما حدا بأول تقرير مستقل للهيئة الوطنية لاصلاح الاعلام والاتصال المنشور ربيع 2012 إلى توصيف الأمر بالجرعة الزائدة على الجسم الصحفي التي تستدعي تعديلا سريعا وهو الأمر الذي أدى بعد مرحلة من الشد والجذب السياسيين إلى الإعلان رسميا عن ولادة الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري كسلطة تعديلية لها سلطات إدارية وتشريعية وقضائية و ترتيبية في مجال اختصاصها وفق ما يتيحه لها منطوق الفصل 127 من الدستور.
ومن منطلق التحولات من مربع الاستبداد التام إلى الحرية المفتوحة وتشكل الحقل الصحفي مهنيا وقانونيا خلال كل هذه السنوات يعتبر الأستاذ الجامعي والباحث بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار الصادق الحمامي أن ذلك يسند تقييمه القائل ” أن تونس عرفت حدوث انتقال إعلامي تشريعي من خلال هذه القوانين الجديدة المطابقة للمعايير الدولية (المراسيم 115 و116 والدستور ) دون أن يترافق ذلك مع انتقال إعلامي تنظيمي في البلاد”.
مسار تعديلي في عين الإعصار
تبدو الحالة التعديلية التونسية مخبرية لبقية التجارب فإذا كان كل مشهد إعلامي في أي دولة ( ديمقراطية أو ديكتاتورية) يعتمد على جملة من الأنظمة البنيوية (قوانين، هياكل، مؤسسات) ولو عند حدوث متغيرات جذرية فإن “البريسترويكا الإعلامية التونسية ” أو إعادة البناء في تونس قفزت بسرعة رهيبة فوق ركام نصوص قانونية ومؤسسات – مجلة الصحافة ووكالة الاتصال الخارجي – وانطلقت في التأسيس القانوني والبناء المؤسساتي من ورقة بيضاء.
فبعد المناخ القاسي الذي ولدت فيه الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال وعمل فيه الصحفيون (اعتداءات مادية ومعنوية على الصحفيين ومؤسسات اعلامية، وصم الاعلام باعلام العار، اعتصام أمام مقر التلفزة الوطنية، محاولة جر المجتمع والإعلام الى حرب هووية، اغتيالان سياسيان وشلل مؤسساتي….) أنهت الهيئة وجودها من جانب واحد بعد ما يزيد عن عام عن انطلاقتها ليقينها حسب تصريحات القائمين عليها أنها كانت تخاطب ترويكا صماء وصل بها الأمر إلى تنظيم استشارة وطنية حول الإعلام دون حضور الإعلام أو هياكله ومؤسساته.
وقد لخص رئيس الهيئة كمال العبيدي ما حدث وقتها بأنه نوع من “سكرة الحكم لحركة النهضة ” لكن التشويش الحكومي الواضح على تفعيل المرسومين ( 115 المنظم لحرية الصحافة والطباعة والنشر و116 المتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري دفع ” حراس البوابة الإعلامية” للذهاب يوم 17 أكتوبر 2012 في أول إضراب عام للإعلام في تونس والوطن العربي ما عد أول منعرج في حقب التقسيم الزمني للانتقال الإعلامي في تونس.
أفرز الضغط النقابي والمدني والصحفي ولادة الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري بعد تضخم سمعي بصري رهيب في المشهد التونسي (13 قناة تلفزيونية و35 إذاعية) ومضى المشرع التأسيسي في الدعوة الى إنشائها كهيئة دستورية دائمة وها هي الآن تقترب من إتمام 100 شهر أو 8 سنوات دون أي أفق تنظيمي ما جعل من يريد “رأس الهايكا” من أرباب المؤسسات الإعلامية وأحزاب وسياسيين يمضي في نزاع قانوني معها حول الشرعية والمشروعية لخوض صراع المصالح سواء عبر المناولة البرلمانية أو بمحاصرة قراراتها.
