الكاتبة : راضية الشرعبي
صحفية وباحثة في مجال الصحافة الاستقصائية. خريجة معهد الصحافة وعلوم الإخبار بجامعة منوبة.
“سأموت وأنا أعمل”. تردّد السّيدة روضة الطاهري، متقاعدة تبلغ من العمر 63 سنة، هذه العبارة قبل أن تهمّ بإخراج حبّة دواء من حقيبتها اليدوية، ثمّ تتساءل:” لماذا لا يفكّر أحد فينا نحن ضعاف الحال؟”.
تضيف المتحدثّة نفسها في تصريحها لموقع “الكتيبة” قائلة بنبرة تنمّ عن شظف العيش الذي تعاني منه :
“نحن من وهبنا حياتنا للعمل ودفعنا مساهماتنا أملا في حياة كريمة عند الكبر، لكن لم أكن أتخيّل أن يكون هذا مصيري بعد سنوات من العمل…من أين سأؤمّن مصاريف الكراء وتكاليف علاج ابني؟. جراية التقاعد لا يبقى منها سوى 380 دينارا بعد سداد القسط البنكي، لذلك أنا أعمل ليلا نهارا مثل “الروبوت”.
السيّدة روضة ليست حالة استثنائية، إذ يتقاسم معها هذه المعاناة الآلاف من المتقاعدين الذين يعيشون وضعا اجتماعيا متردّيا ويواجهون صعوبات حقيقية في تأمين قوتهم اليومي ونفقات علاجهم ومتطلبات أسرهم خاصة في ظل ارتفاع كلفة المعيشة وارتفاع معدلات التضخّم التي سلكت نهجا تصاعديّا غير مسبوق في السنوات الأخيرة.
الكاتبة : راضية الشرعبي
صحفية وباحثة في مجال الصحافة الاستقصائية. خريجة معهد الصحافة وعلوم الإخبار بجامعة منوبة.
“سأموت وأنا أعمل”. تردّد السّيدة روضة الطاهري، متقاعدة تبلغ من العمر 63 سنة، هذه العبارة قبل أن تهمّ بإخراج حبّة دواء من حقيبتها اليدوية، ثمّ تتساءل:” لماذا لا يفكّر أحد فينا نحن ضعاف الحال؟”.
تضيف المتحدثّة نفسها في تصريحها لموقع “الكتيبة” قائلة بنبرة تنمّ عن شظف العيش الذي تعاني منه :
“نحن من وهبنا حياتنا للعمل ودفعنا مساهماتنا أملا في حياة كريمة عند الكبر، لكن لم أكن أتخيّل أن يكون هذا مصيري بعد سنوات من العمل…من أين سأؤمّن مصاريف الكراء وتكاليف علاج ابني؟. جراية التقاعد لا يبقى منها سوى 380 دينارا بعد سداد القسط البنكي، لذلك أنا أعمل ليلا نهارا مثل “الروبوت”.
السيّدة روضة ليست حالة استثنائية، إذ يتقاسم معها هذه المعاناة الآلاف من المتقاعدين الذين يعيشون وضعا اجتماعيا متردّيا ويواجهون صعوبات حقيقية في تأمين قوتهم اليومي ونفقات علاجهم ومتطلبات أسرهم خاصة في ظل ارتفاع كلفة المعيشة وارتفاع معدلات التضخّم التي سلكت نهجا تصاعديّا غير مسبوق في السنوات الأخيرة.
تعتمد تونس في منظومة الضّمان الاجتماعي على النّظام التّوزيعي و المساهماتي، القائم أساسا على مبدأ التّكافل بين الأجيال على مستوى التّمويل والخدمات، إذ ترتكز على مساهمات الأجراء والمؤجّرين بالأساس كمصدر تمويل بالإضافة إلى اليد العاملة التّونسية المقيمة في الخارج.
بحلول سنة 2024، بلغ عدد المتقاعدين في تونس مليوناً ومائتيْ ألف متقاعد، يحصلون على رواتبهم من صندوقيْن أساسييْن؛ هما الصّندوق الوطني للضّمان الاجتماعي (cnss) الذي يوفّر جرايات 833.300 متقاعد في القطاع الخاص، والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية (cnrps)، الذي يؤمّن جرايات 392.135 متقاعدا من الوظيفة العموميّة.
وفي فيفري/شباط الماضي من العام الحالي قاد الآلاف من هؤلاء احتجاجات في مختلف ولايات الجمهورية مطالبين بصرف مستحقّاتهم لدى الصّناديق الاجتماعيّة والتّرفيع في جراياتهم التي لم تعد تحتمل الاقتطاعات والضّرائب التي التهمت جزءًا كبيرا منها، يوحّدهم شعار عريض: “الأسعار في تضخّم والمعاشات في تفحّم”.
يكشف هذا التّحقيق تواصل التهديدات المرتبطة بالتّوازنات الماليّة للصّناديق الاجتماعيّة بسبب التخبّط في الإجراءات “الإصلاحيّة” التي سطّرتها الحكومات المتعاقبة على مدار السّنوات الماضية، فضلا عن غياب الشّفافية في علاقة بالتّصرّف في عائدات المساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة المخصّصة لتمويل العجز المالي وإنقاذ منظومة التقاعد في تونس، ممّا انعكس على وضعيّة المتقاعدين وأنتج تأخّرا في صرف المستحقّات للمضمونين الاجتماعيين والإيفاء بالتزاماتها تجاه مسدي الخدمات الصحّية، وهو ما يجعل مستقبل الأجيال القادمة من المتقاعدين في خطر.
صناديق اجتماعيّة في دوّامة العجز المالي
“الصّحّة حقّ لكلّ إنسان. تضمن الدّولة الوقاية والرعاية الصحيّة لكلّ مواطن، وتوفّر الإمكانيات الضروريّة لضمان السّلامة وجودة الخدمات الصحيّة. تضمن الدولة العلاج المجاني لفاقدي السند، ولذوي الدخل المحدود”. هذا ما ينّص عليه الفصل الـ 43 من الدّستور التّونسي لسنة 2022.
بيد أن منطوق هذا الفصل لا يتطابق كثيرا مع مجريات الواقع، فالصّناديق الاجتماعيّة تعاني منذ سنوات من أزمة خانقة بسبب العجز المتراكم الذي أخلّ بالتّوازنات الماليّة للصّناديق الثلاث بعد أن كانت مصدرا لتمويل خزينة الدّولة في سبعينات وثمانينات القرن الماضي.
ووفق آخر دليل إحصائي للصّندوق الوطني للتّقاعد والحيطة الاجتماعيّة، سجّل الصّندوق سنة 2022 نتيجة صافية سلبيّة قيمتها 579 – مليون دينار.
بدوره يواجه الصّندوق الوطني للضّمان الاجتماعي صعوبات في الحفاظ على توازناته الماليّة في غياب إجراءات هيكليّة من شأنها الحدّ من الفجوة بين الموارد والأعباء، والتي كانت حائلا أمام التزامه تجاه منظوريه وتحويل مناب الصندوق الوطني للتأمين على المرض رغم تقلّص العجز المالي للصندوق ليصبح 951.5 – مليون دينار سنة 2022 بعد أن كان 1274.3 – مليون دينار سنة 2021.
