الكاتب : وائل ونيفي
صحفي مختص في قضايا مكافحة الفساد وحقوق الإنسان والشأن السياسي
عندما كان الحديث في برنامج الحوار سبور، الذي يعرض على قناة الحوار التونسي، يدور حول تقييم أداء الجامعة التونسية لكرة القدم بعد الخروج المبكر للمنتخب التونسي من كأس الأمم الإفريقيّة (ساحل العاج 2023)، أسرّ ضيف البرنامج علي الكعبي، اللاعب الدولي السابق والمستشار الفني للجامعة التونسية لكرة القدم، للحاضرين في الأستوديو بخبر تعيين أمين كموّن، محلّل البرنامج القارّ، مستشارا فنّيا صلب الجامعة التونسية لكرة القدم مكلفا بالشبّان، معلنا أنّ الأخير كان يعمل مع الإدارة الفنيّة للشبّان صلب الجامعة منذ فترة لا بأس بها، الأمر الذي فاجأ زملاءه في ذات الحصّة بما في ذلك مقدّم ومعدّ البرنامج الصحفي الرياضي عادل بوهلال.
لتلطيف المعلومة التي كانت مخفيّة عنه وعن باقي عناصر فريقه حسب المصرّح به ليلتها، قال عادل بوهلال مازحا متوجّها بالكلام إلى أمين كمّون: “بالأمس كنّا نناقش موضوع من يقيّم من داخل الجامعة التونسية لكرة القدم وأنت مستشار فنّي صلبها ونحن لا نعلم ذلك، أيّ مفاجأة هذه!”.
في الواقع، لا يمكن لأحد أن ينكر الإضافة الفنيّة التي يقدّمها أمين كمّون كمحلّل فنّي داخل البرامج التي يعمل بها خاصّة أنّه الوحيد، من بين كل المحلّلين العاملين في مختلف البرامج الرياضيّة في سائر وسائل الإعلام المحلّية، الذي يقدّم تحليلا فنّيا مدجّجا بالمعطيات الإحصائيّة في علاقة بأداء المنتخب والفرق التونسية ولاعبيها، غير أنّ الجمع بين مهمّتين متناقضتين يجعله في وضعية تضارب مصالح وينزع عنه صفة المحلّل المستقلّ.
الكاتب : وائل ونيفي
صحفي مختص في قضايا مكافحة الفساد وحقوق الإنسان والشأن السياسي
عندما كان الحديث في برنامج الحوار سبور، الذي يعرض على قناة الحوار التونسي، يدور حول تقييم أداء الجامعة التونسية لكرة القدم بعد الخروج المبكر للمنتخب التونسي من كأس الأمم الإفريقيّة (ساحل العاج 2023)، أسرّ ضيف البرنامج علي الكعبي، اللاعب الدولي السابق والمستشار الفني للجامعة التونسية لكرة القدم، للحاضرين في الأستوديو بخبر تعيين أمين كموّن، محلّل البرنامج القارّ، مستشارا فنّيا صلب الجامعة التونسية لكرة القدم مكلفا بالشبّان، معلنا أنّ الأخير كان يعمل مع الإدارة الفنيّة للشبّان صلب الجامعة منذ فترة لا بأس بها، الأمر الذي فاجأ زملاءه في ذات الحصّة بما في ذلك مقدّم ومعدّ البرنامج الصحفي الرياضي عادل بوهلال.
لتلطيف المعلومة التي كانت مخفيّة عنه وعن باقي عناصر فريقه حسب المصرّح به ليلتها، قال عادل بوهلال مازحا متوجّها بالكلام إلى أمين كمّون: “بالأمس كنّا نناقش موضوع من يقيّم من داخل الجامعة التونسية لكرة القدم وأنت مستشار فنّي صلبها ونحن لا نعلم ذلك، أيّ مفاجأة هذه!”.
في الواقع، لا يمكن لأحد أن ينكر الإضافة الفنيّة التي يقدّمها أمين كمّون كمحلّل فنّي داخل البرامج التي يعمل بها خاصّة أنّه الوحيد، من بين كل المحلّلين العاملين في مختلف البرامج الرياضيّة في سائر وسائل الإعلام المحلّية، الذي يقدّم تحليلا فنّيا مدجّجا بالمعطيات الإحصائيّة في علاقة بأداء المنتخب والفرق التونسية ولاعبيها، غير أنّ الجمع بين مهمّتين متناقضتين يجعله في وضعية تضارب مصالح وينزع عنه صفة المحلّل المستقلّ.
هذا المثال المتعلّق بأمين كمّون يعتبر الأبسط وربّما الأقل خطورة مقارنة بزملائه العاملين في عدّة وسائل إعلام أخرى والذين يجمعون بين صفاتهم كوكلاء لاعبين أو مسيّرين داخل هياكل رياضية ومهامّهم الإعلاميّة، الشيء الذي خلط الأمور داخل المشهد الإعلامي الرياضي في تونس وزاد من شكوك قطاعات واسعة من الجمهور في موضوعية وحيادية المحلّلين الرياضيين عند تعاطيهم مع أحداث رياضيّة بالتّعليق والتّحليل والرّأي.
في هذا المقال، نسلّط الضوء على ظاهرة المحلّلين الرياضيين في وسائل الإعلام السمعيّة البصريّة التونسيّة.
