الكاتبة : يسرى بلالي

صحفية وباحثة في العلوم الاجتماعية

يجلس في باحة مقهى الحيّ حاملا علبة سجائر أمريكية من النّوع المقلّد المهرّب عبر الحدود الغربية للبلاد التونسية وفي يده الأخرى هاتف محمول وعلى رأسه سمّاعات تغطّي كلتا أذنيه. وعلى محيّاه تلُوح ملامح الفخر والاعتداد بالنّفس. يرتدي حذاء رياضيا من نوع TN لا يتردّد في تلميعه بين فينة وأخرى كلّما لاحظ مرور أحدهم بجانبه. حِلاقتُه غريبة عجيبة لا يفقهُ سرّها سوى حلّاق الحيّ الذي ابتدعها وأشاعها بين كلّ شبّان الحي. ملابسُه الرياضية وحقيبتُه الجانبية يوحيان بأنّه على أُهْبَة الاستعداد للرحيل ولكنّه لا يرحل أبدا ولا يكاد يفارق الشارع الرئيسي لحيّه ليعود مسرعا إلى “بياسَتِه” (منطقة نفوذه) كأنّه لا يروم فراقها. درّاجتُه النارية من نوع “سكوتر” مدعاةُ فخر وربّما طمأنينة بالنسبة إليه فهي تذكِرَتُه لولُوج عالم المعاهد الثانوية بكلّ ما تزخر به من تلميذات مراهقات يمثّلن صيدا ثمينا له.

إذا تكلّم نثر كلاما بذيئا مسترسلا تتخلّله كلمات ايطالية ينطقها بشكل ركيك تكاد لا تفهم معناها وسبب حشرها في الجملة.. وإذا أفتى في الشأن العام كان الإمامَ الشعراوي تارة وفيدال كاسترو طورا آخر حسب طبيعة الموضوع. وفي كلتا الحالتين فانّه لا يعرف كلا الشخصين بل تلبّس بشخصيّتيْهما دون ادراك لأنّ الحديث مع “فْرارات” الحيّ يتطلّب ذلك.

في فصل الصيّف، أثناء الاصطياف، تجده يمارس الرياضة ويستعرض عضلاته أمام “الإناث” على الشواطئ كأنّه طائر يبحث عن التزاوج. وفي ليالي الشتاء الطويلة يتحوّل الى واعظ ديني يدعو الى تطبيق الشريعة على الفتيات السافرات ويفتي بقطع رقابهنّ .. الى أن يرنّ هاتفه، فيذهب مسرعا للقاء احدى طرائده.

انّه “الفرار” باللهجة التونسية .. و”القهوي” لدى الجزائريين” .. و”المشرمل” لدى المغربيين .. و”الزّميل” لدى المصريين. لنكتشف معا هذا العالم المثير.

الكاتبة : يسرى بلالي

صحفية وباحثة في العلوم الاجتماعية

يجلس في باحة مقهى الحيّ حاملا علبة سجائر أمريكية من النّوع المقلّد المهرّب عبر الحدود الغربية للبلاد التونسية وفي يده الأخرى هاتف محمول وعلى رأسه سمّاعات تغطّي كلتا أذنيه. وعلى محيّاه تلُوح ملامح الفخر والاعتداد بالنّفس. يرتدي حذاء رياضيا من نوع TN لا يتردّد في تلميعه بين فينة وأخرى كلّما لاحظ مرور أحدهم بجانبه. حِلاقتُه غريبة عجيبة لا يفقهُ سرّها سوى حلّاق الحيّ الذي ابتدعها وأشاعها بين كلّ شبّان الحي. ملابسُه الرياضية وحقيبتُه الجانبية يوحيان بأنّه على أُهْبَة الاستعداد للرحيل ولكنّه لا يرحل أبدا ولا يكاد يفارق الشارع الرئيسي لحيّه ليعود مسرعا إلى “بياسَتِه” (منطقة نفوذه) كأنّه لا يروم فراقها. درّاجتُه النارية من نوع “سكوتر” مدعاةُ فخر وربّما طمأنينة بالنسبة إليه فهي تذكِرَتُه لولُوج عالم المعاهد الثانوية بكلّ ما تزخر به من تلميذات مراهقات يمثّلن صيدا ثمينا له.

إذا تكلّم نثر كلاما بذيئا مسترسلا تتخلّله كلمات ايطالية ينطقها بشكل ركيك تكاد لا تفهم معناها وسبب حشرها في الجملة.. وإذا أفتى في الشأن العام كان الإمامَ الشعراوي تارة وفيدال كاسترو طورا آخر حسب طبيعة الموضوع. وفي كلتا الحالتين فانّه لا يعرف كلا الشخصين بل تلبّس بشخصيّتيْهما دون ادراك لأنّ الحديث مع “فْرارات” الحيّ يتطلّب ذلك.