وقد تواصل أيضا ارتفاع الأعباء الجملية بنسبة 7.3 % خلال سنة 2022 بنسق أقلّ من الإيرادات الجمليّة (18.4 %) وذلك مقارنة بسنة 2021.
ينسحب هذا الوضع أيضا على الصندوق الوطني للتأمين على المرض “الكنام”، وهو منشأة عموميّة أحدثت بمقتضى القانون عدد 71 لسنة 2004 ويسيّر كلّا من نظام التأمين على المرض ونظام حوادث الشغل والأمراض المهنيّة في القطاعين العامّ والخاصّ ونظام التأمينات الاجتماعية، إذ يعاني هو الآخر من نقص السّيولة الماليّة ومن عجز كبير يُسهم فيه أساسا عجز الصندوقيْن الآخريْن، على الرّغم من أنّ النّتيجة الصّافية للصّندوق قد سجّلت ارتفاعا بقيمـة 214,8 مليون دينار وبنسبـة 26,3% خلال 2020-2022، مع تواصل ارتفاع أعداد المنخرطين في جميع المنظومات العلاجيّة.
أزمة هيكليّة تواجَه بحلول ترقيعيّة
يتّفق العديد من الخبراء على أنّ أزمة منظومة الضّمان الاجتماعي في تونس هي في جوهرها أزمة هيكليّة مرتبطة بفشل الإصلاحات أو محدوديّتها في علاقة بالمنوال الاقتصادي والاجتماعي والتنموي.
وبحسب المعايير الدّولية التي وضعتها الجمعيّة الدّولية للضّمان الاجتماعي فإنّه لا يمكن اعتبار مؤسّسة ضمان اجتماعي في حالة صحّية جيّدة إلاّ عندما تتوفّر على رصيد يسمح لها بالعمل لمدة 36 شهرا دون مداخيل جديدة، وهو ما لم يتوفّر في الحالة التونسيّة منذ 2010.
لم تكن أزمة الصّناديق الاجتماعيّة وليدة الصّدفة بل كانت نتاج اختلال منوال التّنمية الذي اتّبعته الدّولة خاصّة مع البرنامج الإصلاحي الذي أقرّه صندوق النّقد الدّولي والبنك العالمي منذ أواسط ثمانينات القرن الماضي، وما نتج عنه من إحالة العمّال على التقاعد، وتراجع نسق الانتدابات خاصّة في القطاع العمومي، وإحالة جزء من عمّال المؤسّسات العموميّة التي شهدت صعوبات ماليّة على التّقاعد المبكر بعد خوصصة البعض منها، فكان لذلك انعكاسات على التوازنات الماليّة للصّندوقين.
في هذا الإطار التاريخي، تراجعت موارد الصناديق الاجتماعيّة مقابل ارتفاع حجم نفقاتها. ومن هذه الأسباب أيضا ما يتعلّق بتراجع المؤشر الدّيمغرافي، نتيجة ارتفاع نسبة التهّرم السكّاني، مع تحسّن مؤمّل الحياة عند الولادة والذي بلغ 76.7 سنة 2020، وهو ما انعكس على تطوّر نسبة المنخرطين الذين تتجاوز أعمارهم 50 سنة من سنة إلى أخرى، وما ترتّب عن ذلك من ارتفاع لنفقات الضّمان الاجتماعي بعنوان التّغطية الصحّية والجرايات، خاصّة مع تجاوز عدد المنتفعين بالخدمات عدد النشطين الجدد (المساهمين في تمويل أنظمة التقاعد).
من جهة أخرى، زادت ظاهرة التهرّب من دفع المساهمات المخصّصة لتمويل الصّناديق الاجتماعية، مدفوعة بضعف الجهاز الرّقابي، في العجز المالي لدى الصناديق. فعلى سبيل الذكر لا الحصر، يشير تقرير نشاط الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية لسنة 2020 إلى أنّ شركات النقل والشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق وديوان الأراضي الدّولية والأراضي الدوليّة التابعة له وشركة الصّناعات الصيدليّة للبلاد التونسيّة لم تلتزم بدفع مساهماتها ممّا أدّى إلى تراكم ديونها.
كما أشارت محكمة المحاسبات في تقريرها الثامن والعشرين الصادر سنة 2014 في مهمّتها الرقابيّة التي غطّت الفترة الممتدة من سنة 2007 إلى غاية 2013، إلى عدم تمكّن الصّندوق الوطني للضّمان الاجتماعي من استخلاص ديونه المتخلّدة بذمّة كبار المدينين ومنها الاتّحاد العام التونسي للشغل والبالغة 13.6 مليون دينار أصلا و2.4 مليون دينار خطايا ومصاريف في موفّى 2010 . حيث أفادت أنّ إجراءات الاستخلاص تمّ تجميدها بتعليمات من وزير الشؤون الاجتماعية، مع العلم أنّه في شهر ديسمبر/ كانون الأوّل 2015 بلغت الدّيون المتخلّدة بذمّة المنظّمة الشغيلة ما قدره 18 مليون دينار.
في مقابلة مع الأمين العام المساعد للاتّحاد العامّ التونسي للشغل المسؤول عن قسم الحماية والقطاع غير المنظّم عثمان الجلّولي، قال الأخير في حديثه مع موقع “الكتيبة” إنّه وقع إبرام اتّفاق مع وزير الشؤون الاجتماعية والصندوق الوطني للضّمان الاجتماعي في محضر جلسة بتاريخ 23 جويلية/ تمّوز 2014، ينصّ على أن تتكفّل الدولة بديون الاتّحاد للفترة الممتدّة بين 2011 – 2014 واعتبار الديون السّابقة قد سقطت بالتقادم.
في المقابل، لم تتضمّن الدفاتر المحاسبيّة والبيانات الماليّة للصندوق أثرا لهذه الاتفاقيّة فيما يتعلّق بالبند الخاصّ الذي تمّ الاتّفاق من خلاله على أنّ الديون سقطت بالتقادم. في حين شدّد وزير الشؤون الاجتماعية السابق مالك الزاهي (أقيل قبيل نشر التحقيق من قبل الرئيس قيس سعيّد) في لقائه مع موقع “الكتيبة” عند طرح هذا الموضوع على أنّه “لا وجود لديون سقطت بالتقادم”، وذلك وفقا لما جاء على لسانه.
كما تأثّرت ميزانية الصناديق الاجتماعية أيضا بالنقص في التصريح بالأجور أو عدم مطابقة الأجور المصرّح بها مع الأجور المسندة على أرض الواقع خاصة في قطاعات البناء والمقاهي والمطاعم، فضلا عن انتشار القطاع غير المنظّم.
وبحسب دراسة لمركز البحوث والدراسات الاجتماعية التابع لوزارة الشؤون الإجتماعية أنجزت في ماي/ أيار 2016، يقدّر عدد العاملين في هذا القطاع بأكثر من مليون شخص يشتغلون مبدئيا دون تغطية اجتماعية.