من هم؟ ماهي سيرهم الرياضيّة والمهنيّة؟ كيف يتمّ اختيارهم من طرف وسائل الإعلام المحلّية؟ هل يعملون بالمجّان أم بمقابل مادي؟ ما علاقة لفيف منهم بالجامعة التونسيّة لكرة القدم لا سيما خلال فترة الرّئيس وديع الجريء؟ هل هم صوت موضوعي ينتصر للحقيقة الصحفيّة في هذه البرامج أم هم مجرد أبواق دعاية للجمعيّات الرياضيّة الكبرى وللمسؤولين الرياضيين النافذين؟ وهل هم مستقلّون فعلا أم لكلّ منهم مصالح وأهداف وارتباطات تمسّ من الاستقلاليّة وهامش الحريّة؟
كثير من “المحلّلين” وقليل من التّحليل: التعليق مقدّس والخبر حرّ
يعدّون بالعشرات، مدرّبون ولاعبون سابقون، مسيّرون وحكّام سابقون وحتّى ممّن ليس له اختصاص رياضي. هم من وجدوا الطريق معبّدة أمامهم للدخول إلى عالم الإعلام والصحافة الرياضيّة والشهرة تحت يافطة “المحلّل الفنّي” خاصة منذ أن هبّت رياح الحرّية في تونس ما بعد الثورة.
برزت ظاهرة المحلّلين الرياضيين في وسائل الإعلام التونسية في تسعينات القرن الماضي وبالتحديد في برنامج الأحد الرياضي الذي كان يستضيف محلّليْن أو ثلاثة على أقصى تقدير غالبا ما يكونون إمّا مدرّبين أو صحفيّين رياضيين، بالإضافة إلى فقرة تعنى بمتابعة أداء التحكيم في مباريات البطولة الوطنية “أ”، الإسم السابق للرابطة المحترفة الأولى.
في المقابل، لم يكن البرنامج يعطي أهمّية كبرى لأندية الرابطة الثانية (القسم الشرفي سابقا)، وذلك لتجنّب تسليط الضوء على وضعية البنى التحتيّة التي كانت تعاني منها تلك الفرق، حفاظا على الصورة اللاّمعة التي كان نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي يريد تسويقها إلى العالم آنذاك.
مع ميلاد مؤسسات إعلام جديدة إذاعيّة وتلفزية منذ العام 2004، بدأ الإعلام الرّياضي التونسي يشهد نوعا من التعدّدية ويمارس هامشا لا بأس به من حرّية التعبير كان قد سمح به النظام الحاكم في تلك الفترة، خاصّة مع انطلاق عمل كلّ من إذاعة موزاييك وإذاعة شمس أف أم والقناتين الخاصّتين حنبعل ونسمة. ومع هذه الطفرة تعزّز المشهد الإعلامي الرياضي بشخصيّات جديدة تخوض لأوّل مرّة التجربة الإعلاميّة التلفزيونية على غرار المرحوم أحمد المغيربي والصحفي الرياضي سابقا والمحامي حاليّا فتحي المولدي، فضلا عن اللاعب الدولي السابق سمير السليمي وغيرهم من الأسماء بصفاتهم معلّقين.
وقد تميّزت برامج الرّياضة في تلك الفترة بالتنوّع في مضمون المحتوى الذي تقدّمه للجمهور بدءا من التقارير والريبورتاجات والبورتريهات المصوّرة (في تونس وحتّى في الخارج) وحتّى بعض التحقيقات عن أوضاع الملاعب والصّعوبات التي تعترض الفرق التونسيّة على مستوى البنية التحتيّة في الملاعب البلديّة في كافة أنحاء البلاد، وصولا إلى تمايزٍ فرضه برنامج ستاد 7 الذي يبثّ على قناة تونس 7 مساء كلّ ثلاثاء عبر فقرة تعتمد الصحافة الساخرة Les guignoles.
بصرف النّظر عن أهداف النظام الحاكم في تونس خلال تلك الفترة من خلال فسح المجال أمام الإعلام الرياضي لممارسة هامش من حرّية الصحافة والتعبير، إلاّ أنه من المفترض أن تكون مثل هذه الطفرة قد ساعدت المختصّين في الصحافة الرياضيّة على مراكمة الخبرة وتطوير جانب مهمّ من مهاراتهم في تعاطيهم مع الشأن الرياضي في البلاد بما يساعد على إصلاح أوضاعه والارتقاء به، لكنّ الأمور بعد الثورة سارت على عكس ذلك تماما.
بتعدّد وسائل الإعلام التي فتحت أبوابها بعد الثورة، تعدّدت البرامج الإذاعيّة والتلفزيّة المتخصّصة في رياضة كرة القدم أساسا، مع غياب شبه تامّ لبرامج تُعنى بباقي الرياضات الجماعيّة منها والفرديّة في جلّ وسائل الإعلام.
تخلّت جلّ وسائل الإعلام خاصّة منها المرئيّة عن سياسة تنويع مضامين البرامج الرياضيّة التي اتخذت أغلبها شكلا موحّدا يعتمد على وجود مقدّم وعدد من المعلّقين Chroniqueurs الذين يقومون بالتّعليق على أحداث لمدّة ساعتين وأحيانا يلعبون دور الصحفي في تقديم الحصريّات وأخبار النّوادي وكواليسها والترويج لمعطيات دون إثباتات في وضع تجاوزوا فيه كلّ الخطوط الحمراء التي تفرضها أخلاقيّات مهنة الصحافة ودور وسائل الإعلام التي هي مطالبة بتزويد الجمهور بمعلومات موثوقة لا تشوبها شائبة قبل الحديث عن الحقّ في التعليق وإبداء الرأي وتقدير الموقف.
