الإستقبال المؤلفون وائل ونيفي

مقالات وائل ونيفي

وائل ونيفي

صحفي مختص في قضايا مكافحة الفساد وحقوق الإنسان والشأن السياسي

ounifiwael@gmail.com

كل المقالات المحررة بقلم وائل ونيفي
تستورد تونس سنويا حوالي 30 ألف طن من حبوب القهوة بمعدّل 2500 طنا شهريا، وهو ما تستهلكه السوق المحلّية التي باتت تعيش ضغوطا في الأشهر الماضية بسبب الاضطراب الحادّ في نسق توريدها من طرف الديوان التونسي للتجارة. وفي الوقت الذي يرجع فيه الرئيس التونسي قيس سعيّد أسباب هذا الإضطراب إلى مؤامرة تقودها لوبيات سياسية، تشير معطيات الديوان التونسي للتجارة إلى نقيض ذلك. فماهي الأسباب الحقيقة التي تقف وراء أزمة فقدان القهوة في تونس؟
من فضيحة كريدي سويس إلى فضيحة "القولدن فيزا" في الملاذ الضريبي قبرص، لا يكاد يغيب اسم عائلة البياحي عن أي ملف تحوم حوله تجاوزات مالية أو شبهات تهرّب ضريبي. في هذا الجزء الثالث من تحقيق بارونات "الشنقال" نرفع الستار عن شركة "تونس مآوي الخدمات" التي فازت بعقود لزمات المآوي وتنظيم الوقوف بوسط تونس العاصمة، لتتمكن من خلالها مجموعة البياحي من بسط نفوذها بالكامل على المنطقة دون حسيب أو رقيب.
خلف عمليات التنكيل بالمواطنين في تونس الكبرى التي تقوم بها الشركات الخاصة المالكة لعقود اللّزمات في قطاع حجز السيارات أو ما يعرف بـ”الشنقال”، يتخفى رجال أعمال برتبة متهربين من الضرائب استفادوا من منظومة كرّست نوعا من الريع في هذا المجال الذي تكتنفه عديد مظاهر الفساد. من بين هؤلاء، صاحب الفضاء التجاري "تونيزيا مول" والمستثمر في مجال المقاولات العقارية ماهر شعبان، الذي فاز عبر شركة "النخبة" لاستغلال مواقف السيارات بعقد لزمة المآوي وتنظيم الوقوف بمنطقة البحيرة 2 ليبسط نفوذه بالكامل على المنطقة دون حسيب أو رقيب
خلف عمليات التنكيل بالمواطنين في تونس الكبرى التي تقوم بها الشركات الخاصة المالكة لعقود اللّزمات في قطاع حجز السيارات أو ما يعرف بـ"الشنقال"، يتخفى رجال أعمال برتبة متهربين من الضرائب استفادوا من منظومة كرّست نوعا من الريع في هذا المجال الذي تكتنفه مظاهر فساد جمّة. من بين هؤلاء صاحب القناة الخاصة "تونسنا" عبد الحميد بن عبد الله الذي استفاد من عقد لزمة طيلة 18 سنة دون احترام الالتزامات المناطة بعهدة شركته "لافيات للتنمية" تجاه بلدية تونس والدولة عموما حيث رصدنا العديد من الأفعال غير القانونية التي تضرّرمنها كلّ من وقع فريسة لـ" الشنقال" في منطقة لافيات ذائعة الصيت.
على الرغم من إعلانه شن حرب شعواء ضد من أسماهم المحتكرين والمضاربين، فإن نتائج السياسة المتبعة من قبل الرئيس قيس سعيد بدت عكسية حيث ما انفك الشعب التونسي يواجه أزمة تلو أخرى في علاقة بشح بعض المواد الأساسية وغلاء البعض الآخر بشكل مستعر. فكيف يمكن تفسير هذه المفارقة؟
منذ سنة 2016، لم تهدأ أسعار الكهرباء والغاز في تونس. زيادات وتعديلات ومراجعات في آليات احتساب الاستهلاك ترافقها في الغالب حملات اتصالية وتصريحات للمسؤولين بالشركة والوزارة المعنية ترمي دائما إلى الايهام بأنّ الترفيع في قيمة الفواتير ماليا لا يستهدف سوى شريحة أقليّة من حرفاء المؤسّسة. خطاب رسمي مضلّل يخفي وراءه أوضاعا صعبة تعيشها هذه المنشأة العمومية، في الوقت الذي ما انفكت فيه احتجاجات المواطنين على الزيادات المستعرة تتفاقم يوما بعد يوم .
أيّام قبل الاستفتاء المرتقب، مازال الغموض يكتنف مستقبل المسار السياسي في تونس، لاسيما في ظلّ تنامي ظاهرة الإنقسام داخل أطياف المعارضة حول مشروع دستور الرئيس سعيّد بين داعين للتصويت بـ "لا" وآخرين يدفعون نحو مقاطعة المسار برمته. وضعٌ يُبقي -وإن بنسبة ضئيلة جدّا- على فرضية سقوط مشروع الدستور الجديد رغم الشعبية الكبيرة التي يحظى بها الرئيس سعيّد صاحب المُبادرة.
قبل 10 سنوات، اقترح أستاذ القانون الدستوري بالجامعة التونسية وقتها قيس سعيّد على رئيس حكومة الترويكا حمادي الجبالي فكرة القيام بصلح جزائي مع رجال الأعمال المتهمين بالفساد. فكرة تاهت حينئذ في زحمة الأحداث والتقلبات السياسيّة لترى النور مؤخرا في شكل مرسوم رئاسي. بيد أنّه طيلة هذا العقد جرت مياه كثيرة من تحت الجسور تمّ خلالها التنكيل بمسار العدالة الانتقالية من قبل حركتي النهضة ونداء تونس قبل أن يعمّق قيس سعيّد جراحها بعد أن أصبح رئيسا للجمهورية متفردا بجميع الصلاحيات في ظلّ "التدابير الاستثنائية"
بلغت الديون الخارجية للدولة التونسية أرقاما قياسيّة غير مسبوقة خلال العشرية الماضية ما يجعل الأجيال القادمة رهينة بين حليّن أولهما مرّ وهو العودة مجددا لصندوق النقد الدولي وشروطه المجحفة، وثانيهما أمرّ وهو السقوط بين مخالب نادي باريس، في الوقت الذي ينادي فيه العديد من الخبراء المستقلّين ومنظمات من المجتمع المدني بضرورة اجتراح طريق ثالثة تبدو معالمها مفقودة إلى حد الآن رغم الصلاحيات الواسعة للرئيس قيس سعيّد الذي انفرد بالحكم منذ الخامس والعشرين من جويلية/تمّوز 2021
تونس إلى أين؟ سؤال مبهم يعدّ الأكثر تداولا اليوم في الشارع التونسي وحتى من قبل الأحزاب والمنظمات والنخب علاوة على كلّ المراقبين الخارجيين المهتمين بالتجربة الديمقراطية التونسية. الإجابة عن السؤال رغم عسرها تقتضي لزاما تفكيك جملة من السيناريوهات الممكنة التي يمكن تلخيصها في 3 فرضيات رئيسية تبدو أشبه بمن يمشي على رمال متحركة.