إن مجرد مسح سريع لموقع الهيئة الدستورية يبين عدم تخلفها بشكل أسبوعي تقريبا عن إصدار قرارات تتراوح بين لفت النظر والخطايا وصولا الى تنبيهات بإيقاف البث أو حجز المعدات وآخرها المتعلقة بقناة نسمة ( المقربة من حزب قلب تونس ) والزيتونة ( المقربة من حزب النهضة) وإذاعة القرآن الكريم (المقربة من حزب الرحمة) لكن كل هذه العقوبات شابها عدم إنفاذ القانون حد تندر البعض مجازا بتشبيه بعض آلاف الدنانير التي يدفعها عدد من “حيتان الإعلام ” كخطايا للهيئة بمن يدفع ثمن احتساء قهوته الصباحية الساخنة.
تشبيه سريالي يعتبره عضو “الهايكا” هشام السنوسي واقعا مرا منذ نشأتها. يتحدث السنوسي عن هذا الواقع بنبرة تنضح مرارة وشراسة في الآن ذاته:
الفاعلون السياسيون لا يقبلون المشهد المتطور في منسوب الحرية الذي يفرض معركة أساسية في هذا الوقت وهي مأسسة هذا المشهد وتقنينه قبل ولادة مخالب قط.
أمّا الخبير في الإعلام ماهر عبد الرحمان فيرى أن جملة الإشكالات الحاصلة مع “الهايكا ” تعود الى عدم فهم الاغلبية لدورها وأهميتها، ومن فهم ذلك من الأحزاب يريد إفشال تجربتها ما جرّها جرا الى المستنقع السياسي للدفاع عن نفسها وعن استقلاليتها،وفق تقديره.
حدث ذلك عندما قطعت المبادرة التشريعية المفخخة لكتلة ائتلاف الكرامة حول تنقيح المرسوم 116 حالة الارتخاء السائدة حول أهمية وجود الهيئة وجمعت طيفا برلمانيا وسياسيا ومدنيا وحقوقيا حول خطوط حمراء تسعى “الديمقراطية المائعة” إلى تجاوزها عبر الغطاء البرلماني ومن ذلك الدعوة إلى تحرير الإعلام وإلغاء نظام التراخيص مايعني قطع يد “الهايكا” أصلا لكن حجم الالتفاف هذا لم يحجب غابة الانتقادات الموجهة لهذه الهيئة ويمكن تفصيلها في ثلاث نقاط محددة تدور في صميم دورها الذي بعثت من أجله أبرزها:
- الفشل الجزئي في المساهمة في حوكمة الإعلام العمومي كقاطرة لإصلاح الإعلام وتعزيز القدرات التنافسية لمؤسساته.
- التعثر في السهر على برمجة إعلامية دقيقة ومتوازنة
- عدم الإسهام في تشجيع برمجة تربوية ذات جودة عالية
يعقّب عضو الهيئة هشام السنوسي على ذلك بالقول: “إن أي حديث عن إعلام تونسي على شاكلة ما يوجد في فرنسا وسويسرا أو أية دولة أخرى في ظل هذا المشهد السياسي والخور الموجود يصبح طوباويا”. وينهي بنوع من التفاؤل الحذر حوصلته الشخصية لعشرية الإعلام ومربع تحرك الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري لخوض “أم معارك ” الإصلاح الخاصة بالإعلام العمومي كقاطرة (نظريا) لقيادة البقية.
أزمة أم أزمات؟
في 29 من جويلية 2020 اختار 8 من مسيري وسائل إعلام عمومية سمعية بصرية من دول مختلفة عند كتابتهم عمودا مشتركا في صحيفة لومند الفرنسية عنوانا على شاكلة مقولة فحواه: “إن وسائل إعلام عمومية في صحة جيدة تشكل قوة للديمقراطية ” للتدليل على قوة الإعلام العمومي خصوصا أمام التسونامي التواصلي الاجتماعي أما في الوضع التونسي وبعد عشر سنوات فإن آخر تقرير للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ماي 2020 أفاد أن الإعلام العمومي يواصل التخبط في مشاكله الداخلية وإرثه الذي يعيق تطوره ما يهدد بشكل مباشر حصنا من حصون الديمقراطية.
