الكاتب : وليد الماجري

مدير ومؤسس موقع ”الكَتيبَه“، صحفي استقصائي ومدرّب في تقنيات السرد الصحفي البصري وصحافة الاستقصاء.

“لم يعد بإمكاننا حتّى اقتناء قارورة ماء من متجر في مدينة صفاقس.. فالجميع يرفض بيعنا أيّ شيء أو التعامل معنا نهائيا.. انّ الأهالي يرفضون وجودنا أصلا كأنّنا كائنات قذرة قادمة من بالوعات المجاري وليس بشرا مثلهم .. أنظر إلى قدمي لقد اعتدى عليّ صاحب المنزل الذّي أقطنه على وجه الكراء بسيْف ما تسبّب في قطع اصبعين من قدمي لأنّني حاججته ورفضت الرّضوخ له عندما قرّر طردي من المنزل دون سابق إنذار تفاعلا مع الحملة العنصرية التّي تفجّرت فجأة في صفاقس ضدّ السّود”.

جوناثان، 31 سنة مهاجر كونغولي دون وثائق رسمية في تونس، لن يتمكّن لاحقا من لعب كرة القدم بسبب الضرر الذّي لحق قدمه اليمنى بالاضافة الى كسور أخرى في مستوى الأضلع ورضوض في الرّقبة. جوناثان وصل الى تونس منذ نحو ثلاث سنوات قادما من الكونغو عبر الجزائر بعد أن جرّب حظّه في المغرب وليبيا على أمل الالتحاق بناد لكرة القدم على اعتبار أنّه كان يمتهن كرة القدم في بعض الأندية الهاوية في موطنه.

كان جوناثان أحد ضحايا موجة العنف الشديدة التي طالت المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء في تونس على مدى الأسبوع الأوّل من شهر جويلية/يوليو 2023 والتي اشتدّ وطيسها بعد مقتل شابّ تونسي على أيدي مهاجرين أفارقة خلال الاشتباكات الليلية مع مجموعات من شباب صفاقس ثاني أكبر المحافظات التونسية (تبعد أكثر من 270 كيلومترا عن العاصمة).

يعاني المهاجرون الأفارقة من مختلف دول جنوب الصحراء سواء كانوا مقيمين بشكل قانوني أو بشكل غير قانوني في تونس من موجة عنف وفرز عنصري شعبي تحت غطاء رسمي ممنهج منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد خلال شهر فيفري/شباط ترحيل الأفارقة القادمين بشكل غير قانوني من دول جنوب الصحراء بدعوى أنّهم يشكّلون “خطرا” على الدولة التونسية وأنّهم جزء من مخطّط دولي يسعى إلى “تغيير البنية الديمغرافية للمجتمع التونسي”.

فمَن هم هؤلاء المهاجرون الذّين ما فتئوا يقضّون مضجع السلطات التونسية؟ لماذا جاؤوا الى تونس وكيف؟ ما هي برامجهم؟ كيف يتنظّمون؟ ماذا يفعلون وما هي الأنشطة التي يقومون بها؟ ما هي الشبكات التي تستفيد من وجودهم في تونس؟ وهل صحيح أنّ وجودهم يشكّل خطرا على التركيبة الدّيمغرافية للمجتمع التونسي؟

الكاتب : وليد الماجري

مدير ومؤسس موقع ”الكَتيبَه“، صحفي استقصائي ومدرّب في تقنيات السرد الصحفي البصري وصحافة الاستقصاء.

“لم يعد بإمكاننا حتّى اقتناء قارورة ماء من متجر في مدينة صفاقس.. فالجميع يرفض بيعنا أيّ شيء أو التعامل معنا نهائيا.. انّ الأهالي يرفضون وجودنا أصلا كأنّنا كائنات قذرة قادمة من بالوعات المجاري وليس بشرا مثلهم .. أنظر إلى قدمي لقد اعتدى عليّ صاحب المنزل الذّي أقطنه على وجه الكراء بسيْف ما تسبّب في قطع اصبعين من قدمي لأنّني حاججته ورفضت الرّضوخ له عندما قرّر طردي من المنزل دون سابق إنذار تفاعلا مع الحملة العنصرية التّي تفجّرت فجأة في صفاقس ضدّ السّود”.

جوناثان، 31 سنة مهاجر كونغولي دون وثائق رسمية في تونس، لن يتمكّن لاحقا من لعب كرة القدم بسبب الضرر الذّي لحق قدمه اليمنى بالاضافة الى كسور أخرى في مستوى الأضلع ورضوض في الرّقبة. جوناثان وصل الى تونس منذ نحو ثلاث سنوات قادما من الكونغو عبر الجزائر بعد أن جرّب حظّه في المغرب وليبيا على أمل الالتحاق بناد لكرة القدم على اعتبار أنّه كان يمتهن كرة القدم في بعض الأندية الهاوية في موطنه.