ووفقا لبعض التقديرات الرسميّة، فإنّ حوالي 50%من اليد العاملة في تونس تشتغل في ظروف هشّة، وهو ما ألحق الضّرر بالصناديق الاجتماعية من الناحية المالية لعدم انخراطهم ودفع مساهماتهم.
كما تقلّصت مداخيل الضّمان الاجتماعي المتأتية من المساهمات بسبب تجميد الانتدابات بالقطاع العامّ والتشبّث بالنّظام التوزيعي الذي يقوم بالأساس على خمس ركائز وهي: نسبة المساهمات، معدّل الجراية، معدّل الأجر المصرّح به، عدد المتقاعدين وعدد النشطين المصرّح بهم ويرتكز على مبدأ التضامن بين الأجيال. وهو مرتبط بالتحوّلات الدّيمغرافية والبطالة.
يفسّر الخبير في الضمان الاجتماعي بدر السماوي في مقابلة مع موقع “الكتيبة”، علاقة توقّف الانتدابات في القطاع العمومي وتراجع الاستثمار ومواطن الشغل في القطاع الخاص بأزمة الصناديق الاجتماعيّة قائلا:
“يقوم المنخرطون النشطون بتمويل أصحاب الجرايات وقد انتقلنا من معادلة 7 نشيطين يموّلون جراية واحدة أواسط الثمانينات إلى نشيطيْن اثنيْن يموّلان جراية واحدة. ويتضاعف تأثير ذلك ببلوغ عدد من الناشطين سنّ التقاعد دون تعويضهم، بحيث يخسر الضمان الاجتماعي مساهماتهم ويدفع لهم جرايات التقاعد.”
بدوره، أشار وزير الشؤون الاجتماعية السابق مالك الزاهي في مقابلة مع موقع “الكتيبة” إلى أنّ فتح باب الانتدابات هي من أهمّ النّقاط التي سيتمّ الاشتغال عليها في المسار الإصلاحي المتّبع حفاظا على التوازن بين المساهمات والجرايات، لأنّ مساهمات النشيطين هي العمود الفقري لميزانيّة الصناديق، بحسب تعبيره.
سوء حوكمة وامتيازات لا تراعي خطورة الأزمة
تسبّب سوء الترشيد والتحكّم في نفقات الأجور والمنافع التي يسديها الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية لأعوانه، وفقا للنّصوص القانونية والترتيبية، في ضرر كبير طال التّوازنات المالية. فقد انخفض العدد الجملي لأعوان الصندوق بنسبة 9.5% خلال سنة 2022، مقارنة بسنة 2012 (1383 عونا موفى سنة 2022 مقابل 1529 عونا سنة 2012) ، ويعود ذلك بالأساس إلى انعدام الانتدابات والشغورات التي لم يتمّ تعويضها.
في المقابل، بلغت أعباء الأعوان 60.6 مليون دينار سنة 2022، مسجّلة بذلك ارتفاعا بما قدره 12.4 مليون دينار مقارنة بسنة 2016، ويعود ذلك إلى الزيادات في الأجور والمنح الخصوصية والتكلفة الناتجة عن الترقيات والتسميات.
بموجب انعكاسات تطبيق مقتضيات محضر الاتفاق بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل المؤرخ في 22 أكتوبر/ تشرين الأوّل 2018، سجّلت أعباء الأعوان ارتفاعا بنسبة 7% مقارنة بسنة 2019، حيث تمّ صرف القسط الثالث من الزيادات بعنوان سنوات 2017 و2018 و2019، وذلك وفق التقرير السنوي لنشاط الصندوق (CNRPS) لسنة 2020.
من جهة أخرى، بلغ العدد الجملي لأعوان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي 4547 عونا سنة 2022 بأعباء جمليّة قدرت بـ 135 مليون دينار، مسجّلة زيادة بـ15.4 مليون دينار مقارنة بسنة 2016 .
أمّا بخصوص الصندوق الوطني للتأمين على المرض، فقد ارتفعت الأعباء الجمليّة للأعوان بـ32.7 مليون دينار ما بين سنوات 2016 و2022، مقابل تراجع أعداد الأعوان التي بلغت 2729 عونا سنة 2022.
وفي إطار توفير بعض الامتيازات الاجتماعية لفائدة أعوان الضمان الاجتماعي، بلغت نفقات النهوض الاجتماعي للأعوان سنة 2020 مبلغا قدره 23 مليون دينار، في حين كانت في حدود 13 مليون دينار سنة 2017.
تجدر الإشارة إلى أنّه بعد أن يتمّ اقتطاع المساهمات المحمولة على أعوان مؤسّسات الضّمان الاجتماعي وتحويلها، ينتفع الأعوان بمنحة تعويضيّة يساوي مقدارها نسب المساهمات المقتطعة من أجورهم.
وجدير بالذكر أيضا أنّه قد تم إقرار المنحة التعويضيّة منذ سنة 1990، حيث يختار العون إما منحة قارّة للضمان الاجتماعي يتراوح مقدارها الشهري حسب صنف العون بين 25.5 دينارا و 80.5 دينارا أو منحة تعويضية تعادل مساهمة العون في نظام الضمان الاجتماعي في حدود 5 % وهي النسبة المعتمدة سنة 1990 والمحمولة على كاهل الأجراء.
وقد تمّ في إطار توحيد الإجراءات بين مختلف أعوان مؤسسات الضمان الاجتماعي وبناءً على محضر اتفاق 8 ديسمبر/ كانون الأوّل 2011 مع الطرف النقابي، توحيد طريقة إسناد المنحة التعويضيّة مع تحيينها وفقا لنسب المساهمات المحمولة على الأجراء تطبيقا للتشريع الجاري به العمل.
ويتنزّل هذا الإجراء، وفق الاتفاق نفسه، في إطار تعديل قيمة المنح المسندة لأعوان مؤسّسات الضمان الاجتماعي والذي يأخذ بالاعتبار خصوصيات القطاع وذلك مثلما هو معمول به في عديد القطاعات.
فضلا عن ذلك، من المهمّ الإشارة أيضا إلى منافع وامتيازات أخرى يتحصّل عليها الأعوان العاملون في هذه الصناديق نذكر منها تذاكر الطعام التي يتمتّع بها كل الأعوان والتي بلغت كلفتها 2.1 مليون دينار سنة 2020 بعد أن كانت في حدود 1.7 مليون دينار في سنة 2019.
ورغم وضعه المالي الحرج، قام الصندوق بتأمين عدد من التدّخلات لأعوانه على حساب الرّصيد الاجتماعي، وهو ما يتعارض مع توجيهات منشور الوزير الأول لعام 1980 الذي ينصّ على تمويل الرصيد الاجتماعي من الأرباح السنوية.
وقد سجّل حجم القروض المسندة على ميزانية الرصيد الإجتماعي لفائدة الأعوان ارتفاعا غير مسبوق خلال الفترة 2011-2016 وذلك بنسبة 922%، حيث أفرزت جملة العمليات المالية الناتجة عن تدخلات الرصيد الإجتماعي عجزا ماليا صافيا قيمته 26,8 مليون دينار في موفّى سنة 2016. وتمّ بالتالي تغطية هذا العجز المالي دون موجب من خلال إيرادات مساهمات أنظمة التقاعد ليضاف بذلك إلى العجز الفنّي للصندوق.