فقد عاش الإعلام العمومي الممول من دافعي الضرائب (2 قنوات تلفزية و10 اذاعات ووكالة أنباء و صحيفتان) “الصدمة الإيجابية” لما بعد 14 جانفي فتحررت الأقلام من الإرث المعنوي الثقيل لنصف قرن من الخطاب الواحد دون أن تتحرر المؤسسات من التركة القانونية والهيكلية والتنظيمية المكبلة لعملية الانتقال من إعلام رسمي حكومي إلى إعلام عمومي فمؤسسة التلفزة مثلا مازالت تعتمد قانون 2007 الذي فصلها عن الإذاعة وهو انفصال شكلي ومجالس الإدارة التابعة للسلطة التنفيذية في كل مؤسسات الإعلام العمومي حافظت على تركيبتها الصورية البيروقراطية المنافية لأي استقلالية فعلية.
في 10 سنوات عاشت مؤسسات الإعلام العمومي إما تخبطا تسييريا بعدم الاستقرار الإداري أو عشوائية في برامج الاصلاح وتضافر العائق السياسي مع العائقين المهني والإداري وعدم وضوح الرؤية النقابية والتعديلية وخلطها أحيانا بين النقابي والمهني في خلخلة الأوضاع المتأزمة أصلا لتنتج كل هذه العوامل حالة “ضياع إصلاحي” فالأرقام التسييرية في هذه المؤسسات تفيد بحالة اللاستقرار منذ 2011.
تولى الإشراف على مؤسسة التلفزة التونسية منذ الثورة 11 رئيسا مديرا عاما. في حين سجلت مؤسسة الإذاعة التونسية تداول 4 رؤساء مديرين عامين وعدم تسمية مدير عام جديد منذ عامين. أما وكالة تونس إفريقيا للأنباء فمرّ عليها 6 رؤساء مديرين عامين.وكان نصيب سنيب لابراس 7 رؤساء مديرين عامين.
المصدر: بلاغات رسمية للحكومات التونسية
وإذا أضيف ثقل كتلة الأجور بهذه المؤسسات التي تتجاوز سقف 80% في بعضها وتضخم الموارد البشرية وتكلس القوانين والأنظمة الأساسية وتأبيد حالة الاحتقان الاجتماعي والمهني بها تكون نتيجة أي محاولة إصلاح أو تطوير المضامين الانتاجية الصحفية رغم المحاولات المحتشمة كمن يحاول مسك الماء بيده.
منذ العام 2011 فتحت ورشات تدريب وتكوين أمام صحفيي المرفق العام محليا وخارجيا كأحد مفاتيح الإصلاح الأساسية واستحدثت أطر تنظيمية مهنية كمجالس التحرير ومواثيق التحرير ومدونات السلوك. لكن كل ذلك أشبه بوضع المساحيق التجميلية على وجه مهني وتنظيمي منهك وتبدو أم المفارقات حسب المهنيين في أن التكوين في المؤسسات العمومية يستبق تحديد الحاجة المهنية أوالشرائية والدليل عدم العثور مثلا على أي تشخيص علمي أو دراسات دقيقة لأي مؤسسة إعلامية حول الضرورات التكوينية المستعجلة وقصيرة المدى وعادة ما يكون هذا التكوين خاضعا إما لعينات عشوائية أومناسباتية أو لبرامج تعاون بروتوكولية أو للتكوين من أجل التكوين.