كان جوناثان أحد ضحايا موجة العنف الشديدة التي طالت المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء في تونس على مدى الأسبوع الأوّل من شهر جويلية/يوليو 2023 والتي اشتدّ وطيسها بعد مقتل شابّ تونسي على أيدي مهاجرين أفارقة خلال الاشتباكات الليلية مع مجموعات من شباب صفاقس ثاني أكبر المحافظات التونسية (تبعد أكثر من 270 كيلومترا عن العاصمة).

يعاني المهاجرون الأفارقة من مختلف دول جنوب الصحراء سواء كانوا مقيمين بشكل قانوني أو بشكل غير قانوني في تونس من موجة عنف وفرز عنصري شعبي تحت غطاء رسمي ممنهج منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد خلال شهر فيفري/شباط ترحيل الأفارقة القادمين بشكل غير قانوني من دول جنوب الصحراء بدعوى أنّهم يشكّلون “خطرا” على الدولة التونسية وأنّهم جزء من مخطّط دولي يسعى إلى “تغيير البنية الديمغرافية للمجتمع التونسي”.

فمَن هم هؤلاء المهاجرون الذّين ما فتئوا يقضّون مضجع السلطات التونسية؟ لماذا جاؤوا الى تونس وكيف؟ ما هي برامجهم؟ كيف يتنظّمون؟ ماذا يفعلون وما هي الأنشطة التي يقومون بها؟ ما هي الشبكات التي تستفيد من وجودهم في تونس؟ وهل صحيح أنّ وجودهم يشكّل خطرا على التركيبة الدّيمغرافية للمجتمع التونسي؟

لعبة الأرقام تغذّي “بورصة” الحقد تجاه المهاجرين الأفارقة

لا توجد أرقام دقيقة حول عدد المهاجرين الافارقة القادمين من دول جنوب الصحراء الى تونس، بل انّ الأرقام تختلف بشكل كبير من جهة لأخرى بحسب موقفها من الأفارقة ما خلق حالة من التضارب. فلئن تذهب المفوّضية السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللّاجئين بتونس إلى التأكيد بأنّ عددهم يفوق 57 ألفا بقليل من بينهم أكثر من 8000 لاجئ.ـة أو طالب.ـة لجوء تذهب وزارة الداخلية التونسية الى أنّ العدد الجملي لأفارقة جنوب الصحراء المقيمين في تونس بطريقة قانونية وغير قانونية يناهز الـ27 ألفا. من جهته كان الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية عمّالية في تونس (حائز على جائزة نوبل للسلام لسنة 2015) قد أكّد على لسان أمينه العام نور الدّين الطبّوبي في تصريح اعلامي لجريدة الصّباح نيوز التونسية أنّ عدد العمالة الافريقية في تونس يناهز الـ700 ألف.

ويعتبر هذا الرّقم الأخير -رغم افتقاره لأيّ سند إحصائي دقيق والذّي أطلقه الاتحاد في إطار دفاعه عن ضرورة منح العمالة الافريقية في تونس حقوقها الشغلية- مرجعا رئيسيا لسرديّات الحركات والجهات المناوئة لوجود أفارقة جنوب الصحراء في تونس على غرار الحزب القومي التونسي الذّي ما فتئ يشنّ منذ موفّى عام 2022 حملة عنصرية شعواء ضدّ الأفارقة القادمين من دول جنوب الصحراء. وبحسب معلومات دقيقة استقيناها من دوائر القصر الرئاسي فانّ الرئيس قيس سعيّد كان قد تأثّر بشكل مباشر بالحملة التي أطلقها الحزب المذكور (تؤكّد قيادة الحزب أنّها كانت قد سلّمت رئاسة الجمهورية ملفّا مفصّلا عمّا وصفته بالمشروع الاستيطاني “الأجْصي” نسبة إلى الأفارقة جنوب الصحراء في تونس).

وبناء على ما تسلّمه الرئيس من معطيات (أنظر الملف الذّي اطّلع عليه الرئيس من قبل الحزب المذكور) فقد أعلن الرّئيس بعد أسابيع قليلة، فيفري/شباط 2023، في خطاب وُصف بالمعادي للمهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء حزمة إجراءات كانت بمثابة شارة البداية لحملة ترحيل قسري انبثقت عنها مظاهر عنف وعنصرية شعبية، تحت غطاء رسمي، ضدّ السّود المقيمين في تونس مهما كانت جنسيّاتهم، حتّى أنّ بعضهم كان حاملا.ـة للجنسية التونسية ووجد نفسه قيد الإيقاف الأمني أو ضحيّة اعتداءات من قبل التونسيين.ـات بسبب لونه.ـها فقط.

لم يكن الرّئيس سعيّد الوحيد الذّي تأثّر بالدعاية التي وُصفَت بالعنصرية التي أطلقها الحزب موفّى العام 2022 بل انّ جزءا كبيرا من الشارع التونسي وجد في خطاب الحزب المتطرّف إجابات مفترضة حول أسئلة حارقة تتعلّق بانهيار الاقتصاد التونسي وتدهور القدرة الشرائية الخ… على اعتبار أنّ الحزب ربط هذه المعضلات بوجود أفارقة جنوب الصحراء في تونس.

