الكاتب : حسان العيّادي
صحفي مهتم بالشأن السياسي والاقتصادي في تونس وشمال إفريقيا
المعطي منجب له الكثير من الألقاب والصفات، فهو أستاذ جامعي يدرّس التاريخ، وهو أيضا مؤرخ وكاتب صدرت له مجموعة من الكتب والمقالات، وناشط حقوقي وسياسي مغربي معارض ذاع صيته على مستوى دولي.
كان محل ملاحقة قضائية وأمنية من قبل السلطات المغربية في عدة مناسبات، إذ مثل أمام المحكمة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 بتهم وصفت في الأوساط الحقوقية بـ”الملفقة” من بينها “المسّ بالسلامة الداخلية للدولة، والنصب، وأخذ تمويلات من منظمات أجنبية دون احترام للقانون”.
ومثل أمام المحكمة مرّة أخرى في ديسمبر 2020 بتهم غسيل الأموال قبل أن يصدر حكم ضده في 28 جانفي/ يناير 2021 بسنة سجنا نافذة وغرامة مالية.
الكاتب : حسان العيّادي
صحفي مهتم بالشأن السياسي والاقتصادي في تونس وشمال إفريقيا
المعطي منجب له الكثير من الألقاب والصفات، فهو أستاذ جامعي يدرّس التاريخ، وهو أيضا مؤرخ وكاتب صدرت له مجموعة من الكتب والمقالات، وناشط حقوقي وسياسي مغربي معارض ذاع صيته على مستوى دولي.
كان محل ملاحقة قضائية وأمنية من قبل السلطات المغربية في عدة مناسبات، إذ مثل أمام المحكمة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 بتهم وصفت في الأوساط الحقوقية بـ”الملفقة” من بينها “المسّ بالسلامة الداخلية للدولة، والنصب، وأخذ تمويلات من منظمات أجنبية دون احترام للقانون”.
ومثل أمام المحكمة مرّة أخرى في ديسمبر 2020 بتهم غسيل الأموال قبل أن يصدر حكم ضده في 28 جانفي/ يناير 2021 بسنة سجنا نافذة وغرامة مالية.
قبع المعطي منجب وراء القضبان منذ 30 ديسمبر/ كانون الأول 2020 وغادره في 23 مارس/ آذار2021 في حالة سراح مؤقتة ليستأنف نضاله الحقوقي والسياسي والفكري.
وقد صدر للمعطي منجب عديد من الكتب أبرزها:
- النظام الملكي المغربي والصراع على السلطة (The Moroccan Monarchy and the Struggle for Power) (باريس: لارماتان، 1992)
- سيرة ذاتية سياسية لمهدي بن بركة (A Political Biography of Mehdi Ben Barka) (باريس: منشورات ميشالون، 1996-2000)
- الإسلاميون في مواجهة العلمانيين في المغرب (Islamists Versus Secularists in Morocco) (أمستردام: آي كي في، 2009).
ضيف موقع الكتيبة في هذا الحوار هو أيضا عضو مؤسس للجمعية المغربية لصحافة التحقيق، وكذلك جمعية الحرية الآن التي يشغل حاليا خطة رئيسها
كيف يتراءى الوضع السياسي في ظل تصاعد التضييقات والقمع خلال السنوات الأخيرة في المملكة لا سيما تجاه المعارضين والمنتقدين للنظام القائم؟
النظام السياسي المغربي يشبه الأكورديون، الآلة الموسيقية التي تنفتح وتنغلق، وهذا يقترن أحيانا بتحسّسه لوجود غضب شعبي حقيقي. وأقدم مثالين عن ذلك معروفين: الأول يتعلق بما حدث في فبراير 2011 بعد انطلاق الربيع العربي واندلاع المظاهرات في المغرب والتي كانت من بين التحركات الأكبر في المنطقة العربية بمشاركة ما يقارب 150 مدينة ومركز حضري. تلا هذا انفتاح سياسي فعلي إذ أطلقت حرية الصحافة والتعبير كما غادر سجون المملكة عدد مهم من المعتقلين السياسيين.