يمكن القياس هنا عبر برنامج دعم الإعلام في تونس الذي يمتد لثلاث سنوات منذ 2017 والممول من قبل الاتحاد الأوروبي بأكثر من 10 مليون يورو (30 مليون دينار) فقد نظم خلال سنة واحدة مثلا اكثر من 70 دورة تدريبية لفائدة أكثر من 570 مشاركا وانجز 10 دراسات حول تطوير الإعلام الوطني والمحلي فبقيت استخلاصات هذا التكوين بنسبة مائوية كبيرة مدونة في شهادة التكوين الشخصي بدل الواقع المهني وغابت كل آليات المتابعة والتنفيذ في زحام مجاراة النسق اليومي للأخبار والأحداث.
خلال السنوات العشر الأخيرة انتظمت نحو 200 ورشة وندوة محلية ودولية تحت عناوين مختلفة تتعلق بإصلاح الإعلام العمومي ولم تغادر جل توصياتها أو برامجها أسوار قاعات تنظيمها لتبين مرة أخرى تحمس الخطاب مقابل خواء الواقع فتجربة عقد الأهداف والوسائل الذي تم إمضاءه يوم 30 أوت 2019 بين 3 أطراف هي التلفزة التونسية والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري ورئاسة الحكومة وفق جدول زمني للاصلاح تعد مثالا جيدا لنسف الواقع لكل تنظير إذ بقي هذا العقد حبرا على ورق وفق تقييم الأستاذ الجامعي والباحث الصادق الحمامي مستدلا هنا باكتفاء التلفزة التونسية منذ مدة بإعادة بث البرامج فقط وغياب أي آلية رقابة أو نقاش مهني عام حول مدى تطبيق ما ورد في عقد الأهداف.
أما الإعلام الخاص فبعد شرعنة التعددية السمعية والبصرية سادت متغيرات متواترة المشهد طيلة هذه العشرية ففتحت محطات وقنوات وأغلقت أخرى وغاب الأمان الاجتماعي لطيف واسع من الصحفيين المشتغلين وانحدرت بعض المضامين إلى قاع الرداءة مع غياب أدوات التعديل الذاتي والأخلاقي إلا في استثناءات قليلة. ونشطت مؤسسات خارج قانون الهايكا المنظم للانتشار الإعلامي ودارت جل المؤسسات حول سطوة رأس المال الفاسد والسياسيين والأحزاب ما دفع بنقيب الصحفيين ناجي البغوري إلى تشبيه الوضع في عمومه بانتصاب “كارتيلات إعلامية ” مثل كارتيلات المخدرات في دول أمريكا الجنوبية. أما بقية المؤسسات الجدية فقد عرت أزمة كورونا واقعها الصعب فإما أغلقت أو سرحت عمالها أو خفضت منهم. ورغم المرافقة المالية الحكومية لتجاوز تداعياتها فإن بعض الشكوك تواصلت بشأنها كهديّة مسمومة تشبه “الغذاء مقابل الخنوع”.
مع كل هذا توسع القاموس المهني والنقابي ما بعد 2011 إلى وضع خصوصي سمي بالإعلام المصادر منذ مصادرة كل من دار الصباح وإذاعتي الزيتونة وشمس آف آم ومؤسسة الانتاج السمعي البصري كاكتوس برود. ورغم تواصل الإنتاج داخل هذه المؤسسات فإنها تعيش ما يشبه اليتم المالي والتنظيمي حد عدم معرفة العاملين توقيت أجورهم أو إمكانية استدامة مؤسساتهم بعد أن غرقت في ديون بالمليارات.
ورغم تعاقب الحكومات والمفاوضات فإن الإعلام المصادر ظل ورقة مخفية تسحب وفق الظرف والسياق وتشوبها الحلول الترقيعية والمؤقتة بدل طي ملفها نهائيا وحسمه مع لجنة التصرف في الأملاك المصادرة.