لتسليط الضوء حول هذه الظاهرة التي أصبحت محلّ انتقادات واسعة من الجمهور التونسي، اختار موقع الكتيبة القيام بمسح لمختلف البرامج الرياضية المعروضة في عدد من وسائل الإعلام المحلّية والتي تحظى بنسب مشاهدة عالية وتؤثّر في الرأي العام التونسي بشكل كبير.
شمل هذا المسح كلّا من إذاعات موزاييك وIFM والديوان، إضافة إلى كلّ من قنوات الحوار التونسي والتاسعة وحنبعل وتونسنا وتلفزة تي في، أين بلغ عدد المحلّلين في كافة هذه المنابر الإعلاميّة ما يناهز الـ 48 محلّلا فنّيا يشاركون في هذه البرامج إمّا في إطار صيغة تعاقدية رسميّة أو تحت عنوان “الضيف” وهذا الأخير عادة ما يكون ضيفا قارّا يشارك بصفة متواصلة ويوميّة في بعض البرامج دون أن يتلقّى نظير حضوره أيّ أجر.
واللافت للانتباه في جلّ هذه البرامج هو الاهتمام الكبير برياضة كرة القدم دون سواها والاقتصار على تخصيص جزء بسيط جدّا من مساحة هذه البرامج لإحدى الرّياضات الأخرى بشكل مناسبتي ونادر أو عند حدوث أمر مستجدّ فيها.
ويشير المسح إلى وجود امرأة واحدة فقط في جلّ هذه البرامج الرياضية وهي الصحفية الرياضية نعيمة ساسي المحلّلة ببرنامج أكسترا تايم على إذاعة ديوان أف أم، فضلا عن أنّ تمثيلية الصحفيّين الرياضيين في هذه البرامج التلفزية لا تتعدّى سبعة صحفيّين من أصل 48 محلّلا/ معلّقا رياضيّا.
كما يكشف المسح وجود تركيز إعلامي لعدد من الوجوه الرياضيّة، حيث تشير الأرقام إلى أنّ 27 محلّلا رياضيّا من بين 48 يسجّلون حضورا إذاعيّا و تلفزيّا في الآن ذاته.
أمام هذا الغزو والاكتساح الحاصل من قبل من يسمّون بالمحلّلين أو “الكرونيكورات” في البرامج الرياضيّة الإذاعية والتلفزية في تونس، من المهمّ التعمّق أكثر في الظاهرة من خلال نفض الغبار عن المفاهيم المهنيّة المتعارف عليها، علاوة على تفكيك الممارسات الإعلاميّة المسجّلة في الميديا التونسيّة خلال السنوات الأخيرة.
من هو “المحلّل الرياضي”؟
يوضّح الصحفي الرياضي (مذيع براديو موزاييك) حيدر الشارني في حواره مع موقع الكتيبة، أنّ الشروط الأساسيّة في اختياره للمحلّل الرياضي الذي يصاحبه في برامجه الإذاعية أو حتى التلفزيّة تكمن في أن يكون للأخير تاريخ “كروي” وخبرة رياضيّة تجعله يقدّم الإضافة من خلال تلك التجربة.
بالنسبة لي في تونس لا فرق بين مستشار رياضي Consultant أو معلّق Chroniqueur كلاهما يؤديان ذات الوظيفة داخل البرنامج فالكلّ يتكلّم من منطلق تجربته وخبرته عند التّعليق على الأحداث وتحليلها.
حيدر الشارني صحفي رياضي
ما يطرحه الشارني من رؤية في علاقة بشروط انتداب المحلّلين يتطابق مع جزء من المعايير التي تعتمدها جلّ القنوات المتخصّصة في الرياضة، الأوروبية منها وحتى الخليجيّة.
ووفق ما تفسّره القنوات العالميّة المتخصّصة في الرياضة، يتوجّب على المحلّل الفني والذي يطلق عليه في هذه المنابر “المستشار الرياضي”، أن يتلقّى تدريبا في خصوصيّة المهنة الصحفيّة والإعلاميّة خاصّة في المحاذير الواجب تجنّبها على غرار التعليقات التي يمكن أن تثير التعصّب الرّياضي، فضلا عن تقنيات التعامل مع المعلومة ومعالجتها صحفيّا وإعلاميّا، مع التّنصيص على ضرورة أن يكون المستشار صاحب خبرة مثبتة في مجال اختصاصه إمّا عبر مسيرة رياضيّة حافلة بالألقاب والتتويجات أو عبر شهائد علميّة معترف بها.
ولئن اتفق جلّ المختصّين في الإعلام الرياضي على الشروط التي يجب أن تتوفّر في المحلّل الفنّي، إلاّ أنّ التجربة التونسيّة تعرف العديد من الانحرافات في كثير من المنابر الإعلاميّة التي تقوم بتشغيل محلّلين لا خبرة لهم تمكّنهم من تقديم الإضافة سوى الدفع نحو الإثارة، فضلا عن وجود جهل كبير بأساسيّات العمل الإعلامي وأخلاقيّاته التي تنسحب على هؤلاء وفق القوانين وكرّاسات الشروط بالنسبة الى لمؤسسات الإعلاميّة ومدوّنات أخلاقيات المهنة حتّى وإن لم يكونوا صحفيين محترفين نظرا لكونهم يمثّلون جزءا من عمليّة صناعة المضمون الإعلامي الذي له ضوابط ومعايير.