في فصل الصيّف، أثناء الاصطياف، تجده يمارس الرياضة ويستعرض عضلاته أمام “الإناث” على الشواطئ كأنّه طائر يبحث عن التزاوج. وفي ليالي الشتاء الطويلة يتحوّل الى واعظ ديني يدعو الى تطبيق الشريعة على الفتيات السافرات ويفتي بقطع رقابهنّ .. الى أن يرنّ هاتفه، فيذهب مسرعا للقاء احدى طرائده.

انّه “الفرار” باللهجة التونسية .. و”القهوي” لدى الجزائريين” .. و”المشرمل” لدى المغربيين .. و”الزّميل” لدى المصريين. لنكتشف معا هذا العالم المثير.

نما مفهوم الأخويّة كمفهوم ثوري خارج الكنيسة الكاثوليكية بداية من القرن التاسع عشر وتحديدا مع الشعارات التي رُفعت في بدايات الثورة الفرنسية “حريّة مساواة أخوّة”. ومن هناك لبس هذا المفهوم عبّاءة التزام أخلاقي انضاف إلى الالتزام الديني المسيحي فأصبح يُمثّل كلّ نادٍ أو نقابة أو رابطة رجالية تتفّق حول قضية ما، إلى أن تلاشى وأصبح يُعبّر عن فئات اجتماعية مستهجنة تختلف تسمياتها من منطقة إلى أخرى وتندرج ضمن ما يُعرف بالثقافة الفرعية.

خلق مفهوم الـ Bro نسبة إلى Brother (الأخ بالدم) أو Brotherhood (مجموعة من الأشخاص الذين يعتبرون أنّ لديهم رابطًا قويًا) سلوكا وهنداما خاصا وأسهم في تشكّل فئة تتشابه بدرجات متفاوتة من بلد إلى آخر.

كان هذا المفهوم قد استرعى اهتمام الباحثين.ـات الأمريكيين.ـات بشكل جديّ في السنوات الأخيرة أين أصبح يُعرّف بـ “الثقافة الفرعية”، وهي كلّ ما يتميّز بمعايير ومعتقدات مختلفة عن المعايير الاجتماعية وتتمثّل في التحليل السلوكي لثقافة الشباب.

وثقافة الشباب حسب ما جاء في كتاب “قطاع الشباب واقع وآفاق” لعيسى بوزغينة هي “مجموعة التصوّرات الإيديولوجية والقواعد السلوكية واللفظية والقيمية، من وظائفها تخفيف درجة التوتر الناجمة عن اختلال العلاقات الاجتماعية اللامتكافئة واللا متجانسة بين الشرائح الشبانية ومجتمع الكبار والمحيط الاجتماعي برمّته.”

تأصّل مفهوم الأخوّة أو الأخويّة في الديانات القديمة مرورا بالوثائق الإنسانيّة أو العالمية للتسامح بين الأديان ثم وجد طريقه في الاستعمالات السياسية والنقابية، لكنّه أصبح موضع جدل عندما حظي بالمكانة الشبابيّة التي جعلت منه مفهوما متوارثا وعابرا للحدود الجغرافيّة وحاملا للقيم ذاتها، فهو خليط يجمع بين الانتماء الديني والرابطة الرجاليّة والثقافة الشبابيّة وذكوريّة البيض (أو السّود)، هو مفهوم ثابت الاستعمال ومتغيّر الجوهر.

الثقافة الفرعية: دراسة للسلوك الشبابي وتحوّلات مفهوم الـ Bro

تُعرّف الصحفية الأميركية آن فريدمان ثقافة الـ Bro في مقال نُشر لها على موقع The Cut على أنّها ثقافة نشأت مع مجموعة رجالية بيضاء تستهدف النساء. وحسب تعريف الباحث أحمد عبده فقد اتّخذت الثقافة الفرعية والتي نبع عنها مصطلح الـ Bro منحى المتغيّرات الثقافيّة أين أصبحت “الكلّ الذي ينطوي على متغيّرات ثقافيّة، توجد في أقسام معيّنة عند شعب بالذات، ولا تتميّز الثقافة الفرعيّة بسمة أو سمتين منفصلتين، بل إنّها تُشكّل أنساقا ثقافية متماسكة نسبيّا وتقوم كمجموعة عوامل داخل العالم الأكبر المتمثّل في الثقافة العامّة أو القومية”.