المثال الثاني، وبشكل غريب وقع في ذات الشهر ولكن عشرين عاما قبل 2011 أي سنة 1991، إذ خرجت مظاهرات شعبية صاخبة هي الأكبر في تاريخ المغرب والتي قادتها المعارضة. وقد شارك فيها زهاء 500 ألف متظاهر كانوا يطالبون بمساندة العراق وفلسطين ضد الهجوم الغربي على العراق.
إثر هذه المظاهرة والتي سبقها وتبعها حراك قوي في الشارع المغربي، انطلق الانفتاح واستمر إلى سنة 2002 أي لمدة حوالي عشر سنوات. كان هناك تحسن في ممارسة الحريات وبعض شكليات الديمقراطية وقع احترامها. إن هذا الانفتاح السياسي في المغرب ارتبط أيضا بضغط الشارع ولكن تمّ التراجع عنه لاحقا وقد بلغنا قمة النكوص في 2008 وإلى حدود سنة 2010.
ومع حلول الربيع العربي انطلق الانفتاح مجددا في عام 2011 واستمر إلى غاية سنة 2013 قبل أن نعود للانغلاق السياسي.
نحن اليوم نعيش في المغرب أشد انغلاق سلطوي منذ 1991. إذ أنّنا في أحلك الفترات على المستوى السياسي والحقوقي خلال السنوات الثلاثين الأخيرة وعلى الشارع المغربي أن يتحرّك من جديد ليتمّ الانفراج.
هناك الأحزاب الديمقراطية والجمعيات الحقوقية والمدنية الضاغطة من أجل الحريّات العامّة بل هناك من يطالب حتى من داخل الأحزاب القريبة من المخزن اليوم بالانفراج، فهي من يتابع المشهد ويستشعر ما يحدث في المغرب العميق على عكس البوليس السياسي الذي يغالط النظام أحيانا ويطمئنه على أساس أنه يتحكّم في الأوضاع ويحاصر “قلة من المشاغبين اللاّوطنيين”. هناك غضب شعبي عارم من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وما يزيد في حدة الغضب عاملان:
أولا، الفساد الذي يفقأ الأعين والذي ترفأ في بحبوحته النخبة المتنفذة. وثانيا انعدام الحريات والقمع الذي يلاحق المثقفين والصحافيين الذين ينتقدون علانية وبطريقة جريئة الاستبداد والفساد والظلم.
كيف تقيّمون تعامل النظام المغربي مع الدعوات الصادرة عن منظمات حقوقية وشخصيات معارضة من أجل الانفتاح وفسح المجال للحريات العامة ؟
إن الدعوة إلى الانفتاح في إطار النظام دون انتقاد الحُكم بشكل قوي ومباشر قد لا يؤدي إلى التضييق على صاحب هذا الرأي. لكن انتقاد النظام وفضح قمعه بشكل صريح والإشارة إلى الفساد والاستبداد وإلى خرق الدستور من لدن الحاكمين، يمكن أن يفضي إلى اعتقال صاحب هذا الموقف أو أن يشهر به بشكل ممنهج حتى يصمت أو يغير رأيه. هناك اليوم في المغرب العشرات من قياديي المعارضة الشجعان يلتزمون الصمت خوفا من التشهير.
في المغرب، الأكثر ايلاما من القمع البدني، هو أنّهم يرسلون صورا عارية للضحايا من المعارضين أو صورا لأبنائهم وبناتهم وهم في أوضاع حميميّة وذلك بهدف التشهير والتشويه.
وهذا يجعل بعض أجرأ المعارضين يصمت اليوم. أما من يستمر في انتقاده للنظام ويواصل النضال من أجل الديمقراطية فيكون مصيره المتابعة القضائية أو الاعتقال في النهاية وهذا ما حدث مع عمر الراضي وسليمان الريسوني وما حدث لي شخصيا.
لقد استغل النظام تراجع الحركية وتعبئة المجتمع وما فرضته الإجراءات الوقائية من كوفيد 19 من تباعد اجتماعي وغلق. وشخصيا أعتبر أننا الثلاثة من ضحايا الكوفيد 19 الذي تراجعت فيه فعالية الشارع وأغلقت أغلب المنظمات الحقوقية أبوابها لإجراءات احترازية، وكل مظاهرة أو حراك اجتماعي بات ممنوعا. النظام يستغل الخطر الصحي لضرب حق التظاهر. وإن تظاهرنا نتعرض للضرب والقمع وهو ما حدث حينما تظاهرنا من أجل الصحفيين عمر وسليمان المضربين عن الطعام في السجن.