إن الأزمة التي تولد أخرى في الإعلام العمومي والخاص والمصادر دفعت إلى إطلاق دعوات ببناء سياسة عمومية تشاركية تجمع كل الأطراف (المهنيين، الدولة، القطاع الخاص) لتحديد بوصلة الاصلاح المرغوب بل تفيد توصيات الخبراء والمهنيين بضرورة امتلاك الدولة لسياسة عمومية واضحة في مجال الميديا مثل امتلاكها لسياسات تتعلق بالصحة والتعليم والنقل. ويمكن بعد مراكمة جملة هذه المشاكل التأكيد أن أزمة الإعلام تحكمها أساسا أربعة “ميمات كبرى” هي المؤسسة والمهنة والمال والمشرع.
المانشيت الأخير
تعيش الصحافة الورقية التونسية منذ عشرة أعوام، وهي ليست استثناء عما يحدث في العالم، حالة مرضية مركبة تجتمع فيها أسباب مهنية اقتصادية وسياسية واتصالية وثقافية أدت في النهاية إلى إغلاق عديد المؤسسات الصحفية أو التوقف عن الصدور الورقي وإحالة صحفيبها وتقنييها على بطالة إجبارية.
تقول أحدث الأرقام وفق المدير التنفيذي لجامعة مديري الصحف محمد العروسي بن صالح إن الساحة الصحفية الورقية بعد أن كانت تتسع لـ255 منشورا قبل عشرة أعوام باتت لا تضم الآن سوى 7صحف يومية و11 جريدة ومجلة أسبوعية (توقفت 3 منها عن الصدور منذ مارس 2020 بسبب تداعيات أزمة الكورونا) و 10 صحف ومجلات نصف شهرية وشهرية وثلاثية (توقفت 2 منها عن الصدور في جانفي وجويلية 2020).
أما السحب الإجمالي اليومي للصحف والمجلات فيكاد لا يتجاوز 90000 نسخة على أقصى تقدير وهو رقم كانت تسحبه صحيفة واحدة قبل عشر سنوات. وما زاد الأمر تأزيما هو انكماش سوق الإعلانات التجارية إلى 11.1 مليون دينار وفق تقديرات شركة “سيغما كونساي”، وهو رقم مفزع يشير إلى درجة التدحرج المالي الذي كان في العام 2010 في حدود 41 مليون دينار.
ومثلما توصف وضعية الصحافة المكتوبة بالحالة المرضية المركبة فإن وصفة العلاج تبدو أكثر تعقيدا ماليا وهيكليا بتنازعها بين أياد عدة (القطاع الخاص وأصحاب المصالح والحكومات والتمويل المجهول أحيانا) ومهنيا بجمود المحتوى المكتوب والفني وضعف الرصيد البشري الصحفي الذي يكفل التفرغ لصحافة ما بعد الخبر من تحقيقات كبرى واستقصائية وغياب البنية التحتية المطلوبة للانتقال الرقمي والإعلام التفاعلي.
في المقابل حافظت الصحافة الورقية التونسية عريقة التأسيس عربيا إلى حد كبير على قدرتها على التحليل والتعبير عن الآراء والمساهمة في صناعة الرأي العام من خلال التأثير ولو جزئيا عبر ما تتناقله محطات إذاعية وتلفزية محلية لكنها تخوض على أية حال حرب وجود بعد أزمة كورونا رغم ما ضمدته الدولة مؤقتا من جراح مالية.
وقد سرعت أخبار “نعي” صحف عربية ودولية في أركان العالم من وتيرة النقاش الواسع والدراسات حول مستقبل الصحافة المكتوبة في دول عدة من العالم وخصوصا الولايات المتحدة وبريطانيا ذات التقاليد العريقة في حين ظلت مبادرات النقاش المهني والنقابي ضيقة ومحتشمة في تونس رغم الخطر الآتي لا محالة على الصحافة المكتوبة، إلا أن عددا من التشخيصات السريعة تجمع على ضرورة الانطلاق من الإطار التكنولوجي للمسألة لفهم تعقيداتها أو ما يوصف بفصل الورقي عن الافتراضي أو “الأونلاين”.