وأمام الوضعية الماليّة الصعبة لجلّ المؤسسات والمنشآت العمومية (بما في ذلك الصناديق الاجتماعيّة)، بات من الملحّ إعادة التفكير في جملة الامتيازات على مستوى جميع المؤسّسات العمومية وكذلك موظفي الدولة الذين يتمتّعون بمثل هذه الامتيازات غير المتوفرة لقطاعات أخرى، بحسب ما ذهب إليه عدد من الخبراء المستقلّين الذين التقى بهم فريق موقع الكتيبة في سياق إعداد هذا التحقيق.
لا مراء في أنّ كلّ هذه الأسباب أثّرت على التّوازنات الماليّة للصناديق الاجتماعية التي لم تعد قادرة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه منظوريها وصرف مستحقّاتهم، ممّا اضطرّها إلى حجز المساهمات المقتطعة الخاصة بأنظمة التأمين على المرض والتأمينات الاجتماعية وحوادث الشغل والأمراض المهنية إلى الصندوق الوطني للتأمين على المرض.
وعلى الرغم من صدور قانون 15 جوان/ يونيو 2017 والذي ألزم الصندوقيْن بتحويل المساهمات المقتطعة، لم يتمكّن صندوق الضمان الاجتماعي من تحويل سوى 52 % من مستحقّات صندوق التأمين على المرض، ممّا أنتج نقصا في السيولة لدى هذا الأخير وتخلّفه عن دفع مستحقات المؤسّسات الصحّية وارتفعت ديونه تجاه المزوّدين وبلغت 2053.6 مليون دينار بين سنتيْ 2020-2021 وواصلت ارتفاعها سنة 2022 بنسبة 13.8% لتصل إلى 2336 مليون دينار.
وأمام هذا العجز الهيكلي، شهدت العلاقة بين الصندوق ومسدي الخدمات تأزّما معلنا منذ سنة 2018 على وجه الخصوص، حيث تمّ التهديد بعدم تجديد الاتفاقيّات القطاعية في مناسبات عدّة.
يقول رئيس النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة نوفل عميرة في حديثه إلى موقع “الكتيبة”:
“بسبب عدم احترام الآجال التعاقدية، تراكمت الديون بعد حجز مستحقّات صندوق التأمين على المرض وحرمان التونسي من التمتّع بحقه في الصّحة. كان ذلك بقرار سياسي في سنة 2015 أقرّ بأولويّة خلاص منظومات التقاعد على حساب منظومة الصّحة”.
من جهة ثانية، تساءل عميرة عن مصدر التمويلات في علاقة برفع السقف السنوي لمبالغ الخدمات الصّحيّة الخارجيّة والقروض الاجتماعية .
تجدر الإشارة في هذا السّياق إلى أنّ العجز الهيكلي للصندوق الوطني للضّمان الاجتماعي أدّى إلى ارتفاع ديونه تجاه الصندوق الوطني للتأمين على المرض لتناهز 8788 مليون دينار مـع موفـى سـنة 2022.
تدعّمت الأسباب الهيكلية لأزمة الصناديق بسوء حوكمة في إدارتها وضعف إحكام التصرّف في مواردها البشرية ورصيدها العقاري. فقد تمّ إثقال كاهل ميزانيّة الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية بمبالغ ماليّة دون وجه حقّ خلافا لأحكام الدستور والنّصوص القانونية والترتيبيّة المتعلّقة بالضمان الاجتماعي.
على سبيل الذكر لا الحصر، كشفت محكمة المحاسبات، في تقريرها المشار إليه آنفا، أنّ الصندوق تحمّل دون وجه حقّ مبلغا جمليا تجاوز 21 مليون دينار غطّى مساهمات الضمان الإجتماعي المحمولة على أعوانه بداية من غرّة جويلية/ تمّوز 2012 وأكتوبر/تشرين الأوّل 2017 بمقتضى اتفاق نقابي.
كما تولّى الصندوق، عملا باتّفاق نقابي ودون موافقة رئاسة الحكومة، صرف مبالغ دون وجه حقّ فاقت قيمتها 1.4 مليون دينار خلال الفترة الممتدّة من مارس/آذار 2016 وأوت/ آب 2017، وذلك بعنوان تعميم منحة العدوى على أعوان الصندوق.
وعلى صعيد آخر، ورغم وضعيّته الماليّة الصعبة، فقد تولّى الصندوق توسيع تدخّلات الرّصيد الاجتماعي إثر إمضاء جملة من الاتّفاقات النقابيّة لتشمل منافع أخرى لأعوانه بكلفة جمليّة فاقت 5.1 مليون دينار.
لم يتوفّق الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية في توفير الحماية القانونية والمادّية لرصيده العقاري (24 حيا سكنيا، 2203 شقة سكنية، 249 محلا تجاريا بعائدات جملية قدّرت بـ 7.1 مليون دينار سنة 2021)، إذ بلغت مستحقّات الأكرية غير المستخلصة في موفى سنة 2016 ما قدره 1.7 مليون دينار. ناهيك عن بعض العقارات التي وضعت على ذمّة الصندوق الوطني للتأمين على المرض دون مقابل وعقارات أخرى يتصرّف فيها الغير دون وجه حقّ على غرار بعض الإدارات والوزارات والمنظّمات الوطنيّة. ويتحمّل الصندوق أعباء صيانتها دون التمتّع بمقابل مالي لاستغلالها، وفقا لتقرير محكمة المحاسبات.
من الضروري التنويه بأنّ موقع “الكتيبة” كان قد تحصّل على وثيقة رسميّة غير منشورة للعموم تثبت اعتزام الوزارة التفويت في الرصيد العقاري للصندوق وقد ردّ عليها وزير الشؤون الاجتماعية السابق مالك الزاهي في حديثه مع موقع الكتيبة بأنّ “الصندوق له ممتلكات كبيرة في الداخل والخارج وأنه في إطار حوكمة هذا الرصيد تمّ توقيع اتفاقات مع وزارتيْ الداخلية والتربية للتفويت في مقرّات المدارس ومقرّات الولايات ومقرّات الأمن التي يتمّ استغلالها دون عقود كراء ويتحمّل الصندوق مصاريف صيانتها”، بحسب قوله.
ما يمكن ملاحظته أيضا، هو تواصل إدارة الصناديق الاجتماعية من قبل سلطة الإشراف بطريقة أحاديّة خاصّة في قرارات لها تأثير على مجال الحماية الاجتماعية والتي لم تتمّ مناقشتها مع مجلس الإدارة مثل مسألة إسناد القروض والمساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة على عكس ما اتفق عليه في باب الحماية الاجتماعية في العقد الاجتماعي في جانفي/ كانون الثاني 2013، وهو ما أثّر سلبا على المفهوم العامّ للحوار الاجتماعي الذي يبقى من أنظار المجلس الوطني للحوار الاجتماعي المعطّل، وهو ما أكّده الشركاء الاجتماعيون الممثّلون في مجالس إدارة الصناديق في مقابلات صحفيّة مختلفة أجريت مع موقع “الكتيبة”.