بالرجوع إلى الأرقام المتعلّقة بـ “المحلّلين الرّياضيّين” في مختلف البرامج التلفزية منها والإذاعية ينقسم هؤلاء إلى ثلاثة أقسام كبرى تضمّ لاعبين سابقين وجزءا مهمّا من المدرّبين الحاليين، بالإضافة إلى عدد قليل من الصحفيّين الرياضيّين مع وجود حكّام سابقين أثاروا خلال مسيراتهم التحكيميّة الكثير من ردود الأفعال السّلبية وارتبطت أسماؤهم بعديد الإخلالات الجسيمة والفضائح التحكيميّة.
من خلال العودة إلى مبادئ وأساسيات التحليل الفنّي المعتمدة من طرف وسائل إعلامية أوروبية وخليجية متخصّصة في الصحافة الرياضية، يقوم الصحفيون.ـات العاملون.ـات من خلف الكواليس بجمع المعطيات الإحصائية والفنية وإعداد التقارير الصحفيّة والتحقيقات المعمّقة ومن ثمّ توفيرها على ذمّة المحلّلين بهدف تقديم قراءة موضوعية للمباريات المزمع تحليلها، فضلا عن تقييم مستوى اللّاعبين والجهاز الفنّي في كنف الدقّة المهنيّة وبعيدا عن العواطف والمصالح بالاستناد الى الارقام والمعطيات الكمية والاحصائية.
في تونس لا يوجد كثير من المحلّلين الذين يقومون بتقديم معطيات إحصائيّة حول طريقة لعب الفرق وأداء اللاعبين فيها، ما عدى محلّل إذاعة موزاييك والحوار التونسي أمين كمّون (هذا بالإضافة إلى وسيم الجعبيري في وقت سابق) الذي يتولّى حاليّا في كلّ من البرنامجين تقديم معطيات إحصائية من هذا النوع، لكنّه في ذات الوقت يغفل عن ذكر مصادر تلك الأرقام (خلل أخلاقي مهني) والتي يتمّ التعامل معها بشكل مسلّم من طرف بقية المحلّلين.
عبد الستار بن موسى: المدرب السابق للمستقبل الرياضي بالمرسى
عبد الستار بن موسى: المدرب السابق للمستقبل الرياضي بالمرسى
البرامج الإعلاميّة الرياضيّة: سلّة مهملات للتجارب الفاشلة
بعد أن اكتفى فريقه المستقبل الرياضي بالمرسى خلال المرحلة الأولى من مشوار البطولة التونسية بحصد نقطة يتيمة من أصل 27 ممكنة والعجز عن تحقيق أي فوز منذ بداية إشرافه على الفريق، اتفق المدرّب عبد الستار بن موسى مع الهيئة المديرة للنادي على قطع العلاقة التعاقدية بينهما.
هذا الأخير وبعد الاستقالة سجّل حضورا مكثّفا في المنابر الإعلاميّة وأهمّها إذاعة إبتسامة أف أم IFM للتحليل والتعليق على مباريات المنتخب التونسي خلال مشاركته في كأس أمم أفريقيا “كان” ساحل العاج 2023 واستعدادات الفرق التونسيّة مع قرب عودة نشاط البطولة.
يستدعي هذا المثال الكثير من الاستغراب ويطرح عددا من الأسئلة حول أهليّة المدرّب السابق للمستقبل الرياضي بالمرسى في تحليل مباريات الكأس الافريقية والتعليق على الرّسوم التكتيكيّة لمدرّبين آخرين خاصّة وأنّه مازال لم يتجاوز بعد النتائج الكارثيّة التي حقّقها على رأس ناديه السابق.
تعليقا منه على نوعيّة المحلّلين الذين تتمّ استضافتهم في البرامج الرياضية، اختار الصحفي الرياضي ومقدّم البرامج عادل بوهلال صاحب التجربة الطويلة في البرامج الرياضية التلفزية، الحديث عمّا يهمّ تجربته فقط دون أن يعلّق على تجارب زملائه.
يقول بوهلال إنّه حريص على الاستعانة في برنامجه بأشخاص من أصحاب الخبرة وأصحاب سير رياضيّة محترمة أو صحفيّين مختصّين في الرّياضة، تمكّنهم تجاربهم من تقديم الإضافة على المحتوى الذي يقدّمه.
من بين 48 محلّلا / معلّقا رياضيّا يؤثّثون البرامج الرياضية في ثلاث إذاعات وخمس قنوات تلفزية خاصّة، خلال الفترة المتزامنة مع تنظيم كأس أمم أفريقيا، يسجّل اللّاعبون السابقون حضورا قويّا بـ 26 محلّللا من بينهم 15 لاعبا دوليّا سابقا، منهم لاعبون لم تتعدّ مشاركاتهم الدولية عدد أصابع اليد، والبقية لا شيء يميّز مسيرتهم الكروية سوى أنهم ارتدوا لفترة ما قميص أحد الأندية الكبرى في تونس.
وباستثناء الثنائي لسعد جردة محلّل برنامج الحوار سبور ويوسف الزواوي محلّل برنامج حنبعل سبور على قناة حنبعل، تعتبر تجارب المدرّبين الذين يسجّلون حضورهم بشكل قارّ في المنابر الإعلاميّة وعددهم 13 مدرّبا، إمّا متواضعة وحبلى بالخيبات والفشل أو أنها ما تزال في خطواتها الأولى.
تطرح التّجارب المحدودة لعدد من المدرّبين المتعاقدين مع عدد من القنوات التلفزية والإذاعية، إشكالية أخلاقيّة كبيرة حول مضمون ما يقدّمونه من قراءات تكتيكية وفنيّة متّصلة بأسلوب لعب عدد من زملائهم الذين يباشرون مهامّهم على رأس فرق تتنافس في البطولة المحلّية أو يخوضون مسابقات قارّية.
