الكاتب : يسرى بلالي
صحفية، صانعة محتوى، باحثة دكتوراه في الفلسفة الاجتماعية.
نجيبة الحمروني، روضة العبيدي، نعيمة الهمامي، شريفة المسعدي، والعديد من الرائدات في الحركة النقابية، تقلّدن مناصب قيادية وأثبتن شراستهن في الدفاع عن منظّماتهن، ورغم أنّ مواقع القرار لم تكن دائما من حظّ النقابيات مقارنة بالنقابيين الرجال الاّ أنّهن لم ينقطعن يوما عن النضال المستمر ولم يتركن الساحة النقابية والسياسية دون أثر.
الكاتب : يسرى بلالي
صحفية، صانعة محتوى، باحثة دكتوراه في الفلسفة الاجتماعية.
نجيبة الحمروني، روضة العبيدي، نعيمة الهمامي، شريفة المسعدي، والعديد من الرائدات في الحركة النقابية، تقلّدن مناصب قيادية وأثبتن شراستهن في الدفاع عن منظّماتهن، ورغم أنّ مواقع القرار لم تكن دائما من حظّ النقابيات مقارنة بالنقابيين الرجال الاّ أنّهن لم ينقطعن يوما عن النضال المستمر ولم يتركن الساحة النقابية والسياسية دون أثر.
تصدّرت النساء التونسيات وخاصّة منهنّ النقابيات جميع المعارك الحاسمة في تونس بداية من أوّل انتخابات تشريعية في جوان/حزيران 1959 وصولا الى الدفاع عن مبدأ التناصف في القانون الانتخابي لسنة 2011، لكن صدارتهن لم تتجاوز النضال الميداني ولم تصل إلّا عضوة أو عضوتان إلى المكاتب التنفيذية للنقابات اللاّتي يمثّلنها.
جوان 1953 بمقر الاتحاد العام التونسي للشغل
الاتحاد العام التونسي للشغل: قطاع مؤنّث وهرم مذكّر
منذ سبعينيات القرن الماضي، أصبحت المرأة النقابية تتراوح بين اعتراف ميداني ونسيان مركزي صلب الاتحاد العام التونسي للشغل، وقد ساهم هذا النسيان في إعاقة تقدّم النساء وتهديد مكاسبهنّ وتقلّص آمالهن في تحقيق المساواة التامّة والفعليّة بينهنّ وبين الرجل.
في دراسة لمنظمة فريدريش ايبرت تحت عنوان “النساء التونسيات في الشغل والحركة النقابية” تقول درّة محفوظ، انّ حركة الإنضمام النسائي للنقابات تطوّرت بداية من السبعينات تحت المفعول المزدوج للتحولات الاقتصادية والاجتماعية، ونما نضال النساء خلال هذه المرحلة (من عاملات النسيج و نقابيات ومنتسبات للحركة النسائية ومثقفات من كل صنف) عبر الهياكل المنظمة وأطر التعبير والتعبئة كالنادي الثقافي الطاهر حداد والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وخاصة الاتحاد العام التونسي للشغل.
نُظّم أول إضراب نسائي لعاملات النسيج -حسب المصدر ذاته- سنة 1975، أي بضع سنوات بعد صدور قانون 72 الذي فتح البلاد للرأسمال الدولي وللتصدير. اخرجت الإضرابات التي كانت في أغلبها عفوية النساء التونسيات من الظل وكشفت عن وجود بروليتاريا نسائية ناشطة زودت النقابات بمناضلاتها الأوائل.
لا تخلو قواعد الاتحاد العام التونسي للشغل منذ السبعينيات، من تموقع البروليتاريا النسائية ومن نقابيات فاعلات في النضال الاجتماعي خاصّة خلال الفترات التعبوية الحاسمة في جميع الجهات.
لكن رغم تكاثف الأجيال وتطور الحركة النقابية من حيث المطالب، بقي المكتب التنفيذي للاتّحاد على حاله، لا يضمّ من النساء سوى عضوتين وهما هادية العرفاوي، أمينة عامة مساعدة مسؤولة عن العلاقات العربية والدولية، وسهام بوستة أمينة عامة مساعدة مسؤولة عن التكوين النقابي والأنشطة الثقافية انتخبتا في فيفري/فبراير 2022، بعد أن كان المكتب يضمّ عضوة واحدة أمينة عامة مساعدة مسؤولة عن العلاقات العربية والدولية والهجرة وهي نعيمة الهمامي التي انتخبت في جانفي/يناير 2017 وسط 12 رجلا.