وكان الحزب القومي التونسي قد نشر عريضة الكترونية (عريضة التخلّص من الاستيطان الأجصي في تونس) موجّهة الى رئيس الجمهورية تطالبه بطرد الأفارقة القادمين من دول جنوب الصحراء وفرض تأشيرات دخول على دولهم وإلغاء قانون مناهضة الميز العنصري عدد 50 لسنة 2018. وكان الآلاف من التونسيين.ـات قد استجابوا لنداء الحزب ووقّعوا العريضة بناء على ما أفاد به قياديو الحزب.

من أين جاؤوا؟ وماذا يريدون؟

ماهي الجنسيات الأساسية للمهاجرين الأفارقة القادمين من دول جنوب الصحراء إلى تونس؟ ليس من الصّعب الاجابة عن هذا السؤال حتّى في غياب احصائيات دقيقة. إذ يكفي القيام بجولة صغيرة في بعض مدن الاستقبال الكبرى على غرار صفاقس (جنوبي شرق البلاد) أو أحياء دار فضّال والواحات بالعاصمة أو بعض مدن الجنوب الأخرى على غرار مدنين، ليتبيّن بوضوح هيمنة الجنسية الايفوارية (ساحل العاج) على بقية الجنسيات بالإضافة إلى غينيا الاستوائية والكونجو وإريتريا والصومال ومؤخّرا السودان بسبب الحرب.

ويأتي الايفواريّون.ـات الى تونس بحثا عن الاستقرار أساسا في شكل هجرات عائلية، على عكس أغلب الجنسيات الأخرى التي تتنقّل بين دول شمال افريقيا (تونس، الجزائر، ليبيا والمغرب) لتصل في أغلب الأحيان إلى محافظة صفاقس وبعض المدن الساحلية الأخرى بحثا عن العبور بشكل غير نظامي نحو سواحل أوروبا.

ويصل المهاجرون.ـات أفارقة جنوب الصحراء إلى تونس -وفق الباحث في علم الاجتماع خالد الطبّابي- عبر ثلاثة خطوط أساسية. بالنسبة إلى الخطّ الأوّل، تعتبر نسبة المخاطرة صغيرة مقارنة ببقية الخطوط على اعتبار أنّ المهاجرين.ـات يتّبعون الإجراءات القانونية ويحصلون على تأشيرة سياحية أو تأشيرة دراسة (بعض الدّول الافريقية معفاة من التأشيرة) تمكّنهم من القدوم إلى تونس بشكل قانوني عبر الطّائرة ليتمّ فور وصولهم إلى مطار تونس قرطاج اعتراضهم من قبل سماسرة (وسطاء) أغلبهم أفارقة من دول جنوب الصّحراء لتنطلق معاناتهم بشكل فعلي في تونس.

ووفق الشهادات التي جمعناها فانّ هؤلاء السماسرة عادة ما يقومون بانتزاع جوازات سفر هؤلاء المهاجرين ونقل الإناث منهم للاشتغال لدى عائلات تونسية والإقامة في منزل العمل في ظروف أقلّ من يقال عنها أنّها غير إنسانية. ويقع اقتطاع الأجر الشهري كاملا أو الجزء الأكبر منه على مدى فترة تتراوح بين 3 و 6 أشهر لسداد نفقات الرحلة (تذكرة الطائرة ومصاريف التنقّل إلى تونس علاوة على أتعاب الوسيط). يتكرّر الأمر ذاته مع الذّكور الذين سيجدون أنفسهم عرضة للاستغلال المهني من خلال العمل بالسّخرة لفترات طويلة قد تتجاوز الستّة أشهر من أجل سداد النفقات ذاتها السابق ذكرها. وعلى مدى فترة الانتظار تظلّ جوازات السّفر رهن الاحتجاز لدى السّماسرة. وبانتهاء الأشهر الثلاثة الأولى (فترة الاقامة القانونية) يصبح هؤلاء المهاجرون.ـات في وضعية غير قانونية.

تقريبا، كلّ النساء الافريقيات القادمات من دول جنوب الصحراء يتمّ “بيعهنّ” إلى عائلات تونسية للاشتغال لديها بشكل غير قانوني مقابل أجر شهري لا يتجاوز 350 دينار مع ساعات عمل قد تتجاوز 14 ساعة يوميا. انّها عبودية منزلية.

شهادة ماريشكا، مهاجرة ايفوارية في تونس

بالتّوازي مع خطّ الهجرة الأوّل، يوجد خطّان آخران للوصول إلى تونس كلاهما غير نظامي. ويتمثّل هذان الخطّان في العبور بشكل سرّي عبر الحدود اللّيبية والجزائرية نحو تونس في شكل مجموعات صغيرة عبر منافذ مختلفة غير رسمية. وتكون رحلة العبور إلى تونس محفوفة بالمخاطر في بعض الأحيان وسهلة في أحيان أخرى.