أعاد الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل والمسؤول عن قسم الحماية والقطاع غير المنظّم عثمان الجلولي تأكيده لـ”الكتيبة”، حيث اعتبر أن طريقة التّسيير “الأحاديّة” تنطوي على خرق لمبادئ التّسيير الجيّد ولمبدأ الحوكمة والتشاركية، وأن ذلك يندرج في سياق تسجيل نقاط سياسيّة لا غير.
في المقابل، أنكر المدير العام للضّمان الاجتماعي بالوزارة نادر العجّابي في مقابلة مع موقع “الكتيبة” ذلك، مؤكّدا أنّه تم إعلام مجالس الإدارة بكلّ القرارات قبل اتخاذها.
وهو تصريح يتعارض مع مضمون الإجابة التي ردّ بها وزير الشؤون الاجتماعية السابق مالك الزاهي على سؤال “الكتيبة” حول هذه المسألة بالقول: “بعض الأطراف توجّه لك النّقد لمجرّد كونك حقّقت نتائج ملموسة ووضعت استراتيجيات أعطت أكلها، لا لشيء إلّا لكونهم يريدون أن يستأثروا بالنّتائج الإيجابيّة لأنفسهم أو يطلبون تقاسمها. وأريد أن أسأل هؤلاء أين هي مقترحاتكم العمليّة وماذا قدّمتم عندما كان المجال مفتوحا للمشاورات؟”.
منظومة غير عادلة ولا تكرّس المساواة
لم تعد القوانين المنظّمة لمنظومة الضمان الاجتماعي في تونس صالحة لمجابهة التحدّيات المتشعّبة الحاليّة فهي في حاجة إلى مراجعة عميقة.
في هذا المضمار، يؤكد الخبير في الضمان الاجتماعي الدكتور بدر السماوي “وجود اختلاف وتفاوت في التشريعات بين القطاعيْن العامّ والخاصّ”، واصفا المنظومة الحاليّة بأنّها “منقوصة من العدالة والمساواة”، وفق تعبيره.
“المعدّلات العامّة للجرايات وقاعدة احتسابها تبرز جليّا الفجوة بين نظاميْ الضمان الاجتماعي العام والخاص. وتتجلّى الفجوة أيضا في الفرق بين مفهوم التعديل الآلي للجرايات الذي يتمتّع به المنخرطون في صندوق الحيطة الاجتماعية. فبمجرّد أن تسند الزيادة إلى المنخرط النشط يقع الترفيع آليّا في الجرايات، عكس المنخرط في صندوق الضمان الاجتماعي الذي ظلّت مراجعة جرايته مرتبطة بالأجر الأدنى المضمون لمختلف المهن والأجر الأدنى الفلاحي المضمون(السميغ)”.
الخبير في الضمان الاجتماعي بدر السماوي
من المهم في هذا الإطار الإشارة إلى أنّ آخر مراجعة للأجر الأدنى المضمون تعود إلى شهر أكتوبر/تشرين الأوّل 2022 بزيادة قدّرت بـ 7 %. والترفيع فيه مجددا هو مطلب ملحّ يرفعه المتقاعدون في جميع تحرّكاتهم بسبب تدهور المقدرة الشرائية والضّرر الذي لحق عديد الفئات الاجتماعيّة الهشّة.
بيدّ أن هذا الاحتمال لا يبدو واردا في مخطّطات الدولة، في الفترة القليلة المقبلة على الأقل. حيث يؤكد وزير الشّؤون الاجتماعيّة السّابق مالك الزاهي في حواره مع الكتيبة أنّ آخر ترفيع في”السميغ” كلّف الدّولة “328 مليون دينار”، معتبرا أنّه “في ظلّ الصّعوبات الحاليّة للماليّة العموميّة التي تعاني منها الدولة التونسيّة لا يمكن تفعيل جميع الإصلاحات دفعة واحدة”.
ولئن اتّسعت التغطية الإجتماعية، بمقتضى القانون، فإنّ نسبة هامّة من المواطنين مازالت محرومة منها. كما أن جرايات التقاعد (قيمتها 180 دينارا) ما تزال هزيلة بالنّسبة لبعض أصناف العملة ولا تكفل لها القدرة على تسديد أدنى الحاجيّات الأساسيّة. إذ أنّ 131 ألف متقاعد جراياتهم أقلّ من منحة العائلات المعوزة (240 د)، وزهاء 445 ألف متقاعد تتساوى جراياتهم أو تقل عن الأجر الأدنى المضمون (460 د).
وقد أفاد وزير الشّؤون الاجتماعية السّابق مالك الزاهي في حواره مع موقع “الكتيبة” (قبل إقالته) بأنّ الفارق المشار إليه (60 د)، له كلفة ماليّة على الصّندوق في حدود 95 مليون دينارا، وأنّه ستتمّ مراجعة ذلك خلال الأشهر القادمة ليتمّ الترفيع في سقف الجرايات الدنيا للتقاعد إلى 240 دينارا، مُقرّا بأنّه لم يعد بالإمكان أن يتواصل هذا الوضع.
فضلا عن الآنف ذكره، لم تستطع المنظومة الحاليّة للتقاعد استيعاب جميع الشرائح والقطاعات على حدّ سواء، فقد أشارت مديرة وحدة الشؤون الاجتماعية بالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري ابتسام الصّحراوي في حديثها مع موقع “الكتيبة” إلى أنّ “الاتّحاد طالب في عديد المرّات بمراجعة منظومة الضّمان الاجتماعي لفائدة قطاع المهنيين العاملين في القطاع الفلاحي والصيد البحري الذي يتّسم بخصوصيّة الأنشطة المهنية وبتعدّد الاختصاصات”.
“قطاع الفلاحة والصيد البحري مظلوم وهو غير مدمج في المنظومة الحالية للضمان الاجتماعي، وحتى وإن قام العاملون فيه بدفع مساهماتهم للصندوق إلّا أنهم يحرمون من عديد المنافع الاجتماعية مثل منحة الأطفال ورأس المال عند الوفاة وغيرها.”
المسؤولة في اتحاد الفلاّحين ابتسام الصّحراوي
إنّ تدخّل الدّولة في تمويل الضّمان الاجتماعي أمر معمول به في كثير من البلدان، ولكن يرى عديد الخبراء أنّه لا يجب أن يكون ذلك لفائدة قطاع على حساب آخر ما يعزّز فرضية عدم المساواة التي هي أساس المواطنة والحوكمة الرّشيدة والصّالح العام بعيدا عن التّمييز لاسيّما حينما يتعلّق الأمر بالأموال العموميّة وأموال دافعي الضّرائب.
تكشف قاعدة البيانات والوثائق التي تحصّل عليها موقع “الكتيبة” أنّه تمّ ضخّ أموال تحت عنوان منحة الدّولة في إطار الحلول العاجلة لفائدة صندوق الحيطة الاجتماعيّة الذي تحصّل سنة 2016 على 300 مليون دينار وسنة 2017 على 500 مليون دينار، وهو ما يفسّر تراجع العجز المالي سنة 2016 وتسجيل نتائج إيجابية محاسبيّا (على الورق) لأوّل مرة منذ 2010. بيد أنّ هذه المقاربة التمييزية بين القطاعين العام والخاص لم تفرز سوى حلول ترقيعيّة لم تصمد كثيرا، وفق ما تؤكده النتائج الرسميّة للصناديق الصادرة في تقاريرها الأخيرة.