يعتبر الحضور النسائي في المكتب التنفيذي ضئيلا جدّا مقارنة بحضورهن الفعلي على المستوى الميداني ومقارنة بعدد الرجال المتواجدين بالمكتب، لكنّه وفي الآن ذاته، تعتبره العديد من النقابيات حقّا افتّك بعد سنوات عديدة من النضال ومن الإرادة.
إذ، وبعد تنقيح نظامه الداخلي في 14 أوت/أغسطس 2021، أصبحت تركيبة المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد تتألف من 15 عضوا لا يقل فيه عدد النساء عن اثنتين وذلك تطبيقا لالية الكوتا (نظام الحصة) التي خطّط لها منذ سنة 2011 ونقّحت كمشروع بداية من سنة 2017 واعتمدت للمرّة الأولى في هذا المؤتمر.
كانت شريفة المسعدي -حسب درّة محفوظ- أوّل عضوة منتخبة بالمكتب التنفيذي سنة 1951 وبقي هذا الحدث فريدا لمدة ثلاثة أرباع قرن. انتمت المسعدي الى الهيئة الادارية لمدة ثلاث سنوات عندما كان فرحات حشاد كاتبا عاما لها.
كانت المرأة الوحيدة في الاجتماعات العامة كما تبينه صور وصحف تلك الفترة. كانت لا تتردد في أخذ الكلمة خلالها كما كانت المرأة الوحيدة في مسيرات غرة ماي والمظاهرات العامة. قال فيها فرحات حشاد مثنيا على شجاعتها وقدرتها على تسيير النقاشات قولته الشهيرة “الرجل الوحيد في هذا المؤتمر امرأة.” اتخذت شريفة المسعدي من المساواة مبدأ في العمل وأسلوب عيش دون أن تكون لها نزعة نسوية.
لجنة المرأة العاملة: بذرة النسوية صلب الاتحاد العام التونسي للشغل
بعد اقرار منظمة الأمم المتحدة رسميا يوم 8 مارس/آذار يوما عالميا للنساء سنة 1977، تم إحياؤه لأوّل مرة سنة 1982 داخل الاتحاد العام التونسي للشغل من طرف مناضلات ومناضلي النقابة الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي حيث تمّ تأسيس “لجنة المرأة العاملة”، وكانت مؤسِسات ومنسقات هذه اللجنة هنّ نفسهن مؤسسات الحركة النسوية المستقلة في نادي الطاهر الحداد على غرار هادية جراد، درة محفوظ، حفيظة شقير، سعاد التريكي. وأيضا مؤسسات الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية.
“كان على لجنة المرأة أن تكون قاطرة والقاطرة يجب أن تجر وتوحد، واليوم فإنّ اللجنة مطالبة بالتقدم بمطلب المساواة داخل النقابات، علينا التوحد وترك خلافاتنا جانبا. على أعضاء اللجنة أن تنهض وأن تتجند وأن ينفقن من جيوبهن وتعطين من وقتهن لكنهن يفتقرن الوسائل والإمكانيات وسلطة القرار وحتى وإن وجدت امرأة واحدة صلب المكاتب التنفيذية الجهوية فما عساها تفعل؟ “.
(شهادة كاتبة عامة مساعدة بإحدى الاتحادات الجهوية)- النساء التونسيات في الشغل والحركة النقابية: درّة محفوظ
يعتبر مؤتمر لجنة المرأة العاملة حدثا مهمّا في البلاد التونسية، حسب الرئيسة السابقة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والحائزة على جائزة آنا كلاين للنساء لسنة 2022 يسرى فراوس، لأنّ هذه اللجنة تضمّ أكثر النقابيات شراسة في الدفاع عن حقوق النساء عامّة وعن النساء العاملات بصفة خاصّة، إذ نجد بين الحركة النسوية والحركة النقابية ولجنة المرأة العاملة تحديدا تداخلا هيكليا تاريخيا.
تجمع بين الحركة النسوية والحركة الحقوقية والحركة الاجتماعية حسب محدّثتنا علاقة تاريخية، وقد كان تأسيس عدد من الفضاءات الخاصة بالحركة النسوية على غرار الجمعيات بمثابة ردّة فعل على الفضاءات المختلطة سواء منها الأحزاب السياسية اليسارية المعارضة او النقابات العمالية او المنظمات الحقوقية.