وحسب الباحثة حفيظة خليفي فإنّ “هناك من يرى أنّ الثقافة الفرعية هي حل جمعي أو حلّ متجدّد للمشكلات الناجمة عن طموحات الأفراد المحيطة أو لوضعهم المكتسب في المجتمع الكبير، وهكذا تكون الثقافات الفرعية كيانات متميّزة عن الثقافة الأكبر ولكنّها تستعير منها رموزها وقيمها ومعتقداتها، وكثيرا ما تُعرّضها للتشويه أو المبالغة أو تقلبها رأسا على عقب. ويستخدم مفهوم الثقافة الفرعية بنطاق واسع في ميدان دراسة علم اجتماع الانحراف، كما يشيع بشكل خاصّ في دراسة ثقافة الشباب.”

ما جاء على لسان الباحثتين لا يُؤخذ نظريّا فقط، فمن زاوية النظر التطبيقية نجد أنّ كلمة Bro تتشاركها عدّة جماعات رياضية أو فنيّة أو رابية (نسبة إلى موسيقى الراب) وأصبحت تستقطب الشباب الذي يُمثّل الفانز Les fans بهذه الجماعات والذي يستهويه نمط حياة وسلوك وهندام معيّن يتشكّل على نموذج مغنّي الراب “سواغ مان” مثلا أو “زولا” الذي أطلق أغنية سنة 2021 تحمل نفس العنوان Bro Bro لاستعراض ثرواته ومجوهراته. ومن هذا المنطلق أصبحت كلمة Bro لا تُطلق على البيض فقط بعدما أخذ أصحاب البشرة السوداء أيضا نصيبهم من تكوين جماعات وولاءات.

من أمريكا إلى شمال إفريقيا: كيف تأقلمت هذه الكلمة مع الشباب المغاربي؟

“تنشأ الثقافة الفرعية، حيث يوجد عدد من الفاعلين.ـات ينشأ بينهم تفاعل وتواجههم مشكلات مشتركة، ولا يجدون لها حلاّ فعّالا، ومن ثمّ فإنّ المظهر الأساسي لوجودها هو أنّها تُشكّل مجموعة من السلوك والقيم، لها رموز ذات معنى بالنسبة للفاعلين المشتركين فيها”، ومن هنا تشكّلت رموز على غرار الفراريزم في تونس (مشتقّ من مفهوم فْرار أي أخ)، التقهويزم في الجزائر (مشتقّ من مفهوم قهوي)، والتشرميل في المغرب (مشتقّ من مفهوم شرمولة)، وزْميلي أو صاحبي (أو خَيّ سابقا) في مصر، كلها مفاهيم مرادفة لكلمة Bro في شمال افريقيا.

أُخذ مصطلح “قهوي” من كلمة Kavi وهي نعت يُطلقه الجزائريون على الأشخاص منعدمي الثقافة. ويعود أصل الكلمة إلى تعريفين : الأول يعود إلى الميثولوجيا المازدية مع شخصية كافي “فيشتاسبا” الذي يُمثّل العبقرية الشريرة في الديانة الزرادشتية.

أما التعريف الثاني -وهو الأقرب إلى الموضوع- فيرجع أصل كلمة “كافي” إلى الحقبة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر عندما اضطرت بعض العائلات الجزائرية إلى السكن في أقبية العمارات نتيجة للفقر وانعدام المأوى، فكان المستعمرون يُطلقون عليها إسم “les caviès” أي سكان الأقبية والكهوف للحطّ من كرامتها.

أما مصطلح “التشرميل” أو “الشرمولة” فيعود أصله إلى بهارات الطبخ الخاصّة التي تُضاف إلى اللحوم والأسماك فتُعطيها خصوصية ثقافية على مستوى الطعم والنكهة في الأطباق المغربية. لكنّ هذا المصطلح والذي يتميّز أساسا بالتنوّع أصبح يُطلق على فئة من الشباب المُستهجن الذي يتكوّن من جماعات تحمل أسلحة بيضاء وتتباهى بأموالها المسروقة. وهذا ما يحملنا إلى الثقافة الفرعية المنحرفة ما يعني “قيام ثقافة خاصّة تختصّ بجماعة محدّدة تُحبّذ الجريمة والانحراف، وتحتفظ بمجموعة من القيم والمعايير والتقاليد التي ترتبط بانتهاج السلوك الإجرامي (الانحرافي). كما أنّ السبب في استمرار ارتكاب الجرائم في بعض المناطق الجغرافية هو نتيجة لانتقال معايير الانحراف من جيل إلى جيل أو من فترة إلى أخرى، فالصراع بين المعايير يولّد السلوك الانحرافي”، حسب ما جاء في مقال حفيظة خليفي.