ولا تقتصر التعليقات التي يقوم بها هؤلاء المحلّلون على قراءة مجريات المباريات والأخطاء التي يمكن أن يرتكبها لاعبون أو مدرّبون وهو الدّور الموكول لهم في هذه البرامج، إنّما يتجاوزون ذلك لتقديم مقترحات خطط لعب وأحيانا تتحوّل تعليقاتهم ومواقفهم إلى ما يُشبه نوعا من الحملات الشّرسة على أحد المدرّبين على غرار ما حصل مع المدرّب السابق للمنتخب الوطني التونسي منذر الكبيّر والذي مارست عليه جلّ البرامج الرياضيّة ومحلّلوها ضغطا غير مسبوق وصل حدّ المُطالبة بإقالته وتعويضه بمساعده جلال القادري، وهو ما حصل فعلا.
منذر الكبير: الناخب الوطني السابق
منذر الكبير: الناخب الوطني السابق
خلال الأيّام القليلة الماضية، أعلنت هيئة النادي الإفريقي التونسي خبر إقالة المدرب ميشال كافالي وتعويضه بالمدرّب السابق للمنتخب التونسي منذر الكبيّر، وسط ترحيب كبير من مختلف المحلّلين الرياضيين في سائر القنوات التلفزية والإذاعية التي كانت في وقت ليس ببعيد تشكّك في شخصيّة الرجل ومؤهّلاته وقدرته على القيادة.
هذا التحوّل العميق في آراء المحلّلين الرياضيّين التي تهمّ أحد المدرّبين أو اللّاعبين، يطرح كثيرا من التّساؤلات حول خلفيّاتهم وتأثير علاقاتهم الشخصيّة أو الرياضيّة على مضمون ما يقدّمونه من تعاليق وتحاليل.
في هذا الصدد، تُشير الصحفيّة والإعلاميّة واللاعبة الدولية السابقة لكرة السلة النسائية عائدة عراب في لقائها مع موقع الكتيبة، إلى أنّ الآراء والمواقف التي يدلي بها جزء لا بأس به من المحلّلين الرياضيين خاصة في البرامج التلفزيّة، هي آراء موجّهة عبر أشخاص من خارج المنبر الإعلامي الذي يعملون فيه.
.
في وقت ليس ببعيد كانت لي تجربة مع أحد البرامج الرياضيّة بإحدى القنوات التلفزيّة، كنت شاهدة على رسائل تأتي عبر الواتساب لعدد من المحلّلين يقرؤونها كما هي.
الصحفية واللاعبة الدولية السابقة عائدة عراب
وتُفسّر محدّثتنا أنّ عالم التحليل الرّياضي في القنوات المحلّية يُسيطر عليه كبار رؤساء الهياكل الرياضيّة في تونس من جامعة ونواد، مشيرة إلى أنّ هناك جزءا مهمّا ممّن يؤثّثون هذه البرامج بصفاتهم محلّلين يعدّ مستواهم الثقافي محدودا جدّا، وهو ما ينتج محتوى إعلاميّا قائما على الثرثرة وتصفية الحسابات.
ما تطرحه عائدة عراب في شهادتها لموقع الكتيبة، يؤكّده الصحفي بإذاعة موزاييك حيدر الشارني الذي وصف أحد البرامج الرياضيّة المعروفة في تونس ب”مكتب ضبط لدى الجامعة التونسيّة لكرة القدم” لما بذله من مجهود في تلميع صورة الجامعة التونسية لكرة القدم ورئيسها السابق وديع الجريء، وفق تقديره.
هناك مثال عن أحد البرامج التلفزية التي كانت تتناغم بشكل كبير مع سياسات الجامعة التونسية لكرة القدم ورئيسها، بعد سقوط هذا الأخير تحوّل هذا البرنامج إلى برنامج ثوري ينتقد سياسات الجامعة ورئيسها. هكذا يسيّر جزء كبير من المشهد الإعلامي الرياضي في تونس.
حيدر الشارني
ويُضيف الشارني أنّ عددا لا بأس به من برامج الإعلام الرياضي استنسخ في جزء منه تجارب البرامج الترفيهية التي أتت بأشخاص لا سير ذاتيّة لهم وجعلت منهم مشاهير، حيث أصبح المشهد الإعلامي الرّياضي في تونس يعجّ بأشخاص لا علاقة لهم بالرّياضة عموما وكرة القدم خصوصا، محمّلا الجمهور التونسي مسؤوليّة تفشّي هذه الظاهرة بما أنّ هذه البرامج ذات المحتوى الرديء والتي تثير الفتنة والتعصّب الرياضي تحصد نسب مشاهدة عالية كما يتفاعل معها التونسيون.ـات على مواقع التواصل الإجتماعي بشكل مكثّف.
فوضى التّداخل بين التّسيير الرّياضي والتّحليل الإعلامي
مع بداية الموسم الرياضي الحالي 2023 – 2024 وقبل أن يلملم النادي الرياضي الصفاقسي أوضاعه المتأزّمة بسبب سوء الحوكمة وفوضى التّسيير التي عصفت به، اتجهت أصابع الإتهام إلى المسيّر السابق صلب النادي والمحلّل والمعلق في عدة برامج إذاعية وتلفزية الناصر البدوي بتحميله مسؤوليّة إغراق النادي في مزيد من المديونيّة.