توفيق، 27 سنة، هو مهرّب محروقات أصيل مدينة سبيطلة من ولاية القصرين وسط غربي البلاد. يستيقظ توفيق يوميا على الساعة الرابعة فجرا ويتّجه نحو بعض القرى الجزائرية الحدودية مع تونس لنقل حمولة البنزين الى مستودعات سريّة في القصرين. منذ أشهر توسّع نشاط التهريب لدى توفيق ليشمل تهريب أشخاص من جنسيات افريقية مختلفة من الجزائر الى تونس.

يدفعون لي من 400 الى 1000 دينار للشخص الواحد مقابل التكفّل برحلة العبور عبر شاحنتي نحو بعض قرى القصرين.. أحيانا يكونون مرفوقين بنساء وأطفال صغار ورضّع.. من لا يدفع يكون مضطرّا للعبور على القدمين نحو تونس.

شهادة توفيق، مهرّب مهاجرين عبر الحدود الجزائرية

توفيق لا يعمل بشكل منفرد في القصرين، فسُوق تهريب أفارقة جنوب الصحراء نحو التراب التونسي عبر الحدود الجزائرية أصبحت مزدهرة خاصّة منذ فترة كوفيد-19 غير أنّها بلغت أوْجَها منذ شهر ماي 2022 حيث كثر الطّلب بسبب تضييق الخناق على الأفارقة غير النظاميين من قبل السلطات الجزائرية وفق تأكيد محدّثنا. يقدّر توفيق عدد المهاجرين الذين عبروا خلسة الى تونس قادمين من الجزائر سواء بمساعدة شبكة المهرّبين أو بشكل منفرد بنحو 4000 شخصا منذ منتصف العام 2022.

تنتهي مهمّتنا بمجرّد ايصالهم الى التراب التونسي.. لسنا مسؤولين عن ايوائهم ولا توفير الحماية لهم.. فور الوصول يتحرّكون في شكل مجموعات من 5 إلى 8 أشخاص نحو محطّات سيارات الأجرة والذهاب نحو العاصمة أو صفاقس. انّهم يعلمون وجهتهم مسبقا. يمرّون يوميّا أمام دوريات الحرس والجيش داخل القصرين فلا يعترض أحد سبيلهم.

يقول اطار أمني يتبع جهاز الحرس الوطني بالقصرين، طلب عدم كشف هويّته للعموم، انّ “الوضعيّة أصبحت كارثية بكلّ المقاييس” في اشارة الى أدفاق المهاجرين الأفارقة القادمين من الجزائر نحو تونس بشكل يومي بطريقة غير قانونية. ويتّهم الإطار الأمني بشكل مباشر ما وصفه بجهاز الدّرك الجزائري بنقل المئات من المهاجرين الأفارقة غير النظاميين عبر حافلات وانزالهم على مقربة من الحدود التونسية واجبارهم على العبور نحو تونس تحت تهديد السّلاح.

أصبحت دورياتنا تعترض بشكل دوري جحافل من الأفارقة القادمين الى تونس سيرا على الأقدام.. بالتحقيق مع بعضهم كانوا يقولون انّهم غادروا التراب الجزائري تحت تهديد السلاح وأنّهم لا ينوون الاستقرار في تونس بل العبور نحو أوروبا.

شهادة إطار أمني يشتغل في القصرين

لا يرى الإطار الأمني أيّ حظوظ لنجاح التعاطي الأمني مع ظاهرة “حرقة” أفارقة جنوب الصحراء من الجزائر الى تونس على اعتبار أنّ الأمر برمّته -والكلام له- متعلّق بسياسة ترحيل قسري تتبّعها السلطات الجزائرية دون أدنى تنسيق مع نظيرتها التونسية. ويرى محدّثنا أنّ الحلّ الجذري لأزمة “الحارقين الأفارقة” القادمين من الجزائر يمرّ حتما عبر القنوات الديبلوماسية.

انّهم لا يمتثلون لنا على الحدود. فور رؤيتنا يهرولون دون الالتفات وراءهم. بعضهم يحمل أطفالا ورضّعا. لا يمكننا إطلاق النار على أشخاص عزّل نعرف أنّهم فارّون من المعاملة السيّئة. ولكن لا يمكن للأمر أن يستمرّ على ما هو عليه الآن، فسيادة ترابنا تنتهك يوميا. يجب على الرّئيس التدخّل بشكل عاجل والتنسيق مع نظيره الجزائري.