على الرغم من أنّ مصطلحيْ “القهويين” و”التشرميل” اتّخذا خصوصية على مستوى اللغة إلاّ أنّ مصطلحيْ “الفراريزم” (نسبة إلى Frére وFraternité ) و”زْميلي” Collégue لم يتميّزا بأيّ تجديد على مستوى اللغة وهذا يعود إلى التأثر بالاستعمار الفرنسي والعثماني الذي يستعمل كثيرا كلمة أخي Abi فنجد استعمالات كثيرة لكلمة “خويا” في الثقافة التونسية أو “خيْ” في الثقافة المصرية ما قبل الحديثة.

كلّ هذه النعوت التي ذكرناها هي رموز ارتقت إلى مصطلحات تستعملها فئة معيّنة من الشباب للتعبير عن انتمائها إلى طبقة المهمّشين الذين يسعون إلى تحقيق الثراء دون المرور بعقبات المصاعد الاجتماعية، أو الذين يبحثون عن أفق آخر للهوية بعيدا عن الهوية الموروثة. هي طبقة الأحياء الشعبية المنسية التي خلقت جماعات ومفهوما آخر للانتماء يتشكّل من خلال كرة القدم أو موسيقى الراب أو الموسيقى الشعبية أو الممارسات النمطية، وهذا يعود إلى الهامشية كمفهوم موغل في الأحياء الشعبية المنسية.

فالهامشيّة من وجهة نظر عالم الاجتماع الأمريكي روبرت بارك تعني أنّ “الفرد الهامشي يُشكّل هجينا ثقافيا، لأنّه يعيش على هوامش ثقافتين ومجتمعين، لكنّه ليس عضوا كاملا في إحداهما”، أمّا دومينيك وينك فيرى أنّ الثقافة الهامشية هي “ثقافة فرعية مخالفة للثقافة المحيطة”، بينما يرى روبرت ميرتون أنّ “الجماعات الهامشية جماعات قلبت قيم الثقافة المهيمنة، ولكنّها تفتقر إلى وسائل تحقيقها أو تُمنع من القيام بذلك”، حسب دراسة عن أحياء جامعي القمامة بمدينة القاهرة حملت عُنوان “الهامشية الحضرية”.

وفي السنوات الأخيرة اكتسح “زملاء” مصر الساحة الفنية عبر أغان تُحاكي طموحات شباب الثقافة الفرعية المصرية وأهوائهم وتطلّعاتهم وأصبحت موسيقى المهرجانات واحدة من أهمّ أنواع الموسيقى التي مثّلت شباب الأحياء الشعبية والمفقّرة المصرية، كانت موسيقى تُعبّر عن الواقع الشبابي المصري لكنّها سُرعان ما انطفأت داخل الصراع الموسيقي الكلاسيكي والمؤسّساتي.

أمّا في تونس، فقد اختلفت تمثّلات “الفرارات” من موسيقي الراب إلى الجماعات الكروية إلى بعض مضامين وسائل التواصل الاجتماعي. إذ تمكّنت هذه الفئات الاجتماعية من افتكاك مكانتها داخل التنوّع الاجتماعي والتمثّلاتي للمجتمع التونسي. ورغم أنّهم يتعرّضون للاستهجان ونقد ممارستهم التي تتضمّن اعتداءات على النساء وتكريسا لصور نمطية متواصلة لهنّ إلاّ أنّهم تمكّنوا من تأسيس حاضنة اجتماعية تستحقّ التحليل والتأويل السوسيولوجي.

لا تختلف الوضعية الاجتماعية كثيرا بين كلّ من الجزائر والمغرب عن تونس ومصر، إذ يُمثّل مصطلح “القهويين” ومصطلح “التشرميل” أداة لاستهجان واحتقار هذه الطبقات التي تتشابه هنداما وسلوكا مع “الزملاء” و”الفرارات” و”الـBro” فهما مصطلحان يُستخدمان لنعت هذه الفئة من الشباب ولإطلاق أحكام أخلاقية مسبقة عليهم بغرض التخويف أو التهكّم أو الاتّعاض من مصير كلّ من يُخالف القوالب والنماذج الاجتماعية الجاهزة أو الثقافة الكلية للمجتمع. هي نُعوت أيضا تُستخدم بغرض اتّهام الأشخاص بالممارسات اللاقانونية أو الإجرامية كالعنف والسرقة والقتل ولتضخيم الانحراف بغرض تقوية الوصم. كما تُعتبر المصطلحات ذاتها في تونس ومصر مصطلحات بينية أين يُطلق الفرد على صديقه كلمة زميلي أو صاحبي أو Frére.