صرّحتم في وقت سابق أنّ البوليس السياسي هو من يحكم المغرب. هل لك أن تفسّر لنا ذلك؟
ما قلته بعد خروجي من السجن هو بالضبط ما سجنت من أجله. أقول وأكرّر منذ نهاية 2013 إنّ البوليس السياسي وهو جهاز يعمل بشكل شبه سري انطلق في التحكم شيئا فشيئا في أوصال الدولة وبعض الإدارات الحيوية، فأنا في الجامعة وأعلم أنه لا يمكن أن تعقد ندوة علميّة دون موافقة هذا الجهاز الذي بسط نفوذه في البلاد وخصوصا بالمدن الكبرى ونواحيها. أصبحت قطاعات من وزارة الداخلية وبعض الدوائر في الأمن تشتغل وكأنها حزب سياسي سرّي يعمل لصالح النظام ولكنّه في الحقيقة يساهم في تقويض مشروعيته.
وهل لهم تأثير على الإعلام؟
ان 80 بالمئة من الصحافة المكتوبة تحت الامرة المباشرة او اللاّمباشرة للبوليس السياسي وكبريات الصحف المغربية باتت صحفا تشهيرية تستهدف المعارضة وأذكر صحيفة الأخبار وهي الأكثر انتشارا في المغرب فضلا عن صحيفة الصباح التي باتت منذ حوالي سنة تابعة للبوليس السياسي وغيرها من الصحف.
إن 80 بالمائة من الصحافة المكتوبة المغربية تعمل تحت الإمرة المباشرة أو اللاّمباشرة للبوليس السياسي، وكبريات الصحف المغربية باتت صحفا تشهيرية.
يشمل الأمر كذلك المواقع الالكترونية التي تقدم نفسها على أنها مواقع إعلامية مستقلّة والحقيقة أنها مواقع تشهير وبروباغندا ومنها موقع “شوف تيفي” الذي وفرت له كل الإمكانيات من المال العام ليكون الموقع رقم 20 في العالم من حيث عدد مشاهدي فيديوهاته على يوتيوب والحال أن البلاد ليست بذات الثقل السكاني الكبير.
يفهم من قولكم أنّ النظام المغربي يعتمد على السجن والتشهير لإسكات المعارضة؟
هذا ما حدث لي شخصيا مثلا. والمواقع التشهيرية الأمنية استغلت زيارتي الصيف الماضي إلى فرنسا لتفقد أسرتي هناك، لتوجه لي “نصيحة” بأن أبقى في الخارج وأن لا أعود إلى البلاد. وحين عودتي لاحقا انطلقت المتابعة القضائية لأختي. لكني لم أصمت وقلت إنني سأدافع عن عائلتي في بلاغ كتبته. وإثر صدوره وبعد تصريحات لي منتقدة للأمن السياسي وضغوطاته عبر أثير إذاعة فرنسا الدولية (RFI)، قرّر وكيل الملك أن أتابع بدوري في القضية. وفي الأخير تم اعتقالي بعد أن فقد النظام صبره إثر محاولات إجباري على الصمت في ما يخص اعتقال زعماء حراك الريف وبخصوص قضايا بعض الصحفيين من قبيل عمر الراضي وسليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين.
النظام المغربي قمعي وأمني ولكن إذا ما قارناه بنظام بن علي في تونس سابقا هناك نوع من الصبر واستعراض العضلات بالتشهير ومحاولة الشراء قبل المرور إلى الاعتقال وذلك إذا ما استثنينا الوضع الصحي الحالي مع الكوفيد، لأن المجتمع ومقاومته للنظام ضعفت.
فيما تكمن محاولات النظام إجباركم على الصمت؟
إنهم يضغطون بشكل مباشر فيتابعونك بالشارع ويركنون سيارتهم أمام منزلك ويقولون صراحة أحيانا في صحفهم: إن لم تتوقف خلال الأسابيع المقبلة عما تقوم به سيقع سجنك. فهم يلوحون بالعصا لتجنب استعمالها بإخافة الناس.