شهادة إطار أمني يشتغل في القصرين

قد لا يختلف الأمر كثيرا على الحدود التونسية اللّيبية، فسُوق الكونترا (التّهريب) بدأت تزدهر ولو بشكل أقلّ. يؤكّد حسام (اسم مستعار)، أصيل منطقة حَسِي عمُر الواقعة بين مدينتي مدنين وبنقردان جنوب شرقي البلاد، انّ تهريب أفارقة جنوب الصحراء من ليبيا الى تونس لم يكن أمرا مألوفا في السابق على اعتبار أنّ المنطقة شهدت تدفّق مئات الآلاف من اللّاجئين الليبيين وكذلك من جنسيات عربية وافريقية مختلفة بشكل يسير غداة الحرب الليبية. أمّا اليوم -والكلام لمحدّثنا- فانّ الأمر تغيّر:

نساعدهم على الوصول الى مدنين ثمّ التوجّه نحو مدينتيْ جرجيس أو صفاقس من أجل الالتحاق بأصدقائهم للعبور نحو سواحل إيطاليا. بعضهم يظلّ عالقا في مدنين لأشهر طويلة لأنّه لا يملك المال للالتحاق برحلة للهجرة السرية. الحلّ الوحيد بالنسبة الى هؤلاء هو العمل في قطاع البناء والحديد في مدنين لجمع بعض المال ثمّ المغادرة.

بالإضافة إلى المهاجرين من أفارقة جنوب الصحراء الوافدين بشكل غير نظامي من ليبيا نحو التراب التونسي، أصبح من المألوف وصول رحلات بحرية قادمة من سواحل ليبيا نحو سواحل مدينة جرجيس وأحيانا قابس. تكون هذه المراكب، في أغلب الأحيان، تائهة أو أنّها تضرّرت من رداءة الطّقس خاصّة خلال الأيّام الباردة.

يؤكّد مصدر من الحرس البحري بصفاقس لـ”الكتيبة” انّ السلطات الأمنية التونسية أصبحت معتادة على هذا النوع من المراكب القادمة من ليبيا. “نقوم بحجز المحرّك وننقل المهاجرين الى الاقليم ثمّ عادة ما يتمّ اطلاق سراحهم لاحقا لينضافوا إلى المئات من المهاجرين الآخرين العالقين في صفاقس في انتظار أن تحين الفرصة لترتيب عملية الإبحار خلسة نحو السواحل الايطالية” يضيف مصدرنا.

في السابق كان الأمر بسيطا أمّا اليوم فقد بتنا في مواجهة شبكات منظّمة للاتجار بالبشر تتكفّل بعبور المئات وربّما الآلاف من أفارقة جنوب الصحراء من ليبيا والجزائر نحو تونس لأنّ تنظيم “الحرقة” من تونس نحو إيطاليا أسهل وأقلّ ثمنا وقد يستفيد الحارقون من تسامح أمني يصل الى حدّ التواطئ أحيانا.

شهادة قيادي في الحرس البحري بصفاقس

يؤكد الباحث في علم الاجتماع والناشط في المجتمع المدني خالد الطبابي انّ تواصل الأزمة الليبية بعد 2011 دفع بالمهاجرين الأفارقة للتوافد أساسا على تونس والجزائر امّا هربا من الحرب في ليبيا أو بهدف العبور نحو أوروبا.

ويضيف الطبّابي مفسّرا:

هناك الآن طريق للهجرة غير النظامية عبر الصحراء باتّجاه الجزائر. ولا يقف الأمر في الجزائر حيث يُجبر المهاجرون على الدخول إلى التراب التونسي على طول الشريط الحدودي الغربي مع الجزائر: امّا عبر القصرين في الوسط أو حزوة في الجنوب أو عبر طبرقة في الشمال.

ويميّز الطبّابي بين فئتين من المهاجرين : “أولئك الذّين يملكون بعض المال يستطيعون التنقل إلى الحدود عبر وسائل النقل البرّي، أمّا في الجهة الأخرى فيوجد أولئك الذّين يضطرّون، بسبب عدم امتلاكهم للمال، للقيام برحلة تمتد من غابات وصحاري إفريقيا جنوب الصحراء وصولا إلى دول شمال إفريقيا، في أغلب الأحيان الجزائر أو ليبيا، يحرّكهم حلم الوصول إلى أوروبا”.

انّهم يأتون مشيا على الأقدام، بعضهم يموت في الطريق من فرط التّعب وبعضهم الأخر يتعرّض للاختطاف أو الاعتداء أو السّبي، ومن يصل منهم سالما الى شمال افريقيا يجد أنواعا أخرى من المشاكل والتعقيدات في انتظاره، حيث يتوجّب عليه إعداد العدّة للرحيل مجددا باتّجاه سواحل إيطاليا أو البقاء عالقا.

الأستاذ خالد الطبابي، باحث في علم الاجتماع

كيف يغادرون التراب التونسي؟ و بأيّ ثمن؟

إذا كان الوصول الى التراب التونسي معقّدا نسبيا فانّ مغادرته باتّجاه سواحل إيطاليا عادة ما تكون أكثر تعقيدا بل ومحفوفة بمخاطر قد تصل في أحيان كثيرة الى هلاك جميع من على القارب وتحلُّلِ جثثهم في حوض المتوسّط.