فالصحافة الإلكترونية في تونس (36 عنوانا وفق أرقام جامعة مديري الصحف) تعبر في جزء منها أيضا على مشاكل الصحافة الورقية باعتبار تحول عديد الصحف إلى منابر على الانترنت لكن بعضها فشل مرة أخرى لأن قيادة المرحلة الرقمية بالموروث الورقي أثبت عدم فاعليته وهذا منطقي لخصوصية كل صنف فالتحول الرقمي ليس مجرد تكنولوجيا بل تقنيات مع ثقافة ومحتوى وإدارة رشيدة وتخطيط ومعرفة للجمهور بشكل أعمق باعتبار اختلاف جمهور اليوم عن جمهور الأمس.
ويزداد مشكل الهوية لدى هذا الحقل الجديد في الميديا التونسية تعمقا عندما نتحدث عن فراغ قانوني لم يفصل بين الصحافة الإلكترونية و المواقع الرقمية والمدونات، ما شرع الباب أمام ساحة إعلامية منفلتة بثوب جديد في الانترنت.
بدا أيضا هذا “الجسم الصحفي” مجهول العدد صحفيا فلا توجد دراسة علمية ومهنية دقيقة حددت عدد ” الصحفيين الإلكترونيين” أو مؤهلاتهم العلمية أو التنظيم المؤسساتي لهم أو معايير النشر الصحفي الرقمي الخاصة بهم بل لم يتم إلى الآن تحديد ماهية الصحيفة الالكترونية حد أن رفوف المحاكم مليئة بمئات الملفات الفارغة قضائيا المرفوعة بحق “أشباح صحفية إلكترونية”.
مجلس الصحافة .. خطوة إلى الأمام
أجاب الصحفي الأمريكي الشهير وكاتب عمود صحيفة نيويورك تايمز توماس فريدمان في سؤال عن القيمة المهنية للصحافة كمعيار وممارسة بالتأكيد “إنه لا يمكن بناء شيء جيد في أي بلد على تربة غنية بالمنزلقات المهنية والأكاذيب في الصحافة”.
ويفصل بين المهنة والالتزام بأخلاقياتها خيط دقيق انتهى في تونس بعد مسار تأسيسي طويل إلى إطلاق مجلس للصحافة يقترب كثيرا من مثيله البلجيكي كمحكمة شرف وآلية من آليات التعديل الذاتي وإفراز لاجتهادات المنظمات المهنية والمجتمع المدني.
وسيكون لهذا المجلس عدة وظائف يتيحها قانون أساسي” كمراقبة التقيد بالقواعد الأخلاقية للممارسة الصحفية ومساعدة المؤسسات الاعلامية والصحفيين على ممارسة صحافة مهنية وذات جودة وحماية استقلالية الصحافة من اي تدخل او ضغط محتمل مهما كان مصدره”.
ويمتلك المجلس سلطة “الميمات الثلاث المتعلقة بالمهنة” وهي المساءلة التي يعتمدها آلية نقد يقبلها الصحفي والمنبر الإعلامي والمكاشفة ليعرف الصحفي والمؤسسة حجم مسؤوليته عما كتب أو نشر ومن ثمة يقع التصحيح أو الاعتذار والمحاسبة لا على شاكلة عقوبات المحاكم بل على قاعدة التقويم وعدم العود والتأسيس لفقه مهني أخلاقي.
عد مجلس الصحافة في تونس رغم افتقاره إلى الآن لمقر وللإمكانيات المالية والإدارية واللوجستية مكسبا مهما لتلقي شكاوى الجمهور ولديمومة ثقافة التعديل وصون الحريات الصحفية.
وبعد مضي 10 سنوات على هذه الحرية يتباين التقييم بشأن المحصلة المهنية لدى الفاعلين في القطاع إذ يرى الأستاذ الجامعي والباحث الصادق الحمامي أن “الإعلام بعد كل هذه السنوات مريض وساهم في أزمة الديمقراطية ومرضها في تونس أيضا لارتباطه بالنخبة السياسية والمجتمع السياسي دون مراقبة هذا المجتمع”.