ومن أدوات بث الخوف هو التشهير والذي من أجله وفروا إمكانيات ضخمة لمواقع تشهيرية تستهدف المعارضين. وشخصيا تعرضت لحملة تشهير تتهمني بتلقي الأموال من الخارج أو أنّ لي ميول جنسية غريبة مزعومة وغيرها من النعوت والتهم التي حشرت في مقالات قد تكون بالآلاف إذا ما أحصيت كل ما نشر منذ ست أو سبع سنوات.
إنك تلتقي أحيانا صدفة بالاشخاص الذين كتبوا أو وقّعوا هذا الفيض النتن فيعتذرون تصريحا أو تلميحا ويشدّدون على أنهم ليسوا من كتب المقالات بل إنها تمضى بأسمائهم.
أحدهم اعترف أنّه إذا سمح بوضع اسمه في آخر مقال يستهدف أحد المعارضين المعروفين فسيكون مقابل ذلك الحصول على مكافأة مالية.
هذا بالإضافة إلى محاولة استمالة مثقفين وكتاب مشهورين حاصلين أحيانا على جوائز عالمية كالغونكور وذلك من أجل الكتابة في مواقع تشهيرية كموقع لو360 حيث يتم إغرائهم بالمال إذ يمنح لهم 1000 أورو عن المقال أيا كان محتواه.
وهذا ما جعل بعضهم يكتب في مواقع لا أخلاقية وحجته أنه لا يكتب ما يخالف قناعاته وأنه قد ينتقد النظام في مقالاته وغيرها من الحجج التي يراد منها تبرير التعاون مع مواقع تشهيرية تستهدف المعارضة في المغرب.
إنّ هدف النظام من شراء هاته الأقلام الأدبية الرفيعة هو إعطاء المصداقية للجرائد اللّامحترمة التي تشهّر كذبا وبهتانًا بمواطنين كل جريمتهم أنهم لا يتفقون مع سياسات النظام ويرفضون الإغواء بالمال أو بعض فتات السلطة.
وهذا يبيّن أن النظام المغربي ذكي فهو يستعمل المال لشراء النخب والضغط عليها لاحقا لهذا لا توجد أسماء كبيرة وكثيرة تعارض النظام اليوم.
هل يعني هذا أنّكم اليوم أصبحتم أقلية في المغرب محاصرة من كل جانب؟
الكثير من الناس ممن يريدون التعبير عن آرائهم بحرية غادروا المغرب والبعض كان ضحية الضغط التشهيري، وأنا أعرف خمسة من العاملين في مجال الكتابة غادروا مؤخرا المغرب من أجل حريتهم والبعض الآخر اضطر لتغيير خيارات أساسية في الحياة تحت ضغط التشهير في السنتين الأخيرتين.
اليوم نحن في وضع خطير جدا فجهاز البوليس السياسي استغل الإمكانيات الرهيبة التي وفرت له ليفرض هيمنته على مجال الكلام (L’espace de la parole )
أين قوى المجتمع المدني مما يحدث من تعديات على الحقوق والحريات ؟
هم خلقوا أتباعا لهم في منظمات المجتمع المدني كما فعل نظام بن علي في تونس. النظام المغربي يستعمل ذات الاستراتيجية بفاعلية وحذر أكثر، فهو يريد أن يضمن وجود أقلية تابعة له في المنظمات لها القدرة على إحداث مشاكل غير ظاهرة للعيان، من قبيل أن تجر النقاش إلى مربعات أخرى أو أن تتبنّى وجهة نظر معيّنة وتدفع باتجاهها، مثال ذلك قضية الصحفي توفيق بوعشرين البعض يصر على أنها ليست قضية رأي وأنها قضية اتجار بالبشر وهذا بهدف جعل عملية اتخاذ مواقف مساندة أو دعم أمرا صعبا من قبل المنظمة المدنية المعنية. كذلك يتم يتلاعب بالتناقض العلماني الإسلامي ليشل المعارضة ضده.
