منذ سنة 2016، لم تهدأ أسعار الكهرباء والغاز في تونس. زيادات وتعديلات ومراجعات في آليات احتساب الاستهلاك ترافقها في الغالب حملات اتصالية وتصريحات للمسؤولين بالشركة والوزارة المعنية ترمي دائما إلى الايهام بأنّ الترفيع في قيمة الفواتير ماليا لا يستهدف سوى شريحة أقليّة من حرفاء المؤسّسة. خطاب رسمي مضلّل يخفي وراءه أوضاعا صعبة تعيشها هذه المنشأة العمومية، في الوقت الذي ما انفكت فيه احتجاجات المواطنين على الزيادات المستعرة تتفاقم يوما بعد يوم .
أيّام قبل الاستفتاء المرتقب، مازال الغموض يكتنف مستقبل المسار السياسي في تونس، لاسيما في ظلّ تنامي ظاهرة الإنقسام داخل أطياف المعارضة حول مشروع دستور الرئيس سعيّد بين داعين للتصويت بـ "لا" وآخرين يدفعون نحو مقاطعة المسار برمته. وضعٌ يُبقي -وإن بنسبة ضئيلة جدّا- على فرضية سقوط مشروع الدستور الجديد رغم الشعبية الكبيرة التي يحظى بها الرئيس سعيّد صاحب المُبادرة.
قبل 10 سنوات، اقترح أستاذ القانون الدستوري بالجامعة التونسية وقتها قيس سعيّد على رئيس حكومة الترويكا حمادي الجبالي فكرة القيام بصلح جزائي مع رجال الأعمال المتهمين بالفساد. فكرة تاهت حينئذ في زحمة الأحداث والتقلبات السياسيّة لترى النور مؤخرا في شكل مرسوم رئاسي. بيد أنّه طيلة هذا العقد جرت مياه كثيرة من تحت الجسور تمّ خلالها التنكيل بمسار العدالة الانتقالية من قبل حركتي النهضة ونداء تونس قبل أن يعمّق قيس سعيّد جراحها بعد أن أصبح رئيسا للجمهورية متفردا بجميع الصلاحيات في ظلّ "التدابير الاستثنائية"
بلغت الديون الخارجية للدولة التونسية أرقاما قياسيّة غير مسبوقة خلال العشرية الماضية ما يجعل الأجيال القادمة رهينة بين حليّن أولهما مرّ وهو العودة مجددا لصندوق النقد الدولي وشروطه المجحفة، وثانيهما أمرّ وهو السقوط بين مخالب نادي باريس، في الوقت الذي ينادي فيه العديد من الخبراء المستقلّين ومنظمات من المجتمع المدني بضرورة اجتراح طريق ثالثة تبدو معالمها مفقودة إلى حد الآن رغم الصلاحيات الواسعة للرئيس قيس سعيّد الذي انفرد بالحكم منذ الخامس والعشرين من جويلية/تمّوز 2021
تونس إلى أين؟ سؤال مبهم يعدّ الأكثر تداولا اليوم في الشارع التونسي وحتى من قبل الأحزاب والمنظمات والنخب علاوة على كلّ المراقبين الخارجيين المهتمين بالتجربة الديمقراطية التونسية. الإجابة عن السؤال رغم عسرها تقتضي لزاما تفكيك جملة من السيناريوهات الممكنة التي يمكن تلخيصها في 3 فرضيات رئيسية تبدو أشبه بمن يمشي على رمال متحركة.
الإنجليزية التونسية للبترول والغاز" اسم شركة مغمورة لا يعني الكثير للمواطنين التونسيين. لكن بمجرد التحري في قصّة هذه المؤسسة حديثة العهد المنتصبة في تونس يمكن أن نستشف واحدا من أخطر ملفات الفساد التي عرفتها وزارة الطاقة التونسية في تاريخها. ملف فرطت فيه الدولة التونسية في ملايين الدولارات في الوقت الذي تعاني فيه المالية العمومية من شحّ الموارد وتنامي شبح الإفلاس.
إذا كنت نائبا(ة) في البرلمان التونسي فأنت فوق القانون وبامكانك التمسّك بحصانتك البرلمانية للإفلات من المساءلة والعقاب. هذه ليست مجرّد وجهة نظر بل هو واقع ملموس حيث أصبحت الحصانة البرلمانية بعد الثورة مظلّة يتدثّر بها الفارّون من العدالة والذين تحوم حولهم شبهات فساد وتلاحقهم قضايا منشورة أمام القضاء بل إنّها تحوّلت في بعض الأحيان إلى وسيلة لتحقيق منافع شخصية والدّوس على القانون تحت غطاء "نائب شعب".
تستفيد شركة طينة للخدمات البترولية المنتصبة بولاية صفاقس منذ سنوات من ضعف المنظومة التشريعية والقضائية وهياكل الرقابة في مجال الطاقة، مستغلة في ذلك تواطئ لفيف من المسؤولين في الدولة وجهل البعض الآخر. وضعية سمحت لها بالتمادي في تجاوزات بيئية وقانونية خطيرة ترتقي لمستوى شبهات الفساد.