واتّهمت عديد الوجوه الرياضية المنتمية إلى النادي ومن بينها اللاعب الدولي السابق هيثم مرابط زميلهم السابق الناصر البدوي بالسمسرة والوقوف وراء انتدابات فاشلة قام بها النادي خلال فترة الانتقالات في الصائفة الماضية دون مراعاة الأوضاع الماديّة التي كان يعاني منها الفريق، فضلا عن أنّ الانتدابات التي توسّط فيها البدوي، حسب عدد من اللاعبين المنتمين إلى نادي عاصمة الجنوب، كانت “فاشلة” إلى أبعد الحدود وراكمت الأزمة الماليّة التي تعاني منها الجمعية، وفق تشخيصهم.
رغم نفيه لهذه التهم التي كانت تلاحقه منذ أن كان مسؤولا رسميّا في النادي الصفاقسي والتي وجّهها إليه عدد من الوجوه الرياضية المعروفة بحب النادي الرياضي الصفاقسي، أقرّ البدوي وساطته لاستقدام خمسة لاعبين إيفواريين بالتنسيق مع رجل الأعمال أصيل مدينة صفاقس محمد علي حشيشة مالك نادي سان بيدور الإيفواري والمدير الفني للنادي هيثم عبيد، وذلك خلال مشاركته في برنامج إكسترا تايم على إذاعة ديوان بصفته محلّلا.
ويطرح الإطار الذي دافع فيه البدوي عن نفسه، إشكاليّة كبيرة حول مصداقيّة وموضوعية البرنامج تجاه قضيّة خطيرة بهذا الحجم، حيث تمّ فتح المجال أمامه من طرف مقدّم الحصّة للردّ على من اتّهمه دون أن يكون الأشخاص المعنيّون بأجوبة البدوي حاضرين في ذات المنبر الاعلامي، كما لم تتمّ استضافتهم من طرف ذات الإذاعة للتفاعل حول ردود البدوي.
يجسّد مثال الناصر البدوي وضعيّة تضارب المصالح الصارخة التي تحفّ بعدد كبير من المحلّلين الرياضيين الذين يخلطون بين مهام تسييريّة داخل نواد (معلنة بشكل رسمي أو في الكواليس) وهياكل رياضيّة بعينها أو الوساطة في انتداب لاعبين وبين مهامّهم كمحلّلين ومعلّقين صلب برامج تلفزية وإذاعية. كما يلعب جزء كبير من المحلّلين الرياضيين داخل هذه المنابر الإعلامية دور الناطق شبه الرسمي لنواديهم التي ينتمون إليها فيما يعمل آخرون على تصفية حساباتهم مع بعض من مسيّري النوادي.
تتعدّد وتتنوّع وضعيّات تضارب المصالح في المشهد الإعلامي الرياضي، خاصة مع المتحصّلين على شهادة تدريب، على غرار منتصر الوحيشي الذي ومنذ ظهوره الأوّل في عام 2013 جمع بين التدريب والتحليل الرياضي.
فبعد إقالته من على رأس المنتخب التونسي للشباب مع نهاية الموسم الرياضي الماضي في جويلية من العام 2023، انطلق الوحيشي كمحلّل رياضي مع برنامج “الحوار سبور” على قناة الحوار التونسي في بداية الموسم الرياضي الحالي، ليغادر البرنامج بعد شهر فقط ملتحقا بالإدارة الفنية للمنتخب الأوّل في خطّة مدرب مؤقت خلفا لجلال القادري الذي تمت إقالته عقب الخروج المبكر من كأس أمم أفريقيا.
على هذا النّسق، تميّزت مسيرة الرّجل في السنوات الأخيرة في المراوحة بين الظهور الإعلامي كمحلّل فني أو الظهور الإعلامي كمدرّب أو مسيّر داخل هيكل رياضي، مثيرا بذلك كثيرا من التساؤلات حول توظيفه لشبكة علاقات مترامية الأطراف بين الإعلام ومواقع القرار صلب الهياكل الرياضية.
وسبق أن مهّدت برامج الإعلام الرياضي التلفزية منها أو الإذاعية الطريق أمام عدد من المحلّلين للوصول إلى مناصب داخل هياكل رياضية تونسيّة، على غرار وليد قرفالة وهو في الأصل إطار بنكي عمل لفترة طويلة كمعلّق رياضي في برامج الرياضة على إذاعة IFM ليتحوّل فيما بعد إلى ناطق رسمي للترجي الرياضي التونسي. وعلى نفس الشاكلة سار المحلّل بذات الإذاعة سابقا والمحلل بإذاعة موزاييك في الوقت الحالي أسامة السلامي، الذي شغل بين التجربتين مهمة مدير فنّي صلب النادي الإفريقي التونسي.
استنساخ أجواء الملاعب ينسف أساسيات الصحافة
تُشير الأرقام المتّصلة بالمسح الذي قام به موقع الكتيبة لاستطلاع تركيبة البرامج الرياضية في ثلاث إذاعات وخمس قنوات تلفزية خاصّة، إلى وجود سيطرة مطلقة لناديي العاصمة تونس، حيث يحضر كل من النادي الإفريقي والترجي الرياضي في جلّ هذه المنابر الإعلامية بـ14 محلّلا رياضيا لكل منهما من أصل 48.