يستقرّ المهاجرون أفارقة جنوب الصحراء في بعض المدن الساحلية وفي مقدّمتها صفاقس لفترة تتراوح بين أسبوعين الى 6 أشهر قبل أن يحالفهم الحظّ لضمان مقعد على متن زورق حديدي قد يغرق بهم بعد أميال قليلة من مغادرة السواحل التونسية. وقد تطول فترة المكوث في صفاقس (أو في تونس بشكل عام) لتبلغ ثلاث سنوات أو أكثر في حال لم تنجح الرحلات السابقة أو في حال تمّ الاحتيال على المهاجرين وسلب أموالهم. يضطرّ هؤلاء، بحسب شهادات متقاطعة، الى العمل في ورشات النجارة والميكانيكا أو في القطاع الفلاحي أو في قطاع البناء بأجور زهيدة قد تصل الى أقلّ من نصف ما يتقاضاه نظيرهم التونسي.

أنيس، 46 سنة مسؤول في مصنع نجارة في صفاقس، اعتاد انتداب عدد من أفارقة جنوب الصحراء ليشتغلوا معه في المصنع.. “بدأوا في العمل معي منذ 3 أو 4 سنوات.. في 2019 لم يكن عملُ المهاجرين الأفارقة في صفاقس يمثّل ظاهرة غير أنّ الأمر تغيّر بعد الكورونا حيث ارتفع عددهم بشكل كبير جدّا. غالبية الذين عملوا معي ينحدرون من ساحل العاج (الكوت ديفوار) وغينيا الاستوائية. يتقاضى كلّ عامل نحو 150 دينارا في الأسبوع، ينفق 50 دينارا على حاجياته الأساسية ويرسل الباقي الى عائلته أو يدّخره من أجل الحرقة”. ويضيف أنيس:

اجمالا عمل معنا حوالي 24 افريقيّا.. في كل مرة يتغيرون فمن “يحرق” يرسل شخصا آخر ليحلّ محلّه. اليوم تغيّروا بالكامل ما يعني أنّ وجودهم هنا غايته الحرقة فقط وليس الاستيطان على عكس التأويلات التي تطلقها بعض الجهات.

شهادة أنيس، مسؤول في مصنع نجارة بصفاقس

يضطرّ المهاجرون الى العمل بأجور رخيصة ولا ينفقون كثيرا من المال بل يكتفون بأقلّ ما يمكن من الحاجيات الاستهلاكية حتّى يتسنّى لهم ادّخار الباقي امّا بغرض اقتطاع “تذكرة” الحرقة باتّجاه أوروبا أو لغرض ارسال المال للعائلة في احدى الدّول الافريقية.

ديقبو، 34 سنة مهاجر كونغولي، يقول انّه جرّب “الحرقة” عبر المغرب وليبيا والجزائر ففشلت كل المحاولات ما دفع به للعمل بنصيحة أصدقائه والقدوم الى تونس. هنا لم يكن الحال أفضل ممّا كان عليه سابقا..

انا عالق بين صفاقس والمهدية منذ أكثر من سنتين ونصف.. فشلت كل محاولاتي وأهدرت كل مدّخراتي ولم يعد لي من حلّ سوى العمل في قطاع البناء وفي ورشات الميكانيكا حتّى أجمع بعض المال على أمل أن يحالفني الحظّ لاحقا في الإبحار نحو إيطاليا.

تمثّل صفاقس نقطع تجمّع مثالية بالنسبة الى المهاجرين الأفارقة الراغبين في العبور خلسة نحو أوروبا، حيث يمكن لهم الاختفاء عن الأنظار في القرى الساحلية ذات الطابع الفلاحي والاشتغال هناك استعدادا للسّاعة الصفر. وتعتبر بعض القرى الساحلية على غرار الحزق والعوابد واللوزة والعامرة وسيدي منصور النقاط الأساسية لانطلاق قوارب “الحرقة” من صفاقس.

من جانبها، كانت جزيرة قرقنة -وما تزال ولكن بدرجة أقلّ- نقطة انطلاق مثالية بالنسبة الى “الحرّاقة” اعتبارا لقربها من المياه الدّولية. ومنذ تشديد الجهات الأمنية الخناق على الجزيرة بهدف مكافحة الهجرة غير النظامية للتونسيين والأفارقة على حدّ السواء، أصبح مجرّد الوصول الى الجزيرة، التّي تتبع اداريا ولاية صفاقس، يتطلّب “حرقة” في حدّ ذاته.

أيمن، اسم مستعار، 40 سنة، يشتغل نادلا بأحد مقاهي حيّ البحري بمدينة صفاقس، ولكنّ نشاطه الفعلي منذ فترة اتّجه نحو تهريب الأفارقة من جنسيات مختلفة، من صفاقس نحو جزيرة قرقنة. هذا النّوع من “الحرقة” يطلق عليه في أوساط الحرّاقة اسم Taxi navire أو التاكسي العبّارة. يقول أيمن، في شهادة حصرية لموقع الكتيبة، انّه يتقاضى من 500 الى 1000 دينار لقاء كلّ شخص يهرّبه الى جزيرة قرقنة. وهو يتّبع في ذلك حيلا متعدّدة بعضها يتطلّب طلب المساعدة من أشخاص آخرين، وطبعا دفع جزء من الأموال لهم.