هناك في منظمات المجتمع المدني من يؤمنون ببروباغندا النظام القوية وذلك بفضل الضغط الإعلامي الذكي جدا، إذ تعتمد مواقع التشهير نشر مقالات في ظاهرها متزنة وموضوعية ولكنها تدس السم في الدسم، فهي تشكر وتذم في الوقت ذاته بهدف الإيقاع بالمتلقي في حبال مروياتها.
البوليس الإعلامي كوّن أناسا متخصصين في هذا الصنف من الكتابة والكلام الذي يعتمد على توجيه ومغالطة الرأي العام بطرق ملتوية وأحيانا كيدية عبر ما يسمّى بالأخبار الزائفة والكاذبة.
هذا القمع والاستهداف للحريات، هل هو سياسة رسميّة معتمدة من النظام أم هو سلوك بوليسي شاذ لا يعكس إرادة من قبل أعلى هرم السلطة في المغرب؟
في الحقيقية البوليس السياسي لا يسيطر على أعلى هرم السلطة في البلاد. هو مُنح هذه الصلاحيات فتجاوز إرادة الحاكمين لأنه مطالب بالنتائج وهي أن لا يتحرّك الشارع وأن لا يسمح بانتقادات حادة وذات مصداقية ضد رجال النظام الأقوياء لأن ذلك قد يجر الشارع إلى التحرك، مع التشديد على أن لا يستعمل العنف القاتل ضد الشارع. هم هنا ماذا يفعلون؟ مطلب النظام صعب ومتناقض وهم في حيرة. ولهذا فإنهم يتجهون للسيطرة على النخبة إما بالتشهير أو استعمال القضاء أو عن طريق الرشوة، فاليوم هناك مثلا العشرات من المراكز البحثية في كل مدينة جامعية كبرى وليس هنالك بحوث بل بروباغاندا وهجوم على المعارضين.
ولكن التشهير أصبح كما نقول في المغرب يضع “الماء في ركابي الناس” أي يرعبهم إلى حد شلّ حركتهم وألسنتهم. ويمكن أن أعطي مثالا: رئيس فريق برلماني هو الأكبر في المغرب كان عرضة لحملة تشهير وتلويح باعتقاله اختار المسكين أن يغيّر أفكاره وأن يعمل مع النظام لحماية نفسه.
هناك جمعيات وأحزاب تقاوم أو تمارس الممانعة بشرف كالحزب الاشتراكي الموحد بقيادة نبيلة منيب وحزب الطليعة والجمعية المغربية لحقوق الإنسان بقيادة عزيز غالي وخديجة رياضي وجمعية العدل والإحسان إلخ.
هناك الكثير من الأمثلة لزعماء وقادة سياسيين غيروا آراءهم أو صمتوا لأنهم هدّدوا بالتشهير الإعلامي. يبدو أن النخبة المغربية تخاف من التشهير أكثر من الاعتقال .
اليوم أي معنى في تقديركم للدعوة إلى انفراج سياسي من قبل أحزاب قريبة من المخزن؟
النظام يشتغل مع عدة أحزاب بعضها لديه رصيد شعبي ومنها حزب التقدم والاشتراكية وحزب العدالة والتنمية وحزب الاستقلال، وهي أحزاب استشعرت ثقل الضغط الشعبي من جهة والتضييق على المساهمة في الشأن العام بعد أن بات بعض أعضائها بدورهم محل تتبّع بسبب انتقادهم للوضع.
هناك علاقة ملتبسة بين الأحزاب والنظام رغم أنه قمعى وسلطوي. وحينما تصدر مطالب من أحزاب قريبة من النظام على غرار حزب الأصالة والمعاصرة الذي أصبح بعض أعضائه يطالب بالانفراج، قد يتراجع النظام إلى حد ما عن التنكيل بالمعارضين ولكن لن تكون لنا ديمقراطية بالضغط الناعم لبعض الأحزاب فقط، فالديمقراطية لن تتأتى إلا بالشارع وبحملة قويّة ومنسقة من القوى الحية والشعبية ومنظماتها ومثقفيها ونشطائها بكل القطاعات والمجالات الترابية.
إن تاريخ المغرب عبارة عن مراوحة بين الانغلاق والانفتاح مرّة كل حوالي عشر سنوات. واليوم نحن في أحلك مرحلة ضغط خلال السنوات الثلاثين الفارطة.