أما عضو الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري هشام السنوسي فيؤكد أنه “لا بد من اتخاذ مسافة نقدية معقولة للحكم دون سوداوية مطلقة أو مثالية تامة”. في حين يستنتج الخبير في الإعلام ماهر عبد الرحمان ” أننا أمام وضعية إعلامية عامة لا يمكن بأي حال أن تستمر بهذا الشكل لأننا في عصر جديد من الإعلام التفاعلي الذي تجاوز فيه الجمهور مرحلة المتلقي السلبي نحو مرحلة المتلقي الفاعل”.
السياسات العمومية .. مدخل رئيسي للإصلاح
لتفكيك المعادلة التقييمية للمشهد الإعلامي التونسي يمكن الاستئناس بجملة من المعطيات التي بدت متناقضة لكنها تقرّب الصورة لتحديد البوصلة المكانية للإعلام في تونس بعد مضي هذه المدة.
فقد حافظت تونس منذ سنوات على ريادتها عربيا في مؤشر حرية الصحافة السنوي لمراسلون بلا حدود الذي يعتمد جملة مقاييس من بينها البيئة المهنية باحتلالها المركز 72 في العامين الأخيرين دون التمكن نظريا في المستقبل القريب من دخول نادي الخمسين من بين 180 دولة يشملها التصنيف.
وعكس هذا المؤشر كشف سبر للآراء أعدته جمعية بر الأمان بالشراكة مع معهد ميديا سكان نشر في شهر سبتمبر 2018 أن 35% من التونسيين لا يثقون إطلاقا في وسائل الإعلام بعد أن كانت النسبة تتجاوز سقف الـ 50% في السنوات الاولى التي تلت الثورة وأن 45 % لا ينتظرون شيئا من وسائل الإعلام وهي نسب تقترب من الحالة الأمريكية في نفس السنة (41 % لا يثقون في وسائل الإعلام) حيث وصف المفكر الامريكي فرانسيس فوكوياما انحسار منسوب هذه الثقة في وسائل الإعلام في عدد من دول العالم مظهرا من مظاهر ركود الديمقراطية.
تضع هذه المتناقضات تونس نظريا في منطقة رمادية وفي سلم تقييم متباين لكن آراء المهنيين وهياكلهم والخبراء والأكاديميين بعد تفحص الواقع المهني لعشر سنوات تجتمع حول ضرورة تأسيس “جبهة مهنية وأخلاقية وتكوينية” تمكن من تعصير أدوات المهنة وفق جملة أولويات مستعجلة تهم الممارسة والتنظيم ومعالجة جملة الأعطاب البنيوية والمهنية ومن المقترحات المتكررة:
- إعادة التأسيس لهيئات تحرير حقيقية في وسائل الإعلام بمختلف تصنيفاتها وليس حلقات نقاش عام.
- تفعيل المواثيق التحريرية والمدونات المهنية والسلوكية في غرف الأخبار كحصن مهني وتعديلي ذاتي.
- اعتماد الأنماط الصحفية الجديدة المواكبة لتطورات أدوار المهنة كالتحقيقات الكبرى والصحافة الاستقصائية وصحافة العمق ما بعد الخبرية وصحافة التفسير وصحافة القرب.
- الانتقال من الصحافة الجالسة وصحافة البيانات والبلاغات أو “العنعنة” عن المصادر المعروفة أو المجهولة إلى صناعة الأخبار والأحداث.
- اعتماد جودة المضامين في الصناعة الصحفية الإخبارية والانتاجية حسب الوسيلة الإعلامية وخصوصياتها.
- المعالجة المهنية للأخبار اليومية بآليات التحري الصارمة أو ما يعرف مهنيا بصحافة التحري
- الالتزام بالمواثيق الأخلاقية الداخلية والمهنية العامة .
- التسريع بإعلان الهياكل التنظيمية خصوصا في الإعلام العمومي وتحديد المهام المناطة بعهدتها.