وجدت النساء نوعا من التهميش عندما حاولن تكريس فضاء خاص بمطالب واستحقاقات النساء داخل فضاءات مختلطة مثل الحركة العمالية. ولم تتجسّد حقوق النساء في التنظيم الهيكلي للاتحاد العام التونسي للشغل واذ لا نجد فيه نساء قياديات نتيجة للتراتبية مثل عبارة “مطلب حقوق النساء ليس من أولويّاتنا اليوم” أو “حقوق النساء تكون في فضاء معين”.
اقترب الاتحاد العام التونسي للشغل -حسب محدّثتنا يسرى فراوس- من حيث الخطاب من الحركة النسوية في الملفات الكبرى، مثل طرح قضية العنف والمساواة بين الجنسين بما في ذلك في الحقوق والواجبات ومجلة الأحوال الشخصية مثل مداخلة الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي في افتتاح مؤتمرالجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات الذي عقد في جوان/يونيو 2021.
قدّم نور الدين الطبوبي في المداخلة برنامجا متكاملا حول ما يجب أن تكون عليه حقوق النساء بما في ذلك مسألة المساواة في الميراث، وهذا ما تعتبره الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات مؤشرا على التقدّم من حيث الخطاب في علاقة بالمسألة النسوية، وتعتقد أيضا أنّ مستقبل الحركات النضالية النسوية لا يمكن أن يكون مفصولا على النضال العمالي والنقابي.
كانت الغاية الأولى من تأسيس لجنة المرأة الوطنية داخل الاتحاد العام التونسي للشغل -حسب درّة محفوظ- وليدة الحاجة إلى مقاربة العمل النقابي والعمل النسوي في تقاطعهما وترابطهما ومقاربة العلاقة بين التمييز الجنسي والتمييز الطبقي لذلك حددت بعض المناضلات والخبيرات المهتمات بالشأن النقابي لأنفسهن مهمة تغيير نظرة النقابات والمساهمة في ترسيخ مبدأ المساواة والدفاع عن حقوق النساء الأجيرات ومقاومة كل أشكال التمييز التي تستهدفهن.
زبيدة النقيب واحدة من المناضلات اللّاتي توارثن مهمة ترسيخ مبدأ المساواة، حيث تعتبر منسقة المكتب الوطني للمرأة العاملة في الاتحاد والعضوة في الجامعة العامة للتعليم الأساسي، أنّ النساء حاضرات كمناضلات، إذ لم تخل المحطات النضالية في أغلب القطاعات منهنّ، وكل المهام موكولة لهنّ وعلى عاتقهن، كما انهنّ كنّ دائما موجودات كقيادات نوعية على غرار شريفة المسعدي وخديجة سعد الله.
التحقت زبيدة النقيب بالاتحاد العام التونسي للشغل في زمن كان فيه كلّ من يحصل على عمل ينخرط مباشرة في الاتحاد وفق قولها، حالها حال عضوة المكتب التنفيذي سهام بوستّة التي انخرطت صلب الاتحاد منذ التحاقها بالعمل.
“كانت حركة عفوية جدا تتم في المجتمع التونسي، وكنت أنا منذ سنة 1996 موجودة في مختلف المراحل أو درجات المسؤولية من نقابة اساسية الى فرع جامعي الى جامعة عامة”.
زبيدة النقيب
كنت موجودة ضمن اللجنة التي أعادت صياغة النظام الداخلي لتحقيق آلية الكوتا (نظام الحصة) -تروي زبيدة النقيب- حيث طالبنا بالتناصف وهذا حقنا، لكنّ المعوقات كانت موجودة وموضوعية وتفهّمناها ووصلنا في النهاية إلى مؤتمر 2017 الذي حقّقنا فيه آلية الكوتا وأصبحت لدينا أكثر من 200 نقابية في الهياكل الوسطى”.