في المقابل، لم يتحصّل صندوق الضّمان الاجتماعي على أيّة منحة من الدّولة في سنتيْ 2016 و2017.
وفي إطار المهامّ الموكولة له، يتولّى صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية التصّرف في بعض الأنظمة المموّلة ببعض الأصناف الاجتماعية كـ”المقاومين” و”أصحاب الشعائر الدينيّة” و”المنتفعين بجراية السقوط العسكرية”.
وقد بلغ عدد المنتفعين بالجرايات من هذه الأنظمة 18194 منتفعا سنة 2020 بكلفة جمليّة قدّرت بـ 51.806 مليون دينار.
في حين بلغ حجم النفقات المسندة في إطار الأنظمة الخاصة للتقاعد (نظام التقاعد الخاص بأعضاء الحكومة والنواب والولاة) 21.1 مليون دينار، وهو ما يمثّل %0,36 من الحجم الجملي لنفقات التقاعد، علما أنّ عجز هذه الأنظمة تتحمّله ميزانية الدولة منذ سنة 2002 بعد إقرار هذا الإجراء صلب قانون الماليّة.
المساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة: مال عام لا يخضع لأبسط قواعد الشفافيّة
أمام تواصل العجز المالي للصّناديق الاجتماعيّة، كانت هناك محاولات للتحكّم في نسق عجز نظام التقاعد، فقد تحمّلت ميزانية الدّولة التونسيّة كلفة التّقاعد المبكّر المنجرّ عن تطهير المؤسّسات والعجز الناجم عن الأنظمة الخصوصيّة التي يديرها الصّندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية (نظام أعضاء الحكومة والنواب والولاة )، كما تمّ التضييق في شروط التمتّع بالتّقاعد المبكر.
وفي غرّة جانفي/ كانون الثاني 2020، وقع إقرار الزّيادة في المساهمة المستوجبة بنسبة 3% بعنوان النّظام العام للتّقاعد والترفيع بسنتيْن اجباريتيّن للأعوان المزمع إحالتهم على التّقاعد.
يرى الخبير في الضّمان الاجتماعي الدّكتور بدر السماوي في حديثه لموقع “الكتيبة” أنّ “هذه الإجراءات هي عبارة عن حلول ترقيعيّة وهي بمثابة تأجيل للأزمة”.
فقد شهد العجز المالي للصندوق ارتفاعا جديدا سنة 2022 مسجّلا 578.7 – مليون دينار بعد أن كان في حدود 158 – مليون دينار سنة 2021 .
وبمقتضى قانون المالية لسنة 2018، أحدثت مساهمة اجتماعية تضامنيّة بنسبة 1% على المداخيل الخاضعة للضريبة على الدخل أو على الشركات بما في ذلك تلك المعفاة كليّا منها أو المنتفعة بطرح أرباحها. غير أنه لم يتم إفراد الموارد المرتقبة من هذه المساهمة بحساب خاصّ، وهو ما لم يضمن الاستعمال الحصري لمواردها في تغطية العجز المالي لصناديق الضمان الإجتماعي، وقد تمّ تعديلها لاحقا بمقتضى قانون المالية لسنة 2020.
واعتبر الشركاء الاجتماعيّون (خاصّة اتحاد الشغل ومنظّمة الأعراف) أنّ المبالغ المحوّلة لا تعكس حقيقة الإيرادات المجمّعة.
لاحقا، تمّ بمقتضى قانون الماليّة لسنة 2022 فتح حساب خاصّ في الخزينة أطلق عليه “حساب تنويع مصادر الضمان الاجتماعي”، على أن تضبط معايير توزيع عائداته على صناديق الضمان الاجتماعي بمقتضى قرار من وزير الشؤون الاجتماعية.
وعلى عكس منطوق الفصل 53 من قانون المالية لسنة 2018 الذي أقرّ بحقّ الصّناديق الاجتماعية الثلاثة في الانتفاع بالمساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة، كشفت القائمات الماليّة للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي أنّ هذا الأخير لم يتحصّل على نصيبه من هذه عائدات هذه المساهمة.
وهو ما تأكّد من خلال مطلب نفاذ إلى المعلومة تقدّم به موقع الكتيبة، حيث أقرّت وزارة الماليّة أنّه تمّ رصد كافة عائدات المساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة بعنوان سنة 2018 لفائدة الصّندوق الوطني للتّقاعد والحيطة الإجتماعيّة طيلة الفترة الممتدّة بين 2018 و2021.
يتواصل الغموض بخصوص طريقة ومعايير توزيع المساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة حتى بعد جعلها تحت تصرّف وزير الشؤون الاجتماعية، حيث رفضت الوزارة مدّ موقع “الكتيبة” بنسخة من القرار المنظّم لحساب تنويع مصادر الضمان الاجتماعي الذي أُمضي في أكتوبر/ تشرين الأوّل من سنة 2022. كما لم تُمكّن الوزارة نفسها أطرافا عدّة من بينها الاتحاد العام التونسي للشغل من حقّها الدّستوري في النفاذ إلى الوثائق والمعلومات ذات العلاقة بالصّالح العام.
“إنّ معايير توزيع أموال المساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة على الصناديق غير ثابتة ومتغيّرة وفق ما تفرضه المرحلة وحالة الصّناديق نفسها على صعيد العجز المالي.”
وزير الشؤون الاجتماعيّة مالك الزاهي
وفي غياب الشفافيّة في نشر المعلومات المتعلّقة بالمساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة، سجّلنا بعض التضارب في التّقارير المنشورة. إذ جاء في التّقرير السّنوي لنشاط الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لسنة 2022 أنّ الصّندوق لم يتحصّل على أيّ قسط من المساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة خلال سنة 2022، بعكس ما جاء في التقرير السنوي حول المنشآت العموميّة لسنة 2024 في الملحق عدد 9 لمشروع قانون المالية 2022 الذي أظهر تحويل مبالغ بقيمة 247.7 مليون دينار إلى هذا الصّندوق بعنوان المساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة، سجّل على إثرها تراجعا في الخسائر بقيمة 312 مليون دينار مقارنة بسنة 2021.
“بعد سنتين لم نطّلع بعد على المعايير التي يقع اعتمادها في توزيع المساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة على الصّناديق. لهذا أدعو إلى اعتماد الشفافيّة في تقسيمها وفق احتياجات كلّ صندوق بشكل عادل”.
الخبير في الضمان الاجتماعي بدر السماوي
في معرض ردّه على هذه الانتقادات ذات العلاقة بغياب الشفافيّة وشبهات سوء الحوكمة، أجاب وزير الشؤون الاجتماعية السّابق مالك الزّاهي في المقابلة المشار إليها سلفا مع “الكتيبة” بالقول:
” إنّ المساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة لم تُحدَث لتمويل منظومة على حساب أخرى، ولكن حسب ترتيب الأولويّات يقع دعم الصندوق الوطني للتقاعد شهريا لتأمين صرف الجرايات وصندوق التأمين على المرض لخلاص ديونه تجاه الصيدلية المركزية التي بلغت 257 مليون دينار بعد أن كانت في حدود 1420 مليون دينار سنة 2021.”