يبدو أن الأوضاع تتجه نحو مزيد التعقيد أكثر فهناك إضرابات عن الطعام لمعتقلي الرأي في المغرب ومنهم الصحفيين عمر راضي وسليمان الريسوني؟
قلت سابقا نحن نعيش أسوأ وأفظع مرحلة للحريات العامة وحرية الصحافة التي تذبح أمام أعيننا. أقول أسوأ وضع منذ ما يقرب عن ثلث قرن وأنا أوجه نداء عاجلا لإطلاق سراح كل معتقلي الرأي في المغرب قبل فوات الأوان، ومنهم الصحفيين عمر وسليمان فهما في وضع صحي صعب نتيجة إضرابهما الأخير عن الطعام. وأتوجه إلى كل العقلاء في المغرب بالدعوة والتحرك للإفراج عن الصحفيين اللذين اعتقلا في ذات الحملة التي اعتقلت فيها أنا شخصيا والتي توافق ما يسميه البعض “بالحريات أو الحقوق المكوفدة (نسبة للكوفيد 19) “.
الإفراج عنكم وعن هاجر الريسوني أستقبل على أنه بداية الانفراج ولكن سرعان ما تفاقم الوضع، كيف تفسرون الأمر؟
أما إطلاق سراح هذا الصحفي أو ذاك المعارض لتخفيف ضغط الرأي العام الخارجي والداخلي عن النظام فهو مجرد تكتيك يمارسه المخزن منذ استقلال المغرب.
القمع هو السمة السياسية الأساسية للمغرب منذ 2013 ومساهمة الأمن خفية وعلانية في تدبير النخبة بل وفي السجال الصحفي مع المعارضين أصبح ظاهرة شبه دائمة. وأعطيك مثالًا: شخصيا كتبتُ مقالا بداية سنة 2020 عن اعتقال الصحفيين عمر وراضي (اعتقاله الأول وليس الحالي) وهاجر الريسوني على صحيفة “القدس العربي”معنونا بـ”الأمن يخبط خبط عشواء”، فتم تهديدي رسميا وكتابيا من لدن الأمن مباشرة بعد نشر مقالي، عبر بلاغ أُرسل للصحف ونشر مثلا في موقع “هسبريس”. تمّ تهديدي بالاعتقال ومصادرة أملاكي. وبالفعل، تم اعتقالي بنفس “التهم” المزيفة التي كانت متضمنة في بلاغ الأمن.
هذا مثال لفعل علني وواضح للأمن في المشهد السياسي والقضائي والإعلامي المغربي، دون تخفي خلف الأقنعة. وسبب هذا التصرف -رغم كلفته السياسية الباهضة بالنسبة للنظام- أنهم يرغبون في ترهيب النخبة بالاعلان عن أنفسهم، وإبراز قدراتهم على الإيذاء والإضرار بالمعارضين والصحفيين المستقلين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
تمّ إنجاز هذا الحوار بالاستناد الى جملة من التقارير الحقوقية والرّصدية الصّادرة عن منظّمة مراسلون بلا حدود ومنظّمة العفو الدولية والنقابات الصحفية في دول شمال افريقيا، بالاضافة الى الاتّصال المباشر بعدد من النشطاء والصحفيين والحقوقيين المقيمين في تلك الدّول للتثّبت في صدقيّة كل المعلومات الواردة على لسان ضيفنا.
تمّ إنجاز هذا الحوار بالاستناد الى جملة من التقارير الحقوقية والرّصدية الصّادرة عن منظّمة مراسلون بلا حدود ومنظّمة العفو الدولية والنقابات الصحفية في دول شمال افريقيا، بالاضافة الى الاتّصال المباشر بعدد من النشطاء والصحفيين والحقوقيين المقيمين في تلك الدّول للتثّبت في صدقيّة كل المعلومات الواردة على لسان ضيفنا.
الكاتب : حسان العيّادي
صحفي مهتم بالشأن السياسي والاقتصادي في تونس وشمال إفريقيا
الكاتب : حسان العيّادي
صحفي مهتم بالشأن السياسي والاقتصادي في تونس وشمال إفريقيا