تتحمّل المرأة التونسية أعباء البيت ويعود ذلك لعدّة أسباب منها نقص رياض الأطفال، ونقص الفضاءات التربوية التي بدورها تستقبل الأطفال في أوقات الفراغ، وكل هذه الأعباء تجعلها غير قادرة على التوفيق بين النّشاط النقابي وبين مشاغلها اليومية خاصّة أنّ النشاط النقابي تطوّعي، كما أنّ طموحها المهني وطموحها العائلي وطموحها النقابي يجعلها تتخلّى عن بعض منه في عديد المرات، أو تأجل تقدّمها النقابي لانتظار فترة تتقلص فيها التزاماتها، وهذا لا يمكن إنكار إعاقته لها فعليا وفق قول محدّثتنا.
إنّ النظام الداخلي للاتحاد العام التونسي للشغل لا يشبه نظام الجمعيات والأحزاب أين تتشارك المبادئ الأيديولوجية، بل هو منفتح على كل المشارب الفكرية ولا يمكن أن يتحقق فيه مبدأ التناصف دون مراكمة للنضال النسوي، هذا ما جعل النقابيات -حسب محدّثتنا- تتخذن من باب الاقناع او من باب مراكمة المكاسب مبدأ، وذلك بتحقيق آلية الكوتا في البداية وتفعيل دور النساء اللاتي وصلن ليكنّ قدوة للشابات و النساء ويشجّعهن على تنظيم وقتهن بما يترك المجال لممارسة نشاطهن النقابي والنضال من أجل الاتحاد.
تتشارك زبيدة النقيب مع ليلى بالخيرية جابر رئيسة الغرفة الوطنية لصاحبات المؤسسات بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في مبدأ نظام المراكمة والنضال المستمر من أجل وصول النساء إلى مواقع القرار، إلاّ أنّ الهيئة التسييرية لنقابة الاعراف لم تقبل بمشروع آلية الكوتا أو مشروع مبدأ التناصف الذي تقدّمت به الغرفة الوطنية لصاحبات المؤسسات.
تأسّس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (اتّحاد أرباب العمل الأكبر في تونس) منذ أربعينيات القرن الماضي وعرفت معظم هياكله بالهياكل المهنية. وفي التسعينيات تأسّست الغرفة الوطنية لصاحبات المؤسسات كتشجيع للنساء على الانخراط في نقابة الأعراف. وتتمثّل خصوصية هذا الهيكل في ضمّه لجميع القطاعات وبتمثيله لكلّ ولايات البلاد.
لكن، ورغم أهمية هذه الغرفة وضمّها لأكثر من 2200 منخرطة وترؤسّها لبلدان شمال إفريقيا في جامعة نساء الأعمال بالكوميسا (اتحاد الكوميسا للجمعيات الوطنية لسيدات الاعمال)، الاّ أنّ المرأة شبه غائبة في المكتب التنفيذي الوطني لنقابة الأعراف الذّي لا يضم سوى عضوتين من بين 31 عضوا.
كانت النساء موجودات بكثافة في مواقع القرار قبل سنة 2011 حسب محدثتنا ليلى بالخيرية جابر، لكن بعد الثورة وقع تهديد لصاحبات المؤسسات وكانت البلاد غير آمنة، واهتمت النساء بمؤسساتهن الصغرى وأضحى الاتحاد خاليا منهنّ وأصبح حضورهنّ لا يتجاوز 1 بالمئة في المكاتب التنفيذية لبعض الجهات.
ساهم العنف اللفظي الذي تتعرّض له صاحبات المؤسّسات وشيطنة أعمالهن وشيطنة منظّمة الأعراف في حد ذاتها واتهامها بالولاء للنظام القديم بشكل كبير في تأخّر المرأة عن الوصول إلى مواقع القرار صلب المنظمة، فضلا عن الضغط النفسي الذي تتلقّاه من العائلة باعتبار أنّ العمل النقابي هو عمل تطوعي ويتطلّب العديد من التضحيات وفق ما جاء على لسان محدثتنا ليلى بالخيرية جابر رئيسة الغرفة الوطنية لصاحبات المؤسسات بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية .
نقابة الصحفيين التونسيين .. شمعة وسط الظلام
تعتبر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ونقابة القضاة التونسيين من النقابات القليلة التي لم تهيمن عليها الذكورية بشكل مفرط وذلك لتراكمية حضور المرأة فيهما منذ التأسيس. فبعد انتخابات المؤتمر الوطني الخامس لنقابة الصحفيين التونسيين في سبتمبر 2020، كانت العديد من الآمال معلّقة على تقلّد الحائزة على أكثر عدد من الأصوات أميرة محمد لمنصب النقيب، لكن التصويت الداخلي للنقابة حال دون ذلك وتقلّدت منصب نائبة الرئيس.