- تمثيل الجمهور في مجالس الإدارة الخاصة بمؤسسات الإعلام العمومي باعتباره دافع الضرائب وصاحب مصلحة في صناعة المضامين وتحويل العلاقة مع الجمهور من عمودية إلى أفقية في بقية المؤسسات .
- تحقيق الأمان الوظيفي والاجتماعي للصحفيين خصوصا بعد إمضاء الحكومة للاتفاقية الاطارية المشتركة وضرورة التطبيق الفوري لها.
- توفير بيئة صحفية ملائمة على مستوى التجهيزات والوسائل والإمكانيات والأجور.
- تنظيم الإشهار العمومي وتوزيعه في ظل وجود “غابة إشهارية ” تحجب الرؤية عن نشر أرقام رسمية.
- إيجاد آليات الشفافية بشأن تمويل المؤسسات الإعلامية الخاصة أو إيجاد هيكل رسمي توكل له مهمة مدى شفافية ملكية وسائل الإعلام .
- ملائمة التكوين الأكاديمي مع تحولات المهنة المتسارعة.
- دعم الإعلام الجمعياتي من أجل مزيد ضمان التعددية والتنوع والحرية الإعلامية
- تعويض المرسومين 115 و116 بقانونين أساسيين جديدين لتنظيم ودعم حرية الإعلام وفق روح الدستور والمكاسب التي تحققت بعد 14 جانفي 2011 مع احترام المعايير الدولية وبناء على مراجعات علمية موضوعية خارج دائرة الحسابات الحزبية الضيقة.
إن جملة ما يطرح يسنده رأي عام مهني ونقابي وتعديلي بضرورة ” تونسة الإصلاح” دون رمي التجارب الدولية في سلة المهملات و ترحيل الأمر إلى منتدى نقاش واسع يبحث في ندوة وطنية عاجلة الأزمة العميقة للإعلام في تونس بحضور كل المعنيين والفاعلين من حكومة وأحزاب ومنظمات وجمعيات ونقابات وهياكل تعديلية وخبراء وأكاديميين ومراكز تدريب وتكوين وتدريس للخروج بما يشبه خارطة طريق إعلامية للمستقبل القريب تعكس شكلا من أشكال السياسة العمومية المطلوبة. فبمجرد تأمل ما تخبئه العقود الآتية من تحوّلات في مجال الاتصال والصحافة يؤكد أنه لفهم طبيعة الإعلام الجديد نحتاج إلى تجاوز الفهم السائد وعند إدراك هذا المعطى المنهجي المهم قد نعثر على الحبر السري المفقود لإصلاح الإعلام.
يوثق هذا المقال لسيرورة الانتقال الإعلامي في تونس بعد الثورة بمقاربة تفسيرية تفكرية بهدف فهم مواطن أسباب تعثّر مسار الإصلاح على أسس ديمقراطية جديدة تقطع مع الماضي المرير.ويقدّم في الآن ذاته جملة من المقترحات العملية التي من شأنها مساعدة الجمهور ومختلف الفاعلين في المشهد الإعلامي على التفكير في بلورة سياسة عمومية وعقد جديد خلال العشرية القادمة من تاريخ الثورة.
يوثق هذا المقال لسيرورة الانتقال الإعلامي في تونس بعد الثورة بمقاربة تفسيرية تفكرية بهدف فهم مواطن أسباب تعثّر مسار الإصلاح على أسس ديمقراطية جديدة تقطع مع الماضي المرير.ويقدّم في الآن ذاته جملة من المقترحات العملية التي من شأنها مساعدة الجمهور ومختلف الفاعلين في المشهد الإعلامي على التفكير في بلورة سياسة عمومية وعقد جديد خلال العشرية القادمة من تاريخ الثورة.
الكاتب : فطين حفصية
رئيس تحرير سابق بقسم الأخبار في مؤسسة التلفزة التونسية
الكاتب : فطين بن حفصية
رئيس تحرير سابق بقسم الأخبار في مؤسسة التلفزة التونسية