يمكن أن أهرّبهم في مركب الصّيد، أو عبر “اللّود” (العبّارة) على أن أُوهمَ الجهات الأمنية أنّهم يشتغلون لحسابي في حظيرة بناء أو في ورشة. أحيانا أضطرّ لدفع رشاوى لأمنيين من أجل تسهيل عبورهم في العبّارة.

شهادة أيمن، نادل مقهى ومهرّب مهاجرين

يؤكّد أيمن أنّ “بزنس” تهريب المهاجرين أصبح يدرّ عليه الكثير من الأموال وأنّه ما يزال يحتفظ بمهنته كنادل في مقهى فقط كغطاء حتّى لا يلفت أنظار الجهات الأمنية اليه بالاضافة الى أنّ نشاط النادل يمكنّه من الحديث الى الجميع في المقهى وتحديد الراغبين في “الحرقة” الى قرقنة ومن ثمّة عرض خدماته بشكل آمن.

عندما سألناه عمّا إذا كان يشاطر الرأي القائل انّ المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء قد “أفسدوا” الحياة في صفاقس، أجاب بلا تردّد:

بصراحة، الجميع هنا يستفيد من وجود الأفارقة في صفاقس، بداية من الضيعات الفلاحية ومزارع الدواجن والورشات والمطاعم والمقاهي ومحطات غسيل السيارات التي تشغّلهم خارج القانون بأجور زهيدة، وصولا إلى البحّارة والحرّاقة وتجّار القوارب والسماسرة”.

شهادة أيمن، نادل مقهى ومهرّب مهاجرين

يشتغل أفارقة جنوب الصحراء في تونس بشكل عام وفي صفاقس على وجه الخصوص في قطاعات تعاني أساسا من نقص اليد العاملة على اعتبار أنّ التّونسيين.ـات وخاصّة فئة الشباب امّا أنّها أكثر تأهيلا (مستوى جامعي، يد عاملة متخصّصة) وبالتالي فانّها تُشيح بوجهها عن هذه المهن والحرف أو أنّها تجدها غير مجدية مادّيا فتهجرها.
وقد ساهم المهاجرون الأفارقة القادمين من دول جنوب الصحراء -أغلبهم مقيم بشكل غير قانوني في تونس- في تحريك عجلة الاقتصاد وخلق ديناميكية اقتصادية نظرا للتكلفة الزهيدة لليد العاملة التي يتمّ تشغيلها خارج القانون.

الفلوكة العكّارية مقابل الفلوكة الحديدية

تختلف تكلفة “الحرقة” من السواحل التونسية باتّجاه ايطاليا، بغضّ النظر عن نقطة الانطلاق، حسب وسيلة النّقل. وبحسب ما أفادتنا به مصادر وثيقة الاطلاع على شأن الهجرة غير النظامية بالاضافة الى ما عاينّاه خلال زيارات ميدانية قمنا بها، من الواضح أنّ ملامح “الحرقة” قد تغيّرت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، حتّى أنّه بات من النادر جدّا بلوغ أنباء عن تنظيم “حرقة” وفق النموذج القديم المتمثّل في جمع منظّم “الحرقة” لعدد من “الحرّاقة” الذّين يصل عددهم المئاتَ في بعض الأحيان، ليتمّ اخفاؤهم على مدى أيّام في محلّ سرّي يسمّى “القونة” قبل أن يتمّ اقتيادهم لاحقا في مجموعات صغيرة إلى “الشّقَف” وهو مركب صيد كبير نسبيا وتنطلق بعد ذلك المغامرة باتّجاه جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.

يقول مصدرنا من الحرس البحري بصفاقس انّ هذا النموذج الكلاسيكي انتهى أمره بسبب محاصرة الجهات الأمنية لمنظّمي ووسطاء الهجرة غير النظامية من جهة وظهور أنواع جديدة من المراكب يمكن اقتناؤها من قبل مجموعات “حرّاقة” صغيرة والابحار بها دون الحاجة لمنظّم أو “رايس” يقود المركب من جهة أخرى.

اليوم أصبح البحر يعجّ بالمراكب الصغيرة والتي نطلق عليها اسم الفلوكة العكّارية وكذلك الفلوكة الحديدية. العكّارية تعتبر VIP أمّا الحديدية فهي في المتناول ولكنّها تُعتبر تذكرة نحو الموت المحتوم.

مصدر من الحرس البحري بصفاقس

تزدهر صناعة الفلوكة الحديدية في مدينة جبنيانة من ولاية صفاقس حيث يعمد مصنّعوها الى تصنيعها بشكل يدوي في ورشات سرّية داخل منازلهم. ولا تتجاوز كلفة القارب الواحد الـ3000 دينار في حال كان من الحجم الكبير (8 أمتار) وتنخفض الكلفة لتنزل الى 2000 دينار إذا كان من فئة 4 أمتار.