في حواره مع الكتيبة، يقول الدكتور الصادق الحمامي أستاذ الإعلام بالجامعة التونسيّة تعليقا على نموذج الاعتماد على محلّلين لهم خلفية وإنتماء رياضي واضح، أنّ هذا النموذج يستنسخ أجواء الملعب والتي لا يمكن أن تكون بأيّ حال من الأحوال محايدة باعتبار أنّ الجماهير تناصر أنديتها وهو ما يحدث في عدد من المنابر الإعلامية، أين يصعب على هؤلاء المحلّلين السيطرة على مشاعرهم خاصة في المباريات التي يكون فيها الرّهان كبيرا.
ويفسّر الدكتور الحمامي أنّ المشكل الأساسي يتمثّل في انحصار الإعلام الرياضي السمعي البصري في شكل وحيد يقوم على البرامج الحوارية ويعود في الأصل إلى وجود أزمة صلب وسائل الإعلام ومنوالها الإقتصادي، بحسب المتحدّث ذاته.
وأمام الأزمة الماليّة التي تعاني منها جلّ وسائل الإعلام، وفق الحمامي، تضطرّ القنوات التلفزيونية لإنتاج هذا الشكل باعتباره الأقلّ كلفة، مشيرا في ذات السياق إلى أنّ الإعلام الرياضي التلفزي يجب أن يستخدم الأشكال الصحفيّة المتعارف عليها على غرار البورتريهات والريبورتاجات والتحقيقات التي قال إنّها مفقودة بشكل كلّي في كلّ الإعلام الرياضي بمختلف أنواعه بما في ذلك الصحافة المكتوبة.
البرامج التلفزية الرياضية هي نسخة مطابقة للأصل للبرامج الإذاعية والفرق الوحيد أنّ الأخيرة يقع نقلها على شاشة التلفزيون، أمّا المضمون فهو نفسه.
الصادق الحمامي أستاذ الإعلام والاتصال
من جانبه، يُقدّم الصحفي الرياضي حيدر الشارني قراءة ثانية في استقدام محلّلين لهم انتماء رياضي، أين أشار إلى أنّه أوّل من جسّد الفكرة في البرامج التلفزية، عندما كان يقدّم ويعدّ برنامج L’équipe على قناة التاسعة منذ حوالي خمس سنوات، حين كان يعتمد على تمثيليّة للنوادي الأربعة الكبار في تونس مع محلّل يكون بعيدا عن هذه الأندية يمثّل صوت الحكمة، على حدّ تقديره.
واعتبر الشارني أنّ اعتماد هذا النموذج يبقى رهين سيطرة مقدّم ومعدّ البرنامج على مضمون ما يتقدّم إلى الجمهور.
التنافسية بين النوادي الرياضية والتي يجسّدها المحلّلون مطلوبة لكنها يجب ألا تتجاوز الحدود التي يقوم برسمها ووضعها معدّ ومقدّم البرنامج لمنع أي تجاوز يمكن أن يثير التعصّب بين الجماهير أو يُسيء لسمعة أيّ فريق.
حيدر الشارني صحفي رياضي
ويضيف الصحفي بإذاعة موزاييك، أنّ الإعلام الإذاعي يتمايز بشكل عامّ عن الإعلام المرئي، مشيرا إلى أنّ زملاءه في عدد من الإذاعات المنافسة يقدّمون مضمونا متميّزا مقارنة بما يتم تقديمه في الإعلام التلفزيوني قائلا:
“نوفل الورتاني الذي لم يخض تجربة الإعلام الرياضي إلاّ في سنواته الأولى بإذاعة موزاييك، برنامجه الجديد على قناة (تلفزة تي في) يحظى بنسبة مشاهدة عالية وهذا إنّ دلّ على شيء فهو يدلّ على وجود فراغ كبير في المشهد استغلّه الورتاني”.
دوس على أخلاقيات المهنة وانحراف بالخطاب الإعلامي
مع مستهلّ كلّ حلقة من برنامج “ملعب النجوم” الذي يتمّ عرضه على “قناة تونسنا” تظهر ملاحظة مكتوب فيها: “تعلم قناة تونسنا كافّة مشاهديها أنّ مواقف وآراء الضيوف لا تلزم إلا أصحابها وتؤكّد أنّ برنامح ملعب النّجوم لا يتحمّل مسؤوليّة ما يصدر عنهم كما تؤكّد إدارة القناة حرصها على احترام أخلاقيات المهنة” .
وفق مختصّين في الصحافة وعلوم الإخبار، يعتبر برنامج “ملعب النجوم” المثال الأبرز فيما يطلق عليه بصحافة الدردشة والانحراف بالخطاب الإعلامي، فضلا عن أنه لا يستجيب لأيّ معيار من معايير أخلاقيّات العمل الصحفي.
في أكثر من مناسبة يتجاوز مقدّم ومعلّقو برنامج “ملعب النجوم” كلّ الخطوط الحمراء في إثارة التعصّب الرياضي وإحداث الفتنة بين الجماهير الرياضية كما حدث في كثير من المرّات بين معلّق الحصّة العربي سناقرية المتيّم بحبّ الترجّي الرّياضي التونسي وزميله في ذات البرنامج الحكم السابق مكرم اللقّام المناصر لفريق النجم الرياضي الساحلي.
يستند البرنامج الذي يقدّمه الإعلامي الصحبي بكار على حضور ضيوف قارّين يحضرون الحصّة يوميّا ولا تجمعهم بإدارة القناة أيّ علاقة تعاقديّة رسميّة، وهو ما تؤكّده القناة عبر ملاحظتها التي تظهر مع مستهلّ كلّ حصّة في التبرّئ من مواقف هؤلاء المعلّقين واعتبارهم فقط ضيوفا للبرنامج.