أمّا بخصوص نصيب الصندوق الوطني للضّمان الاجتماعي، فقد صرّح الزّاهي بأنّه “بعد سنة 2022 تمّ دعم هذا الصندوق عن طريق المساهمة في سداد ديونه مع صندوق التأمين على المرض”.
بحسب دليل إحصائي تحصّل موقع “الكتيبة” على نسخة منه، فقد تراجعت المبالغ المحوّلة من المساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة لفائدة الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية من 500 م د سنة 2021 إلى 195 مليون دينار في سنة 2022، وهو ما انعكس على نتيجته الصافية التي من المتوقع أن تسجّل سنة 2022 انخفاضا لتبلغ ما قيمته 578,7 – مليون دينار.
هذه الوضعية على سبيل الذكر لا الحصر تطرح تساؤلا آخر حول مآل إيرادات المساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة لسنة 2022 البالغة مداخليها حوالي 592.5 مليون دينار، أنفقت منها 452.7 مليون دينار بحسب ما جاء في إجابة عن سؤال رقابي منشور في الموقع الرسمي لمجلس نواب الشعب.
من جهة أخرى، أكّد مدير عام الضّمان الاجتماعي نادر العجّابي أنّ هذه المساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة المقتطعة قدّرت بـ 800 مليون دينار في السنوات الأخيرة ومنها سنة 2022.
وبيّنت وثيقة رسميّة تحصّل عليها موقع “الكتيبة” من وزارة الماليّة، إجابة على مطلب نفاذ إلى المعلومة بعد انقضاء الآجال القانونيّة، أن اعتمادات المساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة تجاوزت بكثير ما تمّ رصده في مهمّة الشؤون الاجتماعية الصادرة في أكتوبر/تشرين الأوّل 2023 (800 م د) إذ بلغت 951.4 مليون دينار. في وقت كشفت فيه وثيقة ثانية تحصّلت عليها “الكتيبة” من مصادر خاصّة أنّ إيرادات سنة 2024 تجاوزت 100 مليون دينار في الثلاثي الأول فقط من السنة الحاليّة.
يتمسّك الاتّحاد العام التونسي للشغل بضرورة وقف العمل بـالمساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة مثلما أشار إلى ذلك الأمين العام المساعد ومسؤول الحماية بالاتّحاد عثمان الجلّولي، في تصريحه لموقع “الكتيبة”، الذي أوضح فيه أنّه طالب في محضر جلسة بتاريخ 15 سبتمبر/ أيلول 2022 مع الحكومة بإلغائها.
من خلال العودة إلى نصّ المحضر، نتبيّن أنّه لم يتمّ تحديد سقف زمني لوقف العمل بالمساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة سوى ما جاء بالنقطة السّابعة من محضر اتّفاق الزّيادة في أجور أعوان الوظيفة العمومية والأجر الأدنى. فقد تمّ إرجاء النظر في إلغائها إلى حين استرجاع التوازنات المالية للصّناديق الاجتماعيّة، وهو هدف لم يتحقّق إلى حدّ الآن رغم مرور 6 سنوات على إقرار هذا الإجراء الذي أثقل كاهل العّمال والموظّفين وأرباب العمل من أصحاب الشّركات على حدّ سواء.
ثمّ إنّ القول بظرفية المساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة لا أساس له من الصحّة. فبالعودة إلى شرح الأسباب وقانون إحداثها، لم تقع الإشارة إلى ذلك. وقد شدّد مدير عام الضّمان الاجتماعي على “أنه تم تأبيدها” وأنّه وقع فقط التخفيض وبصفة ظرفيّة في نسبتها المستوجبة من 1% الى 0.5 % من الدّخل السّنوي الصّافي الخاضع للضّريبة (2025/2024/2023).
تؤكّد جميع المعطيات الواردة آنفا حجم الغموض غير المبرّر الذي يكتنف ملفّ المساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة، على الرّغم من أن الأمر يتعلّق بالمال العام الذي يجب أن يخضع لقواعد الشّفافية والحوكمة الرّشيدة مع الحقّ في المساءلة داخل مؤسّسات الدّولة وخارجها، لاسيّما في الفضاء الإعلامي والمدني، وفق عديد الخبراء والمسؤولين في المنظّمات الاجتماعيّة الذين التقاهم فريق “الكتيبة” ضمن هذا التحقيق، حيث يشدّد عدد منهم على أنّ “غياب الشفافيّة يفضي بالضّرورة إلى سوء الحوكمة”.
جدير بالإشارة إلى أنّ هيئة التحرير بموقع “الكتيبة” كانت قد تقّدمت بمطالب نفاذ إلى المعلومة لوزارة الشؤون الاجتماعية للإطّلاع على إيراداتها مفصّلة منذ سنة 2018 وطريقة ومعايير توزيعها بين الصّناديق والقرار المنظّم لذلك والصّادر عن وزير الشؤون الاجتماعيّة. غير أنّنا لم نحصل على إجابة رغم انقضاء الآجال القانونيّة.
في المقابل، كانت إجابات كلّ من وزير الشؤون الاجتماعيّة السّابق مالك الزاهي ومدير عام الضّمان الاجتماعي نادر العجّابي (خلال مقابلتين صحفيّتين منفصلتين مع الكتيبة) غير مكتملة ومتكتّمة وشحيحة جدّا في كلّ ما يتعلّق بالمساهمة الاجتماعيّة التضامنيّة ومواردها وطرق التصرّف فيها وتوزيعها، حيث كانت الرّدود عامّة ومبهمة في بعض الأحيان بشكل يزيد من حالة الغموض والضبابيّة حول كيفيّة التصرّف في هذه الموارد الماليّة العموميّة.
تتساءل المواطنة المتقاعدة روضة الطاهري في خلاصة حديثها لموقع “الكتيبة” عن الاقتطاعات التي لا تزال تطال جرايات المتقاعدين الذين ساهموا طوال حياتهم في دفع الضّرائب وأوفوا بواجباتهم تجاه الدولة، غير أنه وبالرغم من ضعف هذه الجرايات لا تزال الدولة ترهق كاهلهم بها.
في السّياق ذاته، طالب عضو الجمعيّة العاّمة للمتقاعدين عز الدين الدخيلي بضرورة الكشف عن مآل الاقتطاعات التي تطال جرايات المتقاعدين، تكريسا لمبدأ الشفافيّة.
في ردّه على هذه النقطة، أقّر الوزير السّابق مالك الزّاهي بتواصل بعض الاقتطاعات “البسيطة” التي قال إنّها لقاء خدمات صحّيّة معيّنة مرتبطة أساسا بالتّغطية الصّحيّة. وأشار إلى أنه رغم اقتناعه الخاص بضرورة التّخلّي عنها إلا أنّه لا يمكنه أن يتّخذ قرارا مماثلا في الوقت الرّاهن مراعاةً للتّوازنات الماليّة للصّناديق الاجتماعيّة. معتبرا أن هذا القرار “يمكن أن يعيده إلى الوراء”، وفق تعبيره.