يقتني مجموعة من “الحرّاقة”، الفلوكة الحديدية بالاضافة الى محرّك تناهز قوّته الـ40 حصانا (أحيانا يكتفون بمحرّك من فئة 25 حصانا فقط اذا كان عدد الحارقين غير كبير). وتكون التكلفة النهائية للفلوكة باهظة جدّا إذ تتراوح بين 40 و50 ألف دينار. غير أنّ العدد الكبير للركّاب (عددهم من 20 الى 40 شخصا حسب سعة القارب) من شأنه أن يجعل الكلفة في المتناول اذا علما أنّ ثمن الحرقة للشخص الواحد يتراوح بين 2000 و6000 دينار.

ووفق مصادر متقاطعة فانّ الجمهور الأساسي لهذا النّوع من المراكب هم أفارقة جنوب الصّحراء الذّين يبحثون عن أيّ وسيلة لمغادرة الأراضي التونسية باتّجاه سواحل إيطاليا حيث سيتسنّى لعدد كبير منهم طلب اللجوء فور وصولهم.

بالتوازي مع الفلوكة الحديدية، تزدهر سوق الفلوكة العكّارية التّي يتمّ تصنيعها في مدينة جرجيس الواقعة في الساحل الجنوبي للبلاد. وسمّيت بالعكّارية نسبة إلى العكّارة وهم سكّان جرجيس.

تصنع هذه المراكب، المعدّة أساسا للصيد، من الألياف الممزوجة بالبوليستر. وتصل كلفتها الأصلية الى نحو 5000 دينار في حين يصل سعر المحرّك من فئة 40 حصانا إلى 12 ألف دينار ( أي 17 ألف دينار للمركب الجاهز للابحار) الّا أنّها تباع للحرّاقة بسعر قد يصل الى 50 ألف دينار. وتعدّ الفلوكة العكّارية أكثر أمانا مقارنة بنظيرتها الحديدية، وهي غير متاحة بشكل يسير ما يستوجب التوجّه نحو الشبكات الناشطة في “بزنس الحرقة” في الجهة حتّى يتمّ توفيرها بالسعر المذكور أعلاه.

بالنسبة الى “الحرّاقة” التونسيين فانّ الفلوكة العكّارية تعدّ الوسيلة الأساسية للحرقة، حتّى أنّ عائلات بأكملها كانت قد غادرت البلاد نحو إيطاليا من خلال بيع ما لديها واقتناء فلوكة عكّارية في السوق السوداء.

لم تعد الهجرة غير النظامية، وعلى وجه خاصّ هجرة أفارقة جنوب الصحراء، مجرّد ظاهرة تؤرّق السلطات فحسب، بل باتت نشاطا منظّما تتحكّم فيه شبكات اجرامية محلية، واخرى عابرة للحدود، بعضها يحظى بحماية أمنية وبعضها الآخر ينشط دون حسيب أو رقيب ولا يريد لهذه الظاهرة أن تنتهي لأنّ في نهايتها اجهاز على مورد رزقه.

وبدل أن تتّجه السلطات التونسية مباشرة إلى مكمن الدّاء وتقوم بتفكيك جملة الشبكات التّي أتينا على ذكرها أعلاه، ما انفكّت تتّكئ على خطاب شعبوي لا سند له من قبيل أنّ “جهات دولية” تريد خلق وطن للأفارقة في تونس وتسعى إلى استبدال الشعب التونسي بشعب قادم من إفريقيا السوداء في إطار نظرية “الاستبدال الكبير” أو “التغيير الديمغرافي” لتونس. هذا الخطاب الشعبوي كان السبب الرئيسي في إشعال فتيل العنصرية ضدّ السّود في تونس وقد يتسبّب -وفق عدد من الخبراء- في خلق بيئة خصبة لممارسة العنف والتصفيات على أساس اللّون.

الكاتب : وليد الماجري

مدير ومؤسس موقع ”الكَتيبَه“، صحفي استقصائي ومدرّب في تقنيات السرد الصحفي البصري وصحافة الاستقصاء.

تدقيق: محمد اليوسفي
البحث: رحمة الباهي
صور: محمد كريت
فيديو: رأفت عبدلي
هندسة صوتية : رافد شمروخي
غرافيك : منال بن رجب
تطوير تقني: بلال الشارني
هندسة صوتية : رافد شمروخي
غرافيك: منال بن رجب
تطوير تقني: بلال الشارني
تدقيق : >محمد اليوسفي
البحث : رحمة الباهي
صور : محمد كريت
فيديو : رأفت العبدلي

الكاتب : وليد الماجري

مدير ومؤسس موقع ”الكَتيبَه“، صحفي استقصائي ومدرّب في تقنيات السرد الصحفي البصري وصحافة الاستقصاء.

walid213