ثقافة التماهي: كيف يُصبح الـBro هوية لا نعتا؟

في صراع الفرد مع المجتمع التقليدي أو المحافظ، يُمكن أن يخلق المجتمع هويات وثقافات جديدة تندرج ضمن مفهوم التماهي. والتماهي هو مفهوم طُرح أواخر القرن التاسع عشر للتعبير عن تمثلات الفرد لخصائص وصفات ومعايير جديدة طبقا لنموذج مُعيّن.

في مقال يحمل عُنوان “بين الهوية والتماهي: مشكلة معقدة للبحث الاجتماعي في مجال التعددية الثقافية” للباحثة فيدال مولينا لوك، “هناك مشكلة معقّدة ومركبّة بين الهوية والتماهي حول البحث الاجتماعي في مجال التداخل الثقافي الذي ينظم هذا المعنى، ويُفهم على أنّه التماهي الرمزي للفاعل الاجتماعي مع عمله. يمكننا تفسير ذلك بالقول إنّ المقترحات التي تميل إلى الاعتراف بعمليات التماهي في حالات التعددية الثقافية قد تم تعزيزها لتصبح لحظات تماهي عندما تظهر في مجموعات وشبكات صغيرة، وهو خاصّ بمجتمع المحامل الرقمية.” وهذه المحامل سرّعت بالتوازي مع البحث عن هويّات مكتسبة من قبل الشباب الذي ينتمي إلى طبقات مهمّشة أو الذي لا يجد نفسه فاعلا اجتماعيا داخل حلقات الاعتراف المفقودة، من نشر ثقافة الـBro كنموذج مُريح ومخدّر للواقع المرفوض.

هذه الثقافة الهجينة لا تُبرّر الاعتداءات التي تقوم بها هذه الفئات على النظام الاجتماعي وعلى النساء خاصّة فهي كانت وما زالت ثقافة تُهين النساء ولا تحترم الثقافات والجماعات الأخرى. لكنّها بالمقابل وجدت حاضنة شبابية مدفوعة بالاغتراب ونقص المعلومات والتهميش والاحتقار الذي مورس عليها، فالمجتمعات التقليدية الضعيفة اقتصاديا وثقافيا هي القادرة على استقطاب هذا النوع من الثقافات لأنّها لا تضع برامج تعليمية وتثقيفية وتربوية تحمي بها مواطنيها وتحثّهم على الانخراط الطوعي في الشأن العام وقضايا حقوق الإنسان.

يُصبح التماهي Identification إجابة عن أسئلة من قبيل ماذا يجب أن أكون؟ وكيف عليّ أن أحقّق حُلمي؟ وكيف أُصبح شخصا مرغوبا فيه؟ وكيف أحقّق الثراء؟ وماذا يعني الانتماء؟ وماذا يُمثّل الآخر؟

هي أسئلة لا إجابات لها في المناهج التعليمية والمؤسّسات التربوية والمحيط الاجتماعي برمّته لكنّها توجد كنماذج جاهزة للتقليد والتقمّص على المحامل الرقمية فيُصبح الشاب ذاته والذي وجد نموذجا يقتدي به يبحث عن إثبات لذاته والاعتراف به من خلال هذه المحامل ذاتها ولن يجد مضمونا صادما ومُخيفا في بعض الأحيان مثل مضامين العنف والاعتداء وإبراز القوّة والابتزاز والحطّ من الآخر، هي معركة إعتراف مشحونة بالبحث عن الهوية والخروج من واقع التهميش.

كلمة الكتيبة:

هذا المقال هو محاولة لتفكيك لظواهر اجتماعية متشابهة وهو ليس حكما أخلاقيا على أي فئة من الفئات الاجتماعية.

كلمة الكتيبة:

هذا المقال هو محاولة لتفكيك لظواهر اجتماعية متشابهة وهو ليس حكما أخلاقيا على أي فئة من الفئات الاجتماعية.

الكاتبة : يسرى بلالي

صحفية وباحثة في العلوم الاجتماعية

تدقيق: محمد اليوسفي
غرافيك:منال بن رجب
تطوير تقني: بلال الشارني
غرافيك: منال بن رجب
تطوير تقني : بلال الشارني
تدقيق : محمد اليوسفي

الكاتبة : يسرى بلالي

صحفية وباحثة في العلوم الاجتماعية

YosraUpdated