إنّ حوكمة التصرّف في أنظمة الضمان الاجتماعي أهمّ بكثير من الإجراءات التي يمكن اتّخاذها. وفي إطار تنويع مصادر تمويل الضّمان الاجتماعي، أُعلن مؤخرا عن إجراءات قيل إنها “منافع اجتماعية” من بينها القروض الشخصية وقروض السّيارات وقروض السّكن، في حين أنها ليست “بمنفعة”، على غرار المنح العائليّة أو الجرايات أو منح المرض، إذ لم ترد في قائمة المنافع التسع التي نصّت عليها الاتفاقية الدّولية عدد 102 لسنة 1952.
لم يكن منح القروض الاجتماعية بالإجراء الجديد، حيث بدأت الصّناديق الاجتماعيّة في تقديم هذه القروض منذ سنة 1976 بالنّسبة للصّندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعيّة، ومنذ سنة 1981 بالنسبة للصّندوق الوطني للضّمان الاجتماعي. إلا أنّها توقفت بسبب اختلال التوازنات الماليّة وقد أعيد تفعيلها مقابل الترفيع في قيمة مبالغها ونسب الفوائض الموظّفة عليها عند تسديدها وآجال إرجاعها، كما وقع توظيف مبلغ 20 د لدراسة الملف. والأصل في الشّيء أنّ خدمات الضّمان الاجتماعي هي خدمات مجانيّة على غرار دراسة بقيّة المطالب.
في هذا الإطار، قال الخبير في الضّمان الاجتماعي بدر السماوي إنّ الإلتجاء إلى القروض الاجتماعيّة كمصدر جديد لتنويع مصادر الضّمان الاجتماعي هو “إجراء محدود ولن يحلّ أزمة الصّناديق الاجتماعيّة”.
تجدر الإشارة إلى أنه وقع تسجيل تأخّر في صرف مستحقات الصّيادلة في الأشهر الأخيرة وتجاوز الآجال التّعاقدية لصالح تمويل قروض الصّناديق الاجتماعية، بحسب تصريح وزير الشؤون الاجتماعية لموقع “الكتيبة” الذي قال فيه:” تأخّرنا في سداد مستحقّات الصّيادلة (85 يوما) لأننا فتحنا باب القروض وانتظرنا تجميع عائدات المساهمة، ونحن في مسار إصلاحي. ولكن في النهاية قمنا بتسديد مستحقّاتهم”.
يوضّح المدير العام للضّمان الاجتماعي بالوزارة المعنيّة نادر العجّابي في ردّ على سؤالنا حول مصدر تمويل هذه القروض الاجتماعيّة:
“هذه القروض تمّ رصد ميزانيتها (170 م د لقروض صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية) من مساهمات المضمونين وإفرادها بحساب خاص سيبقى حكرا عليها”.
من المهمّ التنويه أيضا بأنّه تمّ الترفيع في سقف الخدمات العلاجيّة الخارجيّة، وهو إجراء اجتماعي هامّ بالنسبة إلى المنخرطين في الصّناديق، ولكن شرط أن يكون ذلك مشفوعا بإجراءات أخرى على غرار مراجعة الاتفاقات مع مسدي الخدمات وعدم الترفيع في نفقات العلاج، بحسب خبراء.
حزمة إصلاحات شاملة ومستدامة
إنّ التّحدّي الرّئيسي الذي تواجهه أنظمة الضّمان الإجتماعي اليوم هو إرساء استراتيجيّة إصلاحيّة خارج منطق الإسعاف، بدءا بتحقيق التّوازنات الماليّة وتحسين أدائها.
وقد أشار أستاذ التّعليم العالي والمختصّ في القانون الاجتماعي النّوري مزيد، في تصريح لموقع “الكتيبة”، إلى أنه بات من الضّروري وضع ميزانيّة خاصّة بالضّمان الاجتماعي تُعرض وتُناقش على مستوى وطني في البرلمان، لأنّ “تمويل الضّمان الاجتماعي تنقصه الشفافيّة”، مشدّدا على أهمّية وضع معايير مضبوطة بصفة قانونيّة تتيح المساءلة والشفافيّة، وذلك لضمان حسن التّصرف في الصّناديق وفي الخدمات الاجتماعيّة لفائدة المضمونين. بالإضافة إلى وضع مجلّة للضّمان الاجتماعي تتولى مهمة التنسيق بين القوانين، إذ “لا وجود لنصوص واضحة وهناك صعوبة ومشكلة في المقروئية”، وفق تقديره.
وأشار مزيد إلى أن تحقيق استدامة التّوازنات الماليّة يتطلب البحث عن آليات تمويل غير تقليدية كالترفيع في بعض الضّرائب الجبائيّة وشبه الجبائيّة بنسب معينة خاصّة على السّلع الضّارة للصّحة والتي تمثل عبئا على المنظومة الصّحيّة.
وأردف محدّثنا قائلا:
“إنّ هذه الإجراءات لا تتمّ إلا بإصلاح نظام الجباية والتسريع في توحيد سنّ التقاعد بين القطاعين العامّ والخاصّ بشكل إجباري وتدريجي وتوحيد المنظومة بشكل عام .”
كما أبرز النوري مزيد أهمية إرساء منظومة حوكمة رشيدة في إدارة الصناديق الاجتماعية وفق المبادئ التوجيهيّة لمكتب العمل الدولي واقتداءً بالتّجارب النّاجحة في المجال، وذلك قصد تحسين نوعيّة الخدمات المسداة للمضمونين الاجتماعيين ومزيد التّحكم في تكاليف التصرّف.
يذكر أنّ وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي الذي كان قد التقى به موقع الكتيبة ضمن هذا التحقيق كان قد أقيل بقرار من الرئيس قيس سعيّد الذي عوّضه بالمسؤول البارز في قطاع الضّمان الاجتماعي كمال المدّوري الذي عمل مع عديد الوزراء السّابقين وتقّلد عديد المناصب في مجال الصّناديق الاجتماعية.
يندرج هذا التّحقيق المدفوع بالبيانات في إطار سلسلة تحقيقات يعكف على إنجازها موقع "الكتيبة" في علاقة بملفّات تهمّ السياسات العموميّة للدّولة التّونسيّة في المجال الإجتماعي والصّحيّ.
يندرج هذا التّحقيق المدفوع بالبيانات في إطار سلسلة تحقيقات يعكف على إنجازها موقع "الكتيبة" في علاقة بملفّات تهمّ السياسات العموميّة للدّولة التّونسيّة في المجال الإجتماعي والصّحيّ.
الكاتبة : راضية الشرعبي
صحفية وباحثة في مجال الصحافة الاستقصائية. خريجة معهد الصحافة وعلوم الإخبار بجامعة منوبة.
الكاتبة : راضية الشرعبي
صحفية وباحثة في مجال الصحافة الاستقصائية. خريجة معهد الصحافة وعلوم الإخبار بجامعة منوبة.