اعتمادا على تلك الملاحظة يأتي كلّ ضيف من ضيوف المنشّط الرياضي الصحبي بكّار لبثّ أخبار ومعطيات لا يتمّ إثباتها صحفيّا، من ذلك اتّهام أشخاص بالفساد وتلقّي الرشاوي وصولا إلى اتهام أشخاص بعينهم بمسائل أخلاقية وغيرها من الانحرافات.
في كثير من المناسبات اتخذت الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السمعي البصري قرارات بإيقاف مؤقت أو نهائي لبرامج عديدة كان يقدّمها الصحبي بكّار تحت مسميات عدّة بعد ثبوت تجاوزات كبيرة، وصل فيها الأمر إلى التفوّه بعبارات نابية بين عناصر الفريق الواحد في إحدى الحصص.
عادل زهمول: حكم سابق
عادل زهمول: حكم سابق
ومن بين نماذج الانحراف بالخطاب الإعلامي التي يعرفها المشهد الإعلامي الرياضي، مثال الحكم السابق عادل زهمول الذي لا يتردّد في كلّ مرّة في استعمال ألفاظ غير مقبولة عند تقييمه لأداء الحكّام الذين يديرون مباريات في الدوري المحلّي التونسي أو حتى المسابقات القارية، وقد وصل به الأمر إلى نعتهم بالفشلة والمتحيّلين وألفاظ أخرى استدعت من مقدّمي البرامج التي يُشارك فيها الإعتذار من المستمعين والمشاهدين في أكثر من مناسبة ومطالبته بالتعبير بشكل لائق.
يعرف المشهد الإعلامي الرياضي التونسي فوضى عارمة تتلخّص في وجود عدد من الشخصيات التي تراوح بين التّسيير الرياضي والوساطة في تسويق اللّاعبين والمدرّبين والحضور الإعلامي بصفاتهم محلّلين، بشكل تحوّل فيه عدد لا بأس به من المنابر الإعلامية إلى منصّات اتصالية وتسويقية تخدم كلّ شيء إلا الحقيقة الصحفيّة والصالح العام الرياضي.
ويرى عدد من الأكاديميين في الصحافة وعلوم الإخبار -من بينهم الدكتور الحمّامي- أنّ هذا الوضع حاد بوسائل الإعلام عن لعب دورها في مساءلة المسيّرين والمدرّبين باعتبار أنّ هؤلاء إمّا أنهم يصبحون فاعلين داخل وسائل الإعلام بصفتهم محلّلين أو أنّهم يلعبون دور الناطقين شبه الرسميين باسم الهياكل الرياضية والتي من المفروض أن يخضعها الإعلام للمساءلة والتحقيق في طرق عملها وكواليسها عبر الأشكال الصحفية المتعارف عليها.
كما أدّى تدنّي مستوى عدد من البرامج الرياضية وما تقدّمه من مضامين عبر محلّليها / معلّقيها حسب المختصّين الذين استند إليهم موقع الكتيبة إلى فتح شهيّة البرامج الإعلامية الأخرى من اختصاصات مختلفة لتخصيص جزء من مساحة تلك البرامج للتعليق على أحداث رياضية، بشكل أصبح فيه المعلّقون داخل هذه البرامج يدلون بدلوهم في الأحداث الرياضية وتحليل المباريات دون أن يكونوا من أهل الاختصاص كما هو الشأن بالنسبة إلى معلّق البرنامج الصباحي بإذاعة IFM نجيب الدزيري وكذلك الناطق الرسمي السابق لوزارة الداخلية والمعلّق الحالي بإذاعة الديوان اف ام خليفة الشيباني.
في خضم هذه الفوضى التي يعيشها الإعلام الرياضي في تونس، تتعالى الدعوات لضرورة أن يلعب الصحفيون الرياضيون رفقة هياكل المهنة، دورهم في إصلاح الصحافة الرياضية وتنقيتها من هذه الشوائب التي خلقت نوعا من أزمة الثقة مع الجمهور الذي بات بدوره يحمّل وسائل الإعلام والقائمين عليها جزءا من مسؤولية الخيبات الرياضية المتتالية وآخرها خيبة منتخب كرة القدم في كأس الأمم الأفريقيّة وذلك بسبب انحراف الصحافة عن القيام بأدوارها المهنيّة في الإخبار وكشف الحقائق وتعرية الواقع ومساءلة المسؤولين والفاعلين في المجال الرياضي عبر مختلف الأشكال الصحفيّة المهنية لا عبر الثرثرة وفتح المنابر لمن لا أهلية لهم.
يندرج هذا المحتوى التفسيري ضمن سلسلة تحقيقات ومقالات تفسيريّة تعكف على الاشتغال عليها هيئة تحرير الكتيبة في علاقة بقطاع الإعلام والصحافة في تونس الذي يعرف أزمة ثقة غير مسبوقة من قبل الجمهور، فضلا عن تعثّر مساري التنظيم والتعديل الذاتي.
يندرج هذا المحتوى التفسيري ضمن سلسلة تحقيقات ومقالات تفسيريّة تعكف على الاشتغال عليها هيئة تحرير الكتيبة في علاقة بقطاع الإعلام والصحافة في تونس الذي يعرف أزمة ثقة غير مسبوقة من قبل الجمهور، فضلا عن تعثّر مساري التنظيم والتعديل الذاتي.
الكاتب : وائل ونيفي
صحفي مختص في قضايا مكافحة الفساد وحقوق الإنسان والشأن السياسي
الكاتب : وائل ونيفي
صحفي مختص في قضايا مكافحة الفساد وحقوق الإنسان والشأن السياسي