يقرّ القانون الداخلي للنقابة، حسب نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أميرة محمد، أنّ توزيع المهام داخل المكتب التنفيذي المنتخب يتم من خلال التصويت الداخلي (بين الأعضاء المنتخبين.ـات وليس بعدد الأصوات، أي من ت/يحصل على أكبر عدد من الأصوات لا يعني اكتسابه/ها لمنصب النقيب، وكان التنازل على منصب النقيب اتفاقا جماعيا، وذلك لضمان اكثر تناسق داخل المكتب، وللعمل بأكثر أريحية، وهي بادرة للعمل الجمعي وليس تنافسا على المناصب وفق قولها.
يضمّ المكتب التنفيذي الحالي 3 نساء على 9 أعضاء وهو أقل بكثير من التناصف، لكن العضوات الثلاث فاعلات وحاضرات بقوة في المكتب التنفيذي. ويعود عدم وجود النساء بقوة في النقابة الى العقلية الذكورية -حسب محدثتنا- لكن على الرغم من ذلك فإنّ حضور المرأة في النقابة منذ أن كانت سابقا جمعية الصحفيين يعدّ فاعلا جدّا، ونذكر النقيبة نجيبة الحمروني التي حملت المشعل في أصعب الفترات التي مرّت بها البلاد التونسية خاصة بعد الثورة، وكان ذلك تزامنا مع الأزمة التي كان يعيشها قطاع الصحافة والتهديدات التي كانت تواجهه، فقد استطاعت نجيبة الحمروني أن تقف بصلابة وتثبت أن المرأة قادرة على القيادة في الأزمات مثلها مثل الرجل وفي أي وقت، وفق محدثتنا أميرة محمد.
مناصب قيادية مذكّرة.. لماذا؟
تعدّ مشاركة النساء في البرلمان او الاحزاب السياسية او في الجمعيات المختلطة ضعيفة جدّا حسب أستاذة علم الاجتماع فتحية السعيدي، والقاعدة تنطبق على النقابات حيث تعتبر مشاركة المرأة في الحياة النقابية في مستوى مراكز القرار شبه منعدمة، على عكس مستوى القاعدة النقابية حيث نجد النساء النقابيات اللواتي يشاركن في كل النشاطات موجودات في الهياكل القاعدية، لكن كلما ارتقينا في سلّم المسؤولية كلما كان هناك ضعف أو غياب لمشاركة النساء.
تفسرّ مشاركة النساء في الحياة العامة أو الحياة النقابية النظرة الذكورية الموجودة داخل المجتمع التي تحيل النساء دائما الى الفضاء الخاص اكثر من الفضاء العام، وبالتالي لا يعترف المجتمع بالدور المجتمعي الذي تلعبه النساء داخل الأحزاب السياسية والجمعيات المختلطة والمنظمات العمّالية مثل الاتحاد العام التونسي للشغل.
إنّ الذهنية السائدة داخل المجتمع -حسب محدّثتنا- هي ذهنية ذكورية او ثقافة ابوية لا تنظر للنساء على أنّهن مواطنات فاعلات وقادرات على المشاركة في الحياة العامّة لذلك ظهرت مقاربات على مستوى دولي من نوع الكوتا والتناصف لانها استراتيجيات مرحلية لغاية تعزيز النساء صلب مواقع القرار.
كلّما ارتقينا في السلم المهني كانت نسبة النساء ضعيفة وهو نفس الشيء الذي نجده في مستوى نفاذ النساء إلى مراكز القرار في الإدارات العمومية أو في المؤسسات الحكومية، ونجده ايضا موجودا داخل الجمعيات وداخل المنظمات وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشّغل الذي يبقى منظمة يهيمن عليها الحضور الذكوري وفق ما تثبته الارقام.
يهدف هذا المقال إلى تسليط الضّوء على أهميّة وجود النساء في مواقع القرار وإلى تحقيق المساواة داخل الهياكل النقابية وداخل كل القوى الديمقراطية والتقدمية في البلاد التونسية.
الكاتب : يسرى بلالي
صحفية، صانعة محتوى، باحثة دكتوراه في الفلسفة الاجتماعية.
الكاتب : يسرى بلالي
صحفية، صانعة محتوى، باحثة دكتوراه في الفلسفة